محمد عبد الواحد يكتب: (مرجريت فهمي) تقتل الأمير المصرى (2)
القصة الحقيقية لأول فيلم مصري ناطق
بقلم الكاتب والأديب: محمد عبد الواحد
على سطح الباخرة العائدة بـ (مرجريت) الفرنسية إلى بلادها كان السؤال يطن برأسها (هل جذوة الشوق التي تركتها في قلب الأمير المصري الصغير على فهمى كافية لدفعه للحاق بها إلى باريس بعد أن أخلفت وعدها بحضور حفل العشاء الذى أقامه تكريما لها؟).
كان دخان الندم يلفها على ضياع هذه الفرصة من بين يديها خاصة بعد ما علمته عن طائل ثروته وأنهار الذهب التي تجرى بين يديه.. لم تنتظر (مرجريت) طويلا لتجد إجابة سؤالها.. فبينما كانت تترجل عن جوادها في نزهتها في الغابة وجدت نفسها فجأة أمام الأمير الشاب مبتسما.. داعيا إياها مرة أخرى لحفل عشاء في باريس.
وتلى الحفل دعوات على شاي وحفلات راقصة.. في هذه الحفلات استطاع (فهمي) رغم صغر سنه إشعال غيرة (مرجريت) رغم خبرتها بصنوف الرجال، وذلك باصطحابه الفتيات الجميلات من حوله وباهتمامه المبالغ فيه بشقيقة (مرجريت) الصغيرة (آيفون).
وبجرها إلى تنافس يبلغ حد التصارع عليه مع فتاة شابة (يوزيني) التي أصبحت تلازم الأمير الصغير ولا تفارقه أو تسمح باقتراب أي امرأة أخرى منه لتبدأ (مرجريت) بكل قوتها في محاولاتها لاستعادة سطوتها عليه.
بينما كان الأمير الصغير في الحقيقة هو الذى يجرها إلى شبكته العنكبوتية الحريرية بإغداقه عليها أموالا ومجوهرات واصطحابها إلى أغلى محلات باريس لتحمل منها أكواما من المشتروات باهظة الثمن.
وحينما اصطحبته لزيارة قصر فرساى أبهرته قاعة المرايا الضخمة هناك ليصر على إنشاء قاعة مثلها فورا في قصره الضخم الكائن بجزيرة الزمالك.. بالفعل بعد عودته انشأ قاعة مشابهة تماما تحوى 17 نافذة مرتفعة تطل جميعها على نهر النيل.
وحينما زار معها معرض باريس الدولى للسيارات أعجبته سيارة لم تكن للبيع وإنما للعرض فقط .. بعد رفض المعرض لبيع هذه القطعة الوحيدة عرض الأمير (فهمي) أن يدفع ثلاثة أضعاف سعرها و لم يخرج من المعرض إلا وهو يقودها و (مرجريت) إلى جانبه منبهرة بقدراته و ثرائه.
رفضت (مرجريت) الإقامة بالقاهرة
انتقلت (مرجريت) للإقامة مع الأمير الشاب في جناحه بفندق رويال بباريس.. وحينما قدم لها عرضه بالزواج رفضت (مرجريت) أن تكون إقامتهما في القاهرة.. فقد كانت تتحسب بخبرتها بالرجال بوجودها بعيدا عن بلدها وبين كل مكامن قوة الأمير الشاب من مال ورجال وعائلة ذات سلطة ومناصب لتشعر بان ميزان القوة سيختل لغير صالحها.
وحينما أصر (فهمي) على إقامتهما في القاهرة رفضت الفكرة تماما مما أثار جنونه ليعود غاضبا إلى مصر.. وحينما استبد به الشوق بعد أسابيع حصل على موافقة عائلته على الزواج من (مرجريت) فأرسل لها بالخبر ليحثها على القدوم لكنها لم ترد على برقيته.
اضطر (علي فهمي) للحيلة فدفع سكرتيره (العنانى) لأن يكتب لها خطابا عاطفيا مؤثرا يبلغها فيه بمرض الأمير مرضا شديدا لن يشفيه منه إلا رؤياها.. لكنها لم تكترث.. ليلحقه بخطاب آخر أن الأمير على شفا الموت إن أرادت أن تلقى عليه نظرة أخيرة فعليها أن تسارع قبل فوات الأوان فترددت.
وما حسم ترددها هو نبأ اكتشاف مقبرة (توت عنخ أمون) في نفس التوقيت مما جعل من مصر قبلة لأثرياء العالم لمشاهدة هذا الملك الفرعونى العظيم.. وما كادت (مرجريت) تصل ميناء الإسكندرية حتى وجدت العاشق بكامل صحته وأبهته يستقبلها بابتسامة واسعة.
وقد أعد لها صفين من حرس شرف انحنوا لمرورها بينهم مع فرش رصيف الميناء بالزهور الضخمة الملونة حتى استقلا سويا سيارته الفارهة مصطحبا إياها لضيافته في قصره .. قصر الرخام الوردى – قصر الفنون حاليا – الرابد على شاطئ النيل بكل ما يزخر به من بذخ الأثاث الملكي.
فى القصر تعرفت مارجريت إلى إخوة الأمير اللاتى رحبن بمشروع الزواج على عكس العنانى التي لاحظت فيه غيرة أنثوية منها على فهمى أثارت لديها شكوكا استبعدتها.
جوانب في شخصية الأمير
في فترة الضيافة لاحظت (مرجريت) جوانبا جديدة في شخصية الأمير الشاب.. فهو مع خدمه و حاشيته سريع الغضب و عقابه يصل إلى حد البطش .. و أثناء مرافقتها إياه في سيارته كان اذا تجاوزه سائق سيارة أخرى سارع فهمى بملاحقته لينعطف عليه موقفا إياه ليهبط إليه فيتشاجر معه موبخا.
و حينما كانت تركب معه زورقه البخارى لاحظت أنه يتعمد الاندفاع بأقصى سرعة ليحدث دوامات هائلة تثير الرعب بين سكان العوامات فينطلق مبتعدا ضاحكا.
قبل توقيع عقد الزواج كاشفها الأمير بأن من ضمن وصية أمه للتمتع بميراثها أن تكون زوجته مسلمة.. و طالبها بتغيير ديانتها ولو بشكل صورى حتى لا يتم حرمانه وبالتالى حرمانها من هذا الميراث الهائل.
رضخت (مرجريت) على مضض لطلبه وتم تسجيل ديانتها كمسلمة مع تغير اسمها إلى (منيرة هانم ميللر).. في حفل الزفاف الضخم وحينما تلى المأذون عليهما بنود العقد قبل توقيعه لاحظت أنها خلت من نص حقها في تطليق نفسها بنفسها فاعترضت ولم توقع.
توقف الحفل ومراسم التعاقد ..اشتبكت مع (فهمي) في مناقشة حادة برز خلالها قوة عناد كل منهما لينتهى النقاش بطلبه الانفراد بها.. وفي قاعة جانبية توسل إليها أن تقبل الشرط لأن في عدم قبولها إهانة اجتماعية له في المجتمع الشرقي، مؤكدا لها على حفاظه على سعادتها و تلبية كل طلباتها بعد الزواج.
رضخت (مرجريت) مرة أخرى عن عدم رضى وعادت إلى الحفل لتكتمل مراسم الزواج.. بعد الحفل و في غرفة نومها وجدت صورتها الفوتوغرافية داخل اطار من الذهب المطعم بالماس.. كما أن الحرفين الأولين من اسمها قد حفرا بالماس على كل أدوات الزينة الخاصة بها فقرت عينها بعض الشئ.
في صباح ليلة الزفاف استيقظت (مرجريت) فجأة على صوت الأمير الصغير يصرخ في الخدم .. وحينما نزلت السلم لتستكشف الخبر التفت اليها صارخا في وجهها بالعودة إلى غرفتها و أن لا تخرج بعد ذلك إلا في ملابس الخروج.
عادت (مرجريت) إلى حجرتها غاضبة بسبب هذه الطريقة المهينة وأغلقت الباب على نفسها يومين تأجل على اثرها البدء في رحلة شهر العسل.. واستمر اليخت الفاخر الذى يملكه الأمير راسيا منتظرا عند المرسى المواجه للقصر.بعد يومين أهدى الأمير لمارجريت دبوسا يعلوه رأس ضخم من حجر كريم وافقت بعده على بدء رحلة شهر العسل، ليقلع اليخت الأقرب إلى قصر عائم في اتجاهه الى الأقصر وأسوان.
فرقعة أصمت أذنيها
ذات ظهيرة بينما (مرجريت) مستلقية على مقعد على سطح الباخرة وبين يديها كتاب فاجأها وميض يمر كالبرق بجانب وجهها مصحوبا بفرقعة أصمت أذنيها.. ألقت بالكتاب فزعة لتجد فهمى واقفا على بعد امتار قليلة ممسكا بمسدسه وقد صوبه ناحيتها و الى جواره يقف عنانى يراقب (فهمي)، وهو يقول بصوت جاد: لا تخافي فأنا أجيد التصويب.
قبل أن تتحرك (مرجريت) من مقعدها أخذت الطلقات تتوالى على بعد سنتيمترات من أنحاء جسدها المتفرقة مما جعلها تتجمد من الرعب بينما (فهمي وعناني) منطلقان في الضحك لتندفع مارجريت غاضبة و تختفى في قمرتها.
حينما لحق بها (فهمي) مطيبا خاطرها اتهمته بأنه يحاول إرهابها ردا على عنادها معه، وخاصة عند توقيع عقد الزواج، وطالبته أن يأمر اليخت بالرسو في أقرب مدينة لتنزل وتستقل أول قطار يعود بها إلى القاهرة.
استدار (فهمي) منصرفا دون أن يرد ولم يعد ليسترضيها.. بعد يومين كاملين اضطرت للخروج من قمرتها ليستقبلها على سطح اليخت مبتسما ويتحدث معها وكأن شيئا لم يكن.
بينما اليخت في طريقه صادفه زورق لشركة سياحية يقوده مراكبى عجوز ومساعده.. كاد الزورق أن يصطدم بيخت الأمير غير أنه استطاع أن ينعطف في اللحظة الأخيرة ليثور غضب الأمير مطالبا رجاله بسرعة إحضار العجوزين فورا.
بالفعل تم اقتيادهما ليجثوا أمام الأمير طالبين السماح للخطأ غير المقصود إلا أنه سحب نبوتا ضخما من أحد رجاله و انهال به بوحشية على ظهر العجوزين ضربا مبرحا حتى خارت قواهما تماما، فأمر برميهما إلى الزورق مرة أخرى.
اعترضت (مرجريت) على هذه الوحشية ضد العجوزين حتى تصاعدت المناقشة بينهما.. وحينما ارتفع صوتها لطمها الأمير الشاب على وجهها على مرأى ومسمع من الخدم فانسحبت إلى قمرتها لتعتكف فيها و قد جلست تفكر في غضب ممزوج بالخوف من ما هو قادم.
بينما الزورق مستمرا يشق عباب الماء في طريقه إلى أسوان في رحلة شهر العسل.