رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الطريق الى 30 .. (14) .. ردا على الإهانة

بقلم المخرج المسرحي الكبير: عصام السيد

فى الخامسة من مساء الخميس 23 مايو – و قبل موعد مؤتمر المثقفين الأول بساعتين – وقف عدد كبير من الفنانين و الأدباء على سلم نقابة الصحفيين رافعين لافتات تتضمن عبارات رافضة لوزير الثقافة منها  ( لا للوزير المتحول ) ، و ( الثقافة تخاطب وجدانى.. مصيبة لو وزيرها إخوانى ) .

كانت تلك الوقفة تتميز بعدة ميزات : أولها تنوع المشاركين فيها بين كتاب و مثقفين و فنانين و ناشرين ، و بينهم من هو مسئول كبير أو موظف صغير بوزارة الثقافة ، و من هو خارجها .

و ثانيها أن الوقفة على سلم النقابة أتاحت للجماهير العادية المشاركة سواء بأبواق سياراتهم أثناء سيرها أمام النقابة  أو بالتجمع فى الشارع ، خاصة عندما بدأ الفنان رامى عصام فى الغناء . و لكن المدهش كان مشاركة بعض السائرين فى الهتاف ضد الإخوان  ، بل إن آراء تناثرت من أشخاص عاديين تطلب إجراءات أقوى من الوقفات الاحتجاجية لأنها لم تعد تجدى نفعا وعلينا البحث عن طريقة أخرى للتخلص من حكم الإخوان .

أما الميزة الثالثة فكانت وجود عدد كبير جدا من كاميرات التليفزيون المحلية و الفضائية والتى تشبه ذباب ينقض بمجرد وجود مشاهير ، و الحقيقة أن المجتمع الثقافى المصرى يمتلئ بالنجوم فى كل المجالات ، لذا ما أكثر ذبابهم .

بدأ المؤتمر داخل إحدى قاعات نقابة الصحفيين بالوقوف دقيقة حداداً على أرواح الشهداء، وردد المشاركون والحاضرون فى المؤتمر النشيد الوطنى خلف الفنان محمد محسن ، ثم افتتح المؤتمر الكاتب الصحفى جمال فهمى – وكيل نقابة الصحفيين – بكلمة رحب فيها بالحضور قائلا : نقابة الصحفيين هى المكان المناسب لهذه المناسبة ، و لا مجال للترحيب بكم وأنتم فى هذه الدار فهى داركم، دار الدفاع عن ثقافة مصر. و كل ما أملكه هو تحيتكم وأنتم ( شرفتم النقابة ) .

وأكد ( فهمى) على أن مصر تواجه ( خطر حقيقى وجودى واستثنائى ) ، ربما لم نر مثيلا له على امتداد تاريخنا المعاصر والحديث، رغم أن هذا التاريخ مر به مراحل كثيرة شديدة السوء والظلام، و قال ( لكن ظلمة بهذا القدر وخطرا بهذا المستوى، أظن أننا لم نواجهه، وإن هذه الرموز من صناع الجمال والإبداع، دليل على أننا أمام حرب سننتصر فيها إن شاء الله ) .

و أضاف ( فهمى) : ( أنا لم أسمع باسم وزير الثقافة من قبل ، و لكن القضية هى السياق الذى أتى فى ظله ،  فمصر- دولة ومجتمعا – تتعرض لعملية نشل من خلال السيطرة على مفاصل الدولة  والمناصب السياسية التى أهدوا أنفسهم بها بلا أى دليل ، بهدف جرجرة الدولة المصرية للظلام ) .

و توالى المتحدثون من بعده ، يتناولون نفس الموضوع بالنقد و التحليل ، و بمقترحات التصعيد ، و ألقى الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم بعضا من قصائده ، لكن اللافت للنظر ما قاله الدكتور أحمد مجاهد فى كلمته من أن نصيب الثقافة فى الموازنة العامة للدولة كانت قبل الثورة ثمانية من عشرة فى المائة – أى لا تكمل الواحد الصحيح – فى حين أنها لا تقل فى الدول المتقدمة عن إثنان فى المائة من الموازنة العامة وترتفع فى بعض الدول الى اربعة فى المائة . و بالتالى فإن نصيب الفرد فى العام حوالى 35 قرشا (!!) و أن التغييرات التى يجريها الوزير فى القيادات هدفها الإتيان بمن يوافق على تخفيض ميزانية وزارة الثقافة والتى ستتم قريبا فى مجلس الشورى ( الذى حل محل مجلس الشعب بعد فشل محاولات إعادته ) ، حيث أن رئيس كل قطاع من قطاعات الوزارة هو المسئول عن مناقشة ميزانية قطاعه مع اللجنة المختصة بمجلس الشورى .

 وأكد مجاهد أن الإخوان لا يريدون أخونة الثقافة ولكنهم يسعون لتجريفها عن طريق محاصرتها ماليا، والقضاء على كل الكفاءات داخل الوزارة بالإضافة إلى بيع بعض مؤسساتها. مشيرا إلى أنه حان الوقت للإسهام في إنشاء مؤسسات المجتمع المدني التي تساعد على دعم الثقافة ، مؤكدًا على أن الاجتماعات القادمة للمثقفين ستكون داخل المجلس الأعلى للثقافة بصفته بيت المثقفين .

أما الروائى الكبير بهاء طاهر – الذى اختير رئيسا للمؤتمر – فقد عبر عن سعادته بتوحد جموع الأدباء والمثقفين للحفاظ على هوية مصر ووطنيتها، موضحا – حسب اليوم السابع – أن الأزمة لا تكمن فى اختيار وزير للثقافة لا يعرفه أحد، بقدر ما تكمن الخطورة فيما قدمه للثقافة ليكون وزيرًا للمثقفين، مؤكدًا أن المشكلة تكمن فيمن اختاره لهذا المنصب، وأجلسوا شخص مجهول الهوية والتاريخ على المقعد الذى جلس عليه أساطين الثقافة المصرية، مثل يوسف السباعى  وثروت عكاشة ، واصفًا من جاء به من مجاهل الحياة العامة إلى صدارتها هو المسئول، مشيرًا إلى أنه على مدار تاريخ الوزارة لم يتفق جموع المثقفين على وزير واحد، إلا أنهم كانوا يختلفون مع قامات كبيرة فى قضايا موضوعية، ولكن لم تحدث أبدا بهذا الشكل، أن يأتى شخص من غياهب المجهول ليصبح المسئول عن الأوبرا والمسرح والكتاب، مؤكدًا على أنه من الضرورى على جميع المثقفين أن يوجهوا غضبهم لمن أتى به.  

وقال بهاء طاهر إن الشعب الذى صار يهتف وينادى بسقوط المرشد، بات عليه أيضًا أن يسقط حكم المرشد، ما دمنا نعانى من كل هذه المصائب والسخافات فلا بد أن يسقط هذا الحكم.

ورأى ( طاهر ) أن هجمة المثقفين هذه لها سابقة وانتهت بانتصار الثقافة، مشيرًا إلى الهجمة على الثقافة فى أول السبعينات عندما كان هناك كتاب أوعز إليهم بسباب المثقفين والمبدعين، وكانت هناك مجلة تصدر أعدادا كاملة لتسب الأديب العالمى نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم، والأيام مضت ولا أحد يذكر هذه المجلة، ولكن يظل محفوظ وتوفيق الحكيم ملء السمع والبصر.

وشدد بهاء طاهر على أن كل من يسعى لإسقاط الثقافة المصرية سيذهب لمزبلة التاريخ، ولكن ستظل الثقافة مرفوعة الرأس وسيظل المبدعون هم قادة الحياة الفكرية الحقيقيين، وسننتصر كما انتصرنا من قبل مضيفًا ( وياما دقت على الرأس طبول ).

 من جانبه أعلن الناشر محمد هاشم تضامنه مع الدكتور أحمد مجاهد ضد وزير الثقافة،  وناشد هاشم، خلال مشاركته فى المؤتمر جميع الأدباء والمثقفين بالتوقيع على استمارة حملة ( تمرد ) لسحب الثقة من رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى. وكان متطوعون قد قاموا بتوزيع استمارة ( تمرد ) على جموع الأدباء والمثقفين المشاركين ووقع الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، والكاتب الكبير بهاء طاهر على الاستمارة على المنصة امام الكاميرات .

 ثم فى نهاية المؤتمر قرأ الاستاذ بهاء نص البيان وجاء فيه : ( ردا على الإهانة البالغة التى لحقت بالمثقفين المصريين والموجهة من حكومة الإخوان المسلمين لهم وللثقافة المصرية المضيئة عبر تاريخها الطويل فى بلد كان وسيظل مهد الفنون والحضارة، باختيار وزير تنحصر مؤهلاته فى نفاق الإخوان وعداء الثورة المصرية العظيمة وحلمها الملهم للأمة المصرية بالحرية والخبز والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، ينعقد هذا المؤتمر لرد الإهانة، لا لرفض هذا الوزير فحسب بل لبحث الوسائل المناسبة للحفاظ على هويتنا ومكوناتها وفى القلب منها الثقافة المهددة ).

وأضاف البيان أنه : قد اتفق الحاضرون على تكوين لجنة موسعة من كافة أطياف ورموز الإبداع الأدبى والفنى فى مجالاته المختلفة ( الكتابة والموسيقى والسينما والمسرح والفن التشكيلى ) فى الأسماء الآتية ورغبة منا فى التواصل ومشاركة الجميع فى درء المخاطر التى تحاصرنا الآن.

وذكر البيان أسماء 65 أديبا وفنانا تكونت منهم اللجنة ، ذكرت منهم اليوم السابع : ( الأديب العالمى بهاء طاهر، الشاعر سيد حجاب، والأديب يوسف القعيد، والمخرج مجدى أحمد على، الشاعر أحمد فؤاد نجم، والأديبة فتحية العسال، الشاعر زين العابدين فؤاد، والفنان التشكيلى محمد عبلة، الكاتبة فاطمة قنديل، الشاعر مايكل عادل، الشاعر وائل السمرى، والكاتب والمخرج حمدى الجزار، الفنان محمود حميدة، والمنتج محمد العدل، والكاتبة شيرين أبو النجا، والكاتبة سحر الموجى ).

و توالت فى الأيام التالية ردود المثقفين على ما اعتبروه إهانة .. و لهذا حديث آخر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.