رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

جوليا روبرتس.. من “طبيبة بيطرية” إلى “إمرأة جميلة”

طارق عرابي

بقلم الدكتور: طارق عرابي

جوليا روبرتس من مواليد أكتوبر عام 1967 – بولاية جورجيا الأمريكية، وبسبب شغفها وعشقها للحيوانات منذ طفولتها حلمت دائماً أن تصبح طبيبة بيطرية، لكنها تخلت عن هذا الحلم لاحقاً عندما أدركت أنها لن تستطيع التعامل ذهنياً بالمستوى المطلوب مع هذا النوع من العلم.

بعد تخرجها من المدرسة الثانوية في عام 1985 التحقت جوليا بجامعة جورجيا ودرست الصحافة لبعض الوقت، ولكن سرعان ما تركت الجامعة من أجل التركيز على احتراف التمثيل، وانتقلت إلى مدينة نيويورك للعيش مع شقيقتها الكبرى ليزا التي كانت تسعى هي الأخرى إلى احتراف مهنة التمثيل.

جوليا مع أخيها الممثل “إريك روبرتس” وأختها الممثلة “ليزا روبرتس جيلان”

جوليا هى الأخت الأصغر لأخيها “إريك” وأختها “ليزا” ، والأكبرلأخت غير شقيقة تُدعى “نانسي موتس” Nancy Motes، والتي وافتها المنية عام 2014 بسبب جرعة مخدرات زائدة، ولها إبنة أخيها الأكبر إريك “إيما روبرتس”  التي ولدت عام 1991 واحترفت التمثيل والغناء، والتي اشتركت بالتمثيل مع جوليا عام 2010 في الفيلم الرومانسي الكوميدي “عيد الحب – Valentine’s Day”، ولأن العائلة المحيطة بجوليا تسكنها نزعة فنية فقد رأت أنها قد تحقق نجاحاً إن اختارت العمل في مجال الفن ، فوالداها كانا ممثلين ولديهما ورشة عمل لكل من مواهب التأليف والتمثيل، تلك الورشة التي استمرت حتى طلاق والديها في عام 1971 عندما كان عمر جوليا 4 سنوات.

وأخوها “إريك روبرتس” Eric Roberts ممثل في هوليود ، وهو الذي نال ترشيح الأوسكار لأفضل ممثل في دور مساعد عام 1986 عن فيلم القطار الجامح Runaway Train، وأختها الكبرى “ليزا روبرتس جيلان”  Lisa Roberts Gillan التي شاركت في عدد من الأفلام من بينها فيلم خادمة في مانهاتن  Maid in Manhattan عام 2002 والتي لعبت فيه دور “كورا” مع النجمة جينيفر لوبيز والنجم رالف فينيس.

جوليا مع إبنة أخيها الممثلة “إيما روبرتس”

 جوليا تنضم لفريق العائلة

من الجدير بالذكر أن جوليا روبرتس صرحت بعد أن أصبحت النجمة الهوليودية الأكثر شعبية في أمريكا أنها لم تفكر يوماً بأنها ستصبح نجمة في عالم التمثيل في نيويورك، انضمت جوليا إلى فريق العائلة في السعي للحصول على فرصة جيدة للتمثيل، ورغم أنها حصلت على فرصة الظهور كضيف خفيف في المسلسل التلفزيوني “قصة جريمة” Crime Story في عام 1987، إلا أنها قد لفتت انتباه الجمهور وجعلت الجميع يتساءل: من هذه الممثلة الجديدة الجميلة؟، وعندما ظهرت بعد ذلك في فيلمين موجهين للشباب عام 1988 هما فيلم Mystic Pizza وفيلم Satisfaction وقع جمهور السينما في حب هذه النجمة اليافعة، وفي العام التالي 1989 عززت جوليا روبرتس مكانتها كنجمة صاعدة من خلال مشاركتها في فيلم Steel Magnolias مع العملاقتين سالي فيلد وشيرلي ماكلين.

أسرع ترشح للأوسكار

حانت لجوليا لحظة الانطلاقة الكبرى عام 1990، أي بعد 3 سنوات فقط من بداية مسيرتها الفنية، وذلك عندما لعبت دور الفتاة العاهرة “فيفيان” في فيلم “إمرأة جميلة” Pretty Woman والتي تقع في حب أحد زبائنها ويدعى “إدوارد لويس” والذي لعب دوره النجم “ريتشارد جير” Richard Gere، وهو الفيلم الذي حقق نجاحاً كاسحاً على المستويين المحلي والعالمي حيث تكلف فقط 14 مليون دولار وحصل على عائد عالمي يقترب من نصف مليار دولار. وبسبب أداء جوليا روبرتس الرائع والمقنع في دور فتاة الليل “فيفيان” بهذا الفيلم نالت الترشح لجائزةالأوسكار كأفضل ممثلة في دور رئيسي.

جوليا في دور فتاة الليل “فيفيان” مع النجم “ريتشارد جير” في فيلم “إمرأة جميلة” عام 1990
جوليا مع “دينزل واشنطن” في الفيلم المثير The Pelican Brief عام 1993

بعد ذلك شاركت في فيلمين أخفقا وكانا مخيبين لآمال جوليا روبرتس، لكن سرعان ما عادت جوليا إلى مسيرة نجاحاتها السينمائية في الفيلم المليء بالإثارة والتشويق The Pelican Brief مع النجم الأسمر دينزل واشنطن Denzel Washington، والذي لعبت فيه جوليا دور “داربي” طالبة الحقوق التي تضع نفسها ومن حولها في خطر كبير كنتيجة لمحاولتها كشف مؤامرة كبرى تتعلق بقتل قاضيين رفيعَيْ المستوى بالمحكمة العليا وهي المؤامرة التي يتورط فيها شخصيات أمريكية كبيرة وتهدد منصب الرئيس الأمريكي ذاته.

في عام 1996 تعود جوليا للإخفاق السينمائي مرة أخرى مع فيلم “ميري رايلي” Mary Reilly، حيث لعبت جوليا دور الخادمة “ميري رايلي” التي تعمل مع دكتور هنري جيكل (النجم جون مالكوفيتش) وتقع في حبه (هو وشخصيته الأخرى السيد/ إدوارد هايد)، وهو الفيلم الذي فشل فشلاً ذريعاً في شباك التذاكر حيث تكلف إنتاجه حوالي 47 مليون دولار بينما كان عائده من جميع سينمات العالم أقل من 13 مليون دولار.

جوليا مع النجم “جون مالكوفيتش” في فيلم “ميري رايلي” عام 1996

ثم اتخذت جوليا مساراً يعيد لها حب الجمهور الأمريكي وتقديره لموهبتها، ففي عام 1997 شاركت النجم ديرموت مولروني Dermot Mulroney والنجمة كاميرون دياز Cameron Diaz بطولة فيلم “حفل زفاف أعز أصدقائي” My Best Friend’s Wedding، وقد تكلف إنتاج هذا الفيلم 38 مليون دولار وحصد عالمياً حوالي 300 مليون دولار.

مع “ديرموت مولروني وكاميرون دياز” في فيلم “حفل زفاف أعز أصدقائي” عام 1997

ثم توالت نجاحات جوليا روبرتس السينمائية بعد ذلك ،، ففي عام 1999 شاركت النجم هيو جرانت قصة حب رائعة في فيلم نوتنج هيل Notting Hill والتي تلعب فيه دور أشهر نجمة سينمائية في العالم “أنَّا سكوت” التي جاءت لتصوير أحد أفلامها في منطقة نوتنج هيل بلندن، وأثناء ذلك تقع في حب الشاب المتواضع الحال “ويليام” (النجم هيو جرانت) صاحب المكتبة الذي تتغير حياته كلياً بعد هذا الحب. الفيلم تكلف إنتاجه 42 مليون دولار وحصد عالمياً ما يقرب من 400 مليون دولار، ثم عادت جوليا عام 1999 إلى شريك فيلم نجاحها الأول في 1990 النجم ريتشارد جير لتشاركه بطولة فيلم رومانسي كوميدي جديد هو “العروس الهاربة” Runaway Bride والذي نجح ونال إعجاب الجمهور.  

مع “هيو جرانت” في الفيلم الرومانسي “نوتنج هيل” عام 1999
مع “ريتشارد جير” في فيلم “العروس الهاربة” عام 1999

إرين بروكوفيتش تفوز بالأوسكار

فازت جوليا روبرتس لأول مرة بجائزة الأوسكار عام 2001 كأفضل ممثلة في دور رئيسي عن فيلم “إرين بروكوفيتش” Erin Brockovich مع النجم القدير الذي ترشح لخمس جوائز أوسكار “ألبرت فيني” Albert Finney، والتي لعبت فيه دور “إرين بروكوفيتش” الأم “السنجل” التي تعاني في تحمل مسئولية أبنائها ويصعب عليها الحصول على وظيفة بسبب تعليمها المحدود، ثم تأتيها فرصة العمل كمساعدة بمكتب قانوني وتعمل على مقاضاة وتحدي إحدى الشركات الكبرى بولاية كاليفورنيا الأمريكية المتهمة بتلويث مياه الشرب بإحدى البلدات الصغيرة بالولاية والتي تسببت في تفشي المرض الخطير بين أهالي هذه البلدة، وتنجح إرين بروكوفيتش في نهاية رحلة النضال وتدان الشركة وتدفع تعويضات هائلة لأهالي البلدة ، وتتغير حياة إرين بروكوفيتش وأسرتها بعدما أصبح لديها العمل المستقر والمال الجيد.

فيلم Erin Brockovich مأخوذ عن قصة حقيقية حدثت بالفعل بالولايات المتحدة الأمريكية، وشخصية إيرين بروكوفيتش هي شخصية حقيقية تحمل نفس الإسم ومازالت تعيش بالولايات المتحدة الأمريكية.   

في دور “إيرين بروكوفيتش” في الفيلم الذي يحمل نفس الاسم عام 2000
عن اليمين “جوليا” في دور “إرين بروكوفيتش” – عن اليسار شخصية “إرين بروكوفيتش” الحقيقية –

في عام 2001  شاركت جوليا في ثلاث أفلام وهم فيلم “المكسيكي” The Mexican مع النجم براد بت Brad Pitt ، وفيلم “حبايب أمريكا” America’s Sweethearts مع النجمين بيلي كريستال وجون كوزاك، وفيلم Ocean’s Eleven مع النجوم جورج كلوني وبراد بت ومات ديمون وآندي جارسيا واشتركت لاحقاً عام 2004 في النسخة الثانية من الفيلم مع نفس النجوم تحت إسم Ocean’s Twelve.

جوليا روبرتس وجائزة الأوسكار عام 2000 عن فيلم “إيرين بروكوفيتش”

ويضاف إلى المحطات السينمائية المهمة في حياة جوليا المهنية ، فيلم “موناليزا تبتسم” Mona Lisa Smile عام 2003  ، وحرب تشارلي ويلسون Charlie Wilson’s War مع العبقري توم هانكس Tom Hanks والممثل المتألق الراحل فيليب سيمور هوفمان Philip Seymour Hoffman.

ثم قدمت جوليا روبرتس واحداً من الأدوار الصعبة والمعقدة عام 2004 في فيلم Closer مع النجمة المتألقة ناتالي بورتمان والنجمين القديرين كليف أوين وجود لو.

بعد فترة ابتعاد، عادت جوليا في عام 2009 لتشارك النجم والصديق المقرب إليها كليف أوين بطولة فيلم Duplicity، ثم شاركت روبرتس النجم خافير باردم Javier Bardem والممثلة فيولا دافيس بطولة فيلم Eat Pray Love، ثم شاركت مجموعة كبيرة من النجوم عام 2010 بطولة فيلم “عيد الحب” Valentine’s Day والذي جمعها مع كل من جيمي فوكس وجيسيكا ألبا وآن هيثواي وبرادلي كوبر وكوين لطيفة ، وشاركت معها في هذا الفيلم إبنة أخيها إيما روبرتس في دور “جريس”.

في عام 2011 عادت جوليا للعمل مع النجم توم هانكس مرة ثانية لتتألق في آدائها لشخصية “مرسيدس تاينوت” في فيلم “لاري كراون” Larry Crowne، وهي قصة رجل يعيد اكتشاف نفسه بعدما فقد وظيفته ودخل في تجربة أزمة منتصف العمر.

في عام 2015 ، شاركت روبرتس في البطولة أمام النجمة نيكول كيدمان Nicole Kidman والنجم الأسمر الذي ترشح لجائزة الأوسكار “شيويتل إيجيوفور” Chiwetel Ejiofor في فيلم “السر في عيونهم” Secret in Their Eyes.

في 2016 شاركت جوليا النجمة جينيفر أنيستون Jennifer Aniston بطولة فيلم “عيد الأم” Mother’s Day ، ثم قدمت في نفس العام مع النجم جورج كلوني فيلم “وحش المال” Money Monster

الدور المجتمعي لجوليا روبرتس

قامت جوليا روبرتس بالعمل كسفيرة للنوايا الحسنة لصالح منظمة اليونيسيف بالأمم المتحدة وزارت العديد من الدول حول العالم، كما تشارك جوليا بأدوار فعالة مع العديد من المؤسسات الخيرية الأمريكية والعالمية.

عندما زارت جوليا روبرتس مدينة بورت- أو- برينس وهي عاصمة هايتي Haiti بغرض جمع عشرة ملايين دولار تحدثت قائلة: “كي أعلم نفسي جئت إلى هنا وقد فطر الفقر الذي وجدته قلبي”.

في عام 2000 قامت جوليا بالتعليق الصوتي كراوي للفيلم الوثائقي “الملائكة الصامتون” Silent Angels، والذي يتحدث عن حالة مرضية تُدعى “متلازمة ريت” Rett Syndrome وهي حالة خلل في نمو الجهاز العصبي ، وكان الغرض من الفيلم الوثائقي هو زيادة الوعي لدى الجماهير حول هذا المرض.

مع “توم هانكس” في فيلم “حرب تشارلي” عام 2003

في 2006 أصبحت جوليا المتحدثة الرسمية لشركة “إيرث بيوفيولز” المتخصصة في مجال الطاقة البيولوجية، وكذلك مستشارة مجلس الإدارة ، وذلك لغرض الترويج لاستخدام الطاقة المتجددة.

كما دعمت جوليا روبرتس الشركة العالمية جوتشي Gucci في حملتها العالمية Chime For Change والتي تهدف الترويج لتمكين المرأة، كما مثلت روبرتس في عام 2014 الصوت المتحدث باسم الطبيعة الأم في الفيلم القصير Mother Nature لصالح منظمة الحفاظ الدولية المعنية برفع حالة الوعي الجمعي العالمي حول قضية تغير المناخ.

مع “جينيفر أنيستون” في فيلم “عيد الأم” عام 2016

الصدفة جمعتني مع جوليا روبرتس

لا يفوتني أن أذكر هنا أنني شخصياً قابلت النجمة جوليا روبرتس بالصدفة البحتة، وخلال الدقائق القليلة التي جمعتني بها في مكان واحد وجدتها إنسانة متواضعة للغاية وتميل للبساطة في حياتها.

في أحد أيام عام 2002 في السابعة صباحاً كنت أشتري “كافيه لاتيه” من المحل الصغير الكائن بأحد الشوارع الجانبية لشارع النجوم الشهير “هوليوود بوليفارد” والذي تملكه وتديره سيدة لبنانية الأصل، وكانت الشوارع هادئة وخاوية من البشر، وفجأة دخلت سيدة ترتدي نظارة شمسية ومن الواضح أنها قد استيقظت من النوم تواً، فلا يوجد على وجهها أية مساحيق أو “ماكياج” لتجميل الوجه، وقد عرفت أنها جوليا روبرتس من شكلها ومن صوتها وهي تطلب قهوتها من السيدة اللبنانية، ونظرت إليها مبتسماً بكلمة صباح الخير فابتسمت وردت تحية الصباح بمنتهى التواضع، وكأنها شخص عادي من عامة الناس، ولأني أدرك أن خروج نجمة في هذا الوقت المبكر الهاديء لشراء قهوتها يعني أنها لا تريد أن يضايقها أحد فقد اكتفيت بالابتسامة وصباح الخير، وبعد أن انصرفت سألت السيدة اللبنانية صاحبة المحل فأفادتني بأنها جوليا روبرتس، والتي بين الحين والآخر تأتي كنزيلة بأحد الموتيلات الصغيرة المتواضعة والقريبة من محلها، وأنها اعتادت أثناء إقامتها بالموتيل أن تأتي في الصباح الباكر لتأخذ قهوتها من هذا المحل الصغير.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.