رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مهرجان القاهرة للدراما في دورته التجريبية الأولى (ع الزيرو) !

كتب : محمد حبوشة

فى كرنفال يبدو للوهلة الأولى مبهجا بالألون والموسيقى والحضور الكثيف لنجوم مصر، لكنه في الوقت ذاته سبب للكثيرين غصة في القلب والعقل والوجدان جراء العشوائية وفقدان الهوية والهدف والرسالة، ومن قبل كل ذلك الإبهار الذي كان منتظرا لكنه فقد بريقه، انطلقت مساء أمس الدورة الأولى لمهرجان القاهرة للدراما بمركز المنارة، بحضور نجوم مصر من الأجيال المختلفة، بتنظيم حظي بكثير من جوانب الارتباك لسوء التنظيم غير الدقيق، خاصة في الدخول للمهرجان نتيجة استخدام اختراع الـ (كود) الخاص الذي أدى بالضرورة إلى حالة من الفوضى نتيجة التعنت من جانب عناصر الأمن التي كانت تتحدث بطريقة مستفزة وتستقبل الضيوف بتكشيرة مرسومة على الوجه، ولا تعي قدر النجوم والصحفيين والإعلاميين الذين تم دعوتهم في مهرجان فني ينبغي أن يكون الترحيب والبشاشة عنوانا لدورته الأولى.

على أية حال بدأ الحفل بالسلام الوطنى وتلاه  مشاهد من أعمال الفنان القدير يحيى الفخرانى، والذى ألقى كلمة دافئة ملئها الحب والبساطة كما هو في تجسيده لأدواره، وسط ترحيب كبير وحفاوة مصحوبة بتصفيق حاد من جانب الحضور فور ظهوره على المسرح، وقال الفخراني ردا على تحية الحضور والتصفيق الحاد له: أشكركم شكرا جزيلا، أهلا وسهلا بكم .. (منورين، وهذه ليست كلمة تقال مجازا .. منورين بجد)، لأنه من غير وجودكم مهما كانت براعة مدير الإضاءة في المهرجان لن يستطيع  أن يضيئ  هذا المكان دون وجود حضراتكم، فشكرا جزيلا لحضوركم، وشكرا واجبا للقائمين على هذا المهرجان، نقابة المهن التمثيلية وأيضا شركة (pod) لأنهم في الحقيقة بذلوا جهود أراها جيدة ساعدت في إنجاح هذا اليوم، وإن شاء الله يفرحنا ويسعدنا هذا المهرجان.

وأضاف الفخراني في كلمته: لقد عاصرت الدراما الحقيقة منذ بدايتها ، من أول مهرجان الإذاعة والتليفزيون، ولهذا سعدت برجوع مهرجان الدراما اليوم، رغم أنه عائد على استحياء، ربما لسبب أن الزمن لم يكن بالقوة والتنظيم الكافي مع كل عناصر الإبداع في الإذاعة والتلفزيون، لذا أعتبر أن هذه الدورة ليست (رقم واحد) ولكني كنت أسميها (زيرو) .. هى دورة تجريبية على الأعمال التي قدمت في رمضان الماضي، في السنة القادمة، وإن شاء الله سيتم شمول كل الأعمال خارج رمضان وداخله في الدورات القادمة، وحتى الإنتاج العربي أيضا، بعدها نتمني أن يصل هذا المهرجان للعالمية، وفي النهاية كل تمنياتي لهذا المهرجان بالازدهار والرقي، ونحن في بلادنا رغم وجود السينما – وهذا لا يقلل منها إطلاقا – لكن نحن في وطن يحتاج للأعمال الدرامية أكثر، لأن فيها جزء تعليمي ووعي نحتاج إليه أكثر من المتعة أو الرفاهية الفنية.

مدحت صالح كان النقطة الإيجابية الوحيدة بغنوته الجميلة

وفي أعقاب كلمة الفخرانى غنى مدحت صالح أغنية بعنوان (كلنا بنحبك يا دراما) والتى تطرق فيها إلى سنوات الفتوة الدرامية، واصفا الدراما المصرية بأنها منصة كان يجتمع حولها الجميع، وتفاعل معها الحاضرون بشكل كبير، خاصة أنه لخص عمرا كاملا من الدراما المصرية باستعراض أسماء مسلسلات راسخة في الذاكرة المصرية مثل (زيزينيا، ليالي الحلمية، جمعة الشوان، أرابيسك، الراية البيضا، السيرة الهلالية، يتربى في عزه، هوانم جاردن سيتي، أوراق مصرية، العائلة، أبو العلا البشري، حيرم، شرارة، كابتن ميزو، ونيس)، وأنهى أغنية بقول (مين لم الشمل يا ناس غير الشاشة المصرية)، ولعلي هنا أشيد باللحن الذي جاء مشبعا بتتر مسلسل (ليالي الحلمية) وغيره من تترات ماتزال تشنف آذاننا وتبعث على الشجن المحبب، وهو ما جعل الأغنية تعيد على أسماع الحضور ذكريات الزمن الجميل الذي ماتزال آثاره بالغة في نفوس المصريين.

وتلت الفقرة الغنائية فقرة قدمتها الفنان صابرين قائلة: هؤلاء هم نجوم الشاشة المصرية التي أثروها ونحن نحبهم، ثم أردفت قائلة : أول أن قالوا لي سنقدم جوائز الإبداع، سالتهم ماهي الجهة التي ستقدم هذه الجوائز؟، قالوا ستقدمها نقابة المهن التمثيلية، ثم قالوا جائزة الإبداع ستقدمها (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية)، ولكنهم تداركوا الأمر قائلين لا سنقدمها من جانب إدارة المهرجان كله، قلت لهم آسفة جوائز الإبداع تلك سيقدمها نجوم الشاشة المصرية، ومن قلوب ملايين من جماهير الوطن العربي لجميع نجومنا، ثم قدمت جائزة الإبداع للفنانة إلهام شاهين وجائزة الإبداع للفنانة لسيدة المسرح الفنانة سميحة أيوب وجائزة الإبداع للفنانة صفية العمرى وجائزة الإبداع للفنان محسن محيى الدين وجائزة الإبداع للفنانة نادية الجندى، والتى وجهت الشكر للشركة المتحدة ونقابة المهن التمثيلية ود.أشرف ذكى، مؤكدة أن الدراما تستطيع تغيير مفاهيم مغلوطة عند الناس.

النجوم الفائزون في أعمال رمضان

كما تم منح جائزة الإبداع للفنانة (ليلى علوى)، والتى عبرت عن سعادتها وقالت كنا ننتظر هذه الليلة من زمن، كما منح المهرجان جائزة الإبداع للفنانة (نبيلة عبيد) وجائزة الإبداع للفنانة (يسرا)، كما كرم المهرجان الفنانين الراحلين (سمير غانم ودلال عبد العزيز) وتسلم تكريمهما ابنتهما الفنانة دنيا سمير غانم، وكرم المهرجان مسلسل (الاختيار) ونجوم أجزائه الثلاثة والذين اجتمعوا فى لقطة على المسرح، وأيضا تم تكريم مسلسل (العائدون) وخلال تكريم نجوم العمل قال الفنان أمير كرارة : تشرفت بوجودى مع النجوم الكبار كالفنان يحيى الفخرانى وتلا ذلك فقرة موسيقية مع عازفة الماريمبا (نسمة  عبد العزيز).

وقدمت الفنانة (سوسن بدر) فقرة تضمنت تكريم خاص لنجوم أثروا الدراما بعنوان (شكرا .. أسعدتمونا) حيث تم تكريم مجموعة من نجوم الصف الثانى فى الدراما منهم (ناجى سعد وعبدالله مشرف وأمل إبراهيم ومصطفى الدمرداش وعواطف حلمى وفادية عكاشة وفكرى صادق وقيس عبد الفتاح ومحمد فريد ومحمد الأدندانى ونعيم عيسى)، وسلم الفخرانى شهادات التكريم لهم، وقدم المهرجان فقرة بعنوان (نجوم خلف الكاميرا) قدمها الفنان (محمد فراج)، حيث تم تكريم المخرج المنفذ (وحيد محب) والمخرج المنفذ (سامية شاهين) والأسطى (حسن جاد) والأسطى (محمد زنيتا).

جائزة الإبداع ربما كانت الحسنة الوحيدة في فعاليات المهرجان

وتضمن الحفل أيضا فقرة تكريم العطاء قدمها الفنان (أشرف عبد الباقى)، والذى وجه الشكر للشركة المتحدة والدكتور أشرف زكي، وقدم التكريم لاسم (ممدوح الليثى) وتسلم التكريم نجله الإعلامي د. عمرو الليثى والذى عبر عن سعادته بتكريم والده، كما تم تكريم الكاتب (محمد جلال عبد القوى) والمخرج جمال عبد الحميد والفنان صلاح السعدنى.

وخلال الحفل ألقت المخرجة (إنعام محمد على) كلمة وجهت فيها الشكر لنقابة المهن التمثيلية لإطلاق المهرجان، وقالت أن اللجنة العليا للمهرجان رأت أن يكون إطلاق الدورة الأولى للمهرجان كدورة تأسيسية أو نطلق عليها (زيرو)، وأضافت إنعام محمد على فى كلمتها: تم مشاهدة الأعمال المتنافسة وعددها عدد 27 مسلسلا والتزم أعضاء لجنة التحكيم بالشفافية والحيادية التامة حتى وضع النتيجة النهائية فى مكان لا يعرف عنه أحد شيئا حتى وقت الإعلان، وأوصت لجنة التحكيم بأن تقوم كل شركات الإنتاج بإتاحة وقت كافى للكاتب كى يبدع حتى ينعكس على جودة الأعمال الدرامية من أجل استمرارية الفن المصرى وتقدمه، وأوصت (إنعام محمد على) بإضافة جوائز فى العام المقبل منها (جائزة أفضل مونتاج، وجائزة أفضل مكساج، وجائزة أفضل مصمم ملابس).

وفي النهاية تم الإعلان عن جوائز المهرجان وقدمها الفنان (أحمد فهمى)، ومنها جائزة أحسن تتر مسلسل وفاز بها تتر مسلسل (مشوار)، وجائزة أفضل موسيقى تصويرية قدمها الفنان محمد الشرنوبي لخالد الكمار عن مسلسل (فاتن أمل حربى)، وجائزة أفضل ديكور قدمتها الفنانة تارا عماد للمهندس أحمد عباس عن مسلسل (جزيرة غمام)، وجائزة أفضل تصوير قدمتها الفنانة ريهام عيد الغفور للمصور إسلام عبد السميع عن مسلسل (جزيرة غمام)، وتسلمها المخرج حسين المنباوى، وجائزة أفضل مؤلف قدمها الفنان سيد رجب للكاتب والسيناريست عبد الرحيم كمال عن مسلسل (جزيرة غمام)، وجائزة أفضل مخرج قدمها المخرج خيرى بشارة للمخرجة كاملة أبو ذكرى عن مسلسل بطلوع الروح وتسلمتها إلهام شاهين ومنة شلبى، وجائزة أفضل ممثلة صاعدة قدمتها الفنانان أمينة خليل وأمير المصرى للفنانة رحمة أحمد عن مسلسل (الكبير أوى)، وجائزة أفضل ممثل صاعد قدمها الفنانان الشابات خالد أنور ومايان السيد للفنان (نور النبوى)، وجائزة أفضل ممثلة دور ثانى قدمتها كارولين عزمى وأحمد داش للفنانة ندى موسى عن مسلسل (المشوار)، وجائزة أفضل ممثل دور ثانى قدمتها الفنانة ياسمين رئيس للفنان (رياض الخولى).

جدير بالذكر أن الفنان الكبير يحيى الفخراني ترأس المهرجان في دورته الأولى، وتولت رئاسة لجنة التحكيم المخرجة الكبيرة (إنعام محمد علي)، كما تكونت لجنة التحكيم من: النجم أحمد السقا، والممثل محمد ممدوح، والمخرج تامر محسن، والممثلة صابرين، والكاتب السينمائي حاتم حافظ، والمصور السينمائي سامح سليم، والملحن راجح داود، والناقدة خيرية البشلاوي.

شعار مهرجان القاهرة للدراما

…… ولنا كلمة:

صحيح أن  الدورة الأولى من مهرجان القاهرة للدراما مضت حلوها مرها، لكننا نتساءل في دهشة: لماذا تم إقامة هذا المهرجان بكل تلك العجلة حتى أنهم أطلقوا على دورته الأولى (تجريبية أو زيرو)؟، وهو ما انعكس بشكل سلبي على التنظيم وفقدان المهرجان لهويته التي تجعلنا نبكي على زمن الدكتور (عبد القادر حاتم) الذي أقيم في عهده أول مهرجان للتليفزيون، وكان مهرجانا دوليا استطاع تأكيد مكانة مصر برغم أنها كانت دولة وليدة في هذا المجال، وكذلك العملاقين (صفوت الشريف، وممدوح الليثي) اللذين بهرا العالم العربي في سنوات ازدهار الفن المصري بإنتاج قليل، وعلى الرغم من الازدهار الذي تشهده الدراما الحالية بزخم يفوق كثيرا زمن (الشريف والليثي) إلا أن المهرجان بدا كأنه مولودا قيصريا، والأهم من كل ذلك فقدانه لأكبر أهدافه وهو دعم القوى الناعمة المصرية في وقت تحتاج إليه الدولة إلى دعم الفنون في دفع مسيرة التنمية؟.

ولست أدري كيف أعلن القائمون على المهرجان أنه جاء لتقييم الموسم السنوي للدراما المصرية التي تم عرضها في السباق الرمضاني الماضي 2022، سواء التابعة للشركة المتحدة أو غيرها من الأعمال التي عرضت؟، وهو في اعتقادي تصور قاصر في واقع الأمر لأن الدورة لم تأتي بالمأمول في رصد المنافسة في كعكة الدراما الرمضانية المصرية، وهو ما انعكس على مستوى الجوائز الهزيلة وفقدان البعد العربي الذي ميز مهرجاناتنا الفنية على مدار التاريخ، خاصة أن هنالك اتساع واضح في الإنتاج المشترك، فضلا عن أنه كانت المنافسة شرسة للغاية من جانب درامات عربية أخرى مع الدراما المصرية، بل تفوقت على كثير منها.

وعليه أهمس عاتبا في أذن القائمين على مهرجان القاهرة للدراما قائلا: ما هكذا تورد الإبل ياسادة، نحن دولة عريقة في الفنون وفي القلب منها الدراما بالطبع، ومن ثم كان ينبغي أن تكون الدورة الأولى من المهرجان بحجم تلك الدولة لترد على حملات التشويه التي تستهدف مصر في هذه المرحلة من عمر وطن يواجه أكبر التحديات في تاريخه الحديث، بدلا من أن تكون بمثابة لقمة سائغة في فم المتربصين بنا، كي يسخرون من فرط تفريطنا في أهم مناطق تميزنا .. فالفن المصري راسخ في الجذور، لكن ثمة من لايعي قيمته وقدره حتي يأتي هذا المهرجان بكل هذا الهذل والتردي والاستخفاف بالقوى الناعمة المصرية؟

وأخيرا.. فيا أسفا على البعض منا، من هؤلاء الذين لايدركون قدر الفن المصري، خاصة أن غالبية درامتنا تحظى بالعشوائية والسذاجة والبلطجة وغيرها من موبقات تخاصم القيمة والمعنى والمبني الذي تقام عليه صروح الإبداع الحقيقي .. لذا نتمنى ألا تمر هذه الدورة مرور الكرام بل ينبغي المحاسبة حتى لا يظل القائمين عليها يتشدقون بنجاحهم المذهل حتي تبدأ دورة جديدة أسوا من سابقتها وننسى كعادتنا المصرية!!! .. رحمة الله على زمن الأباء (صفوت الشريف، ممدوح الليثى) في وعيهما وتمسكهما بوطنيتهما وغيرتهما على الفن المصري الذي كان بالأمس يهتم بالكيف على حساب الكم، بينما نحن الآن بفرط عشوائيتنا المزرية نهتم بالكم على حساب الكيف، بينما الوطن جريح بأفعال كثير من الدراما التي تنسف القيم وتحط من شأن المرأة وتسعى لخراب البيوت المصرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.