رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حماقي .. رجاء لا تقترب من (علي الحجار، وصلاح جاهين، وسيد مكاوي) !

ثنائي السطحية الغنائية (حماقي وتوم)ا اللذين استخفا بفلسفة الرباعيات ومعانيها العميقة

كتب : أحمد السماحي

منذ يومين طرح المطرب (محمد حماقي) بالاشتراك مع الموزع الموهوب (توما)، رائعة من روائع العبقري (صلاح جاهين) وهي الرباعيات، وبالتحديد أعاد (حماقي وتوما) تحت عنوان (عجبي) اثنين من رباعيات صلاح جاهين وهما (مع إن كل الخلق من أصل طين)، و(سنين وفايتة عليا فوج بعد فوج) والاثنين سبق وتغنى بهما (علي الحجار، وسيد مكاوي) بألحان سيد مكاوي، وتوزيع المبدع (منير الوسيمي)، وقد أبدع (الحجار) في غناء الرباعيات، وأجاد في تلوين صوته دراميا حسب ما كانت تتطلبه كل رباعية، ومازال حتى الآن يعيد غناء بعض الرباعيات في حفلاته، وأحيانا في بعض البرامج التى يظهر فيها.

قام بتلحين وغناء (رباعيات 2022 ) كلا من (حماقي، وتوما)، توزيع وميكساج توما، ديجيتال ماستر أمير محروس، جيتار مصطفى أصلان، عود إسلام الإبتي، إدارة إنتاج ميدو فؤاد.

ابتسامة بلهاء تنم عن عدم ادراك حجم الكارثة التي تسبب فيها

الحقيقة إنني بعد أن استمعت إلى هذه التجربة التى تظل تجربة لها سلبياتها ولها إيجابياتها، تبادر إلى ذهني سؤال أريد توجيه للمطرب الطيب (حماقي) لماذا تخوض مثل هذه التجارب الصعبة؟!، خاصة وأن الفلسفة والعمق والتكثيف، الموجود في الرباعيات، والدلالات المختلفة، والمعاني الحسية المتعددة والمركزة، لن يستوعبها جمهورك، ولن يقبل عليها، لأن معظم الشباب الحالي ثقافته محدودة للغاية، وإذا كنت تريد عمل تاريخ مهم ويكون في أرشيفك الغنائي تجربة مع العبقري (صلاح جاهين) فارجع إلى أعماله الكاملة المليئة بالكنوز الشعرية الرائعة التى لم تغن من قبل، واختار منها أغنية أو اثنين أو حتى ثلاثة لم يقترب منهم أحد قبلك، وقم بغنائهم.

لكن أن تختار الرباعيات (صعبة شوية)!، خاصة وأنها بالنسبة لأكثر من جيل تعتبر أحد أيقونات الغناء المصري الفلسفي، التى لم يأت قبلها ولا بعدها، ومازالت تأسرنا رغم تقديمها منذ حوالي 40 عاما، وتسري في وجداننا سريان الدم في العروق.

كيف يمكن أن يفهم جمهور حماقي الرباعيات

لا يكفي الإعجاب بالرباعيات كشعر حتى أتجرأ وأخوض مثل هذه التجربة المحفوفة بالمخاطر، خاصة وأن (حماقي وتوما) في تلحين وغناء ما قاما به لم يظهران الدهشة والحيرة والأسئلة الموجودة في الرباعيات، والاندهاش والسؤال والتفكير يتحقق في الإحساس بالمعنى والسر، وهو لا يتجه لإثارة الشك والحيرة بقدر ما يتجه لإيقاظ الوعي بأن الوجود يثير أسئلة لم تجب عليها.

الرباعيات تحفل بأسرار لم نبلغ معرفتها بعد، ولعل في الاندهاش والسؤال والتفكير أيضا نوع من التواضع والخشوع أمام عظمة الله، ونوعا من الإقرار بأن حقائق العلم التى نملكها ونعتز بها بطبيعة الحال لم تستنفد بعد كل ما ينطوي عليه من حقائق، ففى الاندهاش والسؤال والتفكير إذن سلب وإيجاب، فالمندهش لا يعرف السبب الخفي وراء ما يدهشه، لأن الذي يعرف لا يندهش، كل هذا المعنى الفلسفي لم يظهر في غناء ولاتلحن ولا توزيع الرباعيات الجديدة بالتأكيد، حيث تم تلحينها وغنائها ككلمات حلوة عادية! وبالتالي فقدت كثير من توهجها.

تبدأ الرباعيات التى اختارها (حماقي وتوما) بـرباعية :

مع إن كل الخلق من أصل طين

وكلهم بينزلوا مغمضين

بعد الدقايق والشهور والسنين

تلاقي ناس أشرار وناس طيبين

عجبي عليك.. عجبي عليك يا زمن

يا أبو البدع.. يا مبكّي عيني دماً

ازاي أنا اختار لروحي طريق

وأنا اللي داخل في الحياة مرغماً

بعدها قاما بغناء رباعية

سنوات فايته عليا فوج بعد فوج

واحدة خدتني ابن والتانية زوج

والتالتة أب خدتني والرابعة إيه

إيه يعمل إللي بيحدفه موج لموج؟

عجبي

انتبه .. الرباعيات لا تناسب قماشة صوتك

هذه المعاني القوية التي تجعلنا نندهش ونتساءل، ونفكر ونختار، تدخل إلى دائرة الفلسفة، وتطرح الرباعيات سؤال جوهري لأن الموقف يدعو إلى التعجب، ومن السؤال إلى السؤال لأنها رحلة الحياة التى تفجر السؤال تلو السؤال، وتدعو إلى التفكير والاختيار، ويتساءل الإنسان: ترى هل الإنسان حرا أم مجبرا؟!، قضية كثرت فيها الكتابات المصرية والعالمية وبقى السؤال، ولكن العبقري (صلاح جاهين) وضعه في كلمات مكثفة ومركزة لتتصاغر أمامه كثرة الكتابات والمؤلفات.

رباعيات (صلاح جاهين) يا (حماقي ويا توما) بمثابة لآلىء مستقرة في قاع سحيق والماء فوقه، والضوء المنكسر يخدعك بأن تلك اللآلئ قريبة من يديك، وهذا وهم كبير، فأنت تظن قربها والواقع هى بعيدة غائرة، وهذا ما قد لاحظه وكتبه أديبنا الكبير (يحيي حقي).

تعليق 1
  1. باسم عبد العزيز يقول

    رائع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.