رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حسين نوح يكتب: الكبير والصغير!

بقلم الفنان التشكيلي الكبير: حسين نوح

تتحدث كثيراً أنك الكبير والعريق والجهبذ والتاريخ والجغرافيا.. هل مازالت تلك المفاهيم من الثوابت أم حدثت عليها بعض التغييرات، مجرد سؤال؟ تدفق إلى عقلي بعد قراءة كتب المفكر الجزائري (مالك بن نبي) وفيها أكد أن الأمم يقاس تألقها بالأفكار لديها وليس بمساحة وعدد المواطنين.. تطالعنا الأحداث حالياً عند متابعة الزمن والحداثة وتجليات إعمال العقل التي طالب بها كل من اهتم بالتنوير إنه قد حدث تغيير في بعض المفاهيم، فالكبير أصبح بما يقدم وبما يمتلك علي أرض الواقع من مقومات تأكيد القدرات ورفاهية الذات، ومفردات كثيرة يدركها العقلاء والباحثون عن الحقيقة فقد يكون الكبير مريض أو عاجز أو ساذج أو عديم البصيرة، وهنا تستحق كلمة الكبير إلى مراجعة عقلية وموضوعيه وعلي سبيل المثال: أوقفت أوكرانيا جحافل الجيش الروسي على أبوابها رغم تاريخه وقدراته عندما حسم الحرب العالمية الثانية لصالحه ودخوله برلين وهزيمة المانيا.

مالك بني .. مفكر سبق عصره

ونتابع الآن وبعد ما يقترب من عام على اندلاع الحرب في أوكرانيا فما زالت محاولات الجيش الأحمر فهو يتقدم ثم يتراجع بعد أن اعتقدنا جميعاً أن روسيا العظمى والتي تعتبر من أكبر الدول النووية في العالم سوف تفترس أوكرانيا في أقل من شهر، ولكن تدرك روسيا أن للحرب النووية حسابات أخرى، ومن هنا حدثت المفاجأة ومازالت تتوالي المشاهد أمامنا حتي اليوم ومازال الصراع قائم بحسابات يدركها أطراف الصراع وخلفهم القوى العظمى والمصالح.

حين تم الإعلان عن إقامة كأس العالم في قطر اندهش البعض وزادت الأسئلة والبعض شكك في إتمام الحدث وتحدث البعض مؤكداً باستحالة إتمام الحدث وزادت الأسئلة عن أماكن إقامة رواد كأس العالم والبنية التحتيه للدولة الصغيرة وكذلك متطلبات تلك الجماهير القادمة من كل أنحاء المعمورة، ومرت السنوات وفقط قطر تعمل في صمت واستعانت بكل القدرات العالمية وقدمت كل العون من مال وإدارة وأسلوب علمي وتخطيط لكل مفردات الحدث الضخم وغير المسبوق في منطقة الشرق الأوسط وحتى إلى قبل افتتاح كأس العالم بشهور كان هناك من يشكك في إكمال الحدث.

وتأتي المفاجأة وتنجح قطر ويشهد العالم بل والفيفا أن قطر قدمت أهم وأعظم نسخة من كأس العالم، وقد أشاد بذلك كل من يمتلك بصر وبصيرة وخرجت البطولة تشرف كل عربي بل ويفتخر.

شارلي شابلن .. أسطورة السينما
بليغ حمدي.. عبقرى لن يتكرر

ولم تتوقف مظاهر وتجليات تحديث مقولة الكبير كبير والصغير صغير إلا وتتوالى المفاجآت فيتغلب الفريق الأخضر السعودي على الفريق الأرچنتيني المرشح بل والحائز على كاس العالم في قطر، فقد تعالت الأرچنتين ولعبت وهى تمتلك يقين الفوز ولعب الفريق السعودي بكل بسالة ليقدم نفسه في كأس العالم وخلفه الجماهير العربية في الملعب وخارجه بل في كل الدول العربية، وكانت أولى المفاجآت الأخضر يهزم الأرچنتين ثم جاءت المغرب وكما أطلقنا عليهم فريق الأسود فقد لعب الفريق بروح قتالية وببسالة حظيت على الاحترام، فالفريق شعر بحماس جماهير كل العرب وعلي الخصوص المغاربة واتشح الجمهور بعلم المغرب الأحمر وتزينت المدرجات باللون الأحمر الساخن ممتزجاً بحماس وروح المواطنة بل والعروبة، وكانت النتيجة أن فازت المغرب علي بلچيكا وكندا والبرتغال وزادت الآمال فقد صعدت الأسود إلى دور الأربعة الكبار(المربع الذهبي) وتحقق الحلم وزاد الطموح وهنا زاد اليقين أن بالعمل والجهد والمثابرة والإخلاص والحماس واتباع آخر ما وصلت إليه تجليات علوم لعبة كرة القدم وبمدرب وطني فقد تحقق الحلم وزاد الطموح وشرفنا فريق الأسود وألف مبروك لهم.

لقد أصبحنا في زمن مختلف يؤكد وبشكل واضح أنك كبير بما تستطيع تقديمه من قيم العمل والتضحية والاجتهاد والموضوعية والواقعية والأخذ بكل تجليات العلم والمعارف والعطاء، فالدعاء وحده لن يجدي وإنما الأخذ بقيم العمل والاجتهاد والأمانة والإخلاص وكلها تجلت في كتب الله السماويه تدعونا للعمل.

الكبير ياسادة كبير بما بداخله وليس بحجمه الجسدي فنتذكر أهم ممثل كوميدي في تاريخ السينما (شارلي شابلن) الأسطورة لم يكن يمتلك جسداً كبيراً، وبليغ حمدي كان صغير الجسد ولكنه في اعتقادي من أهم مبدعي العصر الحديث، أراه (موتسارت العرب)، ثم (آل باتشينو) صغير الجسد كبير الموهبة من علامات السينما الأمريكية في التمثيل و(الضيف أحمد) كان من أهم أعضاء الثلاثي (چورچ سيدهم وسميرغانم)، فقد كان العقل المفكر والمخرج لمعظم أعمال البدايات للثلاثي، و(نصف كلمة) للكبير (أحمد رجب) كانت طلقات واعية تتساوي مع صفحات لكبار الكتاب ولا ننسي (كلمتين وبس) للعظيم فؤاد المهندس، و(سماعي) لمفيد فوزي تلغرافات شديدة الاختصار وعظيمة المضمون.

كأس العالم في قطر

الدول الآن لا تقيم بالحجم وعدد السكان إنما تقاس عظمة الدول بقوة جيشها وانتماء مواطنيها وتجليات صناعتها ومراكز جامعاتها في ترتيب جامعات العالم وعدد براءات الاختراع والتقدم الطبي وعدد الحائزين علي نوبل وما قدمته للبشرية من ابتكارات وعلماء، ثم مستوي دخل الفرد والتحضر والفنون وخاصة الفنون الرفيعة وكم المتاحف، وحبذا لو لديك تاريخ عريق كالتاريخ المصري القديم.

العجيب والمدهش أننا نعيش في بلد يمتلك القديم والجديد والتاريخ والجغرافيا والعلماء والمفكرين والمبدعين.. فماذا يحدث ؟، مصر تنطلق ولكن هناك بقايا من بعض الكارهين وأصحاب الأطماع وأحلام دولة الخلافة، وبعد فشلهم وإدراك الشعب لمطامعهم فمازال لهم بقايا مندسة وتبحث عن أي فرصة لبث أفكارهم وسمومهم في محاولات بائسة مفضوحة وآخرها إشاعة بيع قناة السويس، وقد كان رد رئيس مجلس الشعب معالي المستشار الدكتور (حنفي الجبالي) قاطعاً نافياً وبكل وضوح ليخرس تلك الأفواه المذعورة والهاربة والمأجورة.. مصر الكبيره تنطلق وتستحق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.