رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
بوستر (وش وضهر)

بقلم : علا السنجري

توتة توتة حلوة الحدوتة، فيها حاجات ملتوتة، مجرد وش وضهر، كل شيء في الدنيا أبيض وأسود ، النفس البشرية معقدة  بسيطة وعادية، ساعد ذلك التصوير في أماكن غير معتادة والخروج لمحافظة أخرى غير القاهرة، الموسيقى تؤهلك للأحداث التي ستدور في أحياء مجاورة لمسجد السيد البدوى، عمل رائع بكل تفاصيله .

لنبدأ بأحداث (وش وضهر) من خلال شخصية (جمال فرحات / إياد نصار) يعمل في مصنع أدوية، والده كان يعمل ممرض لدى (الدكتور جلال) الذي علمه أسرار مهنة طب أملا في أن يلتحق بكلية الطب، لكنه اتهم بالغش في امتحان الثانوية العامة، تزوج من (مايسة / فدوى عابد) التي تعامله بتعالي وجفاء لمجرد أنه أقل منها تعليما .

تقوده مصادفة غير مقصودة للحصول حقيبة بها الكثير من المال بدلا من زميله (جمال) الذي يهرب الأدوية ويبيعها لحسابه الخاص .

قرر الهروب من عمله ومن زوجته، ذهب إلى موقف الميكروباص وقادته رجله إلى طنطا ليعيش هناك بصفة طبيب، يؤجر شقة وعيادة من (أبو البراء / محسن منصور) المؤمن بالطب النبوي المتأسلم، يستعمل السواك في تنظيف أسنانه، يعجب بـ (ضحى / ريهام عبد الغفور) رغم أنه متزوج ولا يعلم أنها تعمل راقصة في الأفراح الشعبية .

(ضحى) تخبر أهل الحي الذي يسكن فيه (أبو البراء) والذي أجر فيه جمال العيادة، إنها تعمل هى و(هبة / ثراء جبيل) ممرضات في أحد المستشفيات ليلا، مما يدفع (أبو البراء) أن يطلب منها العمل لدى (جلال) .

تعجب (ضحى) بجلال بعد عدة مواقف بينهم تشبه مغامرات القط والفار خوفا من أن كلا منهم يكتشف حقيقة الآخر مما يبعدها عن صديقتها (هبة) المتورطة في علاقة مع (عبده وردة / إسلام إبراهيم)، تتعرض للموت على يد طبيبة الإجهاض مما يدفع (عبده وردة) للإسراع في إجراءات الزواج.

الأحداث كلها بسيطة بلا مفاجأت، الشخصيات مرسومة جيدا، أبسط الشخصيات في العمل تترك لديك أثرا مثل أخوات (ضحى) و(نصر الحراق / محمد فريد) وأخوه العريس، نعيمة والدة عبده والدكتور جلال الحقيقي، تفاصيل زواج أخت ضحى، المستشفى العام والمرضى به، فرقة الأفراح الشعبية .

ربما بالنسبة لي أجمل ثنائي هما (الحاج والحاجة) المتزوجين من ستون عاما، الإحساس الجميل بينهم وعشرتهم الرائعة حتى بعد ما أصابها مرض نادر وهو النوم القهري، لم يتركها زوجها الحاج، ولم يرغب في الزواج من أخرى بل لم ييأس من البحث عن دواء أو طبيب لها، علاقة سوية تدل على المودة والرحمة.

قصة بسيطة لكنها أوجدت العديد من التفاصيل الصغيرة كالحياة الواقعية، ربما بعض تلك التفاصيل بها تناقض، وهى التفاصيل المتلوتة في الحدوتة، مثل التبرك بالأضرحة، إظهار علاقات الزنا المحرمة على أنها علاقات عادية قد تنتهي بالزواج، وهو أمر قد لا يحدث في الحقيقة، التناقض في تفكير (عبده وردة) الذي يرى أنه شيء عادي أن يشغل البنات في الرقص والأفراح الشعبية، لكن زوجته لا يجب أن تعمل راقصة، اختلال في مفاهيم الحلال والحرام .

الاختلال لدى الطبيبة التي تعمل في عمليات الإجهاض، تجد أنه لا عيب في أداء تلك العمليات لكنها تتخلص من الفتيات بالقائهم بعد العملية في الشارع خوفا من إصابة العيادة بالنجاسة من زنا هؤلاء الفتيات، خلط كبير بين الوش والضهر والتخلي عن أخلاق المهنة .

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
إياد نصار .. خطوات الدور الدرامية جيدا

أجاد (إياد نصار) خطوات الدور الدرامية جيدا، فهو الموظف البسيط بوضعه المادي الرديء، المعنف من زوجته ليتحول إلى الدكتور جلال بملابسه الباهظة والبالطو الأبيض، استخدم تعبيرات وجهه في التعبير عن الارتباك أمام أول مريض، ونظراته لضحى وحالته النفسية بعد موت (أبو البراء)، قدم إياد نصار أفضل أدواره إلى الحد الذي يجعل المشاهد يتساءل: هل الظلم مبرر قوي للتزوير، هل كان يستحق العقاب في النهاية ؟.

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
ريهام عبد الغفور .. وصلت لمرحلة النضج الإبداعي

(ريهام عبد الغفور) قدمت الفتاة الكادحة الطيبة لتقدم كل شيء وعكسه، الصدق والكذب، هى فنانة لا تهتم بالبطولات بقدر اهتمامها ما الذي يقدمه الدور، تختار بعناية ما يناسبها، وفي هذا العمل بالتحديد وصلت لمرحلة النضج الإبداعي.

من وجهة نظري مفاجأة العمل الحقيقية هى دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في السياق الدرامي، مثل (نوجا عزام) ومشغولاتها اليدوية الجميلة لتعطي رسالة تحمل طاقة إيجابية في مشهد بسيط، وكذلك الشاب (كريم لؤي) في أداء تلقائي لشخصية أخو (ضحى) جعل المشاهدين ينتظرون ظهوره .

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
ثراء جبيل .. موهبة من العيار الثقيل

(ثراء جبيل) موهبة من العيار الثقيل، أثبتت جدارتها في هذا المسلسل بتقديم دور (هبة) لتؤدي الفتاة الغلبانة العاشقة، لتتحكم في ملامح وجهها في أداء انفعالي رائع من نظرات وبكاء وضحك، أجادت طريقة الكلام، أوجدت كيمياء تفاعل مع (إسلام إبراهيم) في مواقف درامية وكوميدية تم توظيفها بشكل جيد.

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
إسلام إبراهيم .. مواقف درامية وكوميدية تم توظيفها بشكل جيد

(إسلام إبراهيم) باختصار حرباية تتلون حسب الشخصية التي يؤديها، قدم (عبده وردة) بحلم الشهرة ليصبح فنان معروف ليقود فرقة أفراح في النهاية .

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
محسن منصور .. أداء إبداعي

(محسن منصور) أيضا قدم أفضل أدواره الفنية، نضج فني رهيب ليتطور أداؤه في شخصية (أبو البراء)، رجل اسلامجي متطفل، عقيدته الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بداخله أكثر مما يظهر يجعلك تتعاطف معه في نهايته، يستحق مكانة فنية اكبر .

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
محمود قابيل .. مازال البرنس
(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
ميمي جمال .. الدهن في العتاقي

(محمود قابيل) ما زال البرنس، (ميمي جمال) مثال حي على المثل الشعبي (الدهن في العتاقي)، (محمد فريد) في (نصر الحراق) رائع في التفاصيل والتعبير .

(فدوي عابد) تلقائية رهيبة إلى الحد الذي يجعل المشاهد يكره هذه النوعية من الزوجات، والتي تعبر عن فئة أصبحت بيننا بسبب ارتفاع سن الزواج التي ترى أنها نعمة كبيرة لزوجها، أداء جيد في انفعالاتها العصبية وكلامها المستفز.

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
فدوى عابد .. تلقائية رهيبة إلى الحد الذي يجعل المشاهد يكره هذه النوعية من الزوجات

العمل فنيا رائع وكتابة جيدة من (ورشة سرد) بقيادة (مريم ناعوم وأحمد بدوي وشادي عبد الله)، ليستمروا في اختيار موضوعات غير معتادة أو مستهلكة بل موضوعات جديدة تماما.

الإخراج لـ (مها أبو عوف) يكمل الابداع، (نانسي عبد الفتاح) التي اختارت أماكن غير معتادة جعلت الصورة جميلة، الدور الأكبر كان من نصيب (الستايلست ريم العدل)، حيث اختارت الملابس المناسبة لكل مرحلة للشخصية وطبيعة العمل والبيئة التي تعيش فيها .

النهاية كانت مناسبة للحدوتة، خاصة اختيار الفنان (محمد ممدوح) في دور المحامي (حسن) ومحاكاة مشهد المحكمة الشهير للفنان (عادل أمام) في دور (حسن سبانخ).

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية خاصة جدا
جلال وضحي .. لعبة القط والفأر

(وش وضهر) .. حدوته منسوجة بعناية بعيدة عن أدوار البلطجية ومافيا السلاح لتقدم قصة رومانسية بسيطة لناس عادية، ربما اعترض البعض على بعض النقاط مثل التبرك بالأضرحة وهجر الزوجة، حياة راقصات الدرجة الثالثة للأفراح الشعبية ، وربما يرى البعض أن العقاب في النهاية لم يكن مناسبا، حتى لا يكون ذريعة لتقبل مثل هذا التزوير في انتحال شخصية طبيب، لكنها في النهاية حدوته قد تكون موجودة بالفعل وسط أهالينا في المدن غير القاهرة أو ريف  في طنطا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.