رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

(أسامة أنور عكاشة).. أيقونة رمضان التى يزيدها الزمان لمعانا !

كتب : أحمد السماحي

مع قرب نهاية دراما رمضان هذا العام التي تعج بالفوضى والعنف والخيانة وعدواة الإخوة والأخوات، لابد أن نتذكر أعمال الراحل الكبير (أسامة أنور عكاشة)، بعدما صدورنا ضاقت بما فيه الكفاية (وتفجرت مرائرنا) ولم يعد في طاق الصبر منزع.

لقد شاهدنا  كثير من دراما رمضان هذا الموسم، صاحبة (النفس القصير) لكتاب الدراما، والمط والتطويل والحشو لكتاب آخرين، والتي سيطرت على المشهد الدرامي ككل باستثناء أعمال قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة، وكل هذا جعلنا نترحم على عميد الدراما المصرية مبدعنا الكبير (أسامة أنور عكاشة) الذي يعتبر أحد أعمدة الدراما القوية.

والذي كان من أبرز مميزات أعماله الإيجاز والابتعاد عن المط والتطويل، وكلها مزايا نادرا ما تجدها مجتمعة في كاتب تليفزيوني.

ولقد أمتعنا الراحل الكبير(أسامة أنور عكاشة) بأعماله التى كانت تبرز تاريخنا وتعكس واقعنا بكل ما يحمله من هموم وأفراح، فهو المؤلف الوحيد الذي جعل الشخصية المصرية تنبض خلال تقديمها، ولو حذفت أعماله من سجل الدراما، سيشعر الجميع بحالة يتم وفقر فني.

ابتسامة مشرقة تنم عن صفاء روحه

أسامة أنور عكاشة)، كان كاتبا ومفكرا

فالمبدع (أسامة أنور عكاشة)، كان كاتبا ومفكرا، وصاحب رأي، وله موقف مما يجري حوله، واستطاع من خلال أعماله التأريخ لمصر بداية من القرن العشرين وحتى منتصف التسعينات، في مسلسلات مثل (زيزينيا، وليالي الحلمية، والمصراوية).

كما رصد سطوة المال ومحاولة تشوية كل ما هو جميل داخل الوطن من خلال (الراية البيضا)، وحذر من التفسخ الأسري في (أهالينا)، وطالب بعودة المشاعر الإنسانية الجميلة من خلال (إمرأة من زمن الحب) وغيرها من أعماله الباقية في الذاكرة والتى تسللت إلي الوجدان.

تطورت الدراما المصرية عبر سنوات طويلة لتقدم أيقونات من المسلسلات الخالدة في قلوب الجمهور العريض، من إبداع الراحل الكبير (أسامة أنور عكاشة) وغيره من عظماء الكتابة، لكن تظل فترة التسعينيات، وربما أواخر الثمانينيات هي الفترة الذهبية للدراما المصرية.

خلال تلك الفترة أبدع الصناع وعلى رأسهم (أسامة أنور عكاشة)، في تقديم موضوعات وحكايات ونجوم وأغنيات مسلسلات شكلت وجدان أجيال متتابعة، وما زالت حتى الآن تؤثر وبقوة، ويستمر الحنين للرجوع للماضي عبر تلك الأعمال لتشكل (نوستالجيا) لا تغيب، بل تظل علامات مضيئة في تاريخ الفن المصري في زمن الفتوة.

ولقد ارتبط بشهر رمضان الكريم ارتباطا وطيدا من خلال أعمال (أسامة أنور عكاشة) الكثيرة التى عرضت في هذا الشهر الكريم مثل (المشربية، الشهد والدموع، ليالي الحلمية بداية من الجزء الثاني، أهالينا، زيزينيا، ضمير أبله حكمت، إمرأة من زمن الحب) وغيرها الكثير.

ضمير ابلة حكمت
أثناء التجهيز لمسلسل (المصراوية)
الشهد والدموع

منهج (أسامة أنور عكاشة)

كان منهج (أسامة أنور عكاشة) كما يقول هو عن نفسه: (منهج روائي خالص)، حاول فيه أن يقدم عملا روائيا أدبيا مكتوبا للتليفزيون، وقام بترسيخ الدراما التليفزيونية وكانت له الأولوية في ذلك، وإذا كان الكاتب الكبير (محفوظ عبدالرحمن) برع فى الكتابة التاريخية، و(عبدالسلام أمين) برع في الكتابة الدينية.

فالمبدع أسامة أنور عكاشة) برع في الدراما التى اتسمت بالشعبية ليكون لها تأثير قوي وواسع لدى الناس التى من خلالها صنع مشروعه الفني الذي عرض فيه ما طرأ على المجتمع المصري من خلل.

ليالي الحلمية

(ليالي الحلمية) الرمضانية

من منا لم يستفسر قبل حلول شهر رمضان المبارك كل عام، عما إذا كان هناك مسلسلات من تأليف الكاتب (أسامة أنور عكاشة) أم لا، فهذا الرجل حفر لنفسه مكانا لم يطاوله فيه احد حتى الآن في كتابة الدراما التلفزيونية، وليكفه فقط (ليالي الحلمية) الرمضانية التي استمتعنا بها على مدى عدة سنوات.
فلقد أمتعنا فيها (أسامة أنور عكاشة) بشخصياتها المميزة، حتى لم نكن نتصور ان هناك دراما غيرها، وغيرها الكثير من الأعمال الفذة والمميزة، لهذا الكاتب العاشق لكل ما هو عربي.
لقد كان (أسامة أنور عكاشة) مميزا منذ مسلسله الأول الذي شاهدناه في السبعينات (المشربية)، وكذلك كان على مدى خمسة وثلاثين مسلسلا تلفزيونيا وحوالي عشرين سهرة، وستة أفلام.
لم يكن (أسامة أنور عكاشة) كاتبا دراميا فقط، بل هو قصصي ونشرت أولى مجموعاته في القاهرة وبيروت عام 1973، وبصلابته نفسها في الدفاع عن آرائه وعروبته وطبقة المطحونين في مسلسلاته التي امتعنا بها، كان مقاتلا صلبا ضد من يقفون في وجهه، ولا ننسى معركته الشهيرة مع المخرج السوري نجدت أنزور.
كان يقرأ أكثر مما يكتب

كلمة أخيرة:

لابد أن نذكر (أعمال (أسامة انور عكاشة) وهى: فى حياتنا الثقافية والفنية بشكل عام والمصرية منها بشكل خاص هناك العديد من الكتاب الملهمين والمخلصين في أدائهم لرسالاتهم نحو مجتمعاتهم لنشر الحق والعدل والحرية والمساواة والخير.

كما نادت بها جميع الكتب السماوية وجميع الرسالات المرسلة من عند الله، وما أجمل أن يكون للإنسان فى هذا الخضم المتلاطم الأمواج رسالة يؤمن بها ويسعى إلى تحقيقها متحملا في سبيل ذلك الكثير من التضحيات الإنسانية والأدبية والمعنوية.

هؤلاء النماذج هم المبشرون الذين يتحملون تبعات رسالاتهم وانعكاساتها على مجتمعاتهم ذودا عن الفضيلة كما يرونها للأخذ بيد هذه المجتمعات من شاطئ إلى آخر، وكان من هؤلاء مبدعنا الكبير (أسامة أنور عكاشة) الذي زاده غيابه حضورا ولمعانا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.