(محمود ياسين).. الدنجوان الذي تعددت صوره وشخصياته طوال مسيرته السينمائية (2/2)
* في أغلب أفلام السبعينات كان يحمل فوق ظهره هموم الوطن والسعي لتطويره، ويحاول إرضاء كافة النساء اللائي يعرفهن
* مع بداية الثمانينيات تغيرت الظروف والشخصيات، حول (محمود ياسين) كست وجه الممثل بأقنعه جديدة في تلك المرحلة
* استفاد الممثل من نبرات صوته في كل الأدوار على أفضل ماتكون الاستفادة، فالصوت يعطي لصاحبة تجسيدا حيا للمهنة
* لعب شخصية الدنجوان في أكثر من فيلم في حقبة التسعينات من أشهرها (الستات)
بقلم الباحث والناقد السينمائي: محمود قاسم
وجه الدنجوان (محمود ياسين) ظل طوال حقبة السبعينات مطلوبا كي يطل علينا مع مخرجين كثيرين، ويطل علينا مع ممثلات مثل (سهير رمزي، ونيللي، وميرفت امين) بشكل متكرر.
وفي أغلب هذه الأدوار هو مثقف وفنان الذي يحمل فوق ظهره هموم الوطن والسعي لتطويره، كما أنه يحاول إرضاء كافة النساء اللائي يعرفهن ابتداء بزوجته وأيضا عشيقته.
أوحبيبته العابرة مثلما رايناة في فيلم (الكداب) فهو الصحفي الذي يسعي لكشف حقيقة قيام رئيس مجلس الإدارة بأعمال فساد، فيعمل صبي مقهي في حي السيدة زينب وهناك يتوغل بين العديد من الطبقات الغريبة عليه.
وفي فيلم (العذاب امرأة) هو طبيب فقد الذاكرة بسبب المعاملة السيئة من زوجته بدافع الغيرة، ما يجعله يعمل كنادل في أحد الكازينوهات.
محمود ياسين ومديحة كامل
وفي فيلم (الصعود الي الهاوية) هو ضابط الأستخبارات الذي يتتبع خطي الفتاه المصرية التي وقعت في شباك الموساد، ونجح في أستجلابها إلي أرض الوطن لمحاكمتها.
وطوال فترة السبعينات لعب (محمود ياسين) شخصيات مختلفة، فهو الزوج الذي يقاوم خيانه زوجته مهما فعلت معه، وهو الصحفي، والمحامي.
ثم هو القاضي الذي عليه أن يحكم بالعدل علي قاض آخر تم القبض عليه في إطار مؤامرة أثناء ما يسمي بمذبحة القضاة وهو في حيرة لأنه يعرف من هو القاتل؟!
القاتل هو حبيبته التي كانت تركب معه السيارة إبان حدوث القتل، هذه المرأة هي زوجة لاحد مراكز القوة، وهى أيضا حبيبته السابقة ومن هنا تتعقد المواقف حول (الدنجوان) رجل القانون.
إلا أنه يتمكن من اثبات الحقيقة، وهذة سمة لمثل هذا الرجل الذي يتمكن في هذا السن من حل العقد.
مع بداية الثمانينيات تغيرت الظروف والشخصيات، حول (محمود ياسين) فلا شك أن (عنتر الزبال) قد كسا وجه الممثل بأقنعه جديدة في تلك المرحلة أبرزها صورة (العربجي) في فيلم من إخراج أحمد فؤاد.
إنه هنا النقيض تماما للعاشق، والقاضي، والصحفي، وقد استفاد الممثل من نبرات صوته في كل هذه الأدوار علي أفضل ماتكون الأستفادة، فالصوت يعطي لصاحبة تجسيدا حيا للمهنه.
محمود ياسين ونادية الجندي
في فيلم (الباطنية) هو ابن الحي الشعبي الذي يعتبر أكبر وكر لتجار المخدرات، وهو يعمل مع عائلة كبيرة تتاجر في الممنوعات وينتقل من الطبقة الشعبية ويصبح صاحب اسطول سيارات في مكان مرموق بالمدينة، فيرتدي البدلة بدلا من الجلابية.
ويعرض علي (وردة / نادية الجندي) الزواج بعد أن انتقلت هى أيضا إلى طبقة الأثرياء، الدنجوان هنا يتكلم بلغة الثراء، قد أتي المال عن طريق غير شرعي.
والرجل هنا عاشق متيم يسعي الي الزاوج من (وردة) هذا الدور نقل (محمود ياسين) الي الأدوار الثانية إلي حد ما، فهو هنا يعمل الي جانب المرأة، ويساعدها في اختراق المجتمع.
وقد كان الممثل بمثابة عون للممثلة (نادية الجندي) في أدوار آخري تعتمد عليها هي في المقام الاول، مثل (عالم وعالمة) و (وكالة البلح).
وفي (وكالة البلح) هو رجل مجهول تم العثور علية عند قبو في مدخل الوكالة، قامت صاحبة الوكالة برعايته، وهى امرأة تهرس الرجال العشاق مثل (شفاعات) في فيلم (شباب امرأة).
وتأخذ الرجل في قمة خصوبته وتمتصه، لتنتقل إلى رجل آخر وكان (عبدالله / محمود ياسين) المرحلة الاخيرة في مسيرة (نعمة الله / نادية الجندي) تأخذه إلي مسكنها وتدفع به إلى البانيو وتغير له كافة كينونته.
يرتدي زي البهوات، ويصبح تاجرا كبيرا يطمح في الزواج من بنت كبار التجار، لكن (نعم الله) والأجر علي الله، لم تترك حبيبها الذي صنعته فتتزلل إليه أن يعود.
وعندما يأست منه أفقرته وأعادته إليها فقد تاب الرجل بعد أن عرف طريق الاستقامة، أما هي فأنها تموت بنفس الطريقة المؤامرتية التي فعلتها مع كل عشاقها السابقين.
محمود ياسين ورغدة
في الثمانينات أصبح هناك جيل جديد من النجمات والمخرجين يعملون مع (محمود ياسين) أبرزهن (رغدة) التي عملت معه في أكثر من فيلم مثل (أسوار المدابغ) و(خيوط العنكبوت) المأخوذ عن رواية بأسم (البطانة).
وهنا قام (محمود ياسين) بدور المهندس الثوري الذي يتكاتف مع العمال لكشف فساد رئيس مجلس الإدارة وبطانته، وينجح في الانتخابات، ويصبح هو الجالس علي رقعه رئاسة الإدارة.
وهنا تبدا الدورة من جديد حيث تنجح البطانه في تحويل المهندس المتمرد الي موظف كبير فاسد سرعان ما يقع في دائرة السقوط مثل كل من سبقوه.
من الأفلام التي اشترك فيها (محمود ياسين ورغدة) فيلم (فتاة من إسرائيل) وقد مر به الزمن، وصار أبا لشابين، مات أحدهما في عدوان يونية.
محمود ياسين والستات
وبعد سنوات قام الأب وابنه الثاني وزوجته بزيارة إلي جنوب سيناء في رحلة مصرية، وهناك وقع الابن الثاني في غرام فتاة إسرائيلية عملت علي أن يذهب حبيبها المصري الي الجانب الآخر من الضفة ليتزوجها، سوف يتزوج الابن من ابنة من قتلوا أخيه!
في هذا الفيلم ورغم مرور السنوات لا يزال (محمود ياسن) دنجوان يحب وطنه، ويعترض بشدة على التطبيع مع العدو الإسرائيلي ويدخل في معركة على حافة الشاطئ مع هذا العدو وعلى خلفية المعركة يسمع دوي معارك حرب أكتوبر، ويتمكن الأب من العودة دون خسارة مع أسرته إلى بيته.
هكذا كانت صورة الدنجوان (محمود ياسين) في فترة تعاظمت فيها مكانه نجم أخر هو(عادل إمام) الذي كان النجم الأكثر شعبية في تلك السنوات.
لكن لا تزال هناك سمات الدنجوان في الأفلام الأقل أهمية التي يقوم ببطولتها (محمود ياسين) منها فيلم (الستات)، حيث نراه مجددا في دور الصحفي رئيس التحرير، هذا الدور الذي سبق وجسده الممثل في منتصف السبعينات في فيلم (جفت الدموع).
وفي فيلم (الستات) هو صحفي متزوج لديه ابنة، وزوجة غيور، وبحسب مكانته الوظيفية فانه محاط بعدد لابأس به من العشيقات والمغرمات مثل الفنانة التي تريده أن يكتب عنها.
ومثل القارئة الشابة التي تراه نموذجا للعاشق المنشود، ومثل السكرتيرة الجميلة التي تحبه دون أن يدري!، ما يسبب له المزيد من المشاكل النسائية مع الرجال الذين هم في حياة تلك النساء أو مع زوجته التي ضبطه مع أحداهن.
القط أصله أسد والسادة المرتشون
وهكذا كانت هناك السيناريوهات الجاهزة لـ (محمود ياسين)، ومن أبرزها دور الزوج الشرس قوي الشخصية في فيلم (القط أصلة أسد) الذي يتعامل دوما مع زوجته بخشونه ورجولة وفحولة.
حتى إذا لفقت له خيانه مصطنعه مع صديقته، صارت زوجته التي تتحكم فيه تقود المنزل، فتتحول الي سيدة اعمال، مما يجعل الأسرة في حالة تمزق .
في فيلم (السادة المرتشون) فأنه يعود للعمل مجددا أمام (نجوي إبراهيم) الذس سبق وتعاون معها في أكثر من فيلم، فهو هنا أمين المخازن الشريف الذي يرفض الرشوي في أعمال الميناء.
وتقع خطيبته في حيرة حين يتم القبض عليه، وتكتشف أنه رفض الرشوي مرة ثم قبلها في المرة التالية، وقد آمنت به لكنه امتثل للإغراء، وهى التي فضلته علي ابن خالتها ضابط الشرطة الذي سعي دوما إلى الإيقاع به.
الجزيرة وجدو حبيبي
ظل محمود ياسين حتي رحيلة بمثابة الدنجوان في كافة أدواره، يفرض عليها المهابة مثلما حدث في فيلم (الجزيرة)، فهو سيد القرية ذو المكانه الكبيرة بين أقاربه، وهو الذي يحرص أن يكون هناك وريث لمكانته فوق الجزيرة.
كما أنه قام بدور رجل العجوز العاشق في فيلم (جدو حبيبي) أمام الفنانة (لبني عبد العزيز)، إنها حبيبته القديمة تعود إلى الوطن ويسعي كل منهما إلى عمل تقارب بين أحفادهما كي يكون هناك تصاهر بين أفراد العائلة.
في هذا الفيلم بدا (محمود ياسين) بلحيته البيضاء وأناقته بمثابة الصورة الطبيعية لذلك الشاب الطبيب الذي عرفناه في فيلم (انف وثلات عيون)، وبدا كأنه يستكمل عدد حبات المسبحة التي تضم كل هؤلاء النجمات اللائي مثل معهن وأضيفت أسماء جديدة إليهن مثل (الهام شاهين، وسحر رامي، وحنان ترك) وغيرهن.