رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

العنف في شوارع المحروسة وغياب الوعي !ِ

بقلم : على عبد الرحمن

يوميا تفاجئنا الأخبار بوقائع عنف مبالغ في تنفيذها مابين ذبح في وضح النهار وسط المارة في شوارع مصر، وبين قتل الأصدقاء لبعضهم البعض، وبين الإغتصاب حتي الموت، وبين غدر الأصحاب، وبين قتل الأهل، وكأننا في غابة يسكنها البشر، وكأننا قبائل العصور الأولي، وكأننا في أزمان الجاهلية قبل نزول الأديان.

ولما كانت مشاهد الذبح بالساطور، والقتل باستخدام السنج، والموت خنقا، أو حرقا، أو تقطيعا، بشكل دوري ممنهج لايتفق أبدا مع مبادئ الإنسانية ولا تعاليم الأديان السماوية، ولا يستقيم وسط طبائع شعب ذو أعراف وقيم وعقائد، فماذا حدث لنا؟.. هل هذا تأثير دراما العنف والبلطجة والتحرش؟، أم تأثير الانغماس في هذا العالم الافتراضي وألعابه التقنية الدموية؟، أم غياب دور المؤسسات التربوية التعليميه حتي إنتشر حديث المطاوي داخل المدارس والجامعات؟، أم انعدام دور الأسرة التي أصبحت مفككه وتعيش في صمت أسري وجزر منعزله داخل جدران البيت الواحد؟.

أم هو نتاج غياب دور المؤسسات الدينية وإختفاء القدوة الصالحة أو لتقاعس خبراء التربية والسلوك وعلوم الاجتماع عن القيام بدورهم طواعية كان أم قهرا وإقصاءا؟، وأغلب الظن أنه لعجز أجهزة الإعلام عن القيام بدورها التربوي والتوعوي في تثقيف وإرشاد الناس تربويا ودينياوسلوكيا!.

فالمتابع لحالات العنف المتصاعدة داخل مجتمعنا الذي كان هادئا وسمحا،يلفظ كل عنف وشذوذ يجد مذبحة بالساطور في عز الضهر بالإسماعلية وحالات شنق لطلبة هم من نوابغ المتعلمين، وهذه تقتل صديقتها خنقا في عيادة وتلك تقتل صديقتها ضربا بحجر في شقتها وأمام أعين أطفالها، وهذا بلطجي يحتجز أسرة زوجته، وهذا يغتصب طفلة، وهذه تقتل طفلة من أجل قرطها الذهبي، وحالات قتل وذبح لشباب من فتيات بعد التغرير بهن، بل ووصل العنف إلى داخل المدارس والجامعات مابين تحرش وتنمر وضرب وانتقام!!.

ومما دفعني للكتابة هنا والتنفيس عن نفسي،هو ذلك التكرار والتصاعد والتنكيل في حالات العنف في شوارع المحروسة ولم أجد إعلامنا يقدم نموذجا لأسرة مترابطه تحسن تربية نشئها، ولم أجد رجل دين يدلو بدلوه في هذا السجال الدامي العنيف، ولم أرى قافلة تنويريه طافت شوارعنا ونوادينا وقرانا حقنا لدماء المصريين بالوعظ والتنوير، ولم أجد خبراء الاجتماع وعلم النفس والتربية قد سارعوا إلي ندوة أو ملتقى أو دراسة أو بحث ميداني للوقوف علي هذا التصاعد لمعدلات العنف والجريمه في بقاع المحروسة، ولم أجد إعلامنا واعيا مسئولا يعالج هذا التدهور الأخلاقي بدلا من الهرولة خلف القتلة والجناة، ولم أجد إعلاما أو مؤسسة دينية أو تربويه تطلق حملة قومية لمناهضة العنف المتنامي، فلا قدوة ولا ندوة ولا لقاء ولا قافلة ولا خطبة ولا برنامجا ولا تنويها ولا إنتاجا يرصد هذه الظواهر ويبحث في أسبابها ويجتهد في تقديم علاج لوقف هذا النزيف الدامي.

وكأن مايحدث في شوارع وبيوت مصر هو أمر يخص أهله ولا يمت بصلة لأهل التربية والتنشئة والوعظ والبحث والوعي عبر الميديا، وهل ينتظر هؤلاء دما وقتلا وتحرشا واغتصابا وخنقا أكثر من ذلك، ومن يمنع هؤلاء من القيام بواجهم تجاه الوطن وأهله؟، وهكذا وقف هذا العنف وعودة الصورة السمحة لمجتمعنا المسالم أقل أهمية مما يتناوله إعلامنا ورجال ديننا وأهل التربية من سفاسف الأمور وتوافهها.

متي يتحرك الكل حسب دوره وتخصصه؟، ولما كان لدينا مراكز بحثية إجتماعية كانت تقدم الدراسات والنتائج والتوصيات لمجتمعنا كلما وقع حادث مماثل ومتباعد، وما الذي يمنع رجال الدعوة من الخروج على الناس توعية وتثقيفا ونصحا؟، أم تري مالذي يمنع أن تكون حصة الغد أو محاضرته عن نبذ العنف عند المصريين؟، وما الذي يعوق وسائل إعلامنا من بث برامج وتنويهات واستضافة أهل الخبرة والثقة لبناء صمام أمان للمصريين ضد أفكار وأشكال العنف والتطرف والقتل؟.

إن كثيرا من ضجيج الأسر المصرية وصياح المؤسسات التربوية وجدال رجال الدين والدعوة وسوفسطائية أهل السلوك وخبراء الاجتماع، وكذلك ردح شاشات الإعلام، كل ذلك يتضاءل أمام انتشار مظاهر العنف وسط أهل مصر، فهل نجد في أيامنا القادمة دور للأسرة في التربية السليمة ونبذ العنف؟، وهل تنشر علينا أن نقدم إحصاءات كنتائج لدراسات ميدانيه إجتماعيه وسلوكيه تفسر مايحدث أوتجنبنا مزيدا منه؟، أم ترانا سنشارك في عمل جماعي يقوده رجال الدين لتنوير الشعب والحد من هذا الطوفان الدامي؟، أم ستغطي شاشاتنا برامج وضيوف وخبراء وتنويهات ودراما وأغنيات تحارب هذا العنف وتردنا إلي تقاليدنا وعقائدنا مردا جميلا؟، وهل يقوم كل فريق بدوره حسب تخصصه، أم ترانا مستمرون في الملاحظة عن بعد وإيثار السلامه والصمت ونار العنف تتأجج في بقاع الوطن دون حراك جاد لوقفها؟.

أرجو حراكا مجتمعيا بحجم هذا العنف المتزايد، فمصر بلد طيب وأهله متسامحون .. فماذا حدث؟، وماذا دخل علينا واردا.. حمى الله مصر وألهم أهلها صوابا وسكينة.. وتحيا دوما مصر الهادئة، واحة الأمن والأمان والتسامح والعيش في سلام.. آمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.