رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

يسرا اللوزي .. فنانة بدرجة إنسان عظيم

لا تعترف بالفشل ما لم تكن قد جربت آخر محاولة

بقلم : محمد حبوشة

لم يسلم أحد منا من صفعات الزمن، تلك حقيقة مؤكدة، لكن الأقوياء فقط هم الذين امتلكوا من الإرادة قدراً منعوا به أيديهم من أن تتحسس موضع الصفعة، فلم يلحظ ألمهم أحد، وكما هو ثابت فإن من له إرادة له القوة، ومن ثم فلا توجد كلمة مستحيل في حياته، فقط توجد هذه الكلمة في قاموس الضعفاء، ولهذا فإن الإرادة القوية تقصر المسافات، ومن هنا فإن فاقد الإرادة هو أشقى البشر، فمجرد التلفظ بكلمة إرادة يشحن المرء بقوة غير عادية، وعلى قدر أن تكون إرادة النجاح مهمة يبقى الأهم منها إرادة التحضير للنجاح، ولأن الجبل لا تهزه الرياح، فالإرادة الحقيقية لا تنال منها الزوابع، لكن لابد أن تكون تلك الإرادة الصادقة للإنسان بمثابة قوة خفية تسير خلف ظهره، وتدفعه دفعا للأمام على طريق النجاح، وتتنامى مع الوقت حتى تمنعه من التوقف أو التراجع.

تبحث دائما عن أناس يكرهون الهزيمة

وظني أن النجمة الشابة (يسرا اللوزي) واحدة ممن يمتلكون إرادة صادقة وحقيقية في الحياة والفن، لأنها في المقام الأول والأخير فنانة بدرجة إنسان، وكما يمتلك كل إنسان منا أحلاماً وأهدافاً كثيرة في الحياة ويسعى لتحقيقها بكل قوته ولكن لكي يستطيع تحقيقها يجب عليه أن يمتلك إرادة حقيقية تدفعه نحو تحقيق هدفه، تماما كما هو حال (يسرا) التي  تسعى في كل خطواتها لاستغلال قوتها الذاتية ولديها دائما ثقة بقدراتها وبما تستطيع تحقيقه لكي تصل للنتائج التي ترضيها في النهاية، ولأنها تدرك يقينا أن ضعف الإرادة ربما هى السبب وراء فشل الكثيرين ليس على مستوى غياب الرؤيا بل غياب العزيمة، لذا فهى لا تعترف بالفشل ما لم تكن قد جربت آخر محاولة ولا تتوقف عن آخر محاولة ما لم يتم النجاح.

ما يدركه عقل (يسرا اللوزي) وتؤمن به أن الإنسان يستطيع أن يحقق أحلامه في الحياة حيث تضع نصب عينيها مثلث يحكم حياتها مؤداه: لا أعرف، لا أستطيع، مستحيل، فمن وجهة نظرها: إذا كانت جبال الألب الشاهقة تمنعني من التقدم فيجب أن تزول من على الأرض، وإن لم تحول كل تحدياتك إلى صلوات لله ستأكلك هذه التحديات، ما من تجربة حلت بها إلّا وأنطقتها شعراً، ولا تدع الصعوبات تقلقها فقضيتها عظيمة جداً لدرجة أن نقاط ضعفها لا تستطيع تدميرها، وهى في خطواتها الفنية ربما تتقدم ببطء، لكنها لا ترجع للخلف إطلاقاً ومن ثم لم تفشل أبدا لأنها تجد عشرة آلاف طريقة لتعمل وتجتهد وتصل إلى ما تصبو إليه.

لاتنسى أن خلف كل عزيمة هناك دافع، وبقوة الدافع تقوى العزيمة

العظمة في هذه الحياة من وجهة نظر (يسرا اللوزي) ليست في التعثر ولكن في القيام بعد كل مرة نتعثر فيها، فعندما تقوم ببناء فريق فإنها تبحث دائماً عن أناس يحبون الفوز، وإذا لم تعثر على أي منهم فأنها تبحث عن أناس يكرهون الهزيمة، إنطلاقا من قاعدة: نحن نسقط لكي ننهض، ونهزم في المعارك لنحرر نصراً أروع، تماماً كما ننام لكي نصحو أكثر قوةً ونشاطاً، ولديها يقين راسخ أنه لا يصل الناس إلى حديقة النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات، وأحسن وسيلة للتغلب على الصعاب اختراقها،  فالتحدي عندها لا ينتظر إطلاقاً، والحياة لا تلتفت الى الوراء، أسبوع واحد هو فاصل من الزمن، بعد تسلق تلة كبيرة يجد المرء أن هناك العديد من التلال الأخرى يجب صعودها.

لا تستسلم، اتعب الآن ثم عش بطلاً بقية حياتك، هذا هو دستورها، لا تثبط عزيمة أحد يحقق تقدماً متواصلاً وإن كان بطيئاً، إنّ عزيمة تتعثر فى طريق الخير غير عزيمة استحكمت فى طريق الشر، ولاتنسى أن خلف كل عزيمة هناك دافع، وبقوة الدافع تقوى العزيمة، والإرادة هى ما يدفعك للخطوة الأولى على طريق الكفاح، أما العزيمة فهي ما يبقيك على هذا الطريق حتى النهاية، كل الشدائد والعقبات التي واجهتها في حياتها زادت من عزيمتها، قد لا تدرك هذا وقتما تلقيها المحنة خاصة الأخيرة (التنمر بابنتها)، لكنها تصدت لكل محاولات إحباطها وشعارها الذي رفعته عاليا: قد تكون أفضل الطرق أصعبها ولكن عليك دائماً اتباعها، إذ إن الاعتياد عليها سيجعل الأمور تبدو سهلة، الأفعال لا الأقوال دليل العزيمة الصادقة، لا تستسلم عند منتصف الطريق، لا بد أن تركز على أن تربح النصف الثاني، توقع العقبات، لكن لا تسمح لها بمنعك من التقدم.

تمتلك إرادة حقيقية تدفعها نحو تحقيق هدفها

الموهبة وحدها لا تكفي هكذا آمنت (يسرا اللوزي) مؤكدة: استمر دائماً، فلا يوجد شيء في العالم يمكنه أن يحل محل الإصرار، العقبات هى تلك الأشياء المخفية التي تراها عندما ترفع عيناك عن الهدف، سقوط الإنسان ليس فشلاً، و لكن الفشل أن يبقى حيث سقط، لست أشعر ببرود الهمة، لأن كل محاولة خاطئة أتخلى عنها هى خطوة تقودني للأمام، لا تجعل العوائق توقف مسيرتك، إذا واجهت حائطاً فلا تستدر لتعود خائباً، عليك أن تحاول تسلقه، أو المرور من خلاله، أو حتى الالتفاف من حوله، قل في نفسك دوما: أنا مصمم على بلوغ الهدف، فإما أن أنجح، وإما أن أنجح، وحتما تتحقق الكثير من الأشياء المهمة في هذا العالم لأولئك الذين أصروا على المحاولة على الرغم من عدم وجود الأمل.

ولدت (يسرا اللوزي) في حي الزمالك في القاهرة عام 1985 لأب هو المخرج والممثل محمود اللوزي، والذي يعمل أستاذا للدراما والمسرح بالجامعة الأمريكية في القاهرة، ووالدتها من أصول سورية ولكنها حاصلة على الجنسية المصرية، بدأت يسرا الاهتمام بالفن في سن مبكرة حيث شاركت في العديد من الأفلام الكرتونية المدبلجة والمنتجة من قبل شركة ديزني العالمية وهى طالبة في المرحلة الثانوية، كما شاركت في العديد من الأدوار على مسرح الجامعة الأمريكية خلال فترة دراستها الجامعية تحت إشراف والدها، فقدمت عددا من الأدوار الغنائية المسرحية وأبرزها: (أوزة سخيف، سلطان معضلة، سليمان الحلبي، والقارئ).

ما من تجربة حلت بها إلّا وأنطقتها شعراً

التحقت (يسرا) بالجامعة الأمريكية في القاهرة لدراسة العلوم السياسية ونالت شهادة البكالوريوس فيها، كما قامت بدراسة تخصص المسرح والتاريخ الحديث في نفس الجامعة، كما أنا حاصلة على ماجستير في حقوق الإنسان والتنمية، ويعتبر عام 2004 البداية الفعلية لها في عالم التمثيل، حيث تم اختيارها من قبل المخرج يوسف شاهين للمشاركة في فيلم (اسكندرية – نيويورك) ولعبت فيه دور البطولة، وشارك معها نخبة من الممثلين المصريين ومنهم والدها محمود اللوزي والفنانة يسرا والفنان محمود حميدة وغيرهم، وحقق الفيلم نجاحاً باهراً وشارك في مهرجان كان السينمائي عن قسم جائزة نظرة ما في دورته عام 2004.

في عام 2007 شاركت في الفيلم القصير (هوس العمق) ولعبت فيه دور البطولة، بينما في عام 2008 شاركت في فيلم (قبلات مسروقة) مع الممثل أحمد عزمي، وكان الفيلم المصري الوحيد المرشح في مهرجان الاسكندرية، وفازت يسرا عنه بجائزة أفضل ممثلة وحقق الفيلم جائزة أفضل فيلم في مجلة (حريتي)، كما شارك الفيلم في (مهرجان كاب وأنيلاندز) في جنوب إفريقيا، وفي عام 2010 شاركت مع والدها والعديد من أبطال الدراما المصرية مثل خالد أبو النجا وهند صبري في فيلم (هيلوبوليس)، وحققت نجاحاً كبيرا عن دورها فقد حصلت عنه على عدة جوائز وهى جائزة أفضل ممثلة من مهرجان روتردام الدولي، وجائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ومهرجان الاسكندرية.

تسعى في كل خطواتها لاستغلال قوتها الذاتية

كما أن هذا الفيلم كان هو الفيلم الأول الذي يشارك في مسابقة (سالونيك) الدولية في اليونان بعد فيلم (الأبواب المغلقة) عام 1999، وكان أيضاً الفيلم الدولي الوحيد في العام 2010 إلى جانب فيلم (المسافر)، وحاز على جائزة أفضل سيناريو من مؤسسة سايروس، وتم ترشيحه لعدة مهرجانات كمهرجان الشرق الأوسط السينائي الدولي وغيره، وفي عام 2011 شاركت (يسرا) في الفيلم الكوميدي (إذاعة حب) مع لطفي لبيب ومنه شلبي وانتصار وغيرهم، وشاركت في نفس العام مع الممثل أحمد فهمي وهشام مجدي في فيلم (بنات العم)، كما شاركت في فيلم (ميكروفون) والذي ناقش موضوع الفن المستقل في مدينة الإسكندرية وحصد العديد من الجوائز، ومنها (جائزة أفضل سيناريو) من مؤسسة سايروس للسينما، و(جائزة أفضل فيلم عربي) في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي والاسكندرية الدولي، وجائزة (أفضل مونتاج) من مهرجان دبي السينمائي الدولي وغيرها من الجوائز والترشيحات.

ومن أهم أعمال (يسرا اللوزي) في الدراما التليفزيونية: شاركت عام 2009 في مسلسل (خاص جداً)، وفي عام 2010 شاركت في مسلسل (لحظات حرجة – الجزء الثاني) ومسلسل (الجماعة)، كما شاركت عام 2012  في مسلسل (الخطوط الحمراء) ومسلسل (لحظات حرجة – الجزء الثالث)، وظهرت عام 2014 في رمضان من خلال دور شيق عبر مسلسل (دهشة) مع النجم الكبير يحيى الفخراني، ثم شاركت في مسلسلات (إمبراطورية مين – 2014)، مسلسل (لهفة – 2015)، مسلسل (بنات خارقات – 2016)، مسلسل (طاقة القدر – 2017)، مسلسل (عائلة الحاج نعمان – 2018)، مسلسل (سوبر ميرو – 2019)، مسلسلي (بخط الإيد، وطاقة حب – 2020)، ومن المتوقع أن تقدم مسلسل (بين السما والأرض – رمضان 2021).

مع زوجها أحمد الدروبي
الوست الذي ردت من خلاله على التنمر بابنتها والذي تفاعل معه أكثر من مليونين من رواد الفيس بوك

جدير بالذكر أن الفنانة (يسرا اللوزي) تزوجت من أحمد الدروبي عام 2009 وكانت بعمر 23 عام، وأنجبت ابنتها الوحيدة (دليلة) بعد خمس سنوات من زواجها، ورفضت حينها الكثير من الأدوار لتأخذ فرصتها الكافية في رعاية ابنتها وخصوصاً بعد اكتشافها إعاقة ابنتها وأنها ولدت غير قادرة على السمع، ولهذا السبب خاضت يسرا اللوزي حملة موسعة للتوعية من مخاطر ضعف السمع عند الأطفال وصعوبات تعلم النطق في الصغر – بعدما اكتشفت إصابة ابنتها دليلة بالمرض – ولها حملة بعنوان “اسمعني” تهدف لعلاج الألاف من الأطفال الذين يعانون من نفس المرض.

تحية تقدير واحترام للنجمة الشابة (يسرا اللوزي) التي تمتلك عدد من المواهب إلى جانب التمثيل فهي راقصة باليه بارعة وتجيد أيضاً العزف على البيانو، وهذا ما يمنحها الثقة بنفسها والقدر على تحدي كافة الصعوبات التي واجهتها مؤخرا، وأبرزها تعرضها للتنمر على ابنتها التي تراها أجمل شيئ في هذه الحياة لأنها تتعلم منها الإرادة والقدرة على التحدى وتتنبأ لها بمستقبل أكثر إشراقا بفضل ذكائها الحاد الذي حتما سيضعها في مرتبة تليق بإنسانيتها وحساسيتها الشدية تجاه البشر وكافة الكائنات التي تحيط بها، ونحن بدورنا نتمنى لها ولابتها السعادة في الحياة جراء أخلاقها الرفيعة وهدوئها الذي يعكس صفاء روحها التواقة للمحبة والسلام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.