رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عصام السيد يكتب : حول المهرجان القومى للمسرح

بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد
تنعقد الدورة الخامسة عشر للمهرجان القومى للمسرح أول الأسبوع القادم ، و هو المهرجان الذى تشارك فيه جميع أطياف المسرح المصرى من مسرح قطاع عام وخاص و مسرح مستقل و مسرح جامعى و مسرح الأقاليم ، و هو حدث سنوى يثير الجدل كل عام سواء بسبب اللائحة أو عدد المشاركات من كل جهة إنتاجية أو بسبب الفاعليات أو بسبب النتائج التى لا ترضى الجميع دائما و أبدا .
و برغم عدم اقتناعى الشخصى بالتسابق فى الفن ، و تمنياتى فى أن يكون المهرجان القومى احتفالا بالمسرح و المسرحيين و طريقا لجذب مزيد من الجماهير ، و أن يقتصر التسابق على المرحلة التى قبل المهرجان . فهناك بالفعل مسابقات تقام لكل من المسرح الجامعى و مسرح الثقافة الجماهيرية و لا يبقى سوى سوى المسرح المستقل – الذى من الممكن اقامة مسابقة خاصة به – على أن يلتقى كل الفائزين فى (بانوراما) للمسرح المصرى يستمتع فيها الجمهور بأفضل إنتاجات الفرق كل فى مجالها الإنتاجى ، و لكننى آثرت عدم فرض رؤيتى الشخصية على لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة التى أتشرف بأن أكون مقررا لها . و من خلال مناقشات مطولة قررت اللجنة عقد أولى موائدها المستديرة التى تناقش فيها قضايا عاجلة تخص الحركة المسرحية بمائدة حول المهرجان القومى للمسرح المصرى بسبب ما يثيره من جدل كل عام و قررت اللجنة مناقشة المهرجان من خلال ثلاث محاور هى : الفلسفة / التوجه / المعوقات . لنصل إلى مقترحات محددة تنشد مهرجانا أفضل وأشمل و أكثر نضجا، و ذلك بحضور مجموعة من النقاد و المسرحيين من كافة التخصصات و المسئولين الحاليين و السابقين للمهرجان ، و قد خرجت المائدة بعدة توصيات و مقترحات أعتقد أن الوقت لم يسعف إدارة المهرجان للأخذ بها هذا العام و نتمنى أن يتم تنفيذها فى الدورات القادمة ، خاصة و أنها تؤثر على نتائج المهرجان .

خرجت المائدة بعدة توصيات و مقترحات لإصلاح حال مهرجانات المسرح

فبعد تعديلات عديدة – لم يؤخذ فيها رأى جموع المسرحيين – عاد المهرجان إلى لائحة 2015 و التى طرحت لنقاش عام من المسرحيين قبل إقرارها ، و لكن انتهت المائدة المستديرة إلى ضرورة إعادة النظر فى تلك اللائحة أيضا و ذلك لإضافة :
أولا : تحديد دقيق لنوعية من يطلق عليهم ( صاعد ) أو كبير ، بدلا من أن تترك كل مرة لتقدير لجنة التحكيم ، فليس من المعقول أن يفوز مخرج ما فى فئة كبير و فى العام التالى يفوز بلقب مخرج صاعد مثلا !!
ثانيا : ضرورة أن يكون هناك نسبة و تناسب بين حجم إنتاج كل جهة إنتاجية و حجم تمثيلها فى المهرجان . فالمسرح فى الثقافة الجماهيرية ينتج كل عام ما يقرب من 200 عرض و لكن نسبة مشاركته تقل عن نسبة مشاركة قطاع الإنتاج الثقافى بشقيه الدرامى و الاستعراضى و الذى ينتج لأقل من ربع ما تنتجه الثقافة الجماهيرية . كما أن المسرح الجامعى لا يمثل فى المسابقة إلا بعملين فى حين أن هناك ما يقرب من 30 جامعة تقدم نشاطا مسرحيا !!
و هذا التصور لابد أن تستتبعه بالضرورة امتداد ليالى المهرجان لتغطى مساحة زمنية أكبر ، و عدد أيام أكثر ، و لا غضاضة فى هذا فهو يتيح الفرصة لعدد أكبر من المشاهدين فى أن يتابعوا المهرجان ، كما يقضى على إرهاق لجان التحكيم التى تضطر إلى مشاهدة ثلاث عروض يوميا – و هو أمر غير إنسانى و لابد أن يؤثر على أحكامها – و لنا أسوة فى المهرجانات القومية فى الدول الكبرى حيث يمتد المهرجان القومى الروسى ألى 4 شهور .
و إذا كانت الميزانية هى العائق وراء امتداد أيام المهرجان فقد اقترحت المائدة المستديرة أن يتم تفعيل الحجز الإلكترونى لعروض المهرجان على أن تكون العروض بتذاكر لضمان جدية الحجز ، فإن تذكرة مخفضة و شبه موحدة ستتيح تنظيما أفضل للمهرجان برغم صغر العائد ماديا . و من الممكن التعاون مع صندوق التنمية الثقافية فى هذا الصدد بصفته أحد الجهات المنظمة للمهرجان فى أن يقوم بتحصيل قيمة التذاكر على أ تخصص حصيلتها لدعم المهرجان ماديا ، فكل مهرجانات السينما بتذاكر فلماذا نصر على مجانية مهرجانات المسرح ؟ إلى جانب ضرورة إيجاد عناصر تمويلية مختلفة ( سبونسر ) بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية ، الذى سيتيح للمهرجان حرية حركة أكبر .

على ادارة المهرجان أن على تطويره و إيجاد آلية لتنفيذ توصيات المائدة المستديرة

و لكى يحصل المهرجان على رعاة لابد و أن تهتم إدارته بالإعلام سواء الإلكترونى أو الورقى أو المرأى ، و أيضا الاهتمام بالرؤية البصرية للمهرجان و خلق مستوى جمالى مميز للفاعليات و الاتفاق مع إحدى القنوات التليفزيونية التى تتميز بكثافة المشاهدة لتغطية وقائع المهرجان عن طريق (الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية) والتى من المفترض أنها الجهة الحريصة على نشر الوعى عن طريق الفن و رفع مستوى التلقى عند الجماهير.
إن المهرجان لابد أن يسعى لترقية فن المسرح ، فهو ليس واجهة فقط لعروض المسرح المصرى و إنما كيان فاعل فى إعلاء شأن المسرح و تطوير المهنة على كافة الأصعدة و التخصصات ، و لذا فمن الواجب الاستفادة من المنح و البعثات التى تتوافر لقطاع العلاقات الثقافية الخارجية سواء بوزارة الثقافة أو وزارة التعاون الدولى لإضافتها للجوائز ، فذلك سيحفز كثيرين على المشاركة و يضمن للجيدين منهم مسارا نحو الأفضل . و إيجاد آلية لاختيار العروض المميزة للانضمام الى الفرق التى تتجول فى محافظات مصر ، فهناك ضرورة لكسر مركزية المهرجان فى العاصمة ، و مده إلى محافظات أخرى سواء بعروض على الهامش أو تجوال عروض داخل المسابقة، إلى جانب استغلال فترة المهرجان فى تشكيل لجان فنية و علمية لوضع أبحاث تقيس مدى تأثير المسرح على الجمهور ، و لتعرف الحركة المسرحية من هو جمهورها الحقيقى لتتعامل معه بشكل علمى ، و هكذا يتحقق الهدف من المهرجان .
و إذا كانت غالبية الآراء اتجهت لبقاء المهرجان بمسابقة واحدة تضم الهواة والمحترفين ، و لكن الحاضرون أجمعوا على ضرورة أن يكون لمسرح الطفل مسابقة منفصلة ، تجمع كل فنون الطفل من عروض عرائس و بشرى و خيال ظل و أراجوز ، فمسرح الطفل يستحق أن يقام له مهرجان منفصل و ليس جزءا من المهرجان القومى .
نتمنى للمهرجان دورة جديدة هادئة بلا مشاكل أو اعتراضات أو تجاوزات ، و نتمنى أيضا أن تعمل ادارة المهرجان على تطويره و إيجاد آلية لتنفيذ توصيات المائدة المستديرة كما وعد الفنان يوسف إسماعيل رئيس المهرجان و الفنان إسماعيل مختار مديره ، فور انتهاء هذه الدورة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.