كتب : أحمد السماحي
المتابع للمارثون الرمضاني الحالي الذي اقترب من نهايته يجد أن المرأة حاضرة بقوة فيه، سواء بالأعمال التى تحمل اسمها مثل (جميلة، وعود سخية، جت سليمة، ستهم، عملة نادرة)، أو بالأعمال التى تحمل قضاياها مثل (تحت الوصاية، حضرة العمدة، الهرشة السابعة، مذكرات زوج)، فالأعمال الدرامية المعروضة حاليا شخصياتها المحورية والتي تدور حولها الأحداث امرأة، وفي هذه الأعمال وغيرها من التى عُرضت أو مازالت تعرض تباينت صورة المرأة بشكل واضح ما بين الصورة الإيجابية، والصورة السلبية، وإن كانت في عمومها هى ذات الصورة التي يريد القائمون على صناعة الدراما في مصر تقديمها لنا، سواء كانت لها أصل في الواقع أو تجافيه.
في مسلسل (جعفر العمدة) تأليف وإخراج محمد سامي، وبطولة محمد رمضان، وجدنا إهانة وامتهان كبيران للمرأة حيث شاهدنا نوعيات كثيرة للمرأة وكلها للأسف سلبية، فوجدنا المرأة (الجارية) و(الخائنة) و(القادرة) و(التافهة) و(الكاذبة) و(المشعوذة)، والتي تعتمد على أنوثتها في الوصول إلى ما تصبوا إليه، وفي كل هذه الصور كانت كائن لا قدرات له تؤهله لتحقيق نجاحات باستحقاق فكري أو مجهود حقيقي.
وفي يقيني أن هذا امتهان للمرأة وتزييف فاضح لواقع استطاعت فيه أن تتولى مسؤوليات عن جدارة، وحققت إنجازات عجز عنها غيرها، ولا يوجد في هذا المسلسل صورة مضيئة للمرأة إلا الحاجة (صفصف) الأم طيبة القلب، المتسامحة، لكن يعيبها أنها ثرثارة وسليطة اللسان!.
جميلة ومن حولها
من الأعمال التى قدمت صورة سلبية أيضا للمرأة مسلسل (جميلة) فرغم أن شخصية (جميلة) بطلة العمل شخصية إيجابية محبة لأشقائها وأمها، وناجحة في عملها ومحبوبة من كل زملائها، لكن في المقابل كل النساء الآخريات الموجودات في المسلسل شريرات حيث شاهدنا صور عديدة للمرأة منها الشريرة، والمنسحقة، والمزورة، والعاهرة، فضلا عن المرأة التي تتحكم العاطفة فقط في تصرفاتها وانفعالاتها وكأنها بلا عقل، أو التي تكرس جل اهتمامها في التنقل بين دور الأزياء وأماكن التجميل والسعي للإيقاع بالرجل، والتحلل من مسؤولياتها.
وعود سخية للإنتقام
كما قدم مسلسل (وعود سخية) بطولة النجمة حنان مطاوع صورة سلبية للمرأة المضطهدة التى تلجأ لأنوثتها لتأخذ حقها ممن ظلمها، وفي رحلة الانتقام هذه، تدخل في دوامة من الثأر والانتقام فتلطخ يديها بالدم، وتقتل في النهاية على يد حبيبها الأول.
كما تعج أعمال أخرى بصور سلبية لنساء آخريات، لكنهن لا يلعبن أدوار البطولة في الأعمال الدرامية التى شهدناها في المارثون الرمضاني، مثل الصديقة الخائنة لصديقتها والتى تخطف الزوج في مسلسل (علاقة مشروعة)، والمرأة التى تتنقل بين الرجال كي تعيش في مسلسل (رشيد)، والمرأة القاتلة في (تلت التلاتة)، وغيرها.
الخروج من نمطية دور المرأة
في مقابل هذه الصورة السلبية لهذه الأعمال وجدنا صورة إيجابية للمرأة تتسم بالقوة والإرادة وتحمل المسؤولية والطموح ومواجهة المعوقات سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الموروثات والتقاليد والعادات السلبية، مثل (تحت الوصاية، ستهم، عملة نادرة، ضرب نار، حضرة العمدة، الهرشة السابعة، مذكرات زوج) وبهذه الأعمال خرجت الدراما عن الأدوار النمطية للمرأة، فالنماذج المقدمة تعبر عن سمات المرأة المصرية التي تعرف بالصبر والقدرة على مواجهة الصعاب وتحديها ،وتحمل المسؤولية، والرغبة في تأكيد الذات، والإصرار على الوصول إلى مكانة متميزة، ومحاربة الفساد والسعي لتحقيق العدالة، ومحاربة السلبيات من العادات والموروثات المعوقة للتطور والحياة بشكل إيجابي.
ستهم وتحت الوصاية
حيث ناقش مسلسل (حضرة العمدة) الانتهاكات التى تتعرض لها المرأة منذ طفولتها وصباها المبكر مثل ختان الإناث، وزواج القاصرات، كما طرح قضية حقيقة قدرة المرأة على تولي القيادة في المجتمعات العربية والمجتمع المصري على وجه الخصوص.
كما ناقش مسلسل (ستهم) بطولة النجمة روجينا، الظروف القاهرة التي تضطر النساء في الصعيد للخروج إلى العمل في مهن شاقة وذكورية، وفي مسلسل (تحت الوصاية) بطولة النجمة منى زكي عشنا معها بكل صدق وعطف معاناة المرأة الأرملة التي ترملت وهي في سن مبكرة، وعدم أحقيتها في الوصاية المالية على أبنائها.
ضرب نار
في مسلسل (ضرب نار) شاهدنا وأحببنا بنت البلد الجدعة (مهرة) ــ التى تجسدها ياسمين عبد العزيز – الفتاة الشعبية المكافحة المسئولة بشكل كامل عن أخوها وأختها بعد وفاة والدهم، وتعمل فى مصنع (عبايات) بإحدى المناطق الشعبية كى تستطيع تربيتهم، وترفض إغراءات رجل أعمل كبير من أجل أشقائها والوفاء لمن تحب.
مذكرات زوج والهرشة
كما استمتعنا جدا ونحن نرى مشاكلنا اليومية والأزمات التى تتعرض لها شقيقتنا وبناتنا في بيوتهن خاصة في سنوات الزواج الأولى في مسلسل (الهرشة السابعة)، أو مشاكل أزمة منتصف العمر في مسلسل (مذكرات زوج).
كلمة أخيرة
صورة المرأة تحسنت إلى حد ما هذا العام عن الأعوام السابقة، لكننا نريد التركيز أكثر على صور المرأة الناجحة، فالمتابع للمارثون الرمضاني الجاري يجد أن عدد الأدوار التي ظهرت فيها المرأة بمهن تعتمد في معظمها على تسلية الرجل أوأغوائه أو التلاعب به أو التحايل عليه، أو التي لم يحدد لها دور مهني في الأصل لعدم الاهتمام بها، أكثر من صورة المرأة المكافحة، التى نشاهدها حولنا، وبالتالي سيدرك أي شخص منا أن صناع الدراما يعيشون في واد، وواقع المرأة الذي سبق صورتها المقدمة دراميا في واد آخر!.