رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

هدى العجيمي تكتب : زكي طليمات رائد المسرح العملاق

بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي

أضواء المسرح حديثنا المتجدد اليوم ننتقل به من السينما الي المسرح وهو فن آخر يعتبر حديثا على الثقافة العربية، لكنه أضاء حياتنا الفنية وملأها بالبهجة والثقافة والترفيه وكما تحدثنا من قبل عن فجر السينما المصرية من خلال ذكريات السينما ئيين الأوائل نتحدث اليوم عن نشأة المسرح في مصر من خلال ذكريات أحد المسرحيين الأوائل الذين تركوا بصمة لا تمحي في تاريخ المسرح، وخاصة المعاهد المسرحية التي تعدالممثلين للوقوف على المسرح مسلحين بالعلم والثقافة والدراسة الأكاديمية المحترمة.

يحكي لنا عن كل هذا الفنان الكبير (زكي طليمات)، الذي يبدأ حديثه بالتعريف بنفسه ونشاته، فيقول إنه ولد في حي السيدة زينب في شارع خيرت بجوار مطبعة مصر وهذا ما حببه في القراءة والمطالعة، وانه نشأ في بيت متحفظ، وقد تم الطلاق بين أبيه وأمه رغم أنهما كانا يحبان بعضهما حبا كبيرا فأصبح هو يعيش فى كنف أمه، وكانت سيدة شركسية مسيطرة فيقول :(لم أكن أنطلق علي سجيتي بل أشعر بالكبت)، ويصف الحياة الاجتماعية للأم في ذلك الوقت وكيف أنها كانت تعتقد في الخرافات والزار لكي تشفي من أي وعكة صحية، وكنت أحضر حفلات الزار التي يتحرك فيها المشاركون مع دقات الطبول وعلى الإيقاع بحركات راقصة يشعرون بعدها بتحسن كبير وهدوء للاعصاب.

زكي طليمات .. كان ممثلا ومحرجا من طراز رفيع

وكنت أشعر وقتها أن البيت مسيطر عليه العفاريت والأسياد وكان تأثير ذلك على غريب جدا فكنت أدعي بأنني أقوم بنفس الحركات إلى حد التشنج والسقوط، فيقول الجميع أنني (على عفريت) لكنني في حقيقة الأمر كنت أدعي ذلك وأتلبس الشخصية أي اتقمص شخصية المريض الذي يسيطر عليه الجن والعفاريت، وكان هذا هو أول عهدي بالتمثيل وكنت أيامها مصاب بعقدة إثبات الذات، وبعد ذلك أدخلوني الكتاب وأنا سني 7 سنوات، وكان الكتاب يساوي مدارس الأطفال الان، وكنت أحفظ القرآن الكريم إذ كانت ذاكرتي قوية جدا لكنني كنت مولعا بالتقليد وطبعا التمثيل أساسه التقليد.

ومن هنا بدأت هوايتي للمسرح، لم أشتغل لأكل عيش بل على العكس كنت موفق في دراستي، وكان بي شغف للمعرفة وطرح الأسئلة، يعني مثلا ما هو أصل هذا الاسم (طليمات) وماذا يعني؟، لم أعرف الإجابة إلا عام 1944 عندما اكتشفت أن لي أقارب في حمص من قبيلة عربية خرجت مع الحسين من كربلاء وتشتت القبيلة، كان اسمها (بني الأسعد) وجزء من القبيلة دخل الي سوريا نزلوا فى مدينة حمص، ووجدت هناك عائلة اسمها (طليمات) وتعرفت علي شجرة العائلة منه ، وكنت اهتم بالرياضة وكان الشاب القوي المرموق الذي لديه عضلات بارزة مثل ( سلامة حجازي) كنت أعجب به جدا، وكان سلامة حجازي ممثلا أيضا في البداية رغم أنه كان شيخا يلبس العمامة وليس الطربوش، بعد ذلك خلع العمامة ولبس الطربوش والملابس الأفرنجي.

جورج أبيض .. تأثر به طليمات كثيرا وكان مثله الأعلى

وكان هو مثلي الأعلي كان يغني في (التياترو) ويسمع في ميدان العتبة لأنه في مطالع القرن لم يكن هناك راديو ولا تلفزيون، كانت أغانيه مع ذلك منتشرة جدا لأن صوته كان فيه القوة والجمال، وعن طريقه اشتغلت بالمسرح كأحد الهواة وهناك تعرفت علي الممثل (جورج أبيض) رائد المسرح، جاء مرة وقال أنا سوف أعمل رواية (هملت) وكان قد ترجمها خليل مطران، وأراد أن يشاركني فيها بدور ثان، و(جورج أبيض) فكر في أن يقدم ( هملت) بالفكر الفرنسي بالطريقة الرومانسية الاندفاعية الانفعالية، وصلنا في المسرحية إلى مشهد المبارزة، قال لا أعرف المبارزة ، وأنا كرجل رياضي قمت بمساعدته في تعلم المبارزة لمدة استمرت ثلاثة أيام في التدريب علي استعمال السيف والخنجر.

وعرضت مسرحية (هملت) التي قدمها بشكل المدرسة الفرنسية الرومانسية وكان (جورج أبيض) يملك موهبة الصوت الصداح وله صدى تشعر فيه بالحضور والتأثر، ثم طلب مني (جورج أبيض) أن أترك المدرسة لاشتغل معه بالتمثيل، لكنني نصحت بأن أستكمل تعليمي بحجة أن الممثل لابد أن يكون متعلما ومثقفا لأن التعليم هو الذي ينظم الموهبة التي تمنحها الطبيعة للانسان، وكنت ألازم (جورج أبيض) وأسأله ألف سؤال لأنني كنت مشوق للمعرفة وهو لديه الإجابة علي اي سؤال وأية معلومات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.