رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

رشدي أباظة .. ملك الشر الوسيم والأنيق

مشهد من فيلمه المحبب إلى قلبه (شيئ في صدري)

* أول أدوار الشر التى نذكرها له، كانت عام 1952 فى فيلم (الأسطى حسن) لصلاح أبو سيف

* بعد فيلم (بحر الغرام) أدواره تتراوح بين الخير والشر، وبين البطولة المطلقة فى الأدوار الثانية

* وصل إلى ذروة أدوار الشر فى (الرجل الثاني، والطريق، وشيئ في صدري، ووراء الشمس)

* تؤكد أدوار الشر أن (أباظة) الذى جسد شخصيات متنوعة، قد أتقن دور الشرير بحذاقته وموهبته، فأكسبها صدقا ومهابة ملحوظتين

مع هدى سلطان في (إمرأة فى الطريق)
محمود قاسم

بقلم الناقد والباحث الكبير : محمود قاسم

كل ممثل جيد له فى الشر دور لا ينسى، ففى العام الذى أسند فيه (عز الدين ذو الفقار) دور الأخ الشهم صابر إلى (رشدى أباظة) فى فيلم (إمرأة فى الطريق) أسند اليه دور آخر فى (الرجل الثاني) هو (عصمت) الذى (دوخ) الشرطة ورجالها، ولم يتم التخلص منه بسهولة، فدسوا له بضابط شرطة بالغ الذكاء والحذاقة، فكشف هويته، ولم يدعه يهنأ بالتخلص منه إلا بعد أن أذاق الجميع الأمرين.

(رشدى أباظة) ذلك الأنيق، المهذب، الذى يجيد التعامل مع النساء، المولود لأم ايطالية، وأب مصري، الذى قام بالبطولة المطلقة عام 1948 فى فيلمه الأول (المليونيرة الصغيرة) ما لبث أن صار ممثلا للأدوار الثانية فى أفلامه التالية، وغالبا ما تكون هذه الأدوار فى السينما المصرية مخصصة للشر الذى يحاول مجابهة الخير، وفى هذه الأفلام كان المخرجون ذوى الأصل الإيطالى مثله يسندون إليه الأدوار الثانية أو الأولى، مثل (السيندريني) فى (أمينة) عام 1949، ثم (امرأة من نار) لفرتيتشبو.

شرير وسيم يملك القدرة على الفتك بضحاياه

الأسطى حسن

لعل أول أدوار الشر التى نذكرها له، هى دور الذكر الجديد البديل الذى جاء إلى بيت ثرى فى الزمالك عام 1952 فى فيلم (الأسطى حسن) لصلاح أبو سيف، فهناك امرأة حسية تتعامل دائما مع الرجال البالغين الصلابة بهدف إشباعها، ويأتى هذا الرجل الجديد، أنيقا، قويا، بعد أن انطفأ عود العشيق القديم، إنه طاقة مشتعلة لإشباع المرأة، ويبدو متعجرفا دون أن يعرف نهايته، ولابد للمرأة أن تتخلص من العود القديم الذى يشتعل غضبا، فيتعارك معه.

أنى راحلة وارحم حبي

يبدو أن صورة الرجل الذكر (الشرير) وحدها راقت للمخرجين فى هذا الوجه الجديد، فظهر بالشكل نفسه فى أفلامه التالية، فهو الشرير الأنيق فى (ارحم دموعي) الخطيب الذى يعود من السفر، مصاحبا معه خطيبته الجديدة، ويتخلى كالوغد عن حبيبته التى تنتظره، فهو يميل إلى الميزان الأرجح ناحية الثروة المضمونة، ويتعمد إهانة حبيبته القديمة، التى اضطرت للزواج من رجل صناعة من أجل إنقاذ أبيها من الإفلاس، وهذه الحبيبة تعترف لزوجها فى ليلة زفافها أن قلبها معلق برجل آخر، إنه ليس سوى هذا الوغد الذى سوف يستغل تسجيلات وصور قديمة لابتزاز المرأة أو محاولة إعادتها له.

وفى (جعلونى مجرما) لعاطف سالم عام 1955، هو أيضا أحد الفريقين الذين يترددون على الملهى الليلى من أجل اصطياد النساء، وممارسة شروره، وهو يقف ضد سلطان دوما، ويتشاجر معه، كما يؤدى دور الرجل الذى يتزوج النساء، ويخطط لقتلهن، من أجل الفوز بمبالغ وثيقة التأمين فى فيلم (حياة أو موت) لكمال الشيخ.

كلها أدوار صغيرة متشابهة، للفتى الوسيم الشرير، فهو ابن الوزير الذى يتزوج من فتاة تحب ابن عمها ضابط الجيش فى فيلم (إنى راحلة) لعز الدين ذو الفقار عام 1955، حتى إذا تزوج بها انكشفت أخلاقه الشرسة، فهو يخونها مع نساء أخريات ويضربها إلى أن تشعر باليأس منه فتهرب مع حبيبها وتموت محترقة فى عش الحب بعد أن مات الضابط من المرض.

إزاي أنساك

المخرج الذى أحس بقيمة وموهبة (رشدى أباظة) ومنحه دور البطولة الأولى هو (حسين فوزي) الذى منحه دور الصياد العاشق أمين فى فيلم (بحر الغرام) عام 1955 أمام (نعيمة عاكف)، وقد بدا (أباظة) هنا بالغ السحر، والفتنة، فهو عريض المنكبين، صاحب ضحكة مميزة، يثير شهوة امرأة متزوجة تريده لنفسها، لكن ليس هذا الدور هو ما نهتم به هنا، نحن نبحث عن (أباظة) الشرير، لكن منذ هذا الفيلم وأدوار الممثل تتراوح بين الخير والشر وبين البطولة المطلقة فى الأدوار الثانية.

ففى العام 1956، قام بدور ابن الذوات الأنيق العاشق الذى تدفعه حبيبته (كريمة) إلى الانتقام من المطربة الجديدة (زنوبة) التى تملكت قلب المطرب والملحن (وحيد) فى فيلم (إزاى أنساك) لأحمد بدرخان، فيقوم هذا الشاب الثرى بإغراء زنوبة بالهدايا وبعدها بالزواج، ويبدأ فى إبعادها عن المطرب، بل أن (زنوبة) تتعالى على المطرب وتترك بروفات العروض الغنائية مما يعرض الفرقة للخسارة، وذلك كلما أغدق عليها الشاب المزيد من الهدايا، ويتمكن ذات ليلة من تخديرها والاعتداء عليها ثم يكشف لها حقيقتها ويتركها.

(زنوبة) فى هذا الفيلم تستحق مثل هذا الوغد الذى غرر بها، فسرعان ما صارت هى الأخيرة شريرة ناكرة لجميل من وقف بجانبها، والغريب أن الفيلم سرعان ما غفر لها، حين قررت العودة مرة أخرى إلى (فريد الأطرش).

جميلة بوحيرد

فى هذا العام قام (رشدى أباظة) بدور ضابط الشرطة الذى يفتش عن الفاعل فى فيلم (من القاتل) لحسن الصيفي، ثم هو العاشق فى (موعد غرام)، وشيئا فشيئا ستقل مساحة الأدوار المشابهة، ففى عام 1957 قام من جديد فى فيلم (لا أنام) بدور العاشق الوغد الذى يدفع بحبيبته إلى الزواج من والد (نادية لطفي) ابنة الزوج تمثل صدمة بالنسبة لها، وتحاول أن توقفها لكنها لا تنجح فى ذلك بل أن هذا الوغد يتقدم للزواج منها، كى يمتلك المرأتين معا الابنة، وزوجة الأب..

وفى عام 1958 جسد (رشدى أباظة) دور الضابط الفرنسى (بيجار) فى فيلم (جميلة) ليوسف شاهين، هذا الضابط الذى فقد عينه فى حرب فيتنام، فجاء إلى الجزائر كى يتولى وأد المقاومة والثورة المسلحة بيد من حديد، وما أن تقع (جميلة) بين يديه كواحدة من المناضلين حتى يشرع فى تعذيبها بقوة ووحشية، ويطلب منها أن تطلعه على مكان يوسف زعيم الثوار لكنها تتحمل أقسى العذاب ولا تخون قضية بلادها، وحين يفشل أن يجعل السجينة تعترف فإنه يأمر بالقبض على أخيها الصبي ويعذبه أمام عينى أخته بالقسوة نفسها.

يبدو (بيجار) نفسه رجلا بالغ الحدة، يخلو وجهه من أى ملامح، وتعطيه العصبة السوداء على إحدى عينيه مظهر أكثر قسوة فمثل هذه الشخصية لا منفذ لها وليس لديها رحمة، وهى تتفنن فى تعذيب ضحاياها من أجل الحصول على المزيد من المعلومات.

أنا بريئة

كان (رشدى أباظة) قد حاول إغواء زوجة صديقه الأديب فى فيلم (أنا بريئة) إخراج (حسام الدين مصطفى) عام 1959، مما أدى إلى حدوث جريمة فى البيت، فإن (رمزى) هذا لم يرتكب الجريمة بنفسه، بل أن الزوج الغيور هو الذى حاول قتل ابن عمه (رمزي) وتتدخل الزوجة فتطلق رصاصة تصيب زوجها فيهرب (رمزي) مع (ناهد) خوفا من العقاب ويأويان إلى بنسيون.

(رمزي) هنا شرير بطريقته، فهو يحاول إغواء (ناهد) بما لديه من ذكورة، وهو أيضا يلعب القمار ويرفض الاعتراف بالحقيقة لابن عمه، بعد أن عرف أن (فاضل) لا يزال على قيد الحياة، ويلقى (رمزى) مصيره على أيدى رجال الشرطة.

مع صباح فى (الرجل الثاني)
مع سامية جمال وصلاح ذوالفقار في (الرجل الثاني)

الرجل الثاني

أما الدور الأهم فى تاريخ حياة الممثل كشرير بالطبع فهو فى (الرجل الثاني) لعز الدين ذو الفقار عام 1959، إنه شرير من نوع خاص يجيد التخفي وحفظ الأسرار ويقود عصابة ضخمة، ويعرف كيف يتعامل مع أتباعه وأيضا مع رئيسه الرجل الذى لا يعرف أحد من يكون كما يتمتع بذكاء وجاذبية وأناقة.

هكذا رسم (يوسف جوهر) ملامح الرجل الثاني، عصابة دولية بين القاهرة وبيروت مهمتها تهريب الأموال بين المدينتين، و(عصمت) يعيش أغلب وقته فى كباريه، من حوله عشيقته (سمره) التى أنجبت له ابنة لا يعترف بها وينسبها إلى أحد رجاله، و(عصمت كاظم) هذا رجل بلا مشاعر، سواء فى علاقاته العاطفية أو علاقته بمن حوله، فهو يتجاهل مشاعر المطربة السورية (لمياء) التى تعمل أيضا فى الكازينو، لذا فإن (لمياء) تقرر الزواج من رجل ثرى و(عصمت) مطيع فهو يقتل (إبراهيم) شقيق (لمياء) لأنه خرج عن طوعه، وتبلغ (لمياء) الشرطة وتطلب معرفة من هم قتلة أخيها.

رغم أن الفيلم يدور فى مكان مغلق هو الكباريه فإن الأحداث تبدو مثيرة، خاصة عندما ينتحل ضابط شرطة شخصية الأخ الأصغر للمغنية (لمياء) المسمى (أكرم)، وما أن يدخل الضابط إلى وكر العصابة يدور صراع حاد بين الأذكياء، ويبدو (عصمت) بارعا فى كشف خصومه والإفلات ممن يطاردونه والتخفى بشكل جيد وارتداء ملابس رجل آخر وهو ذاهب لملاقاة الرجل الأول، كما أنه لا يتورع عن كسر ساق أحد معاونيه من أجل عمل جبيرة يتم اخفاء المال تحتها، ولا يكاد يهتز جفن لعصمت عندما تبلغه (سمره) أن ابنتهما قد ماتت!.

ملاك وشيطان

فى أفلامه التالية أدى (رشدى أباظة) دور الشرير الذى لا يلبث أن يتغير إلى الأفضل، وإذا كان قد ظهر فى دور الوسيم الأنيق فى الرجل الثانى، فإنه شخص مختلف تماما فى (ملاك وشيطان) لكمال الشيخ عام 1960، فقد قام بعمل فارقا فى رأسه من المنتصف، وبدا أجش الصوت، قاس الملامح، و(عزت) هذا يضع أسورة من النحاس فى يده، وقد وجد نفسه حارسا على طفلة صغيرة أتت بها عصابة للإقامة فى منزله حتى يدفع أبوها، الجواهرجى فديتها، و(عزت) يعيش مع راقصة هى (خيرية) يبدو بالغ القسوة كل هدفه هو الحفاظ على الصغيرة من أجل أن يأخذ نصيبه من زعيم العصابة المعلم (شحات).

و(عزت) هذا لا منفذ عليه، فيتعامل بحدة ملحوظة مع الطفلة، ولا يتورع أن ينفذ عدة محاولات لقتلها، مثل وضع السم فى اللبن الذى سوف تشربه، لكن الطفلة تبدو محظوظة حيث تقدم اللبن إلى القطة فتموت، وفى البداية فإن (عزت) لا يستجيب إلى رقة الطفلة التى تحدثه بلغة لم يعهدها، وهو يجن جنونه حين تهرب الفتاة من المنزل ويتعامل معها بعجرفة شديدة ثم يبدأ فى التعاطف معها، لكن المال أهم من العاطفة فبعد أن يوافق الأب على دفع الفدية يأخذ (عزت) الطفلة إلى حقل ألغام كى تموت، لكنه بدا وكأنه قد تغير حيث تلعب كل من (خيرية) والطفلة دورا فى هذا المضمار ويحاول انقاذها وإعادتها إلى أهلها، ويصير شخصا آخر تطارده عصابة الـ (شحات) حتى يفارق الحياة أمام قصر الجواهرجى برصاص العصابة بعد أن اطمأن أن الصغيرة وصلت إلى أهلها سالمة.

أفيش فيلم (في بيتنا رجل)

فى بيتنا رجل

نفس المشاعر مر بها (عبد الحميد) فى فيلم (فى بيتنا رجل) لبركات عام 1961، فهو الطالب الفاشل الذى لم ينل أى شهادة، ويود أن يتزوج من ابنة عمه، وعندما يكتشف أن أسرة العم، تأوى لديها شخصا مطلوبا من الشرطة، يبدأ فى مساومة الأسرة على الإسراع بتزويجه من ابنة العم، ويتصرف (عبد الحميد) كوغد إزاء الجميع، ويهدد دوما أنه قادر على إبلاغ البوليس السياسي، بل أنه عند لحظة خلاف، يسر إلى إدارة البوليس السياسى كى يحصل على المكافأة المرصودة لمن يبلغ عن القاتل الهارب (إبراهيم حمدي)، وفى مكتب رئيس المباحث يبدأ فى الاعتراف لكنه يتوقف حين تدخل ابنة عمه التى طاردته كى تبلغه أنها طوع بنانه.

و(عبد الحميد) هنا يتغير تماما مثلما حدث مع (عزت) حيث يتراجع عن موقفه ويبدأ فى التعاطف مع أسرة عمه ثم مع القضية الوطنية التى يمثلها (إبراهيم حمدي) وهو فيما بعد يطارد من الشرطة، ويتم القبض عليه، ويعذبونه ويصبح واحدا من الفدائيين.

مع شادية في (الطريق)

الطريق

قد عاد رشدى أباظة إلى أدوار الشر مرة أخرى فى فيلم (الطريق) لحسام الدين مصطفى عام 1964، فهو (صابر) الابن الذى تبلغه أمه العاهرة سابقا أن أباه موجود وأن عليه أن يبحث عنه، ويأتى إلى القاهرة ويتوه فيها رجل وحيد بدون جذور، يحاول أن يجد له جذرا واحدا ويتحمل الإهانات والضياع إلى أن يقع فى غرام زوجة صاحب الفندق الصغير الذى يقيم فيه، فيصبح خائنا ثم قاتلا وهاربا من الشرطة ويصير مآله إلى المشنقة.

كافة الظروف التى تحيط به تقوده إلى الجريمة، هو مادى غير مؤمن واقع بين امرأتين الأولى تعمل فى الصحافة وتمثل الإيمان هى (إلهام)، أما (كريمة) فهى الشهوة والضياع، وهى التى تدفعه إلى أن يتخلص من زوجها كى يصير لها وحدها، وهو يستخدم آلة حادة لتحطيم رأس الرجل بدلا من أى وسيلة أخرى أقل عنفا.

مع لبنى عبدالعزيز فى (العيب)

العيب

كانت هذه الأدوار بمثابة استثناء فى حياة الفنان الذى قام بتوزيع أدواره، وبالنظر إلى خريطة أفلامه الأخرى، سنجد أن دور الشرير قد صار أقل، أو فلنقل أنه تغير، ففى فيلم (العيب) لـ (جلال الشرقاوي) عام 1967 على سبيل المثال نراه يقوم بدور (محمد) الموظف المرتشي الذى يضع قوانينه لمن يتعاملون مع المصلحة الحكومية التى يعمل بها.

فهو واحد من مجموعة موظفين يقومون بتزوير أذونات الاستيراد لحساب أحد رجال الأعمال وفى مقابل هذا فهم يتقاضون منه رشوة دائمة، وعندما يتم تعيين ثلاث فتيات من حديثى التخرج بالعمل فى المصلحة يكون من حظ إحداهن العمل فى المكتب الذى يحرر الأذونات المزورة، يحاول الموظفون وعلى رأسهم (محمد) أن يضموا الفتاة إلى صفهم لكن محاولتهم تفشل رغم حاجتها إلى المزيد من المال من أجل علاج أمها، ومن أجل أن يجعلها تنصاع فإنه يتقدم لخطبتها لكنها ترفض.

شخصية (محمد) هنا يحدث لها التحول من السىء إلى الأفضل فلا يلبث أن يتغير ويتوقف عن قبول الرشوة من أجل أن يتزوج من حبيبته.

مع نجلاء فتحي فى (العاطفة والجسد)

العاطفة والجسد

مع مرور السنوات راح (أباظة) يقوم بأدوار شر مختلفة، فهو الطيب الذى يضاجع إحدى مريضاته فى فيلم (السراب) لأنور الشناوى عام 1970، وهو (جاسر) الذى يخون ابن عمه مع زوجته فى فيلم (امرأة ورجل) لحسام الدين مصطفى، وهو الرجل الذى يدفع بـ (دولت) إلى أن تغوى (هدى) كى توافق على أن تنام فى فراشه فى فيلم (العاطفة والجسد) لإخراج (حسن رمزي) عام 1972، تعيش (هدى) فى بيت مشبوه، مع (دولت) بعد أن عرفت أن حبيبها (أحمد) قد مات فى طائرة احترقت فأصابها اليأس، أما الرجل الذى يبغيها فإنه يفعل كل ما بيده من أن ينالها ويتم تخديرها واغتصابها.

أفيش فيلم (شيئ في صدري)

شيئ في صدري

أما الدور الأكثر شرا فى تلك السنوات، فهو بلا شك (شيىء فى صدري) لكمال الشيخ، فهو (حسين باشا شاكر) المتسلق إحدى قمم السلطة قبل الثورة، يتعاون مع رجال المستعمر، إنه رجل يوغل صدره بالحقد والكراهية، وهو لن ينسى قط زميله الأسبق (محمد أفندى السيد) الذى لم يتمكن من أن يضعه تحت رايته فهو رجل وطني شريف، ولا تكتمل لذة الباشا سوى بالسيطرة على (محمد السيد) لكن هذا الأخير يموت ويبقى شبحه النقى ماثلا أمام ذاكرة الباشا، الذى تستبد به شهوة السيطرة وحب التملك وإغراءات السلطة، فيحاول إذلال الأهل من خلال أسرته حتى يطفىء النار المشتعلة بداخله فالزوجة والابنة وجارها الذى يحب ابنة (محمد) يصبحون محور حياته.

ويقوم الباشا بدفع مدير مكتبه لإحضار الأم وابنتها للعيش فى منزله، ويبدأ فى إغواء الأم، ويغرر بها، حتى تسقط فى الرذيلة معه، ويحاول أن يفعل الأمر نفسه مع الابنة التى يجد فيها نموذج الأب (محمد) ولا ينالها رغم أنه أبعد عنها خطيبها، يحاول الاعتداء عليها لكنه لا ينجح ويظل شبح خصمه القديم ماثلا أمامه يملأه بالحقد والغيرة والوسوسة.

يوم الأحد الدامي

فى عام 1975 عاد (رشدى أباظة) مجددا إلى أدوار الشر فى فيلم (يوم الأحد الدامي)  لـ (نيازى مصطفى) المقتبس عن فيلم (ساعات اليأس) لوليام وايل، وهو هنا سجين هارب مع أخيه وزميل ثالث يدخلون فيلا الدكتور (زكي) للإقامة بها حتى يتمكنوا من الهرب إلى مكان آمن، يبدو (سلطان) هنا شخصا بالغ الشراسة والقوة، يتحكم فى حياة أخيه، وهو بالتالى يثير الرعب داخل المنزل خاصة حين يحس أن الخطر يهدده، و(سلطان) هنا لا يمارس القسوة وحده بل يستعين بالسجين الهارب الثالث جرش (أدى الدور على الشريف) كى يثير الخوف والفزع فى قلب الأسرة فجرش هذا يجيد ممارسة طقوس الوحشية التى تلقاها فى السجن.

و(سلطان) القاسى هذا يموت على يدى أخيه الأصغر بعد أن عانى منه الكثير، حيث يصوب المسدس إلى ظهر أخيه ويرديه قتيلا.

القاضي والجلاد

فى فيلمين متتاليين عام 1978، عاد (رشدى أباظة) إلى أدوار الشر، الأول فى (القاضى والجلاد) إخراج نادر جلال، فهو شريف الذى يقيم علاقة غير شرعية مع زوجة شريكه (كمال) الذى يكتشف حقيقة الخيانة ويلقى مصرعه فى سيارته، أى أن الخيانة هنا أدت إلى مقتل رجل برىء مما يضاعف الإحساس بالشر الذى يكمن فى داخل (شريف) الذى يحاول أن يلقى شباكه على (ليلى) ابنة (كمال) فتبدأ الأم بالشعور بالغيرة من ابنتها، وتحاول الابنة (ناهد) أن تنتقم من أمها وعشيقها حين توافق على خطبته لها مما يثير غيرة الأم، وتفلح الحيلة وتواجه الفتاة أمها وتصر على الزواج من (شريف)، تذهب الأم إلى (شريف) تستوضح موقفه من ابنتها يركب سيارته معها ويلقيان مصرعهما محترقين داخل السيارة.

مع نادية لطفي في (وراء الشمس)

وراء الشمس

فى فيلم (وراء الشمس) لـ (محمد راضي) فى العام نفسه، يقوم بدور (الجعفرى) مدير السجن الحربي الذى يتخذ قرارا سريا طبقا لأوامر عليا باغتيال أحد قادة حرب 1967 لتصميمه على ضرورة عقد محاكمة شعبية لمعرفة أسباب النكسة، بينما تعمل ابنته (سهير) فى مكتب رئيس الاستخبارات (هاشم بك) الذى يفلح فى تجنيدها للتجسس على طلبة الجامعة.

و(الجعفري) هنا رجل لا يعرف الرحمة، فهو يتفنن فى تعذيب المساجين، ويقوم بقتلهم، خاصة (محمود والد سهير) مما يدفع هذه الأخيرة لمحاولة الانتقام منه، وقد صور الفيلم العديد من أساليب التعذيب التى تعيد للأذهان صورة (بيجار) فى فيلم (جميلة) فهو رجل جامد الوجه، لا يعرف اللين، أجش الصوت، تبدو ملامحه دائما فى الظلام، ولا منفذ إلى التعاطف معه، ولا حل معه سوى الموت قتلا.

تؤكد هذه الأدوار أن (أباظة) الذى جسد شخصيات متنوعة، قد أتقن دور الشرير بحذاقته وموهبته، فأكسبها صدقا ومهابة ملحوظتين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.