رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عندما اتهموا( محمد نوح) بالشيوعية، وحولوا (النهار) إلى أنغام الشباب !

غنى لمصر في كل أزماتها

كتب : أحمد السماحي

نحيي هذه الأيام الذكرى التاسعة  لرحيل موسيقار مصر المبدع الكبير (محمد نوح) الذي رحل عن حياتنا فى مثل هذه الأيام وبالتحديد يوم 5 أغسطس 2012، ومنذ اللحظة الأولى التى ظهر فيها هذا الموهوب قرر أن يكون متمردا ومشاغبا من طراز خاص، وأن يصنع من أغنيته معزوفة عشق للوطن، قال عنه أديب مصر العبقري (يوسف إدريس) : إنه يهز عرش الجمال وينقلنا بالأغنية إلى عصر الصواريخ، وأكد كاتبنا الكبير (أنيس منصور): أنه يبكي طربا على بلده حتى فى الملاهي الليلية فتبكي الناس معه.

غني لسيد دوريش وقام بدوره

سيد درويش

لم يكن يوما أجمل الأصوات، لكنه كان صاحب مشروعا فنيا صدقناه، ومع الوقت تحول غنائه إلى ظاهرة مثيرة للجدل، وبدأوا يقارنون بين ما يغنيه وما يقدم فى الساحة وقتها، رغم عشقه لمصر المحروسة، وغنائه لها فى أصعب اللحظات إلا إنها لم تبادله نفس الحب، فبعد نجاحه الكبير فى أداء دور (سيد درويش) على المسرح في مسرحية (سيد درويش) وإشادة النقاد به، إلا أن المسئولين فى الثقافة عندما قاموا بإنتاج فيلم عن قصة حياة (سيد درويش) سينمائيا رفضوا بطولته للفيلم، رغم تمسك (أحمد بدرخان) مخرج الفيلم به.

 وعن هذه الواقعة قال في حوار مع مجلة (فن) اللبنانية : رشحنى المخرج (أحمد بدرخان) للعب دور سيد درويش، لكن يبدو أن الأمور السياسية العليا في هيئة السينما كانت تحكمها مصالح معينة، من بينها عدم تمثيلي للدور، ولقد شعرت يومها بإحباط شديد، وأحسست أنني مضطهد بلا سبب، فبقيت أعمل في مجال التمثيل في أدوار ثانية وثالثة حتى أجد طريقا آخر، ووجدته فى الموسيقى.

محمد نوح وأولاده سحر وهاشم ومريم

سرقة فرقة النهار

نشأ (محمد نوح) فى بيت فقير، حيث كان والده كاتب حسابات رغم يده المقطوعة، ولقد استطاع أن يتغلب على الإعاقة بإيمانه وصبره وعزيمته القوية، ورفض أن يكون عاطلا فظل يعمل حتى آخر لحظة من عمره، كان أبرز ما يميز عم (حامد السيد نوح) طيبة قلبه، وقلة حيلته، وحبه للقراءة حيث كان البيت عامرا بالكتب فى مختلف المجالات، وكان قانعا راضيا بما قسمه الله له، وكان مريضا بالشرف فلم يغش أو يخن أو يناور أو يستغل الفرص، ومات عن عمر 51 عاما، وكان علي (محمد نوح) بحكم أنه الأخ الأكبر لأشقائه الخمسة أن يتحمل المسئولية فعمل أثناء دراسته فى كلية التجارة.

وبعد حصوله على البكالوريوس اتجه لتحقيق حلمه فى الغناء الذي كان يستهويه منذ طفولته عندما كان يأتي لقريتهم (عزبة الزرع) مركز كوم حمادة أحد الأشخاص فى مواسم الحصاد وهو معه فونوغراف محمولا على حمار يطوف به القرية ويضع فيه مجموعة من الاسطوانات للأغاني الشهيرة في ذلك الوقت.

التحق (نوح) بمسرح التليفزيون، بعدها كون فرقة (النهار) لكن للأسف الشديد تم محاربته وسرقة الفرقة منه، حيث وعده المسئولين فى وزارة الثقافة بأنه سيكون رئيسا للفرقة، لكن بعد فرقة قدمت ضده تقارير سرية تتهمه بالشيوعية، فرأى المسئولين أنه لا يستحق أن يكون رئيسا للفرقة وأعطوا الفرقة للسيدة (منار أبوهيف) التى غيرت إسمها وأطلقت عليها (أنغام الشباب)، ولجأ يومها لوزير الثقافة الأديب الكبير (يوسف السباعي) ولكن بلا فائدة.!

مع الموسيقار منير الوسيمي والكاتب الكبير عادل حموده
مع الفنان رضا الجمال في كواليس (انقلاب)

مدد مدد شدي حيلك يا بلد

قدم محمد نوح على مدى مشواره العديد من الأغنيات الرائعة المحفورة فى وجدان عشاق الغناء مزج فيها بين العاطفة الرومانسية، ومشاعره وحبه لبلده من أشهر هذه الأغنيات (آه يا بلدي ويا ولدي،  الله حي، احميني، دلعوا يا دلعوا، مدد مدد شدي حالك يا بلد، لا تنسانا، البنات، مشوارنا لسه فى أوله، من صغر السن، يا بكره، الشور شورك، الصبر طيب، شيلي طرح الحزن السوده، كانت حبيبته، اشبيهك بإيه، نرضي منرضاش دنيا متسواش، أول دخولنا الجنينة، بحبك يا حياة، أديني قلت، يا عصفورين، ولا على بالي) وغيرها.

المزيكا فى خطر

شارك فى مجال التمثيل في بطولة مجموعة من الأفلام نذكر منها (حسن وعزيزة قضية أمن دولة، اللعنة، المزيكا في خطر، امتثال، شباب في عاصفة، الأضواء، الدخيل، الزوجة الثانية، السيد البلطي).

إنقلاب

أبدع (محمد نوح) مجموعة قليلة من المسرحيات لكن كلها علامات مضيئة في المسرح المصري منها (سيد درويش، مدد مدد، إنت اللي قتلت الوحش، كلام فارغ، إنقلاب، سالومي، كاليجولا، سوق الحلاوة) وغيرها

مع النجم سمير صبري
في أحد أعماله التليفزيونية

المهاجر

قدم الراحل مجموعة من الموسيقى التصويرية رائعة لعدد من الأفلام منها (قلب جريء، المهاجر، أجدع ناس، كريستال، مرسيدس، قانون إيكا، قبضة الهلالي، معركة النقيب نادية عزمي، المزيكا في خطر، إسكندرية كمان وكمان، قبضة الهلالي، السجين 79).

رحم الله (محمد نوح) الذي أراد أن يقود (ثورة) جديدة فى الغناء بأسلوب علمي، وعقل متفتح، وضمير واع، وموهبة حقيقية، وفن أصيل، وحلم كبير، وحب بلا حدود لبلده، لكن المسئولين الجهلة كانوا وراء إجهاض هذا الحلم الفني والمشروع التنويري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.