رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

أوسكار في ترند الفضائح

بقلم : محمد شمروخ

منذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وسيطرتها على الحياة اليومية للناس، كان لنجوم الفن نصيبهم فيها، ولذلك دخلت هذه الوسائل أو “السوشيال ميديا” كوسيط جديد لمتابعة وتتبع الفانين في أنشطتهم العامة والخاصة، حتى أنها كادت تزيح الوسائط التقليدية من صحافة وإذاعة وتليفزيون، ففرضت نفسها كمؤثر قوى فى شهرة الفنان باتصاله المباشر بجمهوره وهو ما لم تتحه أية وسائل إعلامية أخرى.

لكن هل حفظ البعض منهم تلك النعمة؟!

مع موضة عمل “الترند” بدأ التنافس المحموم لكسب “لايكات وكومنتات وتشييرات” في جمهور التواصل الاجتماعي، وبدا الوصول إلى أعلى متابعات هدفا في ذاته بأي حدث وأي وسيلة لركوب الترند.

وكان أن صار “الترند” ساحة منافسة جديدة بين الفنانين وأصبح وسيلة لكسب الشهرة، حتى أنك تجد فنانا – أو فنانة – يقوم بنشر مقاطع فيديو أو صور أو تويتة أو بوست – بشرط الاستفزاز- لكسب هذا الترند ولأسباب عديدة – يمكن أن يكون بينها انصراف المنتجين والجمهور- فتراه يحاول لفت الانتباه بأي فعل مما سبق، حتى أن بعض الفنانات تفرغن لنشر صور أو فيديوهات مستفزة وإن كان يوحي نشرها وكأنه وقع بطريقة عفوية ولكنها جميعها أو غالبها لا صلة لها بالفن من قريب أو بعيد.

الأمر لم يقتصر على فقط على المنشورات التى تتصل بحياة الفنانين العامة، فقد راح البعض منهم يعرض لحياته الشخصية كنوع من الانفتاح على الجمهور ولكسب مشاركته لإعطائه ما يشبه حميمية العلاقات العائلية أو الصداقة، لكن إذا بالأمور تنفلت ركضا وراء شهوة “الترند”، ويتطرق البعض إلى نشر أسراره الشخصية والعائلية بأدق تفاصيلها من علاقات حب وخطوبة وزواج وطلاق وخلافات أسرية وغيرها مما كان أهل الفن أنفسهم يخشون من أن يتسرب إلى الصحافة، بل وكانوا سيسارعون إلى نفيه واتهام الصحفيين بالتهويل والتضليل وأنه مجرد كلام جرايد وفبركة صحفيين يريدون رفع معدلات توزيع مطبوعاتهم الصحفية.

لكن مع السوشيال ميديا وجنون ركوب الترند، صاروا هم أنفسهم يكتبون فضائحهم بأيديهم، لا يبغون من وراءها إلا أن يصيروا أحاديث الصباح والمساء والسهرة، وهمهم الأكبر شغل أكبر مساحة ممكنة على وسائل التواصل.

أما في المجالات الطبيعية للفنانين في الاستوديوهات والمسارح والبلاتوهات، فلا يهم، حتى أنك ترى نجوما قد نسيناهم على الشاشات من طول ابتعادهم عنها أو ابتعادها عنهم، فإذا هم حاضرون بقوة دوي الفضائح في “الحوارات السوشيال ميدية”.

صارت المكايدات والمشاجرات والتلقيحات هي كشف الإنتاج اليومي الواجب تقديمه إلى العالم الافتراضي وبدا وكأن الواحد منهم – أو منهن- يكتفي بالظهور على فيسبوكه أو تويتره أو انستجرامه، وكأن هذه المجالات وحدها ستشبع نهمهم إلى الشهرة والمجد،.دون الحاجة لحمل ثقل السيناريوهات وتحكمات المخرجين ولا انتظار لنجاح ولا خوف من الفشل ولا حسبان للنقاد الواقفين بالمرصاد، فلا آكشن ولا رولم ولا استوب.

والحماس يشتعل ويسيطر على المشاهد وتتحول إلى مسايقات محمومة نحو الترند الأعلى الذي يلهثون خلفه وكأنه سينتهي إلى أوسكار أو السعفة الذهبيةّ 

وفي سبيل ذلك وصلت بعض الترندات إلى اشتباكات لفظية وخوض في أدق الخصوصيات وفضح الأسرار العائلية وقضايا في المحاكم وهو ما لا طائل وراءه غير سقوط مرتكبي هذه الأفعال الصبيانية بعد حين، فجمهور السوشيال ميديا بطبيعته يسعى نحو الجديد والمثير، فمع مرور الوقت، يبدأ الجمهور الملول في حذف أو نسيان متابعاته لكل هذا الهراء، لينشغل بأي أحداث أخرى فنية، سياسية، اجتماعية، بينما يعود الفنان “التراندي” خائبا إلى مساحة الظل الذي جاء منها!.

والعجيب أنه من بين الأسماء، من لم نعرف لهم تاريخا فنيا حقيقيا غير فضائحهم على السوشيال ميديا فلم تكن لهم قيمة ولا حضور إلا عن طريق هذا الاستفزاز الافتراضي، غير أن هذا العالم رغم افتراضيته تلك، إلا أنه يكشف لنا عن تدنى أساليب الحوار ومدى الضحالة في الثقافة والتسطح وأحيانا التربية في المعارك التى ينزلق إليها بعضهم وتحجم عن نشره الصحافة حتى لا تسقط في عيون قرائها.

والنتيجة؟!

مكاسب وهمية لم تلبث أن ذابت في خضم الأحداث لتتحول إلى خسائر فادحة تعلقت بنجوم كبار انزلقوا لهذه الهوة السحيقة جسدت سقوطهم في نظر الجماهير التى لا ترحم ولا تنسى  مهما بدا من اهتمامها المؤقت أو متابعاتها أو استدراجها الخبيث للنجوم بتشجيعهم على ركوب ترندات الفضائح وهذه هي  الخسارة الحقيقية وليست الافتراضية، لكل من الفنان والجمهور.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.