رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

فيروز (1) .. ماردين السورية ومجازر سيفو

بقلم :  فراس نعناع

نزح العديد من العوائل السريانية السورية  من عدة مدن وبلدات وقرى، مثل أورفة (الرها) وعينتاب ، ومرعش وغيرها.

أما آل حداد أجداد وعائلة فيروز (نهاد حداد) فقد نزحوا من مدينة ماردين السورية عام ١٩١٥ إبان المجازر العثمانية، والتي تسمى “سيفو” إلى مدن وبلدات قريبة لمدنهم، حيث معظم سكان تلك المدن والبلدات ذو أصول سريانية “سورية”.

أدت مجازر سيفو بالتوازي مع مجازر الأرمن ١٩١٥، وسياسة التتريك إلى تغيير التركيبة السكانية”الديموغرافية” لتلك المدن، وكانت مدينة نصيبين والرها وماردين تمتلك ثلاث مدارس مهمة في تاريخ الكنيسة السريانية، ولعبت دورا مهما في عملية الترجمة من اليونانية للعربية.

ولماردين كانت أهمية خاصة حيث استمر الكرسي الرسولي فيها من عام ١٠٣٤م – ١٩٢٤م في دير الزعفران، بعد فقدان الدور الأول والبارز في تاريخ “المسيحية” لأنطاكية “مهد المسيحية” حيث الكرسي الرسولي بطرس وبولس، بعد الغزوات الصليبية وغيرها.

وقعت معاهدة “لوزان”١٩٢٣م  بين تركيا من جهة وبريطانيا وفرنسا من جهة أخرى، بعد الحرب العالمية الأولى، والتي بموجبها ضمت العديد من المدن والبلدات والأقاليم السورية لتركيا.

وتعود تسمية ماردين إلى اللغة “الآرامية” حسب الأبحاث، وتعني “القلعة” حيث ذكرت وعرفت بذلك الاسم منذ عصر الامبراطورية الآشورية في الألف الأول قبل الميلاد، حيث اشتهرت بكثرة قلاعها، والتي تحولت فيما بعد إلى “كنائس” بحلول المسيحية.

وقد ذكرها الشاعر “جرير” في إحدى قصائده، حيث قال فيها:

ياخزر تغلب إن الشؤم حالفكم

مادام في ماردين الزيت يعتصر.

مجارز “سيفو”

لا يعرف عنها الكثير، وسيفو كلمة سريانية تعني السيف، وهي إشارة إلى طريقة القتل التي قام بارتكابها العثمانيين ضد “السريان والآشوريين والكلدان” السوريين

وتعتبر بمثابة تطهير عرقي وإبادة نفذها “العثمانيون”بحق الأقليات المسيحية، معللين ذلك بأن أي ثورة أو حرب ستؤدي لانفصال أجزاء واسعة من الإمبراطورية العثمانية، كما حدث في دول البلقان منتصف القرن التاسع عشر حيث نالت معظم تلك الدول استقلالها وانفصالها عن الامبراطورية العثمانية.

وتشير الدراسات بأن محاولات “التتريك “للأقليات” غير العثمانية أدت الى ردود أفعال تعارض ذلك، مما أدى لانتشار الفكر القومي المعارض لتلك المحاولات من

“العرب والأرمن والسريان”، وكانت الدولة العثمانية قبل مجازر سيفو قامت بعمليات إبادة على نطاق واسع لتلك الأقليات سنة١٨٩٥م عرفت “بالمجازر الحميدية” حيث قتل الآلاف من السريان والآشوريين والأرمن، متهمين “الأرمن” بمحاولة اغتيال السلطان “عبدالحميد الثاني” كما تشير الأبحاث أن السبب الرئيسي وراء تلك المجازر، هى خشية العثمانيين من انضمام تلك الأقليات للروس والمقاومة الأرمنية وخصوصا بعد فشل حملة القوقاز الاولى شتاء ١٩١٤م.

لعب حزب “تركيا الفتاة” بعد ظهوره دورا مهما في إقناع “الأكراد” أن السريان “المسيحين” قد يشكلون تهديدا لوجودهم في تلك المناطق، وقد اتبعوا معهم سياسة “الترهيب والترغيب” مما حدا بعض العشائر الكردية للتحالف مع الأتراك، وشكلوا ميليشيات كردية شبه نظامية فرضت سيطرتها على بعض المدن وهاجمت بعض المدن والقرى وقامت بذبح الكثيرين وسطوا ونهبوا واغتصبوا النساء وقتلوا الأطفال، وأجبرت بعض العوائل لترك ديانتهم والدخول في الإسلام خوفا على حياتهم، ومثل هذه الحالات موثقة مثل “مجازر بدرخان” “ومجازر “ديار بكر” “والمجازر الحميدية”وغيرها الكثير.

وكانت “الإمبراطورية الروسية” تحاول الدفاع عن تلك الأقليات المسيحية “الارثوذكسية” كونها تتبع الكنيسة المشرقية “الارثوذكسية” ويقدر عدد السريان  وقتها بحوالي المليون نسمة على أقل تقدير في (حكاري “وان” وديار بكر، وطور عابدين و أورفة وماردين  ونصيبين وحران) وغيرها من المدن والأقاليم  السورية قبل الضم.

لم يعترف المجتمع الدولي بتلك المجازر إلى الآن، كما حصل مع الاعتراف بمذابح”الأرمن”١٩١٥م، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن تلك المذابح “سيفو” تم ربطها بكل المذابح التي حصلت في الأناضول تحت مسمى “مذابح الأرمن” عام ٢٠٠٨م، قرر البرلمان “السويدي” الاعتراف بالمجازر ضد “السريان والآشوريين والكلدان” السوريين ١٩١٥م من قبل تركيا كجرائم إبادة.

كما قامت مؤسسات وشخصيات كردية بالاعتذار عن الدور المناط ببعض العشائر الكردية ودورها الفعال “الخيالة الحميدية” في تنفيذ تلك المجازر، وما تزال تركيا تنكر حدوث تلك المجازر في عهد الدولة العثمانية إلى الآن.

يعتبر يوم ٢٤ نيسان/ أبريل من كل عام ذكرى مجازر “سيفو” وهو نفس اليوم الذي يتذكر الأرمن المجازر الكبرى التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحقهم، أما عن أعداد ضحايا مجازر “سيفو” قدرها المؤرخون بأنها تقدر بأكثر من سبعين ألفا من الضحايا.

بعد انتصار الأتراك في حرب الاستقلال بزعامة “مصطفى كمال أتاتورك” قامت السلطات التركية بترحيل ما تبقى من “السريان والأرمن” في مناطق الجزيرة السورية العليا وكيليكيا إلى مدن سوريا الداخلية الشمالية والشرقية وخاصة “حلب” فتضخم عدد سكانها، كما يروي “الشيخ كامل الغزي” في كتابه “نهر الذهب في تاريخ حلب”، حيث يشير: شكل السريان نسبة كبيرة فارتفعت نسبة “المسيحين إلى أكثر من ٤٠٪ من تعداد السكان، وغالبيتهم من السريان الأرثوذكس، كما نزح العديد منهم إلى مدينة القامشلي.

أما الآشوريين سكنوا عدة قرى على ضفاف نهر الخابور في مدينة الحسكة  السورية الحالية، ونزح بعض السريان الكاثوليك لحلب، وإلى يومنا هذا هناك حي في حلب اسمه “حي السريان”، وهنالك الكثير من السريان الكاثوليك نزحوا لمدينة بيروت، وخاصة القادمين من  مدن”نصيبين ومارديين”، ومنهم آل حدد “السريان الكاثوليك” التي تنتمي السيدة “فيروز” “نهاد حداد” إليهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.