رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عمرو مصطفى يرتكب جريمة في حق أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي

كتب : أحمد السماحي

الملحن عمرو مصطفى المثير للجدل، مارس جدله ومشاغبته مؤخرا وأعلن عن استخدامه للذكاء الأصطناعي في أغنية جديدة بصوت أم كلثوم بعنوان (ماضينا)، والتى سبق وتغنت بها المطربة شيرين عبدالوهاب، ونشر مقطعا من الأغنية الجديدة بصوت أم كلثوم أول أمس على صفحته الخاصة على (الإنستجرام)!

وكتب عمرو مصطفى قائلا: (على مدار 24 سنة قدمت عديد من الألحان لنجوم الوطن العربي، ومؤخرا مع تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، حبيت أسمع لو كوكب الشرق السيدة ام كلثوم غنت من الحان عمرو مصطفى هيكون اية الناتج، تعالوا نسمع سوا صوت كوكب الشرق أم كلثوم، تغني من ألحان عمرو مصطفى، وقريبا هتسمعوا الأغنية كاملة).

الملحن عمرو مصطفى ارتكب حماقة كبرى

عبث عمرو مصطفى

الحقيقة إنني بعد أن إستمعت إلى مقطع الأغنية بصوت أم كلثوم، تملكني غيظا شديدا من هذا الاستخفاف الذي سمعته، حيث اكتشفت أن عمرو مصطفى ارتكب جريمة كبرى في حق سيدة الغناء العربي، حيث لم يتجرأ على أغنية من أغنياتها، أو لحن أو كلمات من أرشيفها العظيم، ولكنه تجرأ على صوت أم كلثوم نفسه تخيلوا!، حيث جعلها تغني لشيرين عبدالوهاب، وياريت غنت مثل شيرين!، لكنه أخرجها من وقارها وأبهتها الفنية، ولم نستمع إلى قوة وجمال صوتها، لكنه خسف بصوتها الأرض، وجعلها أشبه بأي مونولوجيست غنائية مبتدئة مخارج الحروف لديها غير واضحة، وتتغنى بـ (ربع صوت)!.

إقرأ أيضا : تعرف على الأغنية التى أخطأت فيها (أم كلثوم) فصرخ مؤلفها من الإعجاب !

مع العلم أن من أهم مميزات صوت أم كلثوم كما ذكر الناقد الموسيقي اللبناني (إلياس سحاب): (إتساع مساحته على الطبقات المرتفعة والمنخفضة معا، وبوسع أذن المستمع العادي التنبه إلى ذلك بالاستماع مثلا إلى تسجيل أغنية (يا ظالمني) من حفل، حيث تصل أم كلثوم في كلمة (يوم) من عبارة (عشان تعطف علي يوم) إلى درجة منخفضة غير موجودة عادة إلا في أصوات الرجال من الفئة الغليظة، وفي المقابل فإن أم كلثوم تصل في نفس التسجيل إلى طبقات مرتفعة جدا عندما تصعد قائلة (يا ظالمني) حيث تصل إلى ذروة صوتية عالية جدا، ونفس الحال في عشرات من أغنياتها الأخرى خاصة في الحفلات، وهذا يأتي على العكس تماما من مغامرة عمرو مصطفى المسيئة لكوكب الشرق.

الميزة الثانية عند أم كلثوم هى تحدي أوتار صوتها لقوانين الطبيعة في نمو الخلايا البشرية فبينما تعرضت أصوات (محمد عبدالوهاب، وليلى مراد، وكارم محمود) وغيرهم إلى تغييرات جذرية جعلت العبقري عبدالوهاب يتوقف عن الغناء المتواصل، ويكتفي بتسجيلات محدودة مع آلة العود، فإن التغييرات التى طرأت على صوت أم كلثوم وأهمها انخفاض مساحة الطبقات المرتفعة في صوتها كانت أقل بكثير من التطور الطبيعي المفروض، وحتى هذا التغيير الطفيف نسبيا لم يطرأ على حنجرتها إلا بعد أن تجاوزت الستين، وهو ما يناقض ما فعله عمرو مصطفي اختراعه المخزي في حق أسطورة غنائية لا ينبغي المساس بها.

ابتسام بلهاء لعمرو مصطفي بعد العبث بصوت أم كلثوم

لايدرك قيمة أم كلثوم

ميزة أخرى قد تكون الأولى والأهم وهى (خبرة حنجرة أم كلثوم غير العادية في أصول الغناء العربي المرتكز في أساسه إلى ترتيل القرآن والتواشيح الدينية، وهذه لها ميزات محددة مهمة جدا منها المعرفة الواسعة بكل المقامات العربية المحشوة بأرباع صوت كالسيكا والبياتي والراست والصبا، وهذه المعرفة هى التى سمحت لأم كلثوم ليس فقط بالأداء العظيم لهذه المقامات، بل ببراعة التنقل بينها بسهولة، والتى سمحت لها أيضا بإتقان غريب لكل براعات النمنمة الغنائية والفسيفساء الصوتية وتلوين المنعطفات الصوتية، بما في ذلك القفلات البارعة الدقيقة التى تضرب في قلب المقام الذي تقفل به الجملة الغنائية)، وظني أنها هذا لايعيه ولا يلامس خيال المدعو عمرو مصطفى الذي تعامل باستخفاف مع سيدة الغناء الراسخة بلونها الكلاسيكي العتيق في وجدان المستمع المصري والعربي.

ما ذكره الناقد الموسيقي (إلياس سحاب) يجعلنا نقول للملحن عمرو مصطفى: (إلعب بعيد يا شاطر عن أم كلثوم وغيرها من أساطين الغناء! لسنا ضد مواكبتك للتكنولوجيا، بالعكس نحن معك تماما في استخدام التكنولوجيا لصالح ما تقدمه من ألحان، والعمل على تطوير نفسك وفنك، واستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا، لكن على شرط ألا تعبث بتراثنا الغنائي الذي نتباهى به، ونفتخر به وسط إخواننا العرب.

إقرأ أيضا : النبش في قبر أم كلثوم بأفعال شيطانية يستنكرها العقل والمنطق !

جميل أن نواكب العصر ونستفيد من العلم في مجال عملنا لكن العيب أن نكون أنانيين ولا نفكر غير في مصلحتنا وركوب (التريند) – على طريقة عمرو مصطفى – ، على حساب قمم أعطوا لنا الكثير، والمشكلة أن هؤلاء العمالقة غير موجودين اليوم ليدافعوا عن أعمالهم التى تركوها لنا أمانة في أعناقنا.

هل يستطيع أحد أن يردع عمرو مصطفى؟

عمرو مصطفى ومحسن جابر

جدير بالذكر أن المنتج الشهير محسن جابر صاحب شركة (عالم الفن للإنتاج الغنائي) والمالكة لأغاني أم كلثوم حذر عمرو مصطفى من إقدامه على هذه الخطوة وذلك دون امتلاكه حقوق الملكية الفكرية، ووزع بيان صحفي قال فيه: (لا يجرؤ أحد بما فيهم عمرو مصطفى أن يستخدم الذكاء الاصطناعى لاستحضار أم كلثوم، أو استعمال اسمها وصورتها، فهناك حقوق أدبية أبدية غير قابلة للتقادم)، مضيفاً : (لا يجوز تشويه التراث الخاص بأم كلثوم، فى مهاترات الكترونية)

وأشار (محسن جابر) إلى تجربة غنائية مُسبقة، جرى فيها استنساخ أصوات المغنيين العالميين (دريك وذا ويكند)، في أغنية تُحاكي (Heart On My Sleev) قائلاً: (إنّ الأغنية أحدثت جدلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، وعلى الفور أرسلت مجموعة يونيفرسال الموسيقية باعتبارها المُمثل الوحيد للمُطربين إنذارًا إلى منصات بث الموسيقى، وطلبت منهم إزالة الأغنية فورًا وكذلك تعويض مالي كبير، حيث أثيرت قضية حقوق الملكية الفكرية، على ضوء تطور الذكاء الاصطناعي).

إقرأ أيضا : “محسن جابر”.. رائد صناعة الغناء في مصر

وأكد محسن جابر، أنه  بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية، لإيقاف أى مهزلة أو عبث من جانب عمرو مصطفى فى حق صوت أم كلثوم، كونها رمز كبير لا يجوز لأحد أن يقوم بنسخه أو تشويهه، أو العبث به).

بعيدا عن ما ذكره محسن جابر، لا نملك إلا أن نقول في النهاية حين تطول اليد مال اليتيم ولاتجد من يردعها، تتمادى تلك اليد في العبث بأموال اليتيم وتنفقها أو تسرقها من غير مساءلة، وما فعله عمرو مصطفى مع أم كلثوم هو امتداد يد غير مسؤولة لم تجد من يردع عبثها بهذه القمة الفنية التى نعتبرها الهرم الرابع لمصر، والتى مازالت رغم الغياب حاضرة بقوة رغم مرور سنوات على رحيلها وظهور أجيال وأجيال من المطربين والمطربات، ولذا نرجو أن يكون ما فعله عمرو مصطفى مجرد مزحة وغلطة وندمان عليها!

 

 

View this post on Instagram

 

A post shared by Amr Mostafa (@amrmostafa)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.