رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

أربع بنات وضابط .. لحن الوداع لأنور وجدي !

* الفيلم كان يمكن أن يكون أكثر نجاحا وأكثرا تأثيرا لو اعتنى بفكرة الفيلم

* مصادفات غريبة يأتي بها كاتب السيناريو دون تبرير منطقي

* نجح (فتحي قوره) في تقديم معارضة لأغنية (القمح الليلة) بأغنية (العدس الليلة عيده)

* تقدم (أمينة رزق) دورها بفهم واقتدار لطبيعة الدور، وفهم لطبيعة الأم الحزينة

* أنور وجدي) كان عاديا في حدود الدور المرسوم

أنور وجدي ونعيمة عاكف

كتب : أحمد السماحي

يعتبر عام 1954 هو عام الغزارة الفنية في حياة النجم العبقري (أنور وجدي) حيث عرض له 7 أفلام سينمائية، وكأنه كان يشعر أنه سيودع الدنيا في العام التالي مباشرة، فأحب أن يترك لمحبيه ولتاريخ السينما مجموعة من الأفلام الممتعة من حيث القصة والإخراج، وهذه الأفلام هى (قلوب الناس، والوحش، وخطف مراتي، والظلم حرام، والأستاذ شرف، وجنون الحب) وفيلمنا هذا الأسبوع (4 بنات وضابط) الذي يطرح سؤلا حائرا مازال قائما حتى اليوم وهو من هو الإبن؟ هل الإبن الحقيقي الذي نلده، أم هو الإبن الذي يقدم لنا راحة القلب والحب الصادق؟!، بحيث نتعزى به عن الإبن المفقود؟!

يبدأ الفيلم بتنبيه أو ملاحظة تفيد بأن أحداث هذه القصة من وحى الخيال ولو حدث تطابق مع أي إنسان حي أو ميت هو من قبيل المصادفة!.

قصة الفيلم

تدور الأحداث فى إحدى إصلاحيات البنات، ونرى فيها نمو علاقة حب إحدى فتيات الإصلاحية (نعيمة) تجاه ضابط الأمن بالإصلاحية (وحيد) نتيجة تعامله بطرق إنسانية مع بنات الإصلاحية، عكس المديرة (نجمة إبراهيم) التى ترى ضرورة أن تأخذهم بالشدة والعنف والعقاب البدني.

أمينة رزق وعبد الوارث عسؤ

تستغل أربع بنات فرصة نشوب حرب بالإصلاحية فتهرب (نعيمة) ومعها صديقاتها الثلاث (لبلبة وعواطف ورجاء يوسف)، وفى تجوالهن في الطرقات يقمن بالغناء والرقص بهدف جمع فلوس من المتفرجين الذين يتجمعون حولهن، وأثناء ذلك يراهن (عبدالوارث عسر) الذي يكتشف شبها شديدا بين (نعيمة) وابنة سيدته (أمينة رزق) فيعرض عليها القيام بدور الإبنة العائدة أمام السيدة الحزينة التى تعيش متوهمة أن ابنتها المفقودة حية، في حين أنها ماتت، ولا يعرف هذا السر سواه.

 فتوافق (نعيمة) ويأخذها إلى القصر ويدلها على ما تستطيع أن تؤكد به أنها الإبنة الغائبة، ويرشدها إلى محاولة التعرف (بأم سمكة) التى تجسدها (زينات صدقي)، فهو يعتقد أنها بمجرد أن تراها ستقوم بإبلاغ سيدته بالعثور على ابنتها، وهو ما يحدث فعلا، تفرح (الهانم) بعودة ابنتها وبصديقاتها.

أنور وجدي وعمته أمينة رزق

وبمناسبة عودة ابنتها الغائبة تدعو الأم إلى حفلة كبيرة تقدم فيها ابنتها إلى المجتمع وإلى أصدقائها ومعارفها، وأثناء نزول البنات إلى الحفلة في بهو القصر، يرون من الشباك حضور الضابط (وحيد) ومعه قوة من العساكر في عربته فيتراجعن خائفات إلى حجرتهن، ويتحصن خلف بابها بالكراسي حتى يمنعن دخول أحد لهن.

يعتذر الضابط وحيد لعمته عن عدم الجلوس كثيرا، ويحاول الاستئذان لارتباطه بمأمورية عمل، ولكن العمة تثيره بحديثها عن ابنتها وجمالها وترجوه ألا يذهب قبل أن يراها، تذهب الأم مع وحيد ويفاجئون – من باب خلفي – البنات اللاتي وقفن خائفات وراء الباب الأمامي، وبمجرد رؤية (وحيد) للبنات يتعرف عليهن، ويصارح عمته بالحقيقة، لكنها تصر على أن (نعيمة) ابنتها ولن تفرط فيها.

وفى النهاية تعترف العمة لوحيد بأنها تعرف حقيقة نعيمة وأنها ليست ابنتها، ولكن كل منهما تفتقد شيئا هى تفتقد الابنة ونعيمة تفتقد الأم، وقد جمع القدر بينهما، لكي يقدم كل منهما ما تفتقده الأخرى، وتطلب منه أن يدافع عن (نعيمة) التى يحبها بنفس القوة التى يدافع بها عن القانون وخاصة وأنها تخبره بأنها ستتبناها وتعطيها جزءا من ثروتها.

تذهب الأم لتخبر (نعيمة) بأن (وحيد) يريد أن يأخذها، فتجدها هربت وتركت رسالة بأنها ستنتحر، يجري وحيد ورائها وينقذها في اللحظات الأخيرة من الموت ويلتم شمل الجميع.

النقد

يقول الناقد السينمائي الراحل (محمد عبدالفتاح) عن هذا الفيلم في كتابه (سينما أنور وجدي): نجح أنور وجدي في الجزء الأول من الفيلم أن يقدم صورة حقيقية لما يجري داخل الاصلاحيات التى خرجت عن هدفها الأساسي فى إعادة تأهيل نزيلاتها، وتحولت إلى سجون، وجاء السرد السينمائي سلسا خاصة فى الجزء الأول الذي يدور داخل الإصلاحية، ثم تغيرت توجهات الفيلم وأصبحت موضوعا آخر تماما عن السيدة التى تنتظر عودة ابنتها الغائبة دون أن تدرك وفاتها.

مشهد يضم أنور وجدي ونعيمة عاكف بعد التعرف عليها

اعتمد (أنور) على المصادفات كثيرا، مصادفة اختلاف وجهات نظر ضابط الأمن بالإصلاحية مع المديرة على الطريقة المثلى لمعاملة النزيلات مما أدى إلى الشغب والمصادمات التى تحدث بينهما، وأيضا بين النزيلات ، وإلى هروب البنات أيضا، إلى مصادفة لقاء (عبدالوارث عسر) بالبنات وهن يعرضن فنونهن في الشارع، ومصادفة شبه (نعيمة) للابنة المتوفاه، ومصادفة وجود (وحيد) فى الحفل ومشاهدة البنات له.

مصادفات غريبة يأتي بها كاتب السيناريو دون تبرير منطقي، ذلك لأنه يكتب وفق تصور أراد الوصول إليه وخطط له، وليس بهدف تقديم عمل درامي جيد، فالحدوتة فى العادة لا يهمها المنطق، وبها حد معقول أحيانا من الصدف والغرائبية، وتقوم في بعض بنائها على المصادفات والأحداث اللامنطقية إلى حد ما، بعكس الدراما التى يجب أن يحكمها المنطق إلى حد كبير، وتعتمد على الصراع بمنطق مفهوم قائم على الجدل.

لايقدم كاتب السيناريو مبررا لقبول الأم (نعيمة) كإبنة لها، حين أدركت أنها ليست ابنتها الحقيقية، وهل الحب الذي تولد بينهما كاف لأن تحتضنها فى النهاية وتهب لها ثروتها وتعمل على تزويجها بابن شقيقها (الضابط وحيد).

ويقع كاتب السيناريو وهو ابن بيئته ومجتمعه في خضوعه لمنطق الطبقات السائد باعتبار (نعيمة) لا تصلح زوجة لـ (وحيد) إلا إذا كان لديها رصيد من الثروة.

البحث عن الاستعراض

لم يتطور الأسلوب الإخراجي لأنور وجدي كثيرا رغم احترافه المهنة، فهو مثلا ككاتب السيناريو فى الفيلم لم يستغل الثلاثي (رجاء وعواطف يوسف ولبلبة) اللاتي ظهرن في بعض الأغاني والاستعراضات عبئا على (نعيمة عاكف) أثناء رقصها أو غنائها بل وعبئا على السيناريو، فلم يكن لهن دور واضح فى تطور الأحداث الدرامية أو تغير مسارها، ولو تم استبدالهن بلبلبة فقط لكان أجدى للفيلم.

ووجودهن غير المبرر اضطره فى النهاية لتقديم فقرة غنائية استعراضية صغيرة لكل منهن في استعراض (الحلم) فكل منهن تحلم حلما مختلفا يعبر عما يدور في ذهنها، ولكن المفاجأة أن (أنور وجدي) عندما قدم حلم (رجاء وعواطف يوسف) قدم الاثنتين من خلال حلم واحد تشتركان فيه، وهذا غير منطقي فحتى الأخوات والأخوة التوأم لا يحلمون حلما مشتركا، بل لكل واحدة منهم حلمه الخاص.

ونجح (فتحي قوره) في تقديم معارضة لأغنية (القمح الليلة) بأغنية (العدس الليلة عيده) وهو نوع من قلب أو معارضة الأغنيات المشهورة اشتهر بها مؤلف الأغاني الشاعر الزجال (فتحي قورة) واستخدمها هنا بذكاء شديد.

لبلبة مثلت في هذا الفيلم وهى طفلة

التمثيل

تقدم (أمينة رزق) دورها بفهم واقتدار لطبيعة الدور، وفهم لطبيعة الأم الحزينة حتى لحظة اعترافها بأنها تعلم أن نعيمة ليست ابنتها، فهى تعلن هذا بأسلوب هادئ وكأنها راضية بقدر الله.

أما (أنور وجدي) فكان عاديا في حدود الدور المرسوم ونجح في عدم الإفصاح عن نواياه تجاه (نعيمة) نزيلة الإصلاحية، وإن كان إعطاء صورته لـ (نعيمة) مؤشرا إلا أنه يدل على خطأ كبير منه، وعدم اانضباط لدوره كضابط فى الإصلاحية.

ويلعب (أبو السعود الأبياري) دورا كبيرا في تطوير الأحداث وفي رسم بعض الشخصيات كالأب ومديرة الإصلاحية والطفلة (لبلبة) و(زينات صدقي).

4 بنات وضابط كان يمكن أن يكون أكثر نجاحا وأكثرا تأثيرا لو اعتنى بفكرة الفيلم، فقد انتهى وجود الإصلاحية بمجرد خروج الفتيات الأربع منها، وتحول الفيلم إلى قصة حب بين (نعيمة ووحيد).

……………………………………………………………………………………………………………………..

أحداث سينمائية

قفز الإنتاج السينمائي عام 1954 إلى 66 فيلما، ورغم غزارة الأفلام لم يظهر سوى مخرجين جديدين فقط، هما (إسماعيل حسن) الذي قدم (فالح ومحتاس) وتحول (إحسان فرغل) من المونتاج إلى الإخراج بفيلم (العمر واحد).

 وشهد العام عرض عدد من الأفلام التى تعد علامات هامة فى تاريخ مخرجيها مثل (الوحش) لصلاح أبوسيف، (صراع في الوادي) ليوسف شاهين، (جعلوني مجرما) لعاطف سالم، (الآنسة حنفي) لفطين عبدالوهاب، (بنات حواء، وفتوات الحسينية) لنيازي مصطفى، ومعهم أفلام (كذبة إبريل، دستة مناديل، الستات ما يعرفوش يكدبوا، دايما معاك، يا ظالمني، عفريتة إسماعيل ياسين، بنت الجيران، خطف مراتي، أربع بنات وضابط، حسن ومرقص وكوهين، الحياة الحب، رسالة غرام، المال والبنون، موعد مع السعادة، تاكسي الغرام، نور عيوني، شرف البنت، الملاك الظالم) وغيرها.

وشاركت مصر بفيلمي (الوحش، و صراع في الوادي) في مسابقة مهرجان (كان) بفرنسا.

……………………………………………………………………………………………………………………..

أفلام 1954

عرض عام 1954 مجموعة كبيرة من الأفلام وصل عددها إلى 66 فيلما سينمائيا هى (موعد مع السعادة، انتصار الحب، تاكسي الغرام، كدت أهدم بيتي، المال والبنون، مرت الأيام، قلوب الناس، اقوى من الحب، مغامرات اسماعيل ياسين، أنا الحب، صراع فى الوادي، بنات حواء، الوحش، خطف مراتي، الآنسة حنفي، العمر واحد، رسالة غرام، الفارس الأسود، بنت الجيران، الحياة الحب، حلاق بغداد، نور عيوني، شرف البنت، أثار في الرمال، رقصة الوداع، العاشق المحروم، دستة مناديل، الأرض الطيبة، يا ظالمني، عفريته اسماعيل ياسين، حسن ومرقص وكوهين، الملاك الظالم، لمين هواك، الناس مقامات، أسعد الأيام، الظلم حرام، دايما معاك، خليك مع الله، المحتال، كذبة أبريل، فالح ومحتاس، اوعى تفكر، الشيخ حسن، المجرم، الأستاذ شرف، الحقوني بالمأذون، الستات ما يعرفوش يكدبوا، حدث ذات ليلة، جعلوني مجرما تحيا الرجالة، ارحم دموعي، ابوالدهب، عزيزة، علشان عيونك، فتوات الحسينية، بنت البلد، دلوني يا ناس، وعد، قرية العشاق، جنون الحب، حياة أو موت، ليلة من عمري، انسان غلبان، أمريكاني من طنطا، شيطان الصحراء).

……………………………………………………………………………………………………………………..

أفيش الفيلم

بطاقة الفيلم:

إنتاج : شركة الأفلام المتحدة (أنور وجدي وشركاه)

مساعد الإنتاج : رمسيس نجيب

التحميض والطبع : معامل شركة الأفلام الأهلية

التصوير : ستديو نحاس

قصة وسيناريو : أنور وجدي

حوار : أبو السعود الإبياري

مهندس التصوير : وحيد فريد

مهندس الديكور : ولي الدين سامح

تنفيذ الديكور : عبدالحميد السخاوي

المونتاج : عطية عبده

المكياج : محمود متولي

الملابس: صنعت خصيصا للفيلم فى محلات بيير كلوفاس، مدام فيكي، ومحمد مرعي

الموسيقى التصويرية : أندريخ رايدر

مدرب الرقص : إيزاك ديكسون

الأغاني : كلمات فتحي قوره، تلحين : منير مراد وأحمد صبره

(العدس الليلة، بقى ده اسمه كلام يا بنات، عم أنت يا عم، يا أهل الحي، السعادة، الأحلام).

الأبطال : أنور وجدي، نعيمة عاكف، أمينة رزق، عواطف ورجاء يوسف، لبلبة، نجمة إبراهيم، عبد الوارث عسر، زينات صدقي، وداد حمدي، شفيق نور الدين.

إخراج : أنور وجدي

العرض الأول : 22 مارس 1954.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.