المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة،أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أوحذفها .
كتب : أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى الـ (35) لأحد رواد التنوير في مصر المحروسة، وهو المبدع الشامل (صلاح جاهين) الذى رحل عن حياتنا بجسده يوم 21 إبريل عام 1986، لكنه باق بإبداعاته المتنوعة في كل مجالات الفن والأدب، فأعماله تجسد إبداعيا رؤية متقدمة شاملة في إنسانيتها، نافذة في خصوصيتها، عميقة في محليتها، ضاربة بجذورها فى ماضيها، واعية بحضورها فى تاريخها وبتاريخها.
مشوار طويل جمع بين (سعاد حسني) ومتعدد المواهب (صلاح جاهين) منذ أن التقيا فى موسكو فى بداية السبعينات وتوطدت صداقتهما التى بدأت كمعرفة وزمالة أثناء تصوير فيلمهما (من غير ميعاد) عام 1962، هذا المشوار الفني والإنساني امتزج فيه الأمل بالألم، الحلم بالانكسار، التوهج بالملل، كان جاهين مجموعة تناقضات، لكنه الشخصية العبقرية الجديرة بالحب والتقدير والاحترام.
عندما توطدت العلاقة بينهما فى بداية السبعينات كان يعاني من الاكتئاب، وكانت السعادة تصاحبها في كل خطواتها، كان يعاني من الانكسار والهزيمة، وكانت مليئة بالقوة والتوهج والأحلام، حيث تعيش حالة من الرومانسية والدفء والاستقرار بعد زواجها من المخرج (علي بدرخان)، ومنحت الصداقة للاثنين عمرًا من الحلم والطموح والتوهج والحزن والفرح، والرؤية من كاتب مبدع لفنانة استثنائية.
لم يكن فيلم (من غير ميعاد) هو العمل الفني الوحيد الذى جمع بين الاثنين فقط، فبعده كتب بعض اسكتشات الأرجوز في فيلمها (الزوجة الثانية) بطولتها أمام صلاح منصور، وشكري سرحان، وإخراج صلاح أبوسيف، وبعد مرور حوالي ثلاث سنوات كان لقائهما الضخم من خلال فيلم (خلي بالك من زوزو) إخراج حسن الإمام، وفي (زوزو) كتب جاهين السيناريو والحوار والأغاني، ولمعت سعاد بقوة وتألقت وهى تمثل، وتغني بصوتها الشقي الجميل المتلون (الفتاة المثالية، خلي بالك من زوز، يا واد يا تقيل، والاستعراض الأخير (استنى استنى)، ولحن الأغنيات كمال الطويل، سيد مكاوي، إبراهيم رجب.
بعدها جمعهما فيلم (أميرة حبي أنا) لنفس فريق عمل (زوزو)، وحقق الفيلم نجاحا متوسطا لأنه كان نسخة مقلدة من (زوزو)، لكن أغنياته حققت نجاحا كاسحا ومازالت، فمن منا ينسى (الدنيا ربيع، وبمبي بمبي).
بعد نجاح أغنيات هذا الفيلم بدأ اسم (سعاد حسني) يتردد بقوة لدى متعهدي الحفلات، وبعضهم طلبها للغناء فى الأفراح والحفلات العامة، لكنها كانت ترفض كل هذه العروض المغرية ماديا للغناء، وكانت تقول دائما: إنها مجرد مؤدية وليست مطربة، والطرب له ناسه الذين يمتلكون مواصفات صوتية ليست تملكها.
لكن في عام 1975 غنت أغنية خاصة بالمجان في فرح أحد أصدقائها كتبها المبدع (صلاح جاهين) ولحنها الموسيقار المتطور (كمال الطويل) الأغنية بعنوان (دانتيلا) لها نسخة موجودة على (اليوتيوب)، هذه الأغنية حذفت منها بعض الكلمات ستجدونها مكتوبة باللون الأحمر، وليست موجودة في الأغنية الموجودة على موقع الفيديوهات الشهير.
وإليكم كلمات أغنية (دانتيلا) كاملة كما كتبها المبدع (صلاح جاهين):
دانتيلا دانتيلا، ع الطرحة والجونلة
زهر البرتقان الأبيض، والحلوة منه طاله
مبروك يا غادة، مبروك يا وليد
الفرحة زياده، والكل سعيد
والسهره لطيفه جميلة، رفيقة دانتيلا
خدت القمر يا بطل، يالله اهربوا ياله
فى دنيا شهر العسل الحب يتجلى
وسط الجليد هو الدفا، وهو ينبوع الصفا
فى جزيرة قد البندقة، والنشوة فوقها مرفرفة
ولو فيه سحابه، تلاقوها دانتيلا
لفوا وطوفوا وقولوا يا دنيا، احنا أسعد ناس فى الدنيا
ياما سوانا حبوا معانا، بس هوانا ده دنيا تانية
تدوبوا سوا في ليالي الهنا، ما تتذكروش إلا بعد سنة
بفستان مبحبح قوي وبكسر، وإنسان جديد ضحكته حنينه
وسرير نونو نو، ستايره دانتيلا
الشجر زمرد، والبحر دانتيلا
لما البيبي ييجي بكره، ح يلاقينا كبار وصغار
زي ما يكون كان في رحله، وبنقابله في المطار
وطيارته نونو، جناحاتها دانتيلا