رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(هجمة مرتدة) يواصل كشف خونة الأوطان بسلاح التغيير

كتب : محمد حبوشة

كانت وماتزال للمخابرات العامة المصرية اليد الطولى في الوصول إلى معلومات ووثائق من شأنها حماية الدولة المصرية ودرء الأخطار عن بعض الدول العربية التي ترتبط بنفس المصير المشترك كما أبرزته حلقات مسلسل (هجمة مرتدة ولعل أبرز ما كشفته وقائع المسلسل هو نجاح عناصر المخابرات المصرية بقيادة السيد (رفعت المسيرى) الذي جسده النجم (هشام سليم) بكفاءته المعهودة،  في كشف ألاعيب الولايات المتحدة الأمريكية التي انتهجتها أولاً من خلال سياسة (تطهير المستنقع) في العالم الإسلامي – على حد زعمها – قبل احتلال العراق عام 2003، إذ رأت في الصعود الإسلامي – ضمن ما أطلق عليه الصحوة الإسلامية بعد انحسار المد الشيوعي والقومي في الدول العربية والإسلامية – وتلك كانت الخطوات التمهيدية لما يسمى بـ (الربيع العربي) الذي حمل في طيات الخيانة من جانب بعض العناصر التي دشنت ما يسمى بالتغيير السلمي الذي حول البلاد والعباد إلى حالة من الفوضى الخلاقة على طريقة كونداليزا رايس.

دينا أبو زيد تحاول تغفيل الدكتور سعيد خليل وتبديل قلمه بقلم آخر يسجل مكالاماته

وقد ظهر في حلقة أمس (27) من مسلسل (هجمة مرتدة) وبشكل مبطن المهام التي قامت بها (دينا أبو زيد – هند صبري)، حيث تمكن رجال المخابرات العامة من وضع  أيديهم على أهداف الأمريكان من وراء سياسة (تطهير المستنقع) التي تقوم على إزالة كل (مظاهر التشدد) من حركات أو قيادات أو مناهج أو برامج إغاثية، أو وسائل إعلامية وثقافية، ومحاربتها بكل ما تملك من أدوات وأسلحة، ولكن الحلقة في جوهرها كشفت عن أوجه التعاون بين (قطر والمنظمات الدولية) العاملة في مصر من خلال أجندة مشتركة، بالإضافة إلى الشق الأكثر أهمية وهو خونة الأوطان في الداخل أمثال (سعد الدين إبراهيم بالتنسيق مع الإخوان ودخول مايسمى بـ (الجمعية الوطنية للتغيير) على خط الخيانة والعمالة بقيادة (محمد البرادعي، عبد الجليل مصطفى، حسن نافعة، عبد الرحمن القرضاوي، المستشار محمود الخضيري، أيمن نور، حمدين صباحي، جميلة إسماعيل، خالد أبو النجا، علاء الأسواني) وغيرهم ممن تابوا وأنابوا وتراجعوا عن استكمال المشاركة في المخطط المريب.

ريكاردو يسأل إيزاك هل يمكن أن تسقط مصر؟

الحقيقة أن الحلقة كشفت الغطاء عن دور (الجزيرة) الخفي في الاتصال بمحمد مرسي في سجن (وادي النطرون) والتورط بالاتفاق مع حركة حماس لتهريبه ورفاقه بعد أن فتحت أبواب السجن على مصراعيها، ومن باب درء الشبهات حولها أشاعت بأن الداخلية هى من تورطت في فتح السجون، وأيضا من ضمن ما كشفته الحلقة ويثبت تورط (الجزيرة) عملية الاتصال الذي أجراه أحد قيادي الإخوان برئيس الجزيرة (وضاح خنفر) الذي لعب دورا خطيرا في عمليات التهريب وتوجيه ميلشيات حماس نحو السجون المصرية لإحداث الفوضى كما عايشنا تلك اللحظات الفاصلة في عمر مصر، والتي أدت إلى ارتفاع حدة الظاهرة في أحداث (25 يناير)، وقد اتضح فيما بعد أنها أكذوبة أرادها الغرب طبقا لسيناريو معد سلفا تم تطبيقه في (تونس) أولا ثم مصر ثانيا، وهو ما تجلي في حوار بين (إيزاك / باسم قهار) و(ريكادرو أو الراهب/ قيس شيخ نجيب) حول وضع الأنفاق بين سيناء وغزة، وهما يتابعان مظاهرات تونس على الشاشة حيث قال ريكاردو لإيزاك : ترى هل يمكن أن يتكرر سيناريو توني في مصر، فرد عليه إزال: نحن لانريد إسقاط مصر ولكن نريدها أن تقف طوال الوقت على رجل واحدة لإثبات عجزها ضد سيناريوهات التقسيم.

سعد الدين إبراهيم ينسق مع أحد قيادي الإخوان

لقد ظهر منذ البداية تورط (سعد الدين إبراهيم) في الخيانة بمحاولاته حشد أكبر عدد من الشباب وتدريبهم في نفس الوقت الذي كانت مخابرات الغرب تربي وتدرب قيادات جماعات العنف والتطرف في السجون العراقية التي اخترقها (سيف العربي) وتوصل إلى رأس الأفعى في تلك التنظيمات وسلم تقريره الخطير للقيادة في القاهرة التي كانت تقوم بالتحليل العميق لفهم أبعاد المخططات الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة في استهداف مصر والسعودية وغيرها من دول خضعت فيما بعض لمؤامرة الربيع العربي مثل (تونس وسوريا وليبيا واليمن مؤخرا)، ولكن (عين الصقر) كانت منذ البداية على اطلاع كامل باستراتيجيات (راند) ضمن مشروع الإسلام المدني، ومع تصاعد المقاومة على الساحة العراقية التي أوقعت القوات الأمريكية في (المستنقع العراقي)، وعلى الساحة الفلسطينية، التي أحرجت القوات الصهيونية، وما صاحب ذلك من تململ الشارع العربي من الأنظمة التي نعتوها بالاستبدادية، والمشاريع العلمانية والقومية (المدعومة من الغرب)، ومع تجاوب جماهيري مع مشروع النهضة الإسلامية الذي أعقب الصحوة الإسلامية، رأت الإدارة الأمريكية أن سياسة تطهير المستنقع لم تعد كافية إن لم تكن ولدت ميتة أصلا.

سهيلة مديرة مكتب بي بي سي في القاهرة تكشف عن نواياها الخبيثة في أثناء اندلاع المظاهرات
الصحفي (مينا) يتابع تكلفات سهيلة للتعامل مع المظاهرات

ومن هنا أعدت أمريكا بالتعاون مع مخابرات غربية وعملاء الداخل (سعد الدين إبراهيم، و أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير)، السيناريو الأسوأ والذي قال عنه (رفعت المسيري) في أسى وحزن: علينا أن نستعد لمواجهته بكل الطرق، ومن ثم تم تتبع الحركة النشطة من جانب مكاتب العمالة في مصر( الجزيرة القطرية والبي بي سي البريطانية) الذي كانت تتولى قيادته (سهيلة / فيدرا) وقد لعب دورا مهما في الإيقاع بها الصحفي (مينا) الذي يرمز به إلى الكاتب الصحفي الكبير (عبد الحليم قنديل) في كشف أغراضها الدينية بزعم أنها مع حقوق (الأقليات في مصر، والمرأة الزنجية، وقضية الأمازيغ) والأخيرة تلك ظهرت امتدرادتها في ليبيا فيما بعد، ولقد نجحت جهود المخابرات في احتواء الموقف خاصة مع نزول الجيش لضبط إيقاع الشارع المشحون بالغضب.

وأعتقد جازما بأن الحلقات القادمة سوف تنفض الغبار عن العديد من الجماعات الإسلامية المعتدلة – من وجهة النظر الأمريكية – حيث تتبنى أجندة ديمقراطية تقوم على احترام التعددية وحقوق الأقليات، كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب، في حين سيعارض آخرون معاملة هؤلاء الإسلاميين كشركاء في العملية السياسية التي يتولى رعايتها أمريكا أو الغرب، وحججهم: عدم التأكد من أن خطاب هؤلاء الإسلاميين بشأن موقفهم من الديمقراطية يعبر عن موقف تكتيكي أم إستراتيجي، وما إذا كانوا سيقبلون بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، وأن فكرة الدولة الإسلامية لا تزال تهيمن علي مخيلتهم أم لا؟، ولهذا كانا ينصحون أن يكون التعاطي مع هؤلاء الإسلاميين فقط من خلال تقوية شبكاتهم وجعلهم ندا لغيرهم من الجماعات قبل الحديث عن شراكة وتحالف معهم.

سهلية تصدر لتعليماتها لمينا بتصوير كل شيئ في الشارع

خطورة الحلقات الثلاث المتبقية أنها ستكشف أكثر حقائق خونة الأوطان من ناحية ومن ناحية أخرى فإن المسلسل في طي أحداثه المثيرة والتي تبعث برسائل مهمة بطريقة غير مباشرة، سوف يلفت النظر إلى كفاءة ضابط المخابرات المصري الذي يتحمل المشاق والمتاعب الكبرى في الوصول إلى المعلومات الحقيقية، وذلك من خلال رصد تراجع أمريكا و دفعها إلى إعادة التفكير في سياسة تطهير المستنقع، أيضا الجدل المحتدم في الولايات المتحدة وأوروبا آنذاك، بشأن الموقف من دعم مشاركة الإسلاميين المعتدلين في العملية السياسية التي ترعاها أو تراقبها الإدارة الأمريكية وأوروبا، والتعامل معهم باعتبارهم شركاء، إذ كان في ذلك الحين يتبنى قسم من المفكرين والسياسيين سياسة المشاركة، وحججهم تتمثل: بأن الإسلاميين المعتدلين يمثلون البديل المحتمل للنظم الشمولية في العالم الإسلامي خصوصاً في العالم العربي، وهم أقدر من رجال الدين التقليديين على مواجهة الخطر الراديكالي الذي يمارس العنف والإرهاب.

وأخيرا وليس آخرا تبقى تلك الأحداث وغيرها مما ورد في سياق الأحداث هى التي توضح الغاية والأهداف الخفية من وراء تورط خونة الداخل ومخابرات الغرب وغيرها، وكيف تصدت المخابرات المصرية لكل تلك المؤامرات في خط متواز مع مواجهة تمدد موجات الغضب والإرهاب في عصر المعلومات السريع في ثنايا أحداث (هجمة مرتدة) الذي تميز ببراعة الأداء من جانب (أحمد عز، هند صبري، هشام سليم، كمال أبو رية، نضال الشافعي، نور محمود، ندى موسى، محمد جمعة، سميرة الأسير) على المستوى المخابرتي، أما على المستوى الاجتماعي فقد برز أداء كل من (القديران أحمد فؤاد سليم، وصلا ح عبد الله، فضلا عن أداء بالغ الروعة من جانب الفنانة الكبيرة ماجدة زكي في دور أم سيف، وقد كانت لافت للانتباه طوال الوقت جهد المخرج (أحمد علاء الديب) في قدرته وتحكمه الدقيق في إيقاع حركة الممثلين في المسلسل، والتي نفذها بعناية ودقة فائقة، ويحسب لهم جميعها أنهم يتمتعون بحس وطني عال تماما كما عبروا عن ما يجيش بصدورنا من مشاعر نحو (عين الصقر) التي لاتنام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.