رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

هيا مرعشلي .. توهج فني متوج بالجرأة

تتمتع بقدر من الجرأة الفنية

كتبت : سدرة محمد

الفن ليس مصادفة في حياتها، بل هو بمثابة تكليف رسمي فرض عليها، بحكم ولادتها في بيئة فنية خالصة، فالأب ممثلا والأم ممثلة، والجد والجدة ممثلين أيضا، ومن ثم فقد انخرطت في الفن طفلة وصبية وشابة في مقتبل العمر، حتى صارت في مرحلة المراهقة ممثلة تلعب أدوارا مهمة في قلب الدراما السورية، الأمر الذي أصقل موهبتها وبالتالي كتب لها شهادة الحضور بقوة في عديد من المسلسلات التي أكسبتها الخبرة، وصارت واحدة من بنات الدراما الواعدت في صدارة المشهد الفني في بلد متخم بالنجمات المتألقات جمالا وأداءا فنيا راقيا.

إنها النجمة الصاعدة الواعدة “هيا مرعشلي”، التي ولدت في دمشق لأسرة فنية، فوالدها الممثل طارق مرعشلي، ووالدتها الممثلة رندة مرعشلي، وجدتها من طرف الأب هي الممثلة السورية ناهد الحلبي ،وجدها الفنان اللبناني إبراهيم مرعشلي، وكلها أسباب فتحت لها الباب على مصرعيه لممارسة الفن طفلة، حيث قدمت أول أدوارها التلفزيونية بعمر الست السنوات، في مسلسل “أبو المفهومية” عام 2003، إلا أن الدور الذي قدمها للجمهور بشكل أكبر كان في العام 2011.

2011 .. عام إنطلاقتي الفنية

فقد شاركت “هيا” الإبنة المتمردة على أمها، المضطربة جراء مراهقتها، بمسلسل “جلسات نسائية“، عن قصة اجتماعية جديدة من إبداعات الكاتبة “أمل حنا”، وهى تروي حكايات لعدة نساء يائسات مازلن يبحثن عن الحب في كل مكان رغم تقدم السن ببعضهن، بينما تتأرجح “هيا” بمشاعرها بين كل تلك النساء،  وهو من إخراج المثنى صبح، وإنتاج شركة سورية الدولية للإنتاج والتوزيع الفني، والمسلسل بطولة: نسرين طافش، يارا صبري، أمل بوشوشة، باسم ياخور، ميلاد يوسف، ناظلي الرواس، أنطوانيت نجيب، وسامر المصري، والفنان اللبناني القدير رفيق علي أحمد، ربما كل تلك العناصر النسائية والرجالية الناجحة هى التي هيأت الأسباب لجعلها تحصل على جائزة أفضل فنانة سورية صاعدة.

“خواتم” كتب شهادة نجاحي

لعبت “هيا مرعشلي” دورا مهما وإيجابيا كتب لها شهادة نجاح كبيرة في مسلسل “خواتم ” من إنتاج شركة ” غولدن لاين”، وإخراج ناجي طعمي، حيث لعبت في هذا المسلسل دور فتاة اسمها” ناديا ” تنشأ في عائلة سيئة وغنية في آن واحد، وتكون هى الشخصية الإيجابية والطيبة الوحيدة ضمن هذه العائلة المكونة من والدها، وقد أدت “هيا” دورها بإتقان أبهر المراقبين ووسائل الإعلام في هذا المسلسل الذي وضعها على سلم النجومية بقوة.

يعتبر عام2011  هو الانطلاقة الحقيقية لـ “هيا” حيث حصلت على جائزة أفضل فنانة صاعدة في الدراماالسورية، و قدمت ثلاثة أدوار شيقة غير دورها المهم في “جلسات نسائية” من خلال مسلسلات “صايعين ضايعين، وحارة الطنابر، وأوراق بنفسجية، وفي عام 2012  قدمت أكثر من شخصية مميزة ومن ثم حصلت على أفضل ممثلة صاعدة حسب استفتاء موقع ستار تايمز لعام 2012.

أتطلع لمزيد من التألق في أعمال قادمة

بدأ نجم “هيا مرعشلي” يسطع أكثر فأكثر في عام 2013 من خلال “روزنامة”، ثم في 2014 بدأ نجمها يعلو نحو الفضاء الرحب بعد أن نضجت في أدائها عبر مسلسل “طوق البنات 1، صرخة روح 2، خواتم، رقص الأفاعي” في سلسلة أعمال رمضان في هذا العام، والتي توجتها ممثلة من الوزن الثقيل، كما بدا ذلك في عام 2015 عبر مسلسلي “وعدتني يا رفيقي، وبانتظار الياسمين” مع سلاف فواخرجي وغسان مسعود، ومن بعد ذلك في “صدر الباز  2016”.

لكن لابد لي أن أتوقف بقدر من التأمل أمام تجربة “مرعشلي” في عام 2019 تحديدا، حيث أطلت النجمة السورية الشابة خلال موسم رمضان بثلاثة مسلسلات جسدت خلالها أدوارا صعبة ومركبة وجريئة، وذلك بعد غيابها فترة عن الدراما إثر وفاة والدتها الفنانة رندة مرعشلي، فقد شاركت “هيا” خلال هذا العام بمسلسلات هي “مسافة أمان، عندما تشيخ الذئاب، دقيقة صمت”، والحقيقة أن الأدوار الثلاثة أكثر تميزا من بعضا البعض فقد كان تجسيدها لشخصية مميزا وواضحا على مستوى لغة الجسد ونظرات العيون مع “سندس” التي لعبت دورها ببراعة في مسلسل “عندما تشيخ الذئاب” عن رواية تحمل الاسم نفسه إلى جانب نخبة من نجوم سوريا أبرزهم “سلوم حداد، عابد فهد، سمر سامي، أيمن رضا، تولاي هارون.”

وهذا الدور تحديدا يحمل كثيرا من المفارقات المذهلة على مستوى الشكل والمضمون فـ “سندس” فتاة أصبحت بعمر الزواج وتخاف أن يفوتها القطار، لذلك توافق على شخص كبير في العمر، ضعيف الشخصية، وهى لا تكن له أي مشاعر، خصوصا أنه لم يتقدم لها شخص غيره بسبب والدها السكير “أيمن رضا”، إلا أن الزواج ينتهي بنفس يوم حفل الزفاف، لتشعر “سندس” بصدمة كبيرة تجعلها شخصية أقوى وأكثر قسوة.

أعشق التحدي بالأدوار الصعبة والمعقدة

أما دورها في “مسلسل دقيقة” فإنه يحمل قدرا من الجرأة، حيث تجسد شخصية فتاة ليل تدعى “خنساء” تعيش في منزل أبو العز “فادي صبيح”، وقد تمكنت “هيا” من إجراء ديالوج غاية في الإتقان كثنائي مميز مع “صبيح” رغم فارق العمر والخبرة بينهما، إلا أنهما تألقا في كثير من المشاهد التي تحمل جوانب من التراجيديا المأساوية في قالب كوميدي أضفى أجواء مرحة لفتت أنظار الجمهور على قدر الفقر والعوز الذي يعيشانه في بيت متواضع.

وها هى “هيا” تتألق للمرة الثالثة بأداء يشبه تلون “الحرباء” في أدوار الجرأة في شخصية “صبا” التي تعمل معلمة في مدرسة خاصة اضطرت وعائلتها النزوح إلى دمشق إلا أن الظروف المالية تدفعها للسرقة، بالإضافة إلى قيام عمها باستغلالها أبشع استغلال من أجل الإيقاع بشخصيات ثرية وبارزة.

طوق البنات .. تجربة ثرية في حياتها الفنية

ورغم كل ما مضى من علامات في الأداء الاحترفي فإن “هيا مرعشلي” ترى في الوقت الراهن إنه من غير الواضح بعد كيف يتقبل المشاهد، وتحديداً السوري، تلك الأنواع من المسلسلات التي ترصد جوانب الأزمة من ناحية، ومن ناحية أخرى تلامس الكوميديا على استحياء، ومن ثم فهى تبحث دوما عن شيء يدخل البهجة إلى روح المجتمع السوري، بعد سنوات طويلة من الألم، لأن الجمهور من وجهة نظرها بحاجة لرؤية أعمال تتناول الواقع الذي يعيشه، وتحاكي همومه وتعبر عن آماله.

وربما المشاهد السوري – بحسب وجهة نظرها –  يميل حاليا نحو الكوميديا السوداء، أي الساخرة التي تتضمن إشارات، ورغم تعطشهم للابتسامة ولأعمال تلفزيونية تنعش عندهم بقايا “فرحة في الروح” فإن “هيا مرعشلي” تنظر إلى هؤلاء المشاهدين باعتبارهم بحاجة إلى أعمال تناقش همومهم بالأساس، ومن المهم بالطبع عرض مثل هذا العمل ليتعرف المشاهد العربي من خلاله على ما نعانيه، عبر حبكة درامية وقصص يومية يعيشها أبطال المسلسلات، ويعرضون فيها قصصاً مأخوذة من واقع السوريين الذي تختلط فيها الترجيديا بالكوميديا في سياق مضطرب إلى حد كبير.

لعبت دور المتمردة في “جلسات نسائية”

وأخيراً أستطيع القول بأن “هيا مرعشلي” تعد من أكثر الشخصيات الفنية التي فرضت نفسها على الساحة الفنية السورية بسبب الشخصيات المركبة التي تقدمها، والخطوط الدرامية شديدة الاضطراب التي تجسدها على الشاشة، وأيضا في حياتها الشخصية المثيرة للجدل دوما على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي ترصد لنا يوميا طبيعة تحولاتها، لكنها في الوقت ذاته تملك القدرة على أن تحقق فرصتها كممثلة في تجسيد الأدوار المختلفة عبر شخصيات تخوض في قصص تتطرق خلالها لموضوعات إشكالية مثل “أولاد الشوارع، تجارة الأعضاء البشرية، الاختطاف، الزواج المضطرب، التمرد على أهلها، البؤس والشقاء، الصعلكة”، وغيرها من الخطوط التشويقية في واقع درامي متغير وجديد يعيشه المجتمع السوري اليوم ضمن قصص تحمل أبعادا إنسانية وتشويقية على جناح أداء احترافي تميزت به مؤخرا، وهو ما يبشر بأنها نجمة قادمة على الطريق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.