رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(قربت أكره نجيب محفوظ) !

بقلم : محمد شمروخ

كلما فتحت جريدة لأطالع أخبار الأدب والثقافة، أو قلبت في قنوات التلفزيون، غير ما يقتحمنى على مواقع الإنترنت، أجد مقالات وبرامج وأفلام ومسلسلات عن روايات وقصص نجيب محفوظ.

وماذا في ذلك.. ألم تمر ذكرى وفاته قريبا وكان لابد من الاحتفال بذكرى أديب نوبل الكبير؟!

أعرف كل ذلك وقيمة محفوظ عندى لا تكاد تدانيها مكانة لروائي عربي أو أجنبي .. ولكن بادئ ذي بدء، دعك نهائيا من قصة ذكرى الميلاد أو الوفاة، فهذه موضة لابد أن تبطل، لأن استحضار ذكرى الشخص بمناسبة ميلاده أو وفاته أصبحت تزهق وتحول صاحبها إلى مجرد مناسبة لسداد خانة للذكرى فقط، ثم إن ما هى علاقة عمل فلان أو علان من أى مجال بمولده أو وفاته؟!، فمثل هذه المعلومة لا يجب أن تزيد عن سطرين في فقرة حدث في مثل هذا اليوم، ثم إن الزمن يا أخي اتقلت بركته، فتجدنا كأن احتفالنا بأى من الذكريين وكأنه تم في ظهيرة هذا اليوم بله على أنه تم بالأمس، فالاحتفال بالميلاد أو الوفاة – في نظر أخيك – إقلال من قيمة الشخص وحصره في شمعة مطفية وهدية رخيصة واستدعاء لدمعة حزن باردة، وكأننا لا نذكره طوال 364 يوما أو 365 في الكبيسة بعيد عنك!.

ومع إنى واحد من المتيمين بروائع نجيب محفوظ، إلا إنى زهقت من طوال تكرار الموضوعات المنشورة أو المبثوثة نفسها طوال الأيام الماضية ومع كل ذكرى ميلاد أو وفاه فضلا عن أنه قد يذهلك أحدهم بأنه ينشر لأول مرة قصة مجهولة كتبها نجيب محفوظ وكأن الأديب الكبير أملاها بعد وفاته، ثم تفاجأ أن القصة إما منشورة في إحدى مجموعاته القصصية أو أنها لامؤاخذة (هتشاية كبيرة) منسوبة إليه كما نسبوا قصائد تملأ فروش الكتب لنزار قبانى.

وليه لأ؟!

وحياتك أنا كنت شاهد عيان على شاعر مجهول كان يهبد القصيدة والاثنتين والثلات وينسبها لنزار، حتى إذا ما تجمع لديه عشرون قصيدة أو أكثر يتفق مع ناشر على إصدارها تحت عناوين مثل (أحلى ما كتب نزار عن الحب)، و(أجمل عشرين قصيدة لنزار عن المرأة)، وكله كان (هتش في هتش) وبالطبع جنى الشاعر من الأموال من وراء هذا (الهتش) ما لا يمكن مقارنته بما يصدر له هو شخصيا من دواوين لا تكاد تلفت انتباه حتى المهتمين بالشعر، فكان يضطر لتوزيع نسخه مجانا وهو يضحك في سره على هؤلاء الذين اشتروا دواوينه المنسوبة لنزار وهاموا بها مع أنهم لا يعرفون اسمه ولا يقرأون حتى عناوين دواوينه، ولا أدرى لماذا اصطحبنى مرة إلى مكتب تجهيزات تابع لمطبعة يتعامل معها ناشر، ليلقى نظرة على البروفات الأخيرة لمجموعة نزارية جديدة من تأليف صاحبنا وربما أراد الشاعر إطلاعى على هذا السر الخطير ليريح ضميره نوعا ما باختيارى كشاهد على هذه المهزلة!.

ولولا أن تزوير قصائد الشعر أكثر سهوله من تزوير الروايات لوجدنا أكثر من ألف رواية مكتوب على غلافها (نجيب محفوظ)!

ثم إن هناك روائيين في مصر لا يقلون إبداعا عن نجيب محفوظ الذي اتخذ مكانته الإعلامية الكبرى بسبب أفلامه، بالرغم من إن رواياته أكثر جمالا وعمقا وإبداعا من الأفلام التى تتحكم فيها ظروف الرقابة والإنتاج وأمزجة الحكام والنقاد والجمهور والسوق، لذا فاق نجيب محفوظ كروائي بمراحل فلكية، السيناريست نجيب محفوظ والذي كتب سيناريوهات لأفلام لم يطبعها في كتب!

وسبق أن كتبت في هذ المكان مقال بعنوان (السينما التى أفسدت نجيب نحفوظ)،

كما أن ثاتى أسباب الاحتفاء بهن هو حصوله على جائزة نوبل وهى الجائزة العالمية ذات القيمة الكبرى والشبهة الكبرى أيضا، فوالله تالله بالله، إن قيمة نجيب محفوظ أعلى من أن يرفع بسبب هذه الجائزة ولو قلت لى إنه اعتراف عالمي بالأديب لابد من الإشادة به والاحتفاء به، فسأقول لك بكل ارتياح وبالفم المليان (طظ في هذا الاحتفاء وهذه العالمية)، خاصة بعد أن حازت كلاب السكك على جائزة نوبل في كل المجالات وكلنا نعلم من هم المتحكمون فيها وما أغراضها، لكنهم في الغرب أرادوا أن يمنوا عل أمة العرب وآدابهم فطرحوا أكثر من اسم لنيل الجائزة والاسم المؤكد طرحه مع نجيب هو اسم الأديب والمفكر الكبير الراحل عبد الرحمن الشرقاوي.

كم أنه يجب أن يكون في علمك أن قيمة نجيب محفوظ كروائي هى التى جعلتهم يختارونه لنيلها، لكننا جعلناها العكس، فبدا وكأن القيمة هى التى جاءت إثر هذه الجائزة فقيل عنه الأديب العالمى وأديب نوبل ومش عارف إيه ومدرك إيه.

أترانا نشعر بالهوان في عيون أنفسنا، حتى التمسنا لنا قيمة على ميزان وهمى يسمى بالعالمية؟!

يا أخى إن كان نجيب محفوظ بذات نفسيته قالها علنا بأن هناك من الأدباء والمفكرين المصريين كالعقاد وطه والحكيم يستحقون هذه الجائزة.

وممكن كمان أتعبك نفسيا لما تنعش ذاكرتك بحكايات عن كم أديب وشاعر عربي اتلحسوا من أجل الفوز بجوائز عربية أو عالمية، حتى كدت نرى منهم من يؤمون شارع محمد على لشراء صاجات ورق وربما حودوا على الغورية لشراء بدل رقص (شيفون مطرز وبشبكة على البطن) لزوم رضا لجان التحكيم التى قد يختار بعضها الفائز قبل صدور روايته أو ديوانه.. و .. (يا قلب يا كتاكت ) …..

ثم تعالالى هنا.. وبدون قسم ثلاثى ولا لك علي يمين، فما أفسد الأدباء والكتاب والمفكرين والشعراء سوى تلك الجوائز التى جعلت البعض منهم يلهثون وراءها كالمتسولين، وهناك تربيطات وصفقات وشروط تحت الترابيزة ومواءمات وتوازنات وسياسات وإكراميات وكل كلمة آخرها (ات) صارت هى المتحكمة في منح هذه الجوائز واختيار (المناسبين) للفوز بها، فترى الغلاف عليه بالبنط العريض (الرواية الحائزة على جائزة همبكة الدولية في سنة 2030) ياللا يا عم.. هو حد بيراجع ورا حد؟!

يعنى من الآخر.. أشعر بغيظ شديد كلما مرت في ذاكرتى عناوين قصص وروايات لمبدعين مصريين وعرب لا يكاد يعرفهم أحد الآن وإن عرفهم فلا يقف عندهم، بل حتى أنك تجد من بينهم كبار الروائيين من أجيال مختلفة مع أنهم اشتهرت لهم أعمال صارت دررا لامعة في عقد الأدب مثل (يحيى حقي ومحمد عبد الحليم عبد الله وعبد الحميد جودة السحار وأمين يوسف غراب وعبد الحكيم قاسم وسعد مكاوى وخيري شلبي وجمال الغيطانى ويوسف القعيد ومحمد المخزنجي) وكثير جدا غيرهم من الأعلام ممن كانوا فرسان المجال ولكن ضاق بهم المقام وقصر عن ذكرهم المقال!.

.. و”بلاش نتكلم عن (إحسان عبد القدوس ويوسف إدريس ويوسف السباعي وثروت أباظة، علشان خدوا حقهم تالت ومتلت وتلت تتلات).

فالغريب يا عمنا أنه عند الحديث عن الرواية كأن لم يكتبها غير محفوظ وعبد القدوس وإدريس، وعن الشعر كأن لم ينظمه غير حافظ وشوقى وعبد الصبور، وعن الموسيقى كأن لم يلحن غير عبد الوهاب والسنباطى وبليغ، وخد عندك.. في كل مجال تجد من يزهقوك منه من كتر الرغي عنه.

كفاية بقى.. زهقنا.. وزعوا طاقتكم على أكتر من واحد.. خلاص بقى سايق عليكم سيدكم النبي بلاش تكرهونا في نجيب وكل نجيب في كل مجال!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.