رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد شمروخ يكتب : عن القمنى .. سؤال ممنوع من الصرف!

بقلم : محمد شمروخ

لماذا لم تقدم أي من التنظيمات الإرهابية ذات الصبغة الإسلامية على اغتيال الكاتب الراحل سيد القمنى؟!، وهو الذي شغل الفضائيات بأفكاره الجدلية طويلا.

حتى الآن يظل هذا السؤال لغزا محيرا، خاصة أن التنظيمات  الإرهابية استحلت دماء وخططت لقتل وقتلت كتاب ومفكرين وأدباء وصحفيين بسبب آراء وكتابات دينية وأدبية وسياسية لا يمكن أن تقارن بما كان يصرح به القمنى في كتاباته الواضحة والصريحة والتى لا تحتاج لتأويل.

وما ظنى أن هذا السؤال إلا وقد اقتحم رأس أي قارئ أو مستمع أو مشاهد أو متابع لكتابات وحوارات وأحاديث القمنى التليفزيونية بسبب جرأتها وصراحتها المباشرة التى تصل إلى درجة الاستفزاز

سيد القمني ظل لغزا محيرا طوال حياته

لقد سبق أن خطفوا الشيخ الذهبي رحمه الله، من منزله بحلوان وقتلوه في فيلا بالهرم بعد إهانته وتعذيبه في سنة 1977.

وحاولوا اغتيال مكرم محمد أحمد رحمه الله، في سنة 1987 في وسط القاهرة

وقتلوا فرج فودة رحمه الله، أمام مكتبه بمصر الجديدة في 1992

وحاولوا ذبح نجيب محفوظ رحمه الله، أمام منزله بالعجوزة سنة 1994.

فهذه وقائع ارتكبتها عدة تنظيمات إرهابية جمع بينها مشروع أطلق عليه (الإسلام السياسي) ضد شيوخ وأدباء وصحفيين ومفكرين، بسبب آرائهم  المعارضة لاتجاهات وتوجهات ومصالح مشروع الإسلام السياسي.

فهل معقول أن يقتولوا أو يخططوا لقتل كل هؤلاء ولا يقتربوا من سيد القمنى بسبب أحاديثة الإعلامية؟!

لقد سالت دماء الذهبي وفودة وكادت تزهق روحا مكرم ومحفوظ من أجل ما كتبه على اختلاف مباشرته أو تأويله من أجل ما يساوى وزن شعرة بالنسبة لرأس القمنى!

فرج فودة

ولى تجربة شخصية وإن كانت غير مباشرة مع الأستاذ سيد في سنة 2005 إذ فاجأ الجميع بتراجعه عن كل أفكاره التى بثها في كتب أو مقالات وزاد أن اعتذر عنها مبررا هذه الخطوة بأنه خشى على حياته وحياة أسرته بسبب تهديدات صريحة بالقتل وصلت إليه عبر حسابه الشخصي على أحد مواقع الإيميل على شبكة الإنترنت منسوبة إلى أحد التنظيمات الإرهابية بالعراق!

ورفض القمنى الرد على الاتصالات.

وحتى عندما حاولت التواصل معه كمحرر بقسم الحوادث والقضايا بالأهرام عن طريق صديقنا المشترك الأستاذ خالد زغلول الزميل الصحفي بالأهرام الدولى والذي كان يومئذ صاحب ومدير دار النشر التى تطبع وتوزع كتبا للأستاذ القمنى، حيث عرض زغلول توصيل بعض التساؤلات عن التهديد والقرار والإتيان بالرد عليها من الدكتور سيد القمنى!

ورغم ذلك لم أقتنع بهذا الحوار اللامباشر فالتمست طريقا آخر للإجابة عن الشق الأول المتعلق بالتهديد، وتواصلت يومها مع مصادرى الصحفية الأمنية، للوقوف على مدى مصداقية هذه التهديدات وكانت النتيجة

– لا شيء!

(يعنى ممكن يكون حد بيهزر هزار سخيف)!

وأثبتت الأيام بعدها أنها لا تهديدات ولا يحزنون ولكن..؟!

المهم لم تعجبنى طريقة الأستاذ سيد إزاء ذلك التهديد حتى لو كان حقيقيا، إذ أنه كمفكر له توجهاته وهو حر فيها وهو ينشر وينتشر ولا معقب عليه ليس أمامه إلا التمسك بمواقفه مهما لقى من أجلها وذكرته يومها بسقراط الذي تناول السم بيده تنفيذا لحكم محكمة ظالمة حتى يثبت للجميع أنه لا يهاب الموت دفاعا عن آرائه، ومات سقراط لكن كتب السم الذي تجرعه الخلود لاسمه ولأفكاره وللفلسفة كلها بينما نسي التاريخ محاكميه!

ولم يعجب الكلام الدكتور القمنى ولا أعجبه ما كتبته لأننى لم أردد صراخه في البرية كاستغاثة، وهو يرى أن ما يصدر منه لا معقب عليه فهناك اتهام يحميه بأن أي معقب،  فلابد أن يكون غير المنبهر به متطرفا إرهابيا إخوانيا داعشيا تماما، كما لا يجوز أن تخضع كتاباته لقواعد نقد موضوعي، فلا يوجد من يقدرون على نقد كتابات القمنى إلا من تلك الفئات السابق ورودها أعلاه!

لكن الواقع الذي كان يتم تجاهله عن عمد، هو أن من بين نقاد القمنى أصحاب فكر وأقلام لا يمكن وصفهم بتلك الصفات ولا نسبهم إلى جماعة الإخوان حسب الطريقة المكارثية المتبعة من أيامها وإلى الآن.

فقد كان من بينهم الأستاذ يوسف القعيد والدكتور عبد الوهاب المسيرى والأستاذ بلال فضل، فالكلمة من هؤلاء تهبط كضرب الخناجر المسنونة لا تنتزع إلا باللحم والدم لتكشف ما استكمن في النصوص بينما (الدكتور) يقدم إنتاجه على أنه دراسات علمية غير قابلة للجدل فكل ما يقدمه لابد أن يدمغ بدمغة (حقيقة علمية) لم يستطع كشفها غيره على مر القرون!

وبدا أن من دونوا تاريخ الأمة العربية والإسلامية، كأنهم وضعوا بين طيات فقراتهم شفرات لن يفك أسرارها إلا نفر قليل من بينهم (سيد القمنى) الذي وضع على عاتقه مسؤولية إثبات أن أمة العرب والمسلمين قديمهم وحديثهم ليسوا سوى كثرة من الغافلين تسوقهم قلة من الخبثاء لتحقيق مشروع سياسي يضمن بقاء الملك بداية من دعوة إبراهيم (عليه السلام) وحتى اللحظة الراهنة!

فقد ثبت على يد (الأستاذ سيد) أن إبراهيم ابن مدينة أور الكلدانية صاحب مشروع سياسي جاب من أجله البلاد من العراق إلى سوريا إلى فلسطين إلى اليمن إلى الحجاز إلى مصر، بل ثبت للأستاذ سيد أن إبراهيم بن تارح، لم يكن داعية إلى الله الواحد الأحد، إلا لأغراض سياسية بحت لأنه أتى بصنم يدعى (ألمقة) ووضعه في واد غير ذي زرع وبنى حوله بيتا وأصاب التحريف ألمقة ليصبح (مكة) أيا أن زي إبراهيم ليس بأبى الأنبياء ولكنه أبو الزعماء الذين خدعوا شعوب الأرض من الغافلين الذين لم يفهموا ما فهمه القمنى وصحبه!

هذا ما تفرد بمعرفته نصا وتفسيرا الدكتور سيد دون غيره من العالمين وأتى بما لم تستطعه الأوائل!

قس على ذلك الكثير والكثير في متون كتبه التى تعرض وتباع في المكتبات منذ صدورها وحتى الآن، لا توزع سرا ولا صودرت لتحرق ككتب ابن رشد والغزالى وألف ليلة وليلة!

بل مع توالى عمليات تكفيره من حانب خصومه الإسلاميين، كان يتم الدعاية والترويج لأفكاره أكثر مع كل الانتقادات (المدنية)، فقد كانت اللعنات التى تصبها جماعات الإسلام السياسي على أفكاره تهبط بردا وسلاما!

لكن العجيب أنهم لم يفارقوا هذه اللعنات إلى محاولة اغتياله.. قد تكون وصلت إليه تهديدات حقيقية أو وهمية ولكن النتيجة المؤكدة أن أجهزة الأمن لم تعلن أنها رصدت أو أحبطت أيه محاولات لاغتياله!

فهل عجزت عنه التنظيمات الإرهابية؟!

وإن كان فكيف ولماذا

لماذا إذن غيره كانو أهدافا يسيرة؟!

لكن لا جواب للماذا ولا أي لماذا سابقة، اللهم إلا بهل أو بعدد معتبر من الهلات!، هل لأن الشيخ الذهبي شيخ عالم دين، مما يعنى أن انتقاده لهم أشد عليهم من سياط حمزة البسيوني، وأن صدى قتله كوزير سابق للأوقاف، سيحدث دويا هم في حاجة إليه لنشر الرعب في مستهل عودتهم مجددا؟!

كذلك حاربهم فرج فودة في المجال العام، فهل لأن فودة كان يمارس دعوته عبر الصحف والمجلات وأحيانا بسخرية لاذعة وخطب لفودة ومحاضرات بالمؤتمرات والمنتديات وهم لا  يطيقون من يسخر منهم لأن بضاعتهم تعتمد أساسا على الترهيب؟!

مكرم محمد أحمد
نجيب محفوظ

وكذلك كشفهم الأستاذ مكرم محمد أحمد في مقالات له واقتحم قدس أسرارهم وفضح أغراضهم.. ودون ذلك خرط القتاد!

وكذلك كان نجاح محاولة قتل نجيب محفوظ سيحقق لهم دويا هائلا لأنه أديب صار عالميا بعد أن حصل على جائزة نوبل!

فما كان أيسر اغتيال القمنى لكنهم لم يفعلوها رغم سهولة ذلك والفرص بلا عدد خاصة أن قتله لو حدث فسوف يزين سجلهم الجماهيرى باغتيالهم مفكر ذي مواقف واضحة بلا ريب في عدائه ليس لمشروعهم السياسي فقط بل للإسلام، بل للدين جميعا، بل وبلغ من صراحته أنه نصح علانية في حديث مصور لشبكة الملحدين العرب، أنه يجب التظاهر باعتناق الإسلام حتى يتسنى نشر الفكر العلماني.

ولا مجال للإنكار فكل الأحاديث مسجلة وهم يقتلون على الشك والتأويل البعيد، فما بالهم أحجموا عن ذلك؟!

ولم أجد تفسيرا شافيا لدى أي من الضباط المختصين بملفات الإسلام السياسي ومن خبراء هذا المشهد بالذات، ولكن لم أجد إجابة شافية وبلغ من إلحاحى على تقديم تفسير من أحد الخبراء أنه وجه إلى سؤالاً ساخرا (هو مالك كده كأنك عايزهم يقتلوه؟!).

هو السؤال حرم؟!

أحيانا لو تأتى الإجابة بما هو أكثر غموضا من السؤال نفسه!

لكن كان يداهمنى شعور يقينى بأنهم لن يفعلوها؟!

لماذا؟!

أجب، أبن، أفصح، مع التعليل بدون وضع علامات تعجب!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.