رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

علي عبد الرحمن يكتب: إلى متى تغيب الرقابة؟

بقلم الإعلامي: علي عبد الرحمن

منذ عام 2011 وحتي الآن ونحن جميعا نراهن على صبر وصمود وتحمل شعبنا الطيب المطحون الآمل في غد أفضل في وجود الرقابة، فبعد أن راهن على إيجابيات التغيير وقد تم، ثم تحمله الانفلات الأمني من خلال لجانه الشعبيه وتأمين نفسه وقد تم، ثم تحمله عمليات الحرق والقتل وتحمل وقد تم، ثم دعوناه لتفويض وخروج وتصويت وقد لبي النداء، ثم أخبرناه بغد أفضل ولم يأت الغد بعد، وأثقلنا عليه بقرارات قتصاديه عنيفه وتحمل لأجل العبور إلي غد أفضل، ثم أدخلناه تحت شعارات الغد الأفضل والحياه الكريمه والخروج من عنق الزجاجه وصمد وتحمل.

ومر بجائحة كورونا وأطاع وتحمل، ثم أدخلناه في أتون حرب أوكرانيا وتوابعها وتحمل بوعي وطني، ثم أسمعناه معاناة شعوب الأرض مثلنا وأبدي أنه مقتنع، ثم جاءت توابع ذلك من دهش الأسعار في ظل غياب الرقابة، وحاول الصمود وأثناء محاولته التحمل أدخلناه في ضلمة انقطاع الكهرباء دون سابق إنذار أو تحديد مواعيد للمناطق، وحول شعبنا الأزمه إلي فكاهة علها تخفف عنه ما هو مطلوب منه تحمله.

إقرأ أيضا : علي عبد الرحمن يكتب : مبادرة كلنا واحد .. هدفها التخفيف من الإحباط !

وبدأ شعبنا الكادح يئن، وبدأ صوته يخرج من بين جنباته، وبدأ يتساءل إلي متي هذا التحمل والصمود في غياب الرقابة، وانتظر ونحن معه أحد يفسر له ماعلاقة حرب أوكرانيا بالجرجير مثلا وهو منتج مصري، فقالوا له الأسعار زادت سواء في البذور أو السماد أو النقل ومايتعلق به من سولار وغيره وأبدي موافقته على مضض، ثم انتظر تحسن سعر عملتنا أو ثبات أسعار العملات الأجنبيه ولم يحدث، وبدأ القلق يساوره من استمرار ارتفاع الأسعار يوميا وثبات دخله وتضاؤله أمام احتياجاته الأساسية، وبدأ شعبنا يعيد ترتيب سمات يومياته فصرف نظره عن اللحمه أم 350 جنيه للكيلو كحد أدني، وعن الفراخ التي قارب سعر الفرخة فيها إلي 300 جنيه أيضا، ولفظ الأسماك بعد قفز سعر كيلو البلطي وهو النوع الشعبي من 37 جنيه إلي مشارف الـ 100 جنيه، حتي بيض المائده قفز سعر البيضه إلي 5 جنيهات.

غياب الرقابة أدى إلى انفلات الأسعار

في غياب الرقابة

وزاد سعر كل شئ في غياب الرقابة، حتي أصبح المواطن الصبور يكتفي بأكل الفول ولكن قفز سعر الساندوتش الشعبي إلي 8 جنيه والفاخر إلي أربع أضعاف ذلك، ولايخفي علي أحد الارتفاع اليومي للأسعار لكل السلع الاستهلاكيه والمعمرة، ولمن يتجول في الأسواق والمحلات الشعبيه ولا نقول المتوسطه أو المولات الراقيه أبدا، لدرجة أنه يوميا يتفاجئ المواطن البسيط بتحريك سعر السلع الاساسيه من زيت وبقوليات وجبن ولحوم ودواجن وأسماك وطبعا لن نخوض في الارتفاع الجنوني في أسعار الاجهزه الكهربائيه والمفروشات لمن يجهز أولاده أو يستبدل ما أفسده تعدد انقطاع الكهرباء المفاجئ وعودتها المفاجئة، ولن نتطرق لأسعار السيارات وقطع الغيار والزيوت والسكن فهذه أمور سقطت من حسابات البسطاء من أهلنا.

ويتفاجئ أهلنا يوميا بتحريك أسعار السلع بل وتعدد أسعارها من محل لأخر وتجد الرد المستفز للمواطنين (السعر النهارده غير إمبارح) و(مفيش حاجة بترخص)، و(هو السعر كده لو عاجبك) و(روح اشتري من اللي عنده أقل مني)، وجمل كثيره مستفزه بلا مراعاة لقواعد السوق ،ولا ضوابط التسعير، ولا وجود لجهة يشتكي إليها، ولا ملاحظة أي تراقب فجأة عمليات التسعير، وأصبح المواطن فريسة يوميه لأسعار ما يأكله من فتات الحياة، وأصبح الحديث الشعبي وسط أسواق السلع ومحلاتها.

إقرأ أيضا : علي عبد الرحمن يكتب: الجمهوريه الجديده ومتطلباتها

أين الرقابه علي الأسواق؟، رغم تعدد جهاتها عندنا في مصر، مابين رقابة وزارة التموين ووزارة الداخليه والصحه وهيئة الرقابه وجهاز حماية المستهلك وغيرهم من ذوات الصله برقابة توافر السلع ومعقولية تسعيرها ووحدة السعر لكل صنف متشابه، وحتي برامج السلع والأسواق اختفت من محتوي إعلامنا، وكأننا ندير ظهورنا فجأه لمواطنينا، فالاسعار أمامهم والجوع وأنين الأطفال خلفهم وتضاؤل الدخل أمام الأسعار يضغط علي أفكارهم، وأصبح العائل مخذولا أمام من يعول، وأصبح الأطفال يحرجون أهلهم من عجزهم عن الوفاء بما كان متاحا من قبل، وأصبح الرقيب كلمة لا وجود لها، وأصبحت الخناقات اليوميه علي تحريك الأسعار يوميا شيئا معتادا.

تدخل الرقابة جتما تحقق العدالة

مظاهر تدخل الرقابة

ولم نلمح أي مظاهر الرقابة تدخل محلا وتراجع أسعار السلع، ولم نسمع عن محضر تحرر لتاجر نتيجة تسعيره المبالغ فيه، وأصبح الناس مضطرين للخضوع لارتفاع الأسعار يوميا دون توقف لالتقاط الأنفاس، ولا يبدوا في الأفق ثبات لسعر أو سقف لهذه الدوامة، ولم نسمع عن جمعيات حماية المستهلك وعن مقاطعة سلعة أو تاجر، ولم نسمع عن حملات تفتش وتعاقب، وغاب عن المشهد الرقباء والأجهزه والنواب وقادة الرأي، حتي معارض السلع لا تختلف أسعارها عن المحلات والأسواق كثيرا، وقاربت أسعار السلع في سيارات الوزارات المتنقلة أسعار المحلات والأسواق، وأصبحت البيوت خاوية من خزين الشهر والثلاجات فارغة من الجبن والبيض، وأصبح أهلنا يشترون حاجة كل يوم علي حده وتغيرت أنماط المعيشة، والتحف المواطن بغطاء الستر!

فما الذي حدث لتغيب كل أجهزة الرقابه؟، وأين جهاز حماية المستهلك؟، وأين الخطوط الساخنه لجهات الشكوي؟، وأين الحملات التفتيشية؟، وأين النواب ورواد العمل المجتمعي، ولو جهود بعض مؤسسات الخير واصطفاف البسطاء أمامها لكثرة عدد الطالبين إحسانا لقوت يومهم، وانضم إلي طالبي الإحسان فئات ماكان يجب أن تنضم، لأن العائل مسئول ولا الاطفال يطلبون، ولأن البيوت محتاجه ولأن الدخول ضعيفه ولأن الأسعار مفترسة، فليس أمام المسئول عن أهله سوي طلب الإحسان أو الانحراف أو الهروب من المسئوليه أو الإنتحار والعياذ بالله!

فما العمل وما السبيل لضبط الأسعار؟، وإلى متي يستمر هذا؟، وهل من أفق قريب قادم يخفف المعاناة أم وسط سندان تسعير الخدمات وتسعير السلع يموت المواطن عجزا وذلا واحتياجا،أم تعود الرقابة على الأسواق، وتسعير السلع، وحماية الأسر من طلب الإحسان أو الموت جوعا؟

بالله عليكم أليس لهذه الغمة من سبيل للخروج، وأين جهود نواب الشعب وجهات الشعب الرقابية ومبادرات رواد الشعب المجتمعيين؟، ومتي تنضبط الأسعار ومتي تثبت في كل سوق ومحل؟، وهل من اختراع لوجبات ملائمة لدخول الشعب؟، ومن ينصح المواطن المحتاج ومن يلجم جشع التاجر المستغل؟، ومتي يعود الإعلام لدوره الرقابي الكاشف؟، ومتي يأكل الناس ويشربون؟، لا أقول فاكهة أو ترفيها أو خروج وتنزه لا وألف لا، بل قوت اليوم الشعبي البسيط، فهل هذا أصبح حلما، أم يمكن تحقيقه في ظل رقابة الدولة الفتيه القويه ذات المؤسسات والأجهزه العليمة بكل شئ والقادره إذا أرادت أن تفعل كل شئ؟

حمي الله مصر وشعبها وتحيا دوما مصر دولة المواطنين الصابرين خلفها إيمانا وأملا في أن غد أفضل والحياة أكرم والمواطن تحمل وعليه أن يجني ثمار جلده طوال سنين صعاب.. وتحيا دوما مصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.