رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

ملك الجمل.. الشريرة التي دخلت قلوب المشاهدين من “ثقب إبرة”!

تميزت في أدوار الشر المطلق

بقلم : سامي فريد

بعد أكثر من 70 عملا في الإذاعة والمسرح والسينما، وبعد 17 عاما مع خالتي بمبه في برناج “إلى ربات البيوت” في الإذاعة تموت الفنانة ملك الجمل بنت بورسعيد، خريجة كلية الأداب قسم الأدب الإنجليزي وخريجة المعهد العالي للتمثيل.. تموت باكية ودموعها على خدها بعد أن اختطف الموت حفيدها من يدها وهي تعبر به الشارع إلى السوبر ماركت لتشتري لوازم البيت حين دهست سيارة مسرعة حفيدها أمام عينيها لتلقيه قتيلا أمامها على بعد خطوات منها.

كان هو حفيدها الوحيد ابن نجلها الوحيد الذي كان يترك ابنه معها خلال سفره من أجمل عمله.

لزمت ملك الجمل بيتها وامتنعت عن الطعام والشراب لا تملك إلا الدموع على حفيدها الذي كانت تحبه أكثر من كل شيء في الدنيا.

رغم الشر الذي قدمته على الشاشة كانت تمكلك ابتسامة عذبة

ملك الجمل صاحبة الوجه والصوت المتميزان لم تقم بأي بطولة في أي عمل اشتركت فيه، ورغم ذلك فلا ينسى لها الجمهور أدوارها التي لا تزيد على دقائق ربما في (عيلة الدوغري) مثلا، أو (سكة السلامة أو المغنواتي أو شفيقة ومتولي أو إسماعيل يس في الأسطول أو حكاية بنت اسمها مرر أو الشموع السوداء أو المستحيل أو رصيف نمرة خمسة أو أم العروسة أو السلطان الحائر)، وغيرها وغيرها.

في دراستها الجامعية في كلية الآداب قسم الأدب الإنجليزي قرأت ملك الجمل المسرح الإنجليزي والشعر الإنجليزي، قرأت لشكسبير وكريستوفر مارلو وللاختين بروتني وجورج صاند، كما قرأت روائع الأعمال الأمريكية والنقاد الكبار أمثال آرنولد أو ت.س. إليوت، وأشعار وردسورث وكيتس، إضافة إلى الأدب اللاتيني وفن المقال.

لكن يبدو أنه رغم كل هذا لم تعترف كاميرا السينما بشكل كامل لتعطيها أدوار البطولة التي كان ينبغي أن تكتب لها خصيصا بحسب موهبتها.. وإمكاناتها!

مراحل مختلفة من حياتها

مسيرة فنية عمرها 30 عاما رضيت فيها بالأدوار الأقل من الثانوية لكن شهرتها الحقيقية كانت مع (خالتي بمبة) التي استمعت إليها الأسر المصرية على امتداد سبعة عشر عاما أمام الراحل رأفت فهيم الذي يراجعها في كل تصرفاتها كزوجة (حشرية) تتدخل في كل شيء، ثم كلمتها الأخيرة في كل حلقة والتي تنتهي في كل حلقة بكلمتها التي أحبها مستمعيها وهي “يا عيني عليّا”!

ولم تخل أعمالها أيضا من اللغة العربية الفصحى التي أجادتها رغم دراستها للأدب الإنجليزي، وبدا ذلك واضحا في مسلسل (ابن تيميه)، لكن أدوار الشر كانت هي الغالبة على أعمالها رغم قصر مساحتها فيها بسبب ملامحها الحادة وصوتها الجاد.

مع صلاح منصور في مشهد سينمائي كوميدي

وكان من أشهر أعمالها المسرحية (ملك الشحاتين، وسكة السلامة والسلطان الحائر)، كما عملت في بعض المسلسلات المشهورة مثل (القاهرة والناس والساقية)، ثم تترك كل هذا خلفها بعد حادث مصرع حفيدها لتموت عن عمر يناهز 53 عاما، وكان بداية عملها في المسرح مع الفرقة المصرية الحديثة عام 1954، كما اشتركت مع الفنان الكبير يوسف وهبي في عدد كبير من أعماله خارج مصر وداخلها.

وقد لا ينسى لها الجمهور المصري دور (حكمت نعمان) في (الشموع السوداء) أمام صالح سليم وصلاح سرحان ونجاة الصغيرة وأمينة رزق.

مع خيرية أحمد في مسلسل تليفزيوني

وكانت (ملك الجمل) تفخر ببلدها بورسعيد التي قدمت للفن المصري نجوما كبار أمثال (محمود ياسين والممثل المسرحي جميل عبدالناصر والمخرج الكبير سمير العصفوري والفنان الكوميدي حسن أتله) الذي زامل (إسماعيل يس) في عدد كبير من أعماله، ولا ينسى جمهور السينما إلى الآن نصف الشارب الذي كان على وجهه وهو يمثل دور المجنون في السينما الذي كان يقول لإسماعيل يس “أصل أنا عندي شعرة.. ساعة تروح.. وساعة تيجي”، ثم يختمها بعبارة “راحت!”، كما قدمت بورسعيد للسينما والمسرح شخصية (عبدالرحمن بك كبير الرهيمية جبلي) التي لعبها الفنان الكبير (محمد شرابة التابعي أو محمد التابعي) مع السيد بدير وعمر الجيزاوي.

ويقول الناقد الفني طارق الشناوي عنها أنها كانت صاحبة حضور طاغي وأنها بإصرارها وثباتها دخلت السينما وقلوب المشاهدين “من ثقب إبره”!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.