رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

أفراح النصر.. ومعارك البناء

بقلم : على عبد الرحمن

بداية أود أن أسجل إعجابي بما رسخه السيد الرئيس في الندوة التثقيفية التي نظمتها القوات المسلحة في بداية احتفالات مصر بالعيد الـ 48 لنصر أكتوبر المجيد، عند أعاد  الرئيس ترسيخ مبدأ (ولاتنسوا الفضل بينكم) حسب تعاليم ديننا الحنيف، وأكد علي قاعدة (من لايشكر الناس لايشكر الله) كما أوصانا رسولنا الكريم.

هكذا فعل الرئيس عرفانا بفضل قادته السابقين في بداية حياته العسكري أمام اللواء سمير فرج، ليؤكد مقولة مثلنا الشعبي (العين متعلاش عن الحاجب)، وأظن أن السيد الرئيس قالها ليضع لبنة في منظومة القيم المصرية المستردة، وسعيه لإعادة بناء الشخصية المصرية ذات الروافد الثقافية المتعددة، لأنه لايمكن أن نعيد بناء الدولة في الجمهورية الحديدة دون بناء الإنسان ذاته، ولعله درس تربوي نبدأ به عامنا الدراسي إستعادة لقيم القدوة والعرفان والفضل ،التي تاهت وسط إيقاع عصرنا وإنشغالنا بمحتوي السوشيال ميديا حتي أصبح تواصلنا عائليا عبر رسائلها، فلم تعد وسائلا للتواصل بل وسائلا للتباعد والجفاء.

وبهذه المناسبه فقد شرفت بحضور بعض فعاليات الإحتفال بذكري النصر، ولم أخف إعجابي أيضا بغزارة ودقة الثقافه المتنوعه لدي أبناء المؤسسة العسكرية، فجميل أن تستمع لذكريات مقاتل بالأرقام والتواريخ والأماكن والأشخاص بشكل جاذب ومؤثر، والأجمل أن يدرك مقاتلينا عوامل الربط بين أحداث الداخل وأحداث المنطقة والعالم أجمع، فتحيا ثقافة المقاتلين وتحيا ندواتهم التثقيفية، ويحيا كل من سن وأرسي وواظب على هذه الميزة الكبيره لدي أبناء مؤسستنا العسكريه المنضبطة.

وبمناسبة انضباط المؤسسه العسكرية دقة وتخطيطا وحسابا وتوقعا، ليتها تكون القدوه لباقي مؤسسات الدوله، سعيا وراء هياكل منتظمة ومهام محددة وخطط موضوعة وآليات تنفيذ واضحة ومتابعة دقيقة وتقييم جاد، حتي نكون مؤهلين لدخول الجمهورية الجديدة بمتطلبات علميه عصريه مهنية

وعلي هامش احتفالنا بهذه المناسبة أجد أن تقصير أهل الميديا والفن قد طال هذا الحدث الكبير، فلم يكلفوا أنفسهم بالبحث وراء الأقام والمواقع والتواريخ والأبطال والأحداث خلال فترة الحرب، ولم ينوهوا لهذا التضامن العربي الكامل الذي نأمله ونسعي إليه، ولم يقدموا مجهودا لتجسيد أيام النصر رغم أموال الميديا والفن الطائلة التي يتم إنفاقها، وإقتصر تجسيد الحرب علي فيلم (القرار) الذي أنتجته الشئؤن المعنويهة بعد الحرب، واكتفوا بمشهد هنا ومسمع هناك في أفلام تم إنتاجها مثل (العمر لحظة، والرصاصة لاتزال في جيبي، وأغنيه ع الممر، وأبناء الصمت)، وحديثا دراما (الاختيار)!.

فهل حرب أكتوبر وما ترتب عليها من نتائج ودروس عسكرية لا تثير شهية المنتجين لتقديم عمل فني يلائم هذا النصر، كما قدمت السينما الأمريكية والصينية والأوربية حروب دولهم، توثيقا ودعما للانتماء وترسيخا للهويه!.

إن شباب اليوم لايعلمون كثيرا عن الحرب وماسبقها وأثنائها وماتلاها، فهل ننتظر عملا إبداعيا بقيمة النصر وقامة صانعيه، وخاصة أن أغلب نوافذ الإعلام  وجهات إنتاجه ومصادر تمويله أصبحت حكومية أو شبه رسمية، وهل يمكن أن نختار أعمالا إبداعية من مسابقات الشئؤن المعنوية السنوية لأحسن المعالجات لأيام النصر ونحولها لأعمال فنيه تجسد وتؤرشف وتثقف أبنائنا حاليا؟، وهل ننتظر كثيرا لعودة الأغاني الوطنية والأوبريتات والوثائقيات المعبره عن استعدادنا للحرب وكيف خضناها وماذا تم بعدها؟، وهل نحتاج إلي مسابقة قومية، أو ملتقي وطني لتحديد أفضل الأعمال المجسدة لحرب العزة والكرامة؟.

وهل نحلم إذا ما طالبنا بإعلام داعم في معارك البناء والتنميه كإعلام الحرب والنصر والفخار؟، وهل يمكن لإعلام اليوم المقصر في حق وطنه وأهله أن ينطلق إلي آفاق رحبة نحو إنجازات الوطن وتغير شكل الحياة علي أرضه؟، وهل يقدم لنا إعلام اليوم وثائقيات الإنجاز وأغاني الدعم والبناء، وصورا مبشرة ومتفائله نحو غد أفضل وجمهورية جديدة؟، وهل يقوم الإعلام بدوره دون مطالبة أو تذكير أو تلميح؟.

أري أن الفرصة سانحة والحاجة ملحة والإمكانات قادرة علي صنع محتوي إعلامي يقظ، واع، داعم متلاحم  ومتفائل يلاحق سرعة إيقاع الوطن في تحركه المدروس نحو الغد.

لقد أصبحت معلومات المشاهد المتناثرة المصادر أكبر وأعمق من مايقدمه أهل الميديا،عن الوطن وتخطيطه ومشروعاته وغده الأفضل.

فهل نسي الإعلام أهم وظائفه في التأريخ والأرشفة والتوثيق؟، وهل تنازل عن دوره في الإخبار والتعليم وبث الانتماء والفخر بالوطنية؟، وهل ارتضي أن ندخل الجمهورية الجديدة بلا ذاكرة وطنية موثقة ولا شخصية ذات بناء عصري محكم؟، وبلا إعلام سابق لوقته وشعبه، داعم لخططه وطوحه، باعث للأمل والتفاؤل، مرضيا عنه رسميا وشعبيا، ليت صوتنا يصل أحدا، وليته يكون محل تفكير بعد الوصول، وليته يكون محل تنفيذ بعد التفكير، وليته يري النور بعد كل ذلك.

حما الله مصر المحروسة بأمره، وكل عام وجيشها وقيادتها وشعبها بألف خير، وتحيا دوما مصر قلب الأمة النابض..اللهم آمين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.