في مناسبة تكريم (لطفي بوشناق) في مهرجان الموسيقى العربية.. هل يعقل ألا يغني؟!
كتب: أحمد السماحي
إذا كان للطرب دولة، فالمطرب التونسي (لطفي بوشناق) هو رئيس دولة الطرب في العالم العربي، بما يملكه من صوت قوي عذب النبرات، وأغنيات تعالج موضوعات عاطفية وإنسانية وقومية لم يسبقه مطرب في تقديمها وغنائها بنفس الروعة والجمال.
خاصة أن كثير من هذه الأغنيات من ألحان (لطفي بوشناق) نفسه الذي دانت له السيطرة على النغمات فصنع منها روائع غنائية تسللت إلى قلوبنا ووجداننا، ورسم بنغماته لوحات فنية خاطبت الأذن، وتعدتها لتطرب القلوب والأفئدة.
من مفاجآت الدورة الـ 32 لـ (مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية)، التي ستعقد في الفترة من 11 حتى 24 أكتوبر المقبل، تكريم المطرب التونسي الكبير (لطفي بوشناق).
هذا التكريم الذي أسعدنا جميعا، لأن (لطفي بوشناق) وصل إلى منصات التكريم بجهده الخارق المليئ بالصبر وطول البال والتسامح، وعدم انتظار الجزاء أو طلبه من الآخرين.
ولم يصل (لطفي بوشناق) إلى المكانة التى وصل إليها بالضجيج، أو الأضواء الإعلامية الصاخبة الكاذبة، أو بأغنيات تافهة لا تحمل مضمونا، ولكنه كان في فنه ضميرا حيا يعبر عن عصره، وما في هذا العصر من آلام ومشاكل وتجارب إنسانية صادقة.
وظل (لطفي بوشناق) طوال مشواره وكما عرفته قبل عشرين عاما وحتى الآن الشخص البسيط، الطيب، الذي يعمل دائما، ويبتسم من قلبه، ويحب الجميع.
وكان فنه مزيج من النظرة المستنيرة إلى التراث الشرقي الأصيل، الذي قدمه بمزاج عالي جدا، وبشكل متميز للغاية، والتطلع إلى التجديد الفني الذي يعتمد على الأصالة، والذي قدمه بشكل مبهر.
مشوار طويل هادئ قطعه (لطفي بوشناق)، حتى يصل إلى منصات التكريم، وإلى محبة الشعب العربي له في كل مكان، وفرحة الناس الدائمة به، وتقدير مصر والعالم العربي له، وخلال هذا المشوار لم يتوقف لحظة، ولم يلتفت يوما إلى الوراء.
وإذا كان (لطفي بوشناق) سينال تكريم في مهرجان الموسيقى العربية، فقد نلنا نحن تكريم آخر أهم وأجمل هو (لطفي بوشناق) نفسه، لأنه خرج من بيننا وبالتحديد من مهرجان الموسيقى العربية إلى العالم العربي، ومن أجلنا يلحن ويغني ويبدع فنه العظيم.
بوشناق تكريم بدون غناء!
(شهريار النجوم) دق باب مطربنا الكبير (لطفي بوشناق)، وكانت لنا هذه الدردشة السريعة عن التكريم في مهرجان الموسيقى العربية الذي سينطلق خلال الفترة القادمة، فأربطوا الأحزمة لنطير إلى تونس.
في البداية أعرب (لطفي بوشناق) عن سعادته الغامرة بتكريمه في مهرجان الموسيقى العربية، في الدورة الـ 32، لأن هذا التكريم يأتي من دولة مصر العظيمة التى يكن لها كل المحبة والتقدير والأحترام، وما يضاعف من سعادته تقدير ومحبة المسئولين عن المهرجان الذين اختاروه للتكريم.
وصرح صاحب أغنية (وا أُمتاهُ): أن الذين تواصلوا معه من إدارة المهرجان أكدوا له على أنه سيكون من المكرمين، لكنهم لم يطلبوا منه الغناء في ليلة من ليالي المهرجان!، وبالتالي سيكتفي بالتكريم فقط، ويمكن أن يغني أغنية واحدة وهو وعلى منصات التكريم لو سمحت الظروف بهذا، لكن حتى الآن لم تحسم هذه المسألة.
بوشناق: شهادتي مجروحة
عن تكريمه قال صاحب (حسيت وجع الناس): شهادتي مجروحة في مهرجان الموسيقى العربية، لأن هذا المهرجان شهد ولادتي الفنية في مصر، وبالتالي العالم العربي، ومن خلاله أعطتني الدكتورة رتيبة الحفني رحمة الله عليها رئيس المهرجان ومؤسسته شهادة ميلادي الفنية، وأعطتني فرصة كبيرة أن يتعرف علي الجمهور المصري الحبيب، وهذا نبل أخلاق يعبر عن عمق أصالته العربية في رد الجميل.
وأضاف مطرب (واش هالغيبة): أن ما قام به مهرجان الموسيقى العربية، ومازال يقوم به يشرف الساحة الثقافية والموسيقية والغنائية في العالم العربي.
كما أن المهرجان يدعم الأغنية العربية، والأعمال الخالدة، والأعمال الجديدة التى تضيف للساحة الغنائية مذاق العصر، وتعبر عن عصرها ومبدعيها الذين استقوا إبداعهم من العمالقة الذين سبقوهم في مجال الموسيقى والغناء.
ومهرجان الموسيقى العربية مهم جدا ويستحق كل التقدير والأحترام والدعم اللازم حتى يبقى موجودا ومشعا ومنيرا، ويساند كل المبدعين في كل العالم العربي.
كلمة للمسئولين عن المهرجان
عن الرأي الذي يقول أن المهرجان تخلى عن رسالته، وفقد هويته الفنية في السنوات الأخيرة، كا هو ثابت على الأرض، يرد في خجل شديد ودماثة أخلاق نادرة (لطفي بوشناق) مطرب (ما للمدينة أغلقت أبوابها): طالما أصبح عمر المهرجان 32 عاما، فهذا يعني أنه ناجحا ويفرض وجوده وقيمته وأهميته، بدليل متابعة وإقبال الجمهور عليه.
لكن لدي ملحوظة أتمنى من المسئولين عن المهرجان أن يضعوها في الحسبان ونصب أعينهم، وهي يجب ألا نكتفي في المهرجان بتقديم الأعمال التراثية فقط، لأن أساطين النغم الذين تعلمنا منهم ومازالنا نتعلم، عملوا تاريخهم ومضوا.
والتراث على رأسنا من فوق، ولا أحد ينكره، لكن يجب على المهرجان تقديم الأجيال الجديدة الموجودة حاليا من المبدعين المصريين والعرب وهم كثيرين سواء شعراء أو ملحنيين أو موزعين أو مطربيين.
هذه الأجيال يجب أن يقدمهم المهرجان، وأن يعبر المطربيين الحاليين عن عصرهم، وعن التغييرات التى تحدث حاليا، وتقديم هذه الأعمال الجديدة لرواد مهرجان الموسيقى العربية.
خاصة الأعمال القيمة التى تستحق الدعم، والتى تحمل (النكهة العربية) والقوالب العربية، واللغة العربية الأصيلة.
والموضوعات المختلفة التى لا تقتصر على (حبني وبحبك يا حبيبي)، لكنها موضوعات تتحدث عما يحدث في العالم، وعن هموم الناس وآمالهم وآلامهم وأحلامهم وفرحهم وغضبهم وأحزانهم.
و لنا كلمة
إلي هنا إنتهى كلام مطربنا الكبير(لطفي بوشناق) والسؤال الذي نطرحه: هل يعقل ألا يغني (لطفي بوشناق) في عرس تكريمه، وهو الذي أضاء مسرح المهرجان طوال عشرات السنين الماضية بغنائه العذب الرصين والمعبر عن أبرز قضايانا العربية؟!، وسؤال آخر: من هو الذي اخترع هذا التقليد (السخيف) بألا يغني المكرمين؟!
لذا أرجو تعيد إدارة (مهرجان الموسيقى العربية) النظر، وضم (لطفي بوشناق) عذب الصوت، رقيق الإحساس، المهموم بقضيانا العربية خاصة قضية فلسطين، على الأقل يغني بعض اغنياته الكثيرة التي تتضامن مع فلسطين الجريحة في إطار معاناتها الحالية، من خلال إضافة اسمه إلى برنامج المطربين الذين يحيون ليالي المهرجان، وهو الذي يعتبر لقاء جمهوره المحب والعاشق لغنائة أرفع من كل الأوسمة والنكريمات؟!
التكريم الثاني بعد تونس
تكريم مهرجان الموسيقى العربية هو التكريم الثاني على التوالي لمطربنا الكبير (لطفي بوشناق) هذا العام، بعد تكريمه منذ أسابيع قليلة في الدورة 58 لمهرجان (قرطاج الدولي) الذي أحيا أولى حفلاته بعرضٍ يحتفي بمسيرته الفنية الممتدة منذ 5 عقود، غنى فيه لمدة 3 ساعات، وسط حضور ضخم، وتفاعل كبير من الجمهور.
وكان العرض الذي حمل عنوان (عايش لغناياتي)، من إخراج ابنه (عبد الحميد بوشناق)، وشارك فيه عدد من الفنانين التونسيين، والمطربة اللبنانية الكبيرة (ميشلين خليفة)، التى غنت مع (لطفي بوشناق) الديو الشهير(العين اللي ما تشوفكشي).
وأطل (لطفي بوشناق) على جمهور مهرجان قرطاج، في إحدى فقرات العرض بربطة عنق مستوحاة من الكوفية الفلسطينية، وكرمه في ختام فقرته الغنائية (منصف بوكثير) الوزير المكلف بتسيير وزارة الشؤون الثقافية في تونس.