رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شوقي.. دخل عمارة الفن من السلم الخلفي

محمد شوقي.. دخل عمارة الفن من السلم الخلفي
في غرفته أثناء التجهيز لمشهد

بقلم : سامي فريد

ابن البلد المجدع والفهلوي الحدق الفنان الكبير محمد إبراهيم إبراهيم، والذي نعرفه جميعا باسم (محمد شوقي)، هو من مواليد حي بولاق يوم 6 يناير 1915، مشواره مع الفن يبدأ كما بدأ غيره عندما عشق الفن فهجر مدرسة السعيدية ليتسكع في عماد الدين يشاهد إعلانات المسارح ويتمنى لو أصبح واحداً مثل هؤلاء النجوم.

لكن محمد شوقي، يدخل الفن بمساعدة زميله طالب السعيدية والممثل والمطرب المغمور بعد ذلك (عباس يونس) الذي يقنعه بأن يذهب معه إلى مسرح السلطانة منيرة المهدية التي كانت تستعد لمسرحية غنائية جديدة اسمها (عروس الشرق) من تلحين رياض السنباطي.

محمد شوقي.. دخل عمارة الفن من السلم الخلفي
صورة تجمعه بالفنان عبد المنعم إبراهيم

وسألته السلطانة إن كان يستطيع الغناء فهي تحتاج في مسرحيتها الجديدة إلى مطربين، وغنى محمد شوقي أكثر من أغنية للمطربة الجديدة في ذلك الوقت (أم كلثوم) فأعجب أداءه السلطانة وألحقته بالفرقة.

لكنه لم يقتنع بالغناء فهو يريد أن يصبح ممثلا وكوميديا أيضا، فقرر أن يتقدم للفنان علي الكسار الذي اختبره ووافق علي ضمه إلى فرقته فأسند إليه بعض بعض الأدوار البسيطة حتى جاءت له الفرصة عندما اختلف الأستاذ مع أحد أعضاء فرقته هو الفنان علي حسين، الذي ترك الفرقة وأقسم ألا يعود إليها إلا إذا قبل علي الكسار يده على المسرح وأمام الجمهور واعتذر إليه ورجاه أن يعود إلى الفرقة، ورفض علي الكسار عودة علي حسين بهذا الشرط.

محمد شوقي.. دخل عمارة الفن من السلم الخلفي
مع الفنان القدير أسامة عباس

واقترب موعد فتح الستار فالتفت على الكسار إلى الممثل الجديد محمد إبراهيم وسأله إن كان يستطيع أن يلعب دور علي حسن في المسرحية، ووافق محمد إبراهيم أو محمد شوقي على الفور، وقال إنه يحفظ كل أدوار الممثلين في المسرحية وبالفعل أدى الدور بنجاح فذهل وأدهش علي الكسار نفسه فرفع أجره من 4 جنيهات إلى ستة جنيها دفعة واحدة.. فكانت إنطلاقة محمد شوقي الأولى.

واستمر محمد شوقي عضوا في فرقة على الكسار حتى تاريخ حلها عام 1946 فاتجه محمد شوقي إلى فرقة محمود شكوكو الذي قبله في فرقته على الفور عندما وجده ابن بلد مثله وفهلوي وجدع.. ومن بولاق أيضاً!!

محمد شوقي.. دخل عمارة الفن من السلم الخلفي
مع سهير الباروني وابنتها

لكن محمد شوقي لم يستمر كثيرا في فرقة شكوكو إذ كان همه هو أن يلتحق بفرقة الأستاذ الكبير نجيب الريحاني الذي يعشق أداءه، وأعجب محمد شوقي نجيب الريحاني فطلب من بديع خيري أن يكتب له أدواراً تليق به وبطريقة أدائه مثل أدوار السمسار أو تاجر الموبيليا أو الفراش فأداها كلها بنجاح وانطلاق لم يتلعثم أو يتردد أو يخطئ في حرف.. وهكذا أصبح محمد شوقي زميلا لسراج منير وميمي شكيب ومحمد الديب وعادل خيري وعدلي كاسب وعساد حسين والمونولجست الأسمر والأشهر سيد سليمان ونجوى سالم، وهو الوحيد الذي كان يسمح له الأستاذ نجيب بأن يحضر البروفات بشرط جلوسه هناك في آخر المسرح صامتا لا يتكلم.. وافق محمد شوقي من شدة إعجابه بالفرقة كلها والمدهش أن الريحاني تنبأ له بأن سيكون ممثلا ناحجا بسبب صوته المتميز.

ومن هنا شارك الفنان محمد شوقي بكل ما كان يسند إليه من أدوار في الإذاعة حتى ولو كانت أدوار ثانية.. كان دائما يرضى بما يسند إليه إيمانا منه بأن الفنان الحقيقي تظهر مواهبته في الأدوار الصغيرة ومشاهد الدقيقتين أو الثلاث دقائق، لكنها تترك أثرا عند الجمهور دون أي اعتبار لمساحة الدور.

كان مشوار محمد شوقي الفني هو المشاركة بأدواره الصغيرة في 250 فيلما وتسعين مسرحية، وقد انتقل للعمل في عديد من الفرق المسرحية الخاصة وبعض المسلسلات التليفزيونية، ولن ينسى له جمهوره أدواره فيلم (سكر هانم، إسماعيل يس في الطيران، ألمظ وعبده الحامولي، الشموع السوداء، المجانين في نعيم، حب في الزنزانة، البنات عيازة إيه) وغيرها وغيرها.

محمد شوقي.. دخل عمارة الفن من السلم الخلفي
صورة تجمع الفنان محمد شوقي مع الراحلين(سيد زيان ومظهر أبو النجا ونبيلة السيد)

ومن أدواره المسرحية التي تركت أثراً عند الجمهور دوره في مسرحيات: (30 يوم في السجن، إلا خمسة، حسن مرقص وكوهين، أروح فين من الستات، الزقة إنجليزي، الشايب لما يتدلع، حماتي بوليس دولي، الدنيا لما تضحك، كان غيرك أشطر، كل ده كان ليه، استنى بختك، سلفني حماتك) وللأسف فهي وغيرها أيضا من المسرحيات لم يسجلها التليفزيون لأنها سبقته ولا سجلتها الإذاعة أيضا ولهذا لا يعرف الجمهور معظمها.

وتنفي ابنة الفنان محمد شوقي السيدة إيمان شوقي شائعة أن أباها شقيق الشيخ الشعراوي وتضيف أنه تزوج مرتين وأنجب خلالهما أبنائه (أشرف) من زوجته الأولى، ثم (إيناس وإيمان وأكرم) من زوجته الثانية.

أما وفاته فكانت على خشبة المسرح بسبب حرصه الشديد على العمل حتى آخر لحظة في عمره، فقد سقط على خشبة المسرح أثناء عمله في مسرحية (هات وخد) مع حسن يوسف وهياتم، وفي المستشفى عرف زملاءه أنه مصاب بجلطة في المخ، وبعد أسبوع قضاه في العناية المركزة توفى الفنان القدير محمد شوقي يوم 21 مايو 1984، لكنه وللأسف الشديد لم يلق التكريم أو التقدير الذي يستحقه برغم مشاركاته الثرية والمتعددة في الإذاعة والتليفزيون والمسرح والسينما.

وقد عاش حياته راضيا وقانعا بأن يكون فنانا، ولو على السلالم الخلفية مادامت في عمارة الفن!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.