رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد توفيق .. نافس نجوم العالم في الصوت والضوء

في عيد ميلاد حفيده

* المخرج العالمي روسيليني يرفع القبعة له بسبب (أبو الهول)

* معلم الحارة وسائق التاكسي سبب ابتعاده عن تأدية أدوار المدمن!

* الرئيس جمال عبدالناصر ينعم عليه بوسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بسبب مشروع الصوت والضوء

* كلف من الرئيس الراحل محمد أنور السادات بإخراج الأمسية الشعرية (نهج البردة)

في فيلم “سمارة”

كتب : أحمد السماحي

مازالنا مع رحلة الرائد الإذاعي والتليفزيوني والمسرحي والسينمائي محمد توفيق، فقصة حياته وحبه وعشقه للفن قدوة ومثل أعلى لمن يريد التعلم، هبوب الرياح والأعاصير والأمطار التى قابلته فى حياته لم تثنيه عن تكملة مشواره الفني، أتاحت له ظروف انطلاقته معاصرة الكبار والفتوات في زمن الإبداع، وتحقيق النجاح عندما كان الناجحون عمالقة، فى الحلقة الماضية توقفنا عند مولده، وعشقه للفن، وتأثير (كشكش بيه) عليه، وسفره لدراسة الإخراج فى في لندن على يد النجم العالمي سير لورانس أوليفيه، وعمله في للقسم العربي فى الإذاعة البريطانية (BBC)، وأهم تجاربه المسرحية، وإخراجه لفرقة إسماعيل ياسين، وجمعية أنصار التمثيل، وفرقة الطليعه، والمسرح الحديث، وعمله فى الإذاعة المصرية وأهم أعماله الإذاعية التى تحول بعضها إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية، وهذا الأسبوع في باب (مظاليم الفن) نتوقف عن محطات أخرى من رحلة الفن والحياة.

من الأعمال الفنية القليلة التى لم يمارسها محمد توفيق خلال مشواره الفني عمله فى الإخراج السينمائي، مع أنه قام بمهمة مساعد مخرج لبعض الأفلام الأجنبية مثل (الوصايا العشر) من إنتاج شركة (بارامونت) وإخراج سيسيل دي ميل، (قيصر وكليوباترا) إنتاج فوكس للقرن العشرين.

مع عماد حمدي وعقيلة راتب في فيلم “السوق السوداء”

السوق السوداء

كانت بداية الفنان محمد توفيق فى السينما من خلال فيلم (مصنع الزوجات) عام 1941 وبعده قدم مجموعة من الأفلام التى كان يقتصر دوره فيها على مشاهد بسيطة لكنها هامة مثل (ليلة الفرح، ابن البلد، حب من السماء، شهداء الغرام، بين نارين، الجنس اللطيف، الجيل الجديد، سر أبي، أرض النيل، معروف الاسكافي)، وغيرها انتقل بعدها إلى الأدوار المركبة أو التى تعاني من عدم اتزان نفسي وعقلي، وعادة ما تحمل هذه الشخصيات – كما يقول أستاذنا إلهامي حسن ــ المضمون الأساسي للفيلم، حيث يستغل المؤلف الشخصية ليعرض على لسانها بعض الآراء سواء فى بعض الشخصيات الأخرى فى الفيلم أو في القضية التى يطرحها، ومن أمثلة ذلك دوره في فيلم (السوق السوداء).

مع محمود المليجي ودور مؤثر

المدمن

قدم محمد توفيق مجموعة من الأدوار المختلفة التى أظهرت جزء كبير من موهبته من أهم هذه الأدوار دور (المدمن) الذي قدمه فى العديد من الأفلام أهمها (الأخ الكبير، المعلمة توحة)، وقد بلغت براعته فى أداء هذا الدور أن الجمهور أعتقد أنه مدمنا بالفعل، وكانت نظرات الشفقة تطارده فى كل مكان، ولذلك كان حريصا على تصرفاته أمام الناس، فكان يتحاشي أن يأتي بأي حركة يمكن أن يظن منها الناس أنه مدمن.

وما جعله يتبتعد عن تمثيل هذا الدور ما حكاه لنا في حوارنا معه أنا والزميل جمال الكشكشي أثناء إعدادنا لعمل ملف كبير عنه في مجلتنا الحبيبة (الأهرام العربي) حيث قال: فى أحد المرات كنت في زيارة زميل لي فى أحد الأحياء الشعبية وفوجئت بأحد المعلمين يندفع نحوي ويرحب بي ويأخذني بالأحضان ويدس في يدي لفافة صغيرة، عبارة عن قطعة حشيش وقطعة أفيون، ويقول لي: والنبي ما تكسفنيش المكان أمان وأنت قدام بيتي، أنا عارفك كويس من السينما ومعجب بأدوارك كلها وعارف أنك صاحب مزاج، وأنا بقى بتاع المزاج كله!!.

فاعتذر منه وأفهمه أن هذا مجرد تمثيل!، ولم يقبل هديته الثمينة! ووضع اللفافة في يد المعلم الذي أندهش ولم يصدق كلامه، وانصرف!.

ويواصل محمد توفيق ذكرياته معنا ويقول ضاحكا: وفى يوم تاني ركبت مع سائق تاكسي ففوجئت به يقدم لي سيجارة، فنظرت له ولم أمد يدي، وقلت للسائق: شكرا أنا مش بشرب سجائر، فأندهش واستغرب ورد السائق: أنت هتمعلهم علي دى سيجارة من بتوعك متعمرة ومتكلفة بتاعة مزاج، فطلبت منه الوقوف ونزلت من التاكسي وركبت مع سائق آخر!.

في فيلم “شيئ من الخوف “حيث جسد والد فؤاده

العبيط والساذج

وإذا كان ودع أدوار الإدمان ولم يعد يقترب منها فقد نجح فى أدوار أخرى مثل دور (العبيط) الذي قدمه فى فيلم (حسن ونعيمة) إخراج بركات، ودوره في فيلم (لك يوم يا ظالم) مع فاتن حمه ومحمود المليجي.

 ودور ضابط البوليس الذي يتنكر في دور أحد أفراد العصابة، ولا يعرف أحد من المشاهدين ذلك إلا فى نهاية فيلم (خلخال حبيبي) بطولة رشدي أباظة، ونعيمة عاكف.

وتوالت أدواره السينمائية المتنوعة فى العديد من الأفلام حتى قارب المائة فيلم أشهرها (شارع البهلوان، معلش يا زهر، العقل زينة، بابا أمين، المليونير، دماء على الصحراء، إلهام، أولادي، انتقام الحبيب، من غير وداع، شم النسيم، الزهور الفاتنة، من عرق جبيني، اللص الشريف، الوحش، رقصة الوداع، زنوبة، طاهرة، المجد، حبيبي الأسمر، حياة غانية، كهرمان، إمرأة في الطريق، قاطع طريق، الطريق، الاعتراف)، وغيرها من الأفلام التى كانت آخرها دوره في فيلمي (توت توت) بطولة نبيلة عبيد، سعيد صالح، و(أرض الأحلام) مع فاتن حمامه ويحيي الفخراني،وأمينة رزق.

روسيليني يرفع القبعة

قام محمد توفيق بدور بسيط فى فيلم إيطالي بعنوان (أبوالهول) إخراج العالمي (روسيلليني) تم تصوير بعض مشاهد الفيلم فى مصر، وفى هذا الفيلم قام نجمنا الكبير بدور كاهن مصري قديم من كهنة الفراعنة يبارك أحد الموتى برقية فرعونية أي تميمة يتقاضى عنها من أهل البيت قطعة من العملة الذهبية.

عند تصوير المشهد تلقى محمد توفيق القطعة الذهبية فوضعها تحت أسنانه ليتحسسها ويعلم هل هى سليمة أم زائفة؟! هذه الحركة البسيطة العابرة، لم تكن مكتوبة فى النص فسأله عنها المخرج العالمي روسيلليني، ففسرها له محمد توفيق، فرفع الرجل قبعته احتراما وشد على يديه مصافحا.

في فيلم “قطار الليل” إخراج عز الدين ذوالفقار

الصوت والضوء

عام 1962 تم تكليفه من قبل عبدالقادر حاتم وزير الثقافة والإرشاد القومي بإخراج النص العربي لمشروع الصوت والضوء لكل من (أبوالهول، أهرامات الجيزة، قلعة صلاح الدين، الكرنك)، وكان النص الأول والثاني يسمع الشخص النص بالصوت ويرى الضوء وهو جالس، أما النص الثالث وهو (الكرنك) فيسمع الشخص ويرى الصوت والضوء وهو يسير داخل المعبد.

وقد قامت بتنفيذ هذا المشروع العملاق شركة (فيلبس) بثلاث لغات هى الإنجليزية والفرنسية والعربية، وقد تم تكليف مخرجين وممثلين أجانب للغتين الإنجليزية والفرنسية.

وعن هذه التجربة قال لنا محمد توفيق: رغم أن المخرجين والممثلين الأجانب قد أخذوا أجورا هى أضعاف ما دفع للفنانيين المصريين الذين استعنت بهم فى المشروع، إلا أنني قد أحببت هذا العمل لأنه من الأعمال الكبيرة الخالدة الباقية طالما بقيت هذه الأماكن الأثرية، وسوف يخلد التاريخ كل من عمل وشارك من فنانينا الكبار فى ذلك العمل ومنهم (يوسف وهبي، زكي طليمات، عبدالوارث عسر، جلال الشرقاوي، حمدي غيث، محمود ياسين).

وفى حفل الافتتاح قدم المختصون والمسئولين للرئيس جمال عبدالناصر زملائي الأجانب الذين أخرجوا النسخ الإنجليزية والفرنسية، ولم يقدموني للرئيس عبدالناصر، الذي انتبه لهذا، وعوضني عن هذا الخطأ وقام بالإنعام علي بوسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى مشفوعا بعبارة تقدير (لحميد صفاته وجليل خدماته للفنون المسرحية).

نهج البرده

عام 1978 كلف من الرئيس الراحل محمد أنور السادات بإخراج الأمسية الشعرية (نهج البردة) تأليف أمير الشعراء أحمد شوقي، وقد قدمت أمام مدخل مسجد الحسين، وشارك فى تقديم هذه الأمسية مجموعة من كبار الفنانيين ومنهم (زكي طليمات، عبدالوارث عسر، جلال الشرقاوي،كريمة مختار، سعد الغزاوي، نجاة علي،سامي طموم)، تلحين الدكتور يوسف شوقي، وغناء ياسمين الخيام ومحمد ثروت، وقد حققت الأمسية نجاحا كبيرا، وكانت تذاع كثيرا فى نهاية السبعينات في التليفزيون المصري، وقد أخرجها تليفزيونيا ملك الفيديو نور الدمرداش.

مع هدى سلطان في “كهرمان”

القاهرة والناس وونيس

شارك الفنان محمد توفيق فى الدراما التليفزيونية وله العديد من الأعمال التى أصبحت علامات بارزة فى تاريخ التليفزيون المصري منها (القاهرة والناس، ولسه بحلم بيوم، محمد وأخواته البنات، هند والدكتور نعمان، أبوالعلا البشري، ومازال النيل يجري، الطريق إلى الشمس، طعم الأيام، مذكرات ونيس)، وغيرها من العلامات المضيئة والمثيرة في سجل التليفزيون المصري، ولا يمكن أن ننسى له أدواره في بعض الأفلام التليفزيونية خاصة في فيلمي (شقة الأستاذ عليوة) بطولة صلاح ذوالفقار وزهرة العلا، و(ريال فضة) بطولة محيي إسماعيل، أحمد مظهر.

مع زوجته في شهر العسل
مع زوجته وأولاده في طفولتهم

الإنسان محمد توفيق

يؤمن محمد توفيق بأن الإنضباط هو روح العمل الفني، ويرى أن الانضباط إذا لم يتحقق انعدمت الروح الفنية أي ماتت، والميت لا وجود له، وعلى الصعيد العائلي والإنساني تزوج محمد توفيق مرة واحدة من شقيقة الفنانة كريمة مختار، وقد وهبه الله ابنتين وابنا واحدا يعمل مهندس ديكور ومصمما للأثاث.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.