رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

ليه لأ .. جرعة إنسانية شديدة العذوبة

عمر على

بقلم : عمر علي

في بداية شهر يونيو الماضي أطلقت منصة (شاهد) الجزء الثاني من مسلسل (ليه لأ) الذي عرض جزئه الأول العام الماضي في نفس التوقيت تقريباً، وكان من بطولة أمينة خليل وهالة صدقي وتأليف دينا نجم التي كتبت العمل تحت إشراف الكاتبة مريم نعوم وكان من إخراج مريم أبو عوف، والحقيقة أن حلقات الجزء الأول كانت أقل من المتوقع بكثير والحبكة والشخصيات وإيقاع الحلقات نفسها كان بهم مشاكل كارثية وغير منطقية بالمرة، ربما هذا ما جعلني أعزف عن مشاهدة حلقات الجزء الثاني عندما تم إطلاقها هذا العام حتى بعد تغيير الأبطال وتأكيد صناع العمل أن قصة الجزء الثاني مختلفة جملاً وتفصيلاً عن الجزء الأول ، وسبب العزوف هو أنني كنت على يقين أن المستوى لن يكون أفضل حالاً في الجزء الثاني.

صلاح وندى .. لقاء رومانسي على ضفة نيل القاهرة

لكن مع توالي الإشادات من الجمهور والنقاد وبعض الصناع ومن أقلام وأشخاص أثق في قدرتهم على الحياد وعدم المجاملة ، فكان لابد من أن أبدأ في مشاهدة العمل، ومن الحلقات الأولى وجدتني أمام عمل شديد الرقي في كل تفاصيله، حبكة مشوقة ، شخصيات مرسومة بعناية شديدة ، حوار درامي جذاب ومناسب لطبيعة العمل، إيقاع الحلقات يقترب من المثالية حتى أنني تقريبا أنهيت مشاهدة حلقات العمل الخمسة عشر في ليلة واحدة.

العمل يحكي حول ندى طبيبة الأسنان التي قاربت على الأربعين دون زواج ، وفي يوم وهى عائدة من الأرض التي تملكها عائلتها في الأرياف تستوقفها فتاة مراهقة من أهل البلد وتعطيها طفلتها الرضيعة التي أنجبتها سراً من خلف أبيها كي لا يقتلها ، تقرر ندى إيداع الطفلة في إحدى دور رعاية الأيتام ومع تعدد زيارتها تقع في غرام الطفل يونس وتقرر تبنيه وتأتي به ليعيش معها وسط عائلة أخيها وزوجته وأولاده، وبمجرد أن تعرض الأمر على أسرتها وأصدقائها تقابل برفض تام لفكرة التبني ومن هنا تنطلق أحداث العمل.

أحمد حاتم .. يفصح عنه حبه لمنة شلبي
منة تندهش من رومانسية أحمد حاتم

القضية التي تبناها العمل هي قضية شديدة الحساسية وهى قضية تبني الأطفال ونظرة المجتمع لها، والعمل يدين نظرة المجتمع المتخلفة تلك بشدة، لأن هؤلاء الأطفال ليس ذنبهم أنهم ولدوا دون أهل، وعن طريق مواقف إنسانية محبوكة بمهارة شديدة تمكن مؤلفو العمل من إيصال رسالتهم بعمق ودون مباشرة وخطابة، مثل المشهد الذي يقيم فيه شقيق ندى عيد ميلاده لأبناءه ويرفض هو وزوجته أن يحضر يونس الحفل بحجة أنه غريب وليس من العائلة، والمشهد الذي يتحدث فيه شقيق ندى معها حول فكرة زواجها وهى تعول الطفل.

أيضاً الخطوط الجانبية التي قدمت بجانب الحبكة الرئيسية وهو خط صلاح وطليقته رانيا وابنته سلمى والذي جسده أحمد حاتم مع سارة عبد الرحمن والطفلة منى زاهر، والذي رُسمت شخصياته بعناية شديدة وأفضل الشخصيات الدرامية في هذا الجزء من الأحداث هى شخصية رانيا، وهو الدور الذي يعتبر أفضل ما قدمت سارة عبد الرحمن في حياتها الفنية حتى الآن، فقد تمكنت إلى حد كبير من لعب الزوجة التي تغير على زوجها بالرغم من طلاقهما وعندما تعرف أنه سيرتبط بسيدة أخرى تشتغل غيرها وتحاول أن تعيده إليها مرة أخرى.

الطفل سليم مصطفي تألق في دور يونس

على مستوى التمثيل فيمكن القول أن كل الممثلون في هذا العمل كانوا في أفضل حالاتهم من أصغر دور لأكبر دور وجميعهم هم أنسب ممثلون لهذه الأدوار، ولكن تجدر الإشارة وبشدة إلى إختيار الطفل سليم مصطفى في دور يونس، فقد استطاع ببرائته وصدقه أن يقدم أداءاً مميزاً سيبقى في الذاكرة طويلاً واستطاع عن معاناة الشخصية ويخطف قلب المشاهدين، وتجدر الإشارة أيضاً إلى مدربة تمثيل الأطفال ريم حجاب التي من الواضح أنها بذلت مجهود واضح مع الأطفال منى وسليم وحتى بقية أطفال الملجأ.

في نهاية الحديث فإن الجزء الثاني من (ليه لأ؟) يمكن اعتباره واحداً من أفضل الأعمال الدرامية التي قدمت في 2021 حتى الآن وهو بالتأكيد يستحق المشاهدة أكثر من مرة لتأمل معناه الراقي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.