رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

تحية كاريوكا .. خبأت الرئيس السادات، وعبدالناصر أفرج عنها، ووصفها بـ 100 رجل !

كتب : أحمد السماحي

امرأة بألف رجل‏!‏ هذا هو الانطباع الذي يسيطر عليك عندما تنتهي من قراءة سيرة حياة الفنانة الكبيرة (تحية كاريوكا‏) التي نحيي اليوم الثلاثاء الذكرى الـ (23) لرحيلها، حيث رحلت عن حياتنا يوم 20 سبتمبر عام 1999، تحية التى بدأت من الصفر‏، ووصلت القمة بجهدها وذكائها وجدعنتها‏، إذا فكرت في شئ وأرادته فإن هذا يعني تحقيقه بالضرورة لأن إراداتها من حديد وعزيمتها من فولاذ، واستطاعت أن تكسر قاعدة مهمة جدا ظلت مسيطرة علينا حتي ظهرت هى و(أم كلثوم) هذه القاعدة تقول أن المرأة في تاريخنا ظل وخيال وصدي للرجل، فالمؤرخين لا يتحدثون عنها إلا من خلال رجل أو عن طريق رجل!.

 لكن (تحية) أثبتت أنها تستطيع أن تشارك، تدعو،تفكر، تتقدم، تبادر، وتساهم بشكل رئيسي في حياتنا العامة، لقد استطاعت (تحية كاريوكا) أن تعطي نموذجا لما يستطيع الفنان أن يفعله لبلاده.

سيدة مجتمع من طراز رفيع

مساعدة الفدائيين

 بدأت شخصية (تحية كاريوكا) تحمل الهم الوطني منذ بدايتها وبالتحديد منذ عام1948 حين كانت تساعد الفدائيين في العمل الفدائي في منطقة القناة قبل ثورة 23 يوليو، فبعد انفجار الحس الوطني ومؤامرة حرب فلسطين أصبحت منطقة الإسماعيلية التي كانت تحوي أكبر معسكرات ومخازن السلاح للإنجليز في (فايد وأبوصير وأبوسلطان)، ولأن نجمتنا – التي يجهل تاريخها السياسي الكثيرين – من الإسماعيلية لهذا كان من الطبيعي دخولها إلي المدينة لزيارة أهلها، واستغلت (كاريوكا) ذلك في نقل الأسلحة في سيارتها الخاصة للفدائيين، وتدخل بها إلي أرض مزرعة شقيقتها (مريم) في الإسماعيلية.

السادات

خبأت السادات

سميت أرض مريم فيما بعد (تبة مريم) نسبة إلي شقيقة (تحية) التي خبأت الرئيس الراحل (محمد أنور السادات) في مزرعتها لمدة عامين كاملين، بعد أن قامت (تحية) بتهريبه في سيارتها إلي منزل شقيقتها بعد هروبه من مطاردة الشرطة بعد اتهامه في حادث مقتل (أمين عثمان)، والطريف أن (السادات) بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية قال لها وهو يكرمها عام 1978: (فاكرة يا حية لما كنت بأعمل مع شقيقتك في مزرعتها)، ولكنها ردت: (لا يا ريس إنت كنت هاربان وأنا اللي هربتك) فضحك السادات ضحكته الشهيرة.

عبد الناصر

تسليح الجيش

في عام1955 أعلن (جمال عبدالناصر) قراره بكسر احتكار السلاح والتحول إلي المعسكر الشرقي لتسليح الجيش بعد أن رفض الغرب تقديم السلاح إلي مصر إلا بعد الاعتراف بإسرائيل، وعقد اتفاق معها ورفض (عبدالناصر)، ويومها خرج الفنانون المصريون وفي مقدمتهم (تحية كاريوكا) في احتفالية أطلقوا عليها (أسبوع تسليح الجيش) إلي الشوارع والمحافظات لجمع التبرعات مساهمة في شراء صفقة السلاح الجديدة، كما خصص الفنانون أجورهم عن الأعمال الفنية لهذا الهدف الوطني، وجاءت (تحية كاريوكا) ومعها السيدة (أم كلثوم) على القمة في جمع أكبر قدر من التبرعات لتسليح الجيش المصري، كما قدمت (كاريوكا) جزء من مجوهراتها لهذا الهدف، وشكرها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقال لها جملته الشهيرة (إنك بألف رجل يا تحية)، فردت عليه أن كل هذا من خير مصر يا ريس!.

بكامل شياكتها في مهرجان كان وبجوارها المنتج رمسيس نجيب

الوفد الأسرائيلي

وفي عام1956 اشتركت مصر في مهرجان (كان السينمائي) بفيلمها (شباب إمرأة) وسافرت أسرة الفيلم إلي المهرجان ومن اللحظة الأولي اكتشف الجميع فرق المعاملة مقارنة بالوفد الإسرائيلي الذي يعامل بكل اهتمام وتدليل، وتفتق ذهن (تحية) عن حيلة عبقرية للفت الأنظار وسحب البساط من تحت أقدام كل النجمات ومن بينهن (ريتا هيوارث) فقد غيرت ملابسها المودرن لتلبس الملاية اللف التي ترمز لبنت البلد المصرية الجدعة.

 وبالفعل أصبحت (كاريوكا) حديث كل الوفود المشاركة، وأثناء الغداء الذي تقيمه إدارة المهرجان تحية للوفود المشاركة تعمدت (ريتا هيوارث) أن تتحدث عن الوفد الإسرائيلي وتمدحه، وعلى الفور تصدت لها (تحية) وأسمعتها بلغة انجليزية سليمة مالم تتخيله، واضطرت النجمة الشهيرة أن تهرب من سب (كاريوكا) وعندما حاول أحد الممثلين الأجانب أن يسب همجية العرب بصقت في وجهه!.

وطلبت من رئيس وفد مصر الأديب (يحيي حقي) أن ينسحب فآثر الحكمة والتعقل ورفض الانسحاب، وكلف هذا الموقف تحية عدم الحصول علي جائزة النقاد عن دورها في الفيلم، وعندما علم الرئيس (جمال عبدالناصر) بهذا الموقف بعد أن كتبت عنه الصحف قرر علي الفور تكريمها وتعويضها بجائزة أكبر وأوصي بمنحها جائزة الدولة عن دورها في فيلم (شباب امرأة) وبعد هذا الموقف من النجوم الصهاينة ضد مصر قررت تحية أن تأسس جمعية برئاستها لمقاطعة الأفلام والنجوم ذوي الميول الصهيونية.

في بدايتها راقصة لها أسلوب خاص

دخلت السجن بسبب فاروق

(ذهب فاروق وجه بعده فواريق) هذه العبارة دفعت (تحية كاريوكا) ثمنها مائة يوم حبسا في سجن الاستئناف بعد أن اتهمت مع زوجها (مصطفى كمال صدقي) بالانخراط في تنظيم سياسي يساري معاد للثورة، وفي السجن أعلنت الغضب ضد التعذيب وعرف عنها تماسكها وشجاعتها، وقامت في السجن بنشاط لمحو الأمية للسجينات.

عرفت بمواقفها التى تتميز بالجدعنة والفروسية

حركة حدتو

كما أنها لعبت دورا سياسيا بارزا حيث ألقى القبض عليها أكثر من مرة بسبب نشاطها السياسي السري، فقد كانت قريبة من المثقفين والسياسيين المعارضين، والكتاب اليساريين، بل إنها انخرطت في الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني الشيوعية (حدتو)، وفي فترة سجنها جاءت لزياراتها خادمتها (سيدة) مع المخرج (حلمي رفلة) الذي كان قد انتهى من مونتاج فيلمهما (عاشق الروح) وكان بصحبته الطبال الخاص بـ (تحية) عم (سيد كراوية) فألقى ضابط السجن القبض عليهم وهم يقفون في الشارع المواجه لنافذة زنزانتها، ويتحدثون إليها، وكانت التهمة الاتصال بإحدى السجينات من دون تصريح من إدارة السجن، وتم حجز المخرج (حلمي رفله) والطبال (سيد كراويه)، والخادمة (سيدة) لمدة 24 ساعة.

وعند تقديمهم للمحكمة حكمت على كل منهم بغرامة قدرها جنيه، وفي اليوم التالي نشرت الصحف الخبر التالي (المحكمة تبرئ حلمي رفلة من تهمة محاولة لتهريب الفنانة تحية كاريوكا من سجن الأستئناف، وقرأ (جمال عبدالناصر) الخبر في الصحف، فسأل عن سبب احتجاز (تحية) وتهمتها وعندما علم بأمر ما هو منسوب إليها أمر بالإفراج عنها فورا، وخرجت (تحية كاريوكا) بعد ثلاثة أشهر أمضتها في سجن الاستئناف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.