رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(السوبر نجومية) والسوبر مصالح

بقلم : محمود حسونة

من حق مي عمر أن تحلم بالسوبر نجومية والبطولة المطلقة، وأن تتوهم أنها خليفة سعاد حسني، بل من حقها أن تثبت لنفسها أنها أهم من السندريلا التي لم تخرج على الناس مؤلفة لفيلم من أفلامها التي ستظل خالدة في وجدان الناس لسنوات، ولم تقدم حياة مطربة جاءت من القاع لتصعد إلى قمة القمم في غفلة من الزمن، وتركت هذه الأدوار لأهل الغناء باعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها، وبمنطق إعطاء العيش لخبازه رغم أن لا أحد شكك في جمال صوت سعاد حسني.

من حق مي عمر أن تحلم وتعمل لتحويل الحلم واقعاً، ومن حق الجمهور أن يقول لها (ستوب.. أحلامك أكبر من قدراتك) ويضيف بالصوت العالي: كونك زوجة مخرج (مهم) أو كونك مدعومة بقدرات شركة الانتاج التي تحتكر الدراما في مصر والتي تمنح لمن تشاء وتمنع عمن تشاء إلا أن منحها وعطاياها لك دون غيرك لن تفرضك نجمة ولن تضيف إليك، بل يمكن أن تأخذ من رصيدك. فالجمهور لا يقبل أن يتم فرض نجم عليه، ونجومه يختارهم بمحض إرادته، بالحب والتقدير لمن اتخذوا الإخلاص في الفن نهجاً، ورفضوا نهج استغلال النفوذ (سواء الفني أو غيره) للصعود من دون أن تحملهم موهبة كبيرة بحجم النجومية التي يحلمون بها.

لا يمكن إنكار أن مي عمر موهوبة، ولكن لكل موهبة حجم، وبناءً على حجم الموهبة يكون حجم النجومية، واستغلال النفوذ لا يزيد مساحة النجومية بل قد يسحب من رصيد الموهبة وبالتالي من مساحة الشهرة المستحقة؛ والنجاح الذي حققه مسلسل (لؤلؤ) لا يمكن إنكاره، ولكنه نجاح خلقه فضول الناس لمعرفة ما الذي سيقدمه تحالف المصالح بين مي وزوجها محمد سامي والشركة المنتجة، بجانب البحث عن وسيلة للتسلية في زمن الوباء الذي أجبر الكثيرين على عدم الخروج من البيت إلا للضرورة. 

تتر مسلسل (لؤلؤ) في ذاته يخض، بما يتضمنه من أمور غير مسبوقة، وعلى رأسها حكاية (مشرف على التأليف والإخراج) وهى المهمة التي قام بها محمد سامي زوج النجمة التي كان مخططاً أن تصعد فوق، فوق في العلالي بعد عرضه، ولكن يبدو أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، بما يحمله التتر من استفزاز لأهل الفن ومتابعيه، ووظيفة المشرف للأسف تسيئ لـ (المؤلفة النابغة) مي عمر التي استيقظت ذات صباح وهي تنوي تغيير لقبها إلى (النجمة المؤلفة) وفي رواية أخرى (النجمة المثقفة)، ولأن سامي لا يثق في تأليفها ولا في تأليف كاتب السيناريو محمد مهران ولا في قدرات محمد عبدالسلام الإخراجية، فقد نصّب نفسه مشرفاً عليهم جميعاً، باعتباره المخضرم وهؤلاء تلاميذ له ومستجدين في لعبة التأليف والإخراج، ويحتاجونه معلماً ومشرفاً.

تحالف المصالح الذي أراد أن تكون مي عمر (سندريلا الشاشة ونجمة الجماهير ونجمة مصر والعرب الأولى)، لم يبخل في الانفاق على المسلسل ودفع بسخاء وخصوصاً لمشاهد الحفلات الغنائية المفبركة، بجمهورها الذي يتجاوز جمهور (الليدي جاجا وريهانا وبيونسيه وشاكيرا).. وقد يتوازى مع جمهور ميادين ما أسموه (الربيع العربي) والذي جاء علينا خريفاً، ونتمنى ألا يكون هذا المسلسل هو الآخر خريف على صناعه، الانتاج دفع بسخاء على الاستعراضات والملابس بما يليق مع مكانة (نجمة الوطن العربي!).

السخاء لم يكن على الحفلات والاستعراضات والملابس والألحان والأغاني فقط، ولكن أيضاً على الطائرة الخاصة وأسطول السيارات (الرولزرويس والفيراري) الذي يبدو أنه قد تمت استعارته فكرة وتنفيذاً من كليبات وفيديوهات محمد رمضان، باعتباره صديق قوى التحالف، وكلها إكسسوارات ضرورية لزوم الفخفخة والبهرجة والنجومية المحلقة فوق في العلالي.

ورغم أنه تحالف (أُسُود) دراما اليوم، إلا أن الجبل تمخض فولد فأراً، ليجد المشاهد نفسه يتابع أحداثاً مفبركة وخالية من أي منطق، إبتداءً من قصة الصعود وليس انتهاءً بالمغرمين بالنجمة والمتصارعين عليها والمتصارعين والمتصارعات معها، لنجد أن الجميع يتآمر عليها باستثناء رجل الأعمال المشهور والولهان وأمها. ومن فبرك عجز أن يعطي الناس شيئاً يقتنعون به، ويبدو أنه تأثر بقصة كفاح (شيرين عبد الوهاب) ولكن لم يقنعه مسلسلها (طريقي) فأراد أن يعوض عنه، وصعبت عليه المغنية (بوسي) بعد حكاية والدها الذي لاحقها ابتزازاً بشكل يتطابق مع والد (لؤلؤ) والرد جاهز (مجرد توارد خواطر).

لو تقبلنا هذه الفبركة، فليت فريق التأليف والإخراج تحت إدارة المشرف العام استطاعوا حبكها، ولكن للأسف عقول المشاهدين لم تتقبل أن تقفز بنت الملاجئ في سيارة الباشا الكبير رجل الأعمال العتيد وهو يستقبلها بسعادة غريبة وابتسامة كما الأبله، والغريب أنها نزلت من السيارة ناسية الموبايل، هكذا تسنى له التواصل معها، وعندما خرجت معه وجدت نفسها باللا منطق أيضاً تغني وتبهر الجميع! واكتمل القفز على المنطق بقبولها لقاء (بودا) واستقبالها لمروة في البيت بعد أن اغتصبها الأول بعد تنويمها وقام بتصويرها، وذلك حسب تآمره عليها مع مروة لتجريدها من كل ممتلكاتها وإذلالها، وازداد تغييب العقل بمحاولة مدير أعمالها العاشق في صمت أن يقتلها، وكلها أحداث غريبة ولكنها إرادة صناع المسلسل في سبيل صناعة (نجمة العالم العربي).

شخصيات لا منطقية وخالية من أي تطور درامي مثل شخصية رجل الأعمال التي لا تشبه أي رجل أعمال سوى في خيال المفبركين، وحتى علاقته مع زوجته التي لا تتجاوز الصراخ وعلاقته مع سكرتيرته التي تتوالى قصفاتها له ومؤامراتها عليه وهو متسامح معها ولا يجد سواها صديقاً للفضفضة رغم رفضه الاعتراف بابنتهما، والطامة عندما يكاد أن يتحول إلى أراجوز لينال رضا لؤلؤ بأساليب لا يتقبلها عقل؛ وبالقياس على ذلك تأمل علاقة لؤلؤ بمروة التي يحذرها منها كل المحيطين بها والجميع يرى شرها باستثناء النجمة التي كانت في البداية ذكية وقوية لا يسلم أحد من لسعاتها الكلامية، فإذا بها تنقاد بسهولة خلف بودا وصديقتها.

عدم رضا الفنان عن مكانته وسعيه لأن يسبق الجميع ويتصدر التريند ويقفز فوق إمكاناته وقدرات الآخرين، لن يحقق له ما يتمنى، وقد يخصم من رصيد حققه بدلاً من أن يضيف إليه، ومي عمر أحبها الناس في مكانها المناسب خلال أعمال عدة وآخرها الفتوة، أما اليوم فإن اشتباكها مع جمهورها الذي انتقد (لؤلؤ) على مواقع التواصل ونعتها لهم بالفاشلين والغيورين والحقودين، فسوف يلقي بظلال سلبية عليها لأنه كشف عن وجه آخر للفنانة بريئة الملامح، وجه ليس مستحباً، ولن يكون.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.