رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

في يوم ميلادها تعرف على فيلم نجاح سلام الذي لم يخرج للنور

في بدايات مراحل نضجها الغنائية في بيروت

كتب : أحمد السماحي

نحتفل اليوم الأحد 13 مارس بعيد ميلاد صوت العرب مطربتنا الكبيرة (نجاح سلام) المولودة يوم 13 مارس عام 1931، والتى غنت لكل الدول العربية أجمل أناشيدها الوطنية، وقدمت مسيرة فنية حافلة مليئة بالعطاء والنجاحات، والأهم الاحترام، فعلى مدى مسيرتها لم تقترب منها الشائعات، ولم تغن لفظا نابيا ولا مبتذلابل  على العكس قدمت كل ما هو جميلا وراقيا.

أسعدني الحظ بإجراء العديد من الحوارات الفنية مع هذه الأيقونة الغالية، آخرها منذ خمس سنوات مع جريدة (الأهرام)، ولقد سألتها يومها عن ظروف حضورها للقاهرة فقالت: الموسيقار (محمد عبدالوهاب) هو سبب مجيئي للقاهرة، ففي عام  1948 كان والدي (محيي الدين سلام) مديراً للإذاعة اللبنانية، وفي أحد الأيام سمعته يقول لوالدتي: (إن عبدالوهاب سيزور الاذاعة غداً هو والشاعر بشارة الخوري، فطلبت منه أن يصطحبني معه لأرى عبدالوهاب)، وفي اليوم الثاني كنت بالفعل أقف في الصفوف الخلفية لحشد فني يضم عمالقة الأدب والفن في لبنان، ومن وقت لآخر أقف على أصابع قدمي لأنظر إلى (عبدالوهاب) الذي شاهدني وسأل عني فقدمني والدي إليه.

مشهد من أحد أفلامها الغنائية

وفجأة قال لي عبدالوهاب: هل صوتك جميل؟ فقلت له بسرعة: نعم، وغنيت له من أغانيه أغنيتي (ايه جرى يا قلبي، أنت وعزولي وزماني).

فغضب والدي من تصرفي، لكن (عبدالوهاب) قال له إن الصوت الجميل نعمة من الله سبحانه وتعالى، وإن لبنان مليء بالمهندسين والدكاترة والمحامين لكن من يمتلكون الصوت الجميل قلة، فاقتنع والدي بكلامه خاصة أنني تحدثت بعد ذلك مع كبير عائلتنا (صائب بك سلام) واقنعته هو الآخر باحترافي الفن.

وفي نهاية زيارته للبنان طلب (عبدالوهاب) من والدي التوجه بي إلى القاهرة، وبالفعل حضرنا إلى القاهرة، واتصل (عبدالوهاب) بشركة (نحاس) لإعطائي دور البطولة في فيلم (العيش والملح) مع ابن أخيه المطرب الجديد آنذاك (سعد عبدالوهاب) في أول تجربة سينمائية له، وبالفعل بدأت تمثيل الفيلم لكني وجدت فيه مشاهد عاطفية رفضت أنا ووالدي تمثيلها، فاستعان مخرج الفيلم (حسين فوزي) بالوجه الجديد (نعيمة عاكف) لتمثيل الدور بدلاً مني!.

صوت جميل غنى لكل الدول العربيو

ويبدو أن حالة الغزل والحب بين (نجاح سلام والقاهرة) لم تنقطع منذ نهاية الأربعينات وحتى حضورها للقاهرة في بداية الخمسينات والدليل هذا الخبر الذي وجدناه في مجلة (الفن) المنشور في فبراير عام 1951 وقبل حضورها للقاهرة بشهور قليلة، والخبر يتحدث عن فيلم جديد ستقوم ببطولته، ويقول: كان المنتج السينمائي الوجيه (حسن عامر) قد سافر إلى لبنان كما يعرف القراء لبعض أعمال سينمائية منها ما يتعلق بتوزيع فيلم (خبر أبيض) إخراج عباس كامل وأحدث إنتاج شركته (شروق فيلم) الذي ستستمتع به الجماهير قريبا.

الخبر المنشور في مجلة الفن عام 1951

وقد وفق الوجيه (حسن عامر) في هذه الرحلة الفنية إلى عقد اتفاقات مختلفة دلت على توطيد ثقة المشتغلين بالفن في لبنان فى إنتاج (شروق فيلم) وحسن تقديرهم للجهود التى تبذلها في أفلامها حتى تحقق لها ما تطمح إليه من كمال فني، ومن دلائل توفيق المنتج (حسن عامر) في هذه الرحلة، هذا الاتفاق الفني الذي حققه بتعاقده مع المطربة اللبنانية (نجاح سلام) التى تعتبر في طليعة المطربات هناك من حيث رخامة الصوت وعذوبته، وقوة الحنجرة وسلامة الأداء، فضلا عن وجهها الشرقي الفاتن الدقيق التعبير عن مختلف الأحاسيس، وابتسامتها الحلوة التى تشرق أملا وتواضعا، وقوامها الدقيق المتناسق.

وقد أهلتها هذه المميزات لتقدم الوجوه الجديدة، ومن طريف ما يروى في هذا الصدد إنه بينما كان المخرج (عباس كامل) معتكفا وقد خلا إلى نفسه يكتب سيناريو فيلمه الجديد، إذا به يفاجأ ببرقيه من المطربة (نجاح سلام)، تقول فيها: يهمني أن أبادر فأزف إليك نبأ تعاقد المنتج الوجيه (حسن عامر) معي للظهور في الفيلم القادم (كان على عيني) الذي ستتولى إخراجه، وإن فرحتي بالعمل تحت إدارتك أكبر من أن توصف لما أعرفه فيك من مقدرة على توجيه الوجوه الجديدة، وبراعة في تقديمها تقديما يحقق لها النجاح، وأرجو أن أكون موضوع رعايتك، وأن أحقق حسن ظنك، وتقبل تقديري وشكري وإلى اللقاء).

وقد أجاب المخرج (عباس كامل) ببرقية مناسبة شكر فيها (نجاح سلام) على رقتها وتقديرها، متمنيا لها النجاح في عالم السينما وضرب لها موعدا للقاء في البلاتوه.

ملحوظة: الطريف أن فيلم (كان على عيني) لم يخرج للنور، وقد بدأت (نجاح سلام) مشوارها في السينما المصرية بعد شهور قليلة من نشر الخبر، أي في نفس العام بدليل ظهورها عام 1952  في فيلمي (على كيفك) إخراج حلمي رفله، و(ابن ذوات) إخراج حسن الصيفي، وفي عام 1953 قدمت فيلم (الدنيا لما تضحك) مع المخرج محمد عبدالجواد، ثم التقت بالفعل مع المخرج (عباس كامل) في فيلمين، الأول عام 1954 وهو (دستة مناديل)، والثاني عام 1957 وهو (الكمساريات الفاتنات).

وفي النهاية نهدي مطربة العروبة (نجاح سلام) باقة ورد بلدي محملة بأرق وأعذب الأمنيات الطيبة بدوام الصحة والخير والسعادة.

تستمع إلى غناء محمد قنديل وبجوارها عبدالحليم حافظ في بداياته

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.