* كان تلميذا لأنيس منصور فى الفلسفة !
* كون مع سعيد عبدالغني فرقة فى الجامعة لإعادة أعمال الريحاني
* استعان بسراج منير لإخراج مسرحياته فى الجامعة، وماري منيب دعمته
* عاش فترة فى دولاب ملابس ماري منيب
* بدأ العمل على مسرح الريحاني بعشرة جنيهات
كتب : أحمد السماحي
ربما يعجب البعض من أننا نتحدث عن النجم الكبير (محمد عوض) كأحد مظاليم الفن، رغم أنه كان ملء السمع والبصر في عقدي الستينات والسبعينات وحتى منتصف الثمانينات، لأن هذا النجم بصريح العبارة تعرض فى نهاية حياته وحتى الآن لظلم كبير وواضح، حيث لا يتذكره أحد ولا تعرض أعماله المسرحية الكثيرة باستثناء عمل أو اثنين، وكذلك بالنسبة لأفلامه السينمائية، ولا تهتم برامج الفضائيات بتذكره في ذكرى وفاته أو ميلاده بسرد مشواره الفني، لهذا قررنا أن نتوقف مع مشواره الفني خلال هذا الأسبوع والأسبوع القادم.
أسلوب محمد عوض
حين نود الاقتراب من عالم الفنان المبدع (محمد عوض)، فلا بد أولا من معرفة أسلوبه، وشعاره الذى رفعه منذ أن سار فى شارع الفن هاويا، وحتى تقدم فيه وأصبح من دون منازع أحد الكوميدينات أو المضحكين المهمين فى فترتي الستينات والسبعينات، كان شعاره الوحيد هو الضحك للضحك، لم يرفع شعارات ويتاجر بها، ولم يخلط بين الفن والسياسة، كما فعل ويفعل غيره من المضحكين، كان إضحاك الناس غايته الوحيدة، وكانت الكوميديا فى صورتها البسيطة الهدف الذى يتمنى الوصول إليه، هذا التعريف ضروري للدخول إلى عالم الرجل الذى رفع شعار الضحك للضحك والكوميديا للتسلية، وكانت سعادته الوحيدة حين يقف على خشبة المسرح فيجد الجماهير تملأ الصالة، وتضحك حتى تدمع الأعين، وتلتهب الأكف من التصفيق.
طريقه الفني لم يكن سهلا على الإطلاق كان مملوءا بالأشواك وبقطع الزجاج الصغيرة والحفر والمطبات، ولكنه أمسك بسلاحه وأطلقه بوجه كل هذه العوائق فمهد الطريق بعد صعاب كثيرة من أبرزها موت والده وهو صبيا صغيرا، ولم يكن سلاحه هذا سوى ابتسامته الشهيرة التى صارت فيما بعد من معالم الكوميديا فى مصر والوطن العربي، أطلق ضحكته فأنفتحت أمامه كل الأبواب المغلقة، ومع الابتسامه صبره وقوة تحمله، لأن المشوار مثلما كان به نجاحا عظيما كان به فشلا عظيما أيضا، كانت الأبواب إذا أغلقت بوجهه يدق عليها حتى تفتح، وإذا لم تفتح الأبواب دق على الشبابيك، وهكذا حتى انفتحت أمامه وكان أهم باب هو باب قلوب الجماهير.
الميلاد والهواية
فى يوم 12يونيو عام 1934 وفى مدينة القاهرة وبمنطقة العباسية تحديدا ولد الطفل (محمد عوض محمد عوض يوسف ناصر) لأب يعمل موظفا فى الشهر العقاري، وأم ربة منزل، تعلم في بادىء الأمر فى مدرسة التربية النظامية الأولية في العباسية، وحصل على الابتدائية من مدرسة (خليل آغا) سنة 1943 ، وإنتقل بعدها الى مدرسة (فاروق الأول) الثانوية النموذجية، وانضم وهو فى مراحل دراسته الابتدائية والثانوية إلى فرق الكشافة، وسرعان ما بدأت تتضح ملامح موهبة الطفل (محمد) الذى عشق الترحال والسفر منذ صغره.
وفى سن السابعة عشرعشق الفلسفة وأخذ فيها (كورسات)، وعندما أقيمت مسابقة للفلسفة على غرار مسابقات القرآن الكريم خاض هذه المسابقة، وحصل على المركز الثاني على القطر المصري، وحبه للفلسفة جعله بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة يلتحق بكلية الآداب جامعة عين شمس قسم الفلسفة.
مشوار الألف ميل
إذا كان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة فإن خطوة نجمنا الأولى كانت بعد انضمامه دراسيا إلى كلية الآداب جامعة عين شمس، قسم (فلسفة) حيث تتلمذ على يد الكاتب الكبير (أنيس منصور)، الذى كتب عنه بعد ذلك أكثر من مرة فى عموده اليومي بجريدة الأهرام، وفى هذه الفترة رحل والده وترك له والدته وشقيقاته الثلاث، فتحمل المسئولية مبكرا، وانضم إلى فريق التمثيل بالكلية، حيث كان النشاط المسرحي الجامعي فى أوجه آنذاك، فكانت فرقة كلية الآداب تضم (محمد عوض) والفنان (سعيد عبدالغني)، ومجموعة أخرى من المواهب الشابة التى لم تحترف التمثيل، وكلية الحقوق كانت تضم (جلال الشرقاوي) و(كرم مطاوع) وآخرين.
التعاون مع سراج منير
كان أول دور يقوم به (عوض) هو دور كومبارس صغير، لكنه أداه وكأنه دور البطولة الأولى، فجعل من الدور الصغير دورا كبيرا لفت إليه أنظار الجميع ليحتل مركزا متقدما فى فريق التمثيل، كان المثل الأعلى لـ (عوض) ومضحكه الوحيد هو عميد الكوميديا (نجيب الريحاني) فأعاد في حفلات الجامعة مسرحيات هذا العملاق، وأحضر مخرجين لها من الفنانيين المحترفين وكان أبرز هؤلاء الفنان (سراج منير) الذى أخرج لهم العديد من مسرحيات (الريحاني) منها (30 يوم في السجن، الدلوعة، لو كنت حليوة)، وغيرها.
مساندة ماري منيب
لم يكتف محمد عوض بالاستعانة بفنان شهير مثل (سراج منير) فطلب (عوض) من الفنانة الكبيرة (ماري منيب) مشاركته بطولة هذه المسرحيات الجامعية فرحبت على الفور مساهمة منها فى تدعيم الشباب الجدد الموهوبين، وحققت هذه المسرحيات نجاحا كبيرا جذبت إليها المواطنيين البسطاء، وحاز من خلالها على الميداليات الذهبية.
قوت القلوب
فى هذه الفترة تعرف على زميلته فى الكلية قسم اللغة الإنجليزية (قوت القلوب عبدالوهاب مازن) حفيدة (محمد رياض باشا) رئيس وزراء مصر، حيث كانت عاشقة للتمثيل وتقوم بتمثيل روايات شكسبير باللغة الإنجليزية، وربط الحب بينهما وقرر الزواج منها، وبالفعل وبعد انتهائهما من الدراسة تم زواجهما، فى نهاية الخمسينات ولأنها من سكان حي (جاردن سيتي) أحب إلا تبتعد عن أهلها كثيرا، فأستأجر شقة فى 3 شارع (طلعت حرب) بجوار ميدان التحرير الشهير، وانتقل مع عروسه وأمه وشقيقاته الثلاث إلى شقة التحرير، التى أنجب فيها أولاده الثلاثة المخرج (عادل عوض)، ومصمم الاستعراضات الشهير (عاطف عوض)، والممثل (علاء عوض).
دولاب ماري منيب
نظرا للمسئولية الملقاة على عاتقه كرب أسرة طرق باب الفنانة (ماري منيب) التى دعمته من قبل وهو طالب، وأصطحبته إلى فرقة (الريحاني) للعمل فيها كممثل محترف نظير 10 جنيهات فى الشهر، وأعطته جزء من غرفتها ليبدل فيها ملابسه، ولم تكتف بذلك فقد أعطته أيضا دولابها الذى كان يجلس فيه معظم الوقت نظرا لأن أدواره لم تكن تحتاج ملابس، حيث كان يقدم أدوار بسيطة وصغيرة، وكان ينتظر اللحظة التى يتم الإعلان فيها عن ميلاده كفنان فى فرقة الريحاني، وفى أحد الأيام نظر إلى الفرقة فوجد أن رفيق مشوار الريحاني المؤلف بديع خيري قد دفع بابنه (عادل خيري) الذى رباه (الريحاني)، ليقوم بأدوار( نجيب الريحاني)، ونظرا لعدم إتاحة فرص بطولات له، ولطموحه الشديد، ترك الفرقة.
ساعة لقلبك
بعد تركه لفرقة الريحاني سعى للتعرف على الفنان (عبدالمنعم مدبولي) الذي ضمه لفرقة (ساعة لقلبك) وأيضاً لفرقة (المسرح الحر)، وكانت (ساعة لقلبك) تضم (عبدالمنعم مدبولي، فؤاد المهندس، محمد رضا، أمين الهنيدي) وغيرهم، وقد اعتمدوا فى معظم أعمالهم على الاقتباس من الأعمال الفرنسية ومحاولة لوى عنقها لتتحرك على مساحة الواقع المصري، وعلى الرغم من إنهم يمتلكون القدرة على إضحاك المشاهدين إلا أن هذا الضحك كان فى أغلب الأحوال نتاج المشاهد المصطنعة بافتعال والمفارقات المبالغ فيها، والحوار الأجوف الذى لا يحمل أى معنى على طريقة فؤاد المهندس (إحنا الخنافيس يا بيه فسفس فسافس يا بيه) فى مسرحية (حالة حب)، بل إنهم حاولوا تقليد لازمات (نجيب الريحاني) الحركية حتى فى حشرجة صوته وكان (عوض) ماهرا فى ذلك، وبعد انضمامه لفرقتي (ساعة لقلبك والمسرح الحر) ظهرت موهبته سريعاً وأثبت أنه بالفعل مشروع لنجم كوميدي كبير، وذلك من خلال مشاركته في العديد من الأعمال المسرحية والإذاعية التي كانت تقدمها الفرقتين خلال هذه الفترة.
…………………………………………………………………………………………..
فى الحلقة القادمة:
* سر غضب عبدالحليم حافظ منه!
* كيف شهر النجم عادل إمام!
* كون فرقة مسرحية وأنتج خمس مسرحيات لفؤاد المهندس.