رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

منة شلبي وآسر ياسين يتألقان في آخر مشاهد (في كل أسبوع يوم جمعة)

كتبت : سدرة محمد

على الرغم من تألق (منة شلبي وآسر ياسين) في أدائهما طوال الـ 10 حلقات من عمر مسلسل (في كل أسبوع يوم جمعة) فإنهما استطاع أن يحبسا أنفاس المشاهدين عبر مشاهد غاية في الدموية والقسوة والتقزز في غالب الأحيان، خاصة مع تكرار مشاهد تقطيع الجثث بالبلطة من جانب (عماد) الأبله الذي جسد دوره آسر ياسين بالاشتراك مع مهندسة الكمبيوتر (ليلى) التي لعبت دورها (منة شلبي) باحترفية كبيرة – دعوني أعترف – لكن لايكفي فقط أن يصنف هذا المسلسل المصري ضمن مسلسلات الجريمة والإثارة فقط بل ينبغي تصنيفه في خانة (الرعب الذي لايفضي إلى نتيجة سوى محاولة تبديد مساحات القلق بداخلنا عندما يقدم أحدنا على جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد) فينفذ القتل بأعصاب باردة .. تلك هى القيمة الوحيدة في المسلسل للأسف.

ربما حمل المسلسل، من وجهة نظر البعض جميع عوامل النجاح، بدءًا من فريق العمل الذي قاده المخرج محمد شاكر خضير، ومعه مدير التصوير الشاب بيشوي روزفلت، فضلا عن أداء تمثيلي احترافي من جانب منة شلبي وآسر ياسين وسوسن بدر، وصولًا إلى الموسيقى التي صنعها هشام نزيه (أحد أشهر مؤلفي موسيقى المسلسلات والأفلام حاليًا)، بينما شارك في الإنتاج وكتابة السيناريو محمد حفظي، أحد أبرز المؤلفين والمنتجين، وهذه الأسماء بالطبع لها ثقلها الفني والجماهيري محليًا وعربيًا، وما كان ينبغي لها أن تنزلق إلى هذا المستنقع الذي تفوح منه رائحة الدماء التي تزكم أنوف مشاهدين يتوقون إلى واحة من الأمان أكثر من تعطشهم لسفك الدماء بهذا الأسلوب المقزز.

المسلسل الذي كتب قصته الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد، أخذه كاتبي السناريو والحوار سمير عبد الناصر، ومحمد هشام عبية، وعبر معالجة درامية لإياد إبراهيم، إلى مناطق أكثر إيلاما ورعبا، ربما لم نشهدها من قبل في أعمال درامية مصرية أو عربية، فقد رأى البعض أنه المسلسل ابتعد بشكل عمدي عن النصائح المجتمعية الجاهزة المقدمة عادة في مسلسلاتنا، والمرتبطة بالقيم والمبادئ وصراع الخير والشر، وقد تعامل صنّاعه مع القصة ببساطة دون تعقيد، سواء على صعيد الشخصيات أو القصة أو العناصر الفنية في المونتاج والسرد والألوان والديكور.

وصحيح أن (في كل أسبوع يوم جمعة) يعد تحولًا في العمل الدرامي المصري والعربي، بعيدا عن الحشو في الأحداث والملل، لكن يفتقد للهدف الإنساني الذي تعمل من أجله الدراما بحسب ما كتبه أرسطو في كتابه الشعر (إن التاريخ يكتب الأحداث كما وقعت، ولكن الدراما تكتب الأحداث كما كان ينبغي أن تقع)، ومن ثم لابد أن يكون للدراما هدف إنساني نبيل يكننا من حذف عبارة (+ 18) التي وضعت على تتر هذا المسلسل، بعد أن بات لمفهوم الدراما دور محوري في حياتنا المعاصرة وسياقاتها الثقافية المجتمعية، حيث يعتبرها أغلب علماء علم الاجتماع المعرفي (ظاهرة من ظواهر التاريخ الأدبي، ووثيقة من وثائق التاريخ الإنساني)، فلايصح أن تحتوى كل هذا القدر من العنف والتمثيل بالجثث.

ولابد أن ينتبه صناع الدراما إلى أنها أصبحت تلعب دورا مهما في حياتنا المعاصر بعد أن تراجع دور الكتاب الورقي في عصر التكنولوجيا السريع، ومن ثم  ففي ظل تنامي دور الدراما، ومدى تأثيرها في الأجيال الحالية، أن تركز على البعد الإنساني في الحياة، إنطلاقا من أهميتها كمنتج إعلامي يعنى برصد الأحداث وتطوراتها وانعاكساتها على مجمل الحياة العربية العصرية، فقد أصبحت الدراما تعمل كمعادل بصري وثيقة تاريخية ومستنداً بصرياً للتاريخ بتقلباته المختلفة.

ولعل هذا النمو المطرد لدور الدراما في حياتنا المعاصرة، جاء بعد أن أصبحت الفضائيات العربية حالة خاصة وفريدة فى تطور مسيرة الإعلام العربى، منذ عرف العرب الصحافة فى النصف الأول من القرن التاسع عشر، حتى أنه يمكن القول براحة تامة: بأن مجمل التطورات التى أحدثها ظهور الفضائيات العربية فى الشارع العربى، وفى وسائل الإعلام التقليدية منذ أوائل العقد الأخير من القرن الماضى يعادل مجمل التطورات التى شهدها الإعلام العربى منذ ظهوره.

 إذن الدراما تلعب دورا مهما في صنع حالة من الاستقرار والهدوء النفسي لدى مشاهد تحاصره مشاهد العنف الدموية والإرهاب الذي يحصد أرواح ضحاياه يوميا على قارعة الطريقة بذات الطريقة الوحشية التي جاءت ضمن سياق أحداث مسلسل (في كل أسبوع يوم جمعة)، وهو أمر مرفوض تجسيده على الشاشة فقد سئمنا مشاهد العنف والقتل والتمثيل بالجثث، وأصبحنا بحاجة إلى دراما تصنع لنا أجواء رومانسية حالمة أو موضوع اجتماعي يبعث على الدفء العائلي أو الأكشن والإثارة القادرة على تفريغ الطاقات السلبية التي تلازمنا أينما ذهبنا.

ومع كل ما سبق من سلبيات حول الفكرة والهدف من المشاهد التي تتسم بالعنف، فإنه يبقى آخر مشهد في مسلسل (في كل أسبوع يوم جمعة) هو (ماستر سين) الحلقات كلها على المستوى الإنساني جراء تألق أداء كل من منة شلبي وآسر ياسين وقدرتهما بمشاعر دافئة على جذب تعاطف الجمهور معهما، وقد جاء المشهد على النحو التالي:

بعد أن تم القبض على ليلى، وإيداعها سيارة الترحيلات ثار عماد وظل يحطم محتويات الحجرة المتواجد فيها بعد أن أفلت من قبضة جنود الشرطة مناديا (ليلى .. ليلى)، لكنها كانت تراقبه من خلف النافذة الحديدية للسيارة في ترقب وخوف.

عماد يئن وهو يردد .. ليلى ليلى
ليلى تبكي تأثرا بمشهد عماد وهو في قبضة الجنود

عماد يئن بعد أن سقط على الأرض بعد أن عاد في قبضة جنود الشرطة مرة أخرى مناديا : ليلى .. ليلى!

تنظر ليلى من نافذة عربة الترحيلات والدموع تغالبها حزنا على حال حالة عماد المزرية التب تعبر عن آلامه العميقة جراء فقده محبوبته.

أرجوك يا ابني نزلوهاله خلييها تروحله هى حتعرف تسكته

يظهر (المستشار جابر – عبد العزيز مخيون) الذي يلعب دور والد عماد قائلا للضابط : أرجوك يا إبني .. أبوس إيدك نزلوهاله خليها تروحله هى حتعرف تهديه .. أنا مش عاوزه يتئزي.

يصرخ الضابط مصدرا أوامره لأحد الجنود : افتح نزلها.

ليلى في طريقها لعماد بعد أن نزلت من عربة الترحيلات

تزل ليلى من عربة الترحيلات وتسير بخطى متثاقلة متجهة نحو عماد الذي لازال ثائرا يهتف باسمها : ليلى .. ليلى .. ليلى، ثم تتقدم نحوه وتدخله في أحضانها ويظلا يتناجيان بلغة العيون والصمت وكأنها لحظة عتاب من جانب طرفين وضعتهما الظروف القاسية في مأزق التورط في القتل والتخلص من غرماء ليلى قبل أن تلتلقي بعماد.

عماد يبتسم في فرح بعد أصبح في حضن ليلى
ليلى تنظر في عيني عماد قائلة أنا آسفة

تنهي ليلى مشهد الحضن المعبر عن الأشواق الجارفة من جانب عماد، وتنظر في عينيه قائلة: أنا آسفة.

عماد يأخذها في حضنه مرة ثانية ويظل يربت على كتفها وشعرها في مودة وحنين.

ليلى تفتح علبة (سكر نبات) وتضع حبة في فم عماد وتضع واحدة أخرى في فهما ثم يتعانقان عناقا حار مرة أخرى والدموع تنهمر من عينيهما وكأنهما في لحظة وداع أخيرة قبل الصعود لعربة الترحيلات.

يتعانقان في طريقهما لعربة الترحيلات

يتعانقان بالأيدي في طريقهما إلى سيارة الترحيلات بينما يردد عماد كلمته الشهيرة (نيلة)، تلك التي كانت بمثابة كلمة السر التي تقولها ليلى في إشارة له بأن الشخص الموجود أمامه مرغوب في قتله والتخلص منه على الفور، فيأتي بالتمثال الخشبي الذي ينهال به ضربا على رأس الضحية ثم يقوم بتقطيع جثته ووضعها في أكياس تمهيدا لأن تتخلص ليلى منها.

ليلى وهى في طريقها لصعود سيارة الترحيلات أنا اسمي نور رياض مش ليلى

ليلى في طريقها لسيارة الترحيلات مع عماد تسرد قصة الفيديو الذي أعدته للبوح من خلاله بالحقيقة : أنا اسمى نور رياض مش ليلى .. أنا باعمل الفيديو ده علشان أشكر كل إنسان ساعدني في حياتي وأولهم أهلي.

شكرا يابا .. شكرا لأنك اخترت تعاقبني بالطريقة دي

يأتي مشهد الفيديو على الموبايل وهى توجه رسالة لوالدها قائلة : شكرا يا بابا .. شكرا لأنك اخترت تعاقبي بالطريقة دي .. العقاب ده خلاني إنسانة أحسن بكتير .. من ساعة ماجيت هنا وأنا بقيتت إنسان بيعرف يفرق قوي بين الغلط والصح .. وعمرى ما أذيت حد .. بقيت شاطرة قوي في شغلي وطول النهار قاعدة على الكمبيوتر .. وجوزي .. جوزي كمان لوشفته حتحبه قوي .. أنا عارفه انك متعرفوش بس أكيد حتعرفه .. رجل محترم وشايلني من فوق الأرض شيل .. مش حاطول عليك .. احنا بنخطط لمستقبلنا مع بعض .. بنفكر نجيب بيبي .. شكرا قوي ياحاج رياض .. شكرا على كل حاجة أشكرلي أهل بولاق ..واحد .. واحد.

شكرا على كل حاجة.. وأشكرلي أهل بولاق واحد .. واحد

عندئذ ينتهى المشهد الذي يخالف حقيقة الفيديو حيث حملتهما سيارة الترحيلات في طريقها للمحاكمة التي ربما تنتهي بالإعدام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.