رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

نحتفى بذكرى رحيل “ثريا حلمي”.. رائدة المونولوج

سيد بدير وثريا حلمي وفاتن حمامه وزوزو حمدي الحكيم في “ملائكة في جهنم”

* ننفرد بنشر مونولوجها بمناسبة قيام ثورة يوليو

* كانت أول من آمن بموهبة “علي إسماعيل” اللحنية

* تزوجت من ابن أخت “بديعة مصابني” وأشهر إسلامه بسببها

* توقفت عن الغناء بسبب ندرة الكاتب الساخر الموهوب

سيد بدير وثريا حلمي وفاتن حمامه وزوزو حمدي الحكيم في ملائكة في جهنم

كتب : أحمد السماحي

نحتفل اليوم الأحد بالذكرى الـ”26 ” لرحيل الفنانة “ثريا حلمي” رائدة فن المونولوج في مصر، والتى يمكن اعتبار سنوات الأربعينات من القرن الماضي هى سنوات مجدها الفني، حيث كانت تتنقل فى الإذاعة المصرية بين ركن الأغنية الخفيفة، وركن الأغنية الراقصة، وتقدم أسبوعيا ربع ساعة على الهواء تغني فيها مونولوجاتها النقدية الفكاهية التى كانت تحاول فيها علاج عيوب المجتمع المصري، عن طريق توضيح وإبراز هذه العيوب.

وكان من حسن حظها وجود عمالقة فى الكتابة النقدية اللاذعة المليئة بالسخرية وخفة الدم، مثل “محمود بيرم التونسي، بديع خيري، أبوالسعود الأبياري، فتحي قورة، والمخرج حسن الإمام”، هؤلاء الخمسة أعطوا للمنولوجيست الشابة وقتها أروع وأجمل ما غنت فى مشوارها الفني، فكانت كلماتهم مليئة بالنقد البناء لكثير من المشاكل التى يعاني منها الشعب المصري، مثل “بعض السلبيات الخاطئة التى تمارس في رمضان، البطالة المقنعة، كثرة الإنجاب، الزواج من الأجنبيات، أثر الحرب العالمية الثانية، الزواج من أكثر من امرأة، إهمال التعليم، النظرة الخاطئة للمهن البسيطة فى المجتمع، مشاكل أولاد الذوات وفراغهم، المعاكسات” وغيرها من الآفات التى كانت منتشرة فى هذا الوقت.

مع صديقها اسماعيل ياسين

الأبياري: قف من أنت؟

مع قيام ثورة يوليو 1952 ألهمت الثورة الشاعر الكبير، والمؤلف السينمائي الرائد “أبوالسعود الأبياري” فى تقديم عمل  من ألحان المبدع “محمود الشريف” يصور إنجازات الثورة ومساندة كل قراراتها، فقدم بعد أيام قليلة من قيامها منولوج رائع بعنوان “قف من أنت”اختفى من حياتنا الإذاعية والغنائية للأسف ولم نعد نسمعه، رغم أنه كان يذاع طوال أيام الثورة  بصفة منتظمة مع أغنية “ع الدوار” لـ” محمد قنديل”، يتحدث “المنولوج” عن سلبيات كثيرة كانت موجودة فى العصر الملكي تقول كلماته التى ننفرد بنشرها، بعد تقديمها لأول مرة منذ 68 عاما:

قف من أنت ياللي مالكش ضمير

قف من أنت ياللي ظلمت فقير

قف من أنت وخش ع التطهير

عايش طول عمرك خطاف أموال

أيتام على أوقاف

ولا بردان خليت له لحاف، ولا عيان جبتله اسعاف

لو تتكلم عايز رشوة، لو بتسلم طالب عشوه

قف من أنت يا عار الأمة، ياللي نهبت كتير

قف من أنت لا دين ولا ذمة، خش ع التطهير

قف من أنت ياللي مالكش ضمير

ربوه أهله وصرفوا عليه، وطلع شاطر وليسانسيه

وأنت يا جاهل يا ألف بيه، تاخد رزقه ومركزه ليه؟!

علشان جايب واسطه وخاطر، يبقى الخايب وسطه وخاطر

قف من أنت فوق من نومك، حتى أنت كنت مدير

قف من أنت جالك يوم، خش ع التطهير

ياللي بنيت فيلا وعمارات، من سمسرتك فى الوزارات

وخربت بيوت فى مضاربات، سرقة وشغل تلت ورقات

خليت وطنك يفنى ويهلك، ومليت بطنك من دما أهلك

قف من أنت خلاص الفوضى، يا جناب البنكير

قف ما بقاش فيه مغالطة، خش ع التطهير.

قطار الرحمة

ترقص لعمال ومهندسي السد العالي فى إحدى الاحتفالات التى أقيمت هناك
تستمع إلى اسماعيل ياسين وهو يتحدث إلى الاذاعة المصرية وبجوارها العملاق يوسف وهبي

لم يقتصر غناء “ثريا حلمي” للثورة فقط، ولكنها شاركت أيضا في “قطار الرحمة” لدعم الجيش المصري وجمع المال من كل أرجاء مصر صعيدها وساحلها وواديها لإعادة تسليح الجيش واستعادة قوته وهيبته بعد خساراته الفادحة التي تعرض لها في حرب 48 والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية في قيام الثورة، وعندما تم بناء السد العالي غنت ورقصت للعمال والمهندسين فى إحدى حفلاتها هناك، وغنت مونولوج رائع بعنوان “الجدعان اللي بنوا السد في أسوان”.

ليلى حلمي وثريا حلمي مع المطربة دنيا

أول مسحراتية

كما كانت أول إمرأة تعمل “مسحراتي” حيث غنت من كلمات “عبدالعزيز سلام”، وألحان “عزت الجاهلي” أكثر من مونولوج ساخر عن العادات والطقوس الرمضانية الخطأ التى يرتكبها الكثير منا.

الميلاد والقشاش

ولدت ” زكية على محجوب” في عام 1922 فى مغاغة بالمنيا في وسط صعيد مصر، وكان والداها فنان موالد يصطحبها لتغني معه، هى وشقيقتها “ليلى”، فتخصصت “ثريا” فى تقديم المونولوجات بشكل راقص على المسرح، و”ليلى” فى الغناء العاطفي، وشاهدها “مصطفى القشاش” الصحفي بمجلة “الصباح” فأعجب بالفن الجديد الذي تقدمه، واختار لها اسمها الفني “ثريا حلمي”.

ترقص وتغني في أحد أفلامها

تكتشف علي إسماعيل

وهى صبية صغيرة عملت عند ملكة المسارح “بديعة مصابني” فأحبها ابن شقيقتها “أنطوان عيسى” وتزوجها بعد أن أشهر إسلامه، فطردته “بديعة مصابني”، وطردتها معه، فكون “أنطوان” فرقة خاصة كانت تغنى فيها، فى هذه الفترة التقت بالفنان الشاب “علي إسماعيل” عازف الساكسفون الشهير في فرقة “حافظ سلامه”، وشجعته على أن يلحن لها مونولوجات نقدية فكاهية على آلات النفخ، فلحن لها العديد من المونولوجات التى كتبها له “إبراهيم كامل رفعت، وفتحي قوره، وإبراهيم عاكف، وحسن الإمام”، وكانت تغني كل هذه المونولوجات في ملهى “البسفور”، والإذاعة المصرية.

من أشهر هذه المونولوجات “عيب اعمل معروف، خير الأمور، مش ممكن أبدا، مين علمك هذا، لا مؤاخذة، لا تؤجل عمل اليوم،كان له بيتين، كان فأصبح، كاني وماني، المرء لا يلدغ، من شابه أباه، حتى أنت، الأيد لوحدها، ليه تتشائم، الحلال باين” وغيرها، كما قدم لها المخرج حسن الإمام العديد من المونولوجات مثل “إش إش، والزغطة” ألحان “عزت الجاهلي”، “أنت مش أنت، وخشبة حبشي” ألحان أحمد صبره، “ترم ترم” ألحان “محمد الكحلاوي”، ولحن لها العظيم “عزت الجاهلي” العديد من المونولوجات الخالدة مثل: “أنت أنت، نظرة يا أهل الذوق، من خد ودا، بيحبني”وغيرها.

مع هند رستم

تحيا الستات واليتيمتان

 نظرا لخفة روحها وطريقة غنائها، وقدرتها الرائعة والمتميزة فى التلوين بصوتها في الغناء، وسلامة مخارج الحروف لديها وهى تغني، لفتت إليها انتباه المخرجين سواء فى الإذاعة أو السينما، فقدمها المخرج “أحمد بدرخان” فى فيلم “حياة الظلام” عام 1940، بعد نجاح هذا الفيلم، توالت أفلامها التى اقتربت من الـ”40″ فيلما سينمائيا أشهرها “السوق السوداء، أخيرا تزوجت، لو كنت غني، العريس الخامس، نداء الدم، عريس الهنا، من الجاني، بائعة الخبز، القرش الأبيض، أنا وابن عمي، النفخة الكدابة، الستات عفاريت، الصيت ولا الغنى، اليتيمتان، أحبك أنت، صاحبة الملاليم، بيت الأشباح، الحب بهدلة، الهوا مالوش دوا، بشرة خير، أمنت بالله، حظك هذا الأسبوع، كلمة الحق، إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة” وغيرها، وفى المسرح قدمت أكثر من تجربة مسرحية أشهرها “شفيقة القبطية” مع تحية كاريوكا، و”لوكاندة الفردوس” مع أمين الهنيدي”.

مع عادل إمام وجورج سيدهم في “كرامة زوجتى”

الشريف وفراج

تعاونت على مدى مشوارها مع العديد من الملحنيين مثل “حافظ سلامه، عبدالرؤوف عيسى، محمود الشريف، علي فراج، سليمان فتح الله، أحمد صبره، عبدالحميد توفيق زكي، فضلا عن “عزت الجاهلي، وعلي إسماعيل” وفى مجال الكلمة مع العمالقة “بديع خيري، بيرم التونسي، أبوالسعود الأبياري، عبدالفتاح مصطفى، فتحى قوره، إبراهيم عاكف، صلاح أبوسالم” .

مع عادل إمام وجورج سيدهم في “كرامة زوجتى”

الرحيل

بعد عمالها مع هؤلاء العظماء ونظرا لعدم وجود شعراء موهوبين في كتابة المونولوج الساخر النقدي اعتزلت الغناء واتجهت بقوة إلى التليفزيون فقدمت بعض المسلسلات الدرامية حتى رحلت عن دنيانا يوم التاسع من أغسطس عام 1994.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.