(محمد عساف).. (صوت فلسطين) القابض على جمر القضية!
بقلم الكاتب الصحفي: محمد حبوشة
هل تذكرون الفنان الشاب (محمد عساف)، الذي استحوذ على قلوب الملايين بأدائه المذهل، منذ أن فاز هذا المطرب الفلسطيني بلقب (محبوب العرب) في الموسم الثاني من (أراب آيدول) في عام 2013؟
وهو حدث شاهده الملايين حول العالم، وتم الاحتفال به بطريقة غير مسبوقة في جميع أنحاء غزة، لذا تم تجسيد قصته المؤثرة ورحلة صعوده إلى النجومية في فيلم يحكي سيرته الذاتية (يا طير الطاير) عام 2015 من إخراج المخرج الشهير (هاني أبو أسعد).
بدأ (محمد عساف) كهمسة خافتة.. عندما كان طفلا، كان حلما يراوده أن يغني ويوصل صوته لكل فلسطين، فأطلق العنان لصوته ليصدح في كل الأرجاء ، ونال شعبية كبيرة على المستوى المحلي .
كبر الفتى (محمد عساف).. وكبر حلمه معه، وبدأ يبحث عن مكانته الفنية على مستوى الوطن العربي، ورغم مشقات الوصول، استطاع أن يقتحم القلوب، ونال أكثر ماتمنى ووصل للعالمية، وأصبح عندليب فلسطين الأسمر، الصاروخ، فنان العرب، مثالا للكفاح والنجاح.. وراية فنية لا تنافس .
ارتبط اسم (محمد عساف) بالبحر والسماء بالشهداء والثورة بالقضية والوطن، قبض على جمر القضية ومعاناة شعبه التي حملها على عاتقه، فتحدث باسم اللاجئين ونقل الصورة الصحيحة لمعاناة الشعب الفلسطيني الى الرأي العام العالمي.
ولد (محبوب العرب) في 1989 في مدينة مصراته الليبية، حيث عاش فيها 4 سنوات ثم عاد الى أرض الوطن، ليقضى سنوات عديدة بين أزقة المخيم في مدينة (خانيونس) قبل أن تفتح له الشهره والنجومية أوسع أبوابها.
سنوات قضاها (محمد عساف) بين حصار واحتلال، انتفاضة تقدم قوافل الشهداء فداء للقدس والوطن، ووطن تشبعت حبات رمله بدم الأوفياء.. وأصوات قدمت الدعم والمؤازرة لكل من يقبع تحت غطرسة المحتل .
من هنا انغرس فيه حب الوطن.. وارتبط أسمه بالأغنية الثورية الوطنية، وبرزت موهبته الفنية منذ صغره، ولقي دعما وتشجيعا وحرصا من والديه على تنمية هذه الموهبة ورعايتها، وساعده أيضا كل من الفنان الفلسطيني (جمال النجار)، والملحن (ياسر عمر) على صقل موهبته وتطويرها، وقدما له عددا من الأغاني والألحان .
ثروة قومية لفلسطين
في عام 2001 كانت بداية (محمد عساف) بالأغنية الوطنية (شدي حيلك يابلد)، التي شارك فيها مكتشفه الفنان (جمال النجار) والتي لاقت نجاحا كبيرا، وتعد من أقوى الأغاني الوطنية التي لازالت تتردد حتى يومنا الحالي.
ثم قدم أوبريت غنائي مع عدد من المواهب الناشئه بعنوان (طلائع فلسطين) الذي كان يتناول قضية حق الأطفال في التعليم .
في سن السادسة عشر، قدم أغنيته الوطنية (على الكوفية) التي اكتسحت الساحه الفنية واتخذها الجمهور رمزا لوطنيتهم، وأصبحت تدوي صداها في الأفراح والمناسبات السعيده والمناسبات الوطنية، وحين غناها في برنامج (آراب أيدول) عام 2013 قلبت موازين الغناء – آنذاك – وأشارت إليه بـ (محبوب العرب).
شارك (محمد عساف) – عن بعد – في برنامج المواهب الفلسطيني (نيو ستار)، وذلك بسبب تعذر وصوله لاستوديوهات البرنامج في الداخل بسبب الحصار المفروض على قطاع غزه.
في عام 2013، كانت انطلاقته الحقيقية، وذلك من خلال مشاركته في برنامج المواهب (أراب آيدول)، والذي كان يعرض على شاشة mbc، استطاع من خلاله أن يخطف القلوب والأنظار بأداءه المميز، وموهبته الفذة، وصوته العذب، وشخصيته المتواضعه والقريبة إلى القلب.
وبعد منافسة قوية بين المشتركين، انتزع (محمد عساف) لقب (محبوب العرب) بأكثر من(68) مليون صوتا، حيث حصل على المرتبة الأولى، وفتحت له أوسع أبواب المجد والشهرة ، ونال ألقاب عديدة، ومراكز مرموقة، وحصانات لم يحصل عليها كبار الدبلوماسيين والشخصيات المؤثره .
(ثروة قومية).. هكذا وصفه السيد الرئيس (محمود عباس) من خلال مكالمة هاتفية تلقاها منه (محمد عساف) خلال مشاركته ف برنامج (آراب آيدول)، وأطلق عليه المطرب الكبير (راغب علامة) لقب (الصاروخ).
كما تعددت ألقابة من (عندليب فلسطين، صاروخ فلسطين، حلم فلسطين، محبوب العرب).
فور حصوله على اللقب، وتعيينه سفيرا للنوايا الحسنة من قبل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين – الأونروا – تمت دعوته لإلقاء كلمة عن وضع الشباب الفلسطيني، وأمام الوفود المشاركة هناك غنى لفلسطين .
وفي البرازيل عام 2014، شارك في أغنية افتتاح كأس العالم لكرة القدم، وكانت أول مشاركة لفنان عربي في مثل هذه المناسبه .
حضور قوي ومميز
كما شارك (محمد عساف) في أضخم أوبريت غنائي مسرحي عن الإسلام بعنوان (عناقيد الضياء)، والذي يروي سيرة النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم، منذ ولادته وحتى وفاته، وشارك فيه أكثر من 200 ممثل من مختلف أنحاء العالم ،من ضمنهم أربعة نجوم عرب وهم (لطفي بشناق، حسين الجسمي، علي الحجار)، و(محمد عساف).
كان له حضور قوي ومميز في العديد من المهرجانات في مختلف أنحاء العالم، كما قام (محمد عساف) بإحياء عدد كبير من الحفلات التي يعود ريعها لصالح مختلف المؤسسات والجمعيات الخيرية في فلسطين وخارجها، وكان من السباقين في دعم مرضى السرطان، وذوي الاحتياجات الخاصة والتعليم.
قدم (محمد عساف) أربعة ألبومات غنائية من لحظة حصوله على اللقب، وهى (الغربة 2013، عساف 2014، ما وحشناك 2017، قصص عن فلسطين 2021، فضلا عن عدد من الكليبات التي لاقت رواجا كبيرا وحصدت أعلى نسبة مشاهدات، منها:
(ياحلالي ويامالي، سيوف العز، لوين بروح، راني) مع الفنان الجزائري الشاب (فضيل) وRoll with it مع الفنان مساري، وجديده أغنية (يلا نكمل، غزة العزة، مكانك خالي)، ومؤخرا طرح قصيدة مليئة بالوجع والألم بعنوان (سلامُ لغزة).
عندما نتحدث عن الإنجازات التي قدمها (عندليب فلسطين) عن قضية وطنه، تعجز كل حروف اللغه عن وصف كمية الفخر والإعتزاز التي نشعر بها عندما نتحدث عن هذا التاريخ المشرف، وهذه الإنجازات المرموقه، التي انفرد بها (صوت فلسطين) وحقق من خلالها إسما رفع به القيمه الفنية الفلسطينية عاليا .
فقد غنى (محمد عساف) هذا البطل الحقيقي الذي لم ينس يوما جذوره بل استثمر نجاحه بقوة لتحقيق الخير والسلام، وأيضا كوسيلة لزيادة الوعي بالقضية الفلسطينية، من خلال أغنيات حركت الوجدان الشعبي الفلسطيني والعربي، عبرأغنيات مرتديا الكوفية الفلسطينية بخيوطها البيضاء والسوداء فوحد بصوته الفلسطينيين في الضفة وغزة والشتات وداخل الخط الأخضر.
أريد أن أفعل شيئا لقضيتي
وعن طموحه وآماله في المستقبل إلى جانب تحقيق نجاح في مجال موهبته الغنائية قال الشاب الفلسطيني:
(أريد أن أفعل شيئا لقضيتي للناس الذين أنتمي إليهم، أريد أن أقول لهم مهما كثرت الصعوبات والظروف السياسية والاقتصادية الصعبة، فإن الإنسان سيصل لهدفه مهما كان عندما يكون لديه الأمل والعزيمة..
دائما الأمل والإصرار والعزيمة يولد لدى الإنسان شيئا جميلا وهذا ما أريد أن أوصله لجميع الشباب الفلسطيني سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية)، لذا غني لـ (غزة) قبل أيام أغنية بعنوان (سلام لغزة) التي تقول كلماتها:
لنا اللهُ في كلِ حزنٍ وهَم
بلادي تئنُّ بدمعٍ ودم
لناَ اللهُ رغمَ ليالي العَنا
وهولِ المآسي وحجمِ الألم
لنا اللهُ عند أنينِ الجراح
وفقدِ الشهيدِ بساحِ الكِفاح
لنا اللهُ في كلِ وقتٍ وحين
فمن عتمةِ الليلِ يأتي الصباح
سلامٌ لطفلٍ يتيمٍ بكى
لمعتقلٍ صامدٍ ما اشتكى
لجدٍ رأى نكبةً ثانية
دروسَ الثباتِ بعزمٍ حكى
نزوحٌ وجوعٌ وقهرُ الخيام
شَهِدنا صنوفَ العذابِ الزؤام
كتبنا بصبرٍ حروفَ التاريخ
وما اهتز جِفنٌ لشعبِ الكِرام
لذكرى عزيزٍ مضى للخلود
تناديه أمٌ عَسَى أن يعود
سلامٌ لغزة سلامٌ سلام
لشعبٍ عظيمٍ ونحنُ الشهود
طفل المخيم الذي غنى للقدس
(محمد عساف) الشبل الفلسطيني الواعد.. طفل المخيم الذي تفتحت عيناه على المداهمات والاقتحامات وتشييع الجنازات والاضرابات والمسيرات، الشبل الفتحاوي الذي عشق اللثام والمقلاع وتمترس على أداء الفرائض بالصلاة وقراءة القرآن، ومن شدة عشقه لوطنه أطلق حنجرته الذهبية مغنيا للقدس قائلا:
تحية
للقدس وضواحيها
تحية
للي يرابط بأراضيها
تحية
للقدس وضواحيها
تحية
للي يرابط بأراضيها
تحية
معطرة بشموخ وعز
تحية
للقلعة اللي ما تهتز
تحية
مني لقدسي واهلِيها
اسأل عنهم بالفزعات
باب العامود وساحات
اسأل عنهم بالفزعات
باب العامود وساحات
تحكي بالعز حكايات
هيبة ونخوة وحميّة
تحية يا اهل القدس تحية..
أغنية (أنا دمي فلسطيني)
وغنى المطرب (محمد عساف) أغنية (أنا دمي فلسطيني) التي تعتبر إحدى أهم أغنياته الحماسية التي تعبر عن القضية الفلسطنية، والتي تؤكد في الوقت ذاته على الوفاء بالعهد وتلبية نداء الوطن، وتقول كلماتها:
أووف أووف
على عهدي على ديني.. على أرضي تلاقيني
أنا لأهلي أنا أفديهم.. أنا دمي فلسطيني
فلسطيني.. فلسطيني.. أنا دمي فلسطيني
وقمنا لك يا ديرتنا.. بعزتنا وعروبتنا
أرض القدس نادتنا.. صوت أمي يناديني
أنا دمي فلسطيني.. فلسطيني.. فلسطيني
يا يمي أبشري بالعز.. دارك قلعة ما تنهز
عليها الروح ما تنعز.. ولا دمي وشراييني
فلسطيني.. فلسطيني.. أنا دمي فلسطيني
فلسطيني وإبن أحرار.. جبيني في السماء ومغوار
على عهدي الوفا يا دار.. وعمره ما انحنى جبيني..
(علّى الكوفية) أشهر أغانيه
أما الأغنية الأكثر شهرة (علّى الكوفية) التي غناها عندما كان في الـ 16 من عمره، والتي أصبحت إحدى أغاني التراث الفلسطيني الثورية، وفي فترةٍ قياسية أصبحت هذه الأغنية من أكثر الأعمال المذاعة والمحبوبة لدى الشعب الفلسطيني بصوت (محمد عساف) حيث يقول:
والله يا حروف الوطن زي العقد في الصدر محلاها
الفاء: فلسطين الحبيبة مغلى الوطن – يا عرب – مغلاه
واللام: لما توحدوا كان الحجر مقواه
والسين: سؤال السجين: امتى الفرج ألقاه؟
والطاء: طلعة بدر على الشهيد في ثراه
والياء: يا أهل المراجل لم الشمل محلاه
والنون نور النبي وقدسنا مسراه
…………………………..
علّى الكوفية علّي ولولح فيها
وغني عتابا وميجانا وسامر فيها
هز الكتف بحنية
جفرا عتابا ودحية
وخلي البارود يهلل ويحليها
…………………………..
علّى الكوفية علّي ولولح فيها
وغني عتابا وميجانا وسامر فيها
علّي الراية برام الله وبجبال النار
وعقال العز عقالك عزم وإصرار
والطلقة الأولى فيها حكاية مشوار
عند الحق نخلي العالي واطيها
علّي الكوفية علّي ولولح فيها
وغني عتابا وميجانا وسامر فيها
إحنا زرعنا البيارة تين وزيتون
وبدار القمح علينا وبيدر ليمون
رهن الإشارة يا وطن نحن حنكون
يوم العرك دروب النصر نضوّيها
…………………………..
علّى الكوفية علّي ولولح فيها
وغني عتابا وميجانا وسامر فيها
هز الكتف بحنبة
جفرا عتابا ودحية
وخلي البارود يهلل ويحليها.
هذه بعض من أبرز أغنيات (محمد عساف)، التي تفاعلت مع قضية وطنه فلسطين، ومن ثم نقدم له في النهاية: تحية تقدير واحترام، خاصة أنه قرر اعتزال الغناء العاطفي حتى تتحرر فلسطين على كامل ترابها المقدس.. فتحية من القلب لـ (صوت فلسطين) القابض على جمر القضية.