رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

” جورج سيدهم”.. رحيل بهجة الحياة المصرية وبراءتها

شحعه الفنان الكبير “محمود السباع” على ممارسة الفن

كتب : شهريار النجوم

من قبيل المصادفة أن يرحل النجم الكوميدي الكبير “جورج سيدهم” في اليوم العالمي للمسرح، حيث ارتبط اسم الراحل بالمسرح وليس بشيئ آخر من مجالات الفن المتعددة، فقد أعطى للمسرح كل وقته واهتمامه منذ بدأ مشواره الفني في منتصف الستينات، بعد تخرجه من كلية الزراعة عام 1961، وطوال الرحلة الفنية كان رهانه الدائم على المسرح وليس مجال فني آخر، كان أحيانا يقدم أعمالا تليفزيونية وسينمائية ليحصل منها فقط على “فلوس” للانفاق على المسرح، ومن قبيل المصادفة الأخرى أن يرحل بعد رحيل صديقته “الأنتيم” النجمة نادية لطفي، بأسابيع قليلة.

الميلاد

ولد جورج سيدهم في “جرجا” محافظة “سوهاج” في صعيد مصر، لأب من مواليد أسوان، وأم من محافظة “سوهاج”، عشق الفن منذ صغره، وتحديدا منذ المرحلة الثانوية حيث انضم لفريق التمثيل، وتعمق حبه للتمثيل في المرحلة الجامعية حيث كان يقدم مسرحيات من الأدب العالمي، فقدم وهو طالب في جامعة “عين شمس” روائع الكاتب العالمي “وليم شكسبير” تحديدا مثل “عطيل، ماكبث”، وفي هذه الفترة تقابل مع زميليه “الضيف أحمد”، و”سمير غانم” وكان الثلاثة يتنافسون على كأس الجامعات للتمثيل، وقد فازوا الثلاثة بكأس الجامعات، حيث حصل عليه “سمير غانم” عام 1959، و”الضيف” 1960، و”جورج” عام 10961، وهو نفس العام الذي تخرج فيه من كلية الزراعة قسم الإنتاج الحيواني.

جورج سيدهم .. فيلسوف الضحك المعاصر

يعيش مع الحيوانات

بعد تخرج “جورج سيدهم” عين مديرا لمحطة تربية الجاموس بقرية “أبيس” في الإسكندرية، وظل في هذه القرية ثمانية شهور يعمل مع الحيوانات، فأخذ من عالمهم الكثير الذي أفاده في عمله بعد ذلك في مجال التمثيل، و أثرت هذه الفترة  في حياته – على حد قوله – لكنه لم يستطع الاستمرار فى هذه الوظيفة أكثر من ذلك، بعيدا عن الفن، فأستقال من وظيفته، وأثناء ذلك قابل الفنان الكبير “محمود السباع” الذي شجعه على ممارسة الفن، وقدمه في مسرحية “المصيدة” للكاتبة البوليسية الشهيرة “أجاثا كريستي”.

نج ثلاثي أضواء المسرح في البرنامج الذي كانت تنتظره الجماهير كل يوم

أضواء المسرح

في أحد الأيام قابل “سمير غانم” بالمصادفة، واسترجعا أيام الجامعة والمنافسة بينهما، توطدت علاقتهما  وعاش “سمير” في منزل “جورج” بالقاهرة، وأثناء ذلك أفتتح التليفزيون المصري فاتجها للعمل فيه، من خلال برنامج “مع الناس”، الذي كان يذاع على الهواء مباشرة، وانضم إليهما صديقهما الثالث “عادل ناصيف”، وبدأوا عملهم كثلاثي، وجذبوا بخفة ظلهم انتباه المخرج التليفزيوني “محمد سالم”، الذي كان يقدم برنامجا بعنوان “أضواء المسرح”، فعرض عليهم العمل معه، وبالفعل بدأت من هنا نقطة الانطلاق الحقيقية، فقدموا اسكتشات غنائية تتميز بالطرافة كتبها لهم الشاعر الغنائي “حسين السيد”، ولحنها “محمد الموجي”، وعرفوا بإسم “ثلاثي أضواء المسرح” بعد نجاحهم في البرنامج الذي كان جميع البيوت المصرية تنتظره، وقد تركوا التسمية التى أطلقها عليهم الناس، امتنانا لمكتشفهم “محمد سالم”، بعد ذلك سافر “عادل ناصيف” وحل مكانه “الضيف أحمد” منافسهما الثالث أيام الجامعة.

تخرج من كلية الزراعة قسم الإنتاج الحيواني

فوازير رمضان

النجاح الكبير الذي حققه الأصدقاء الثلاثة في برنامج “أضواء المسرح” شجع المخرج “محمد سالم” ليقدمهم في فوازير شهر رمضان، التى حققوا من خلالها نجاحا كبيرا، واستمروا في تقديمها لمدة 12 عاما، وفي منتصف الطريق رحل “الضيف”، وكانت أكبر صدمة تلقاها “سمير وجورج”، وتنبأ لهما الكثير بالفشل، وعدم الاستمرار بعد وفاة “الضيف”، وفى هذه الفترة عرض “جورج وسمير” على زميلهما الفنان “عادل إمام” أن يحل محل الضيف، لكنه رفض، هذا الرفض جعل “جورج” يصر على تكملة مشوار الثلاثي، واستعانا بمجموعة من البطلات كانت بدايتهن معهما وهذه البطلات هن “هالة فاخر، صفاء أبوالسعود، سهير الباروني، بوسي، فادية عكاشة، هويدا، نورا، سعاد نصر، فريدة سيف النصر، دلال عبدالعزيز”، ومن الرجال “أسامة عباس، زكريا موافي، أحمد نبيل، نجاح الموجي، محمد أبوالحسن” وغيرهم.

خفة ظله لفتت انتباه المخرج التليفزيوني “محمد سالم”

الجراج وغريب في بيتي

كان من الطبيعي بعد النجاح التليفزيوني الكبير الذي حققه ثلاثي أضواء المسرح، سواء فى التليفزيون أو حفلات “أضواء المدينة” التى كانت تقيمها الإذاعة المصرية، أن تقبل السينما عليهم، فقدموا العديد من الأفلام، وقدم “جورج” للسينما حوالي 45 فيلما سينمائيا لم يقم في أي منها بالبطولة المطلقة لأنه كان يعلم جيدا أن السينما ليست ملعبه، لهذا جاءت أدواره السينمائية “باهتة” ولم تظهر موهبته الحقيقية، وأقتصرت مشاهده في بعض الأفلام على لقطة أو لقطتين كما حدث في “معبودة الجماهير”.

وأبرز أدواره السينمائية هى فيلم “القاهرة فى الليل” الذي يعتبر أول ظهور له عام 1963 ، بعده “آخر شقاوة 1964″، وتوالت الأفلام، نذكر منها “أفراح، 30 يوم في السجن، الزواج على الطريقة الحديثة، الليل، الحرامي، كرامة زوجتي، نشال رغم أنفه، المجانين الثلاثة، لسنا ملائكة، واحد في المليون، أضواء المدينة، البحث عن فضيحة، إمرأة سيئة السمعة، غرام تلميذة، مدرسة المشاغبين، قاع المدينة، حب على شاطئ ميامي، ما بعد الحب، ممنوع في ليلة الدخلة، عالم عيال عيال، أحلى أيام العمر، البعض يذهب للمأذون مرتين، رجب فوق صفيح ساخن، قصر في الهواء، غريب في بيتي، المعتوه، الشقة من حق الزوجة، الجراج”.

المسرح

أما المسرح فهو عشقه الأبدي فقدم من خلاله أعمال هامة ومتنوعة، استطاع أن يترك بصمة فيها أشهر هذه الأعمال “حدث في عزبة الورد، حواديت وبراغيت، طبيخ الملايكة، العفاريت، كل واحد له عفريت، فندق الثلاث ورقات، الرجل اللي جوز مراته، موسيقي في الحي الشرقي، جوليو ورومييت، أهلا يا دكتور، المتزوجون، درويش يتألق فرحا، حب في التخشيبة، نشنت يا ناصح” وغيرها.. رحم الله جورج سيدهم بقدر ما أمتع الجماهير المصرية بفنه الرفيع من نوع الكوميديا الرائعة في زمن الفن الجميل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.