رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

رمضان دراما وعودة الملل

بقلم : محمد شمروخ

كلها كام يوم وندخل على رمضان وكل سنة وأنتم طيبين وبعودة الأيام، ونسأل الله ألا يكون كرمضان الماضي الذي جاء مع حظر كورونا، ففقدنا طعم السهرات الرمضانية وقضى التباعد الاجتماعي على بهجة أيامه، كما نرجو ألا نكرر تجارب الموسم الماضي في عز الحظر عندما كنا مجبربن على متابعة دراميات رمضان وسط أداء ممل وشغل تم مطه خصيصا حتى تغطى المشاهد الحلقات الثلاثين إذ لزما ومن كل بد أن يكون المسلسل 30 حلقة سواء كانت الرؤية فلكية أم بالعين المجردة، وهو ما جعل المسلسلات لابد أن تفعم بالأحداث المثيرة لاستثارة شهية المشاهد المربوط على الكنبة من بعد الفطار وحتى مطلع الفجر.

وكانت الإثارة فيها كثيفة والعقد مفتعلة ومحبوكة بالزيادة، حتى فقدت المسلسلات شهيته والحلقة الأخيرة فيها تبدو كنهاية قصص الأطفال لأنها تتجمع فيها كل حلول العقد مرة واحدة وتفضح فيها كل الأسرار، وكأنهم يقصدون أن تنتهى الأحداث ليلة العيد، فباستثناء مسلسل أو مسلسلين، فقدت دراما رمضان الماضي جاذبيتها وحتى حين إعادة عرضها خلال الشهور الفاصلة، كنا ننظر إليها بنصف عين لأن اللعبة مكشوفة ولغزيتها صارت بلا معنى، ذلك لأن المؤلفين هدفوا في الأساس للصعود دراميا وتكتيف مشاهد الصدمات والأحزان وتعمد الدخول في ألغاز طوال أحداث المسلسل حتى تلتقط الأنفاس مع الحلقة الأخيرة مع نهاية ساذجة بانتصار الخير على الشر لكى نمصمص الشفاة عجبا وترتاح صدورنا مع موت الشرير أو هزيمته وصعود البطل على ظهر جواده وتوتة توتة خلصت الحدوتة.

وطبعا في رمضان المقبل يمكن أن يكرر المنوال نفسه غزل مسلسلات أخرى على شاكلة رمضان الماضي وقبل الماضي وقبل قبل الماضي، ولعل السادة المؤلفين لا يدركون أن صنع مسلسلات “خصوصي” لأجل تلميع نجوم ونجمات كبار، سيصبح بعد العرض الأول مثل مناديل الورق لا تصلح للاستعمال إلا مرة واحدة مهما تعددت طبقات المنديل.

وباستثناء مسلسلي (بـ 100 وش والاختيار)، نجد المسلسلات مفعمة بمكسبات الطعم واللون والرائحة غير المستخلصة من المواد الطبيعية ولذلك ما تلبث أن تلفظها وتنساها وأتحدى أن تصبر على مشاهدة حلقة كاملة من أي مسلسل بدون ان تقلب القناة عند أول فاصل وتنسى كنت بتشوف إيه أساسا!.

وعموما لم يبق إلا ساعات قليلة لتتوالى علينا الإعلانات مكثفة مع مقاطع من مشاهد لاستثارة شهيتنا ويبدأ المسلسل من أول مشهد في الشحن والتسخين حتى يوشك على الانفجار، حتى يغطى أكبر مساحة من الفواصل على مدى الليلة مع المط اللازم وإدخال أحداث وشخصيات جديدة لا دور لها إلا التخديم على بطل أو بطلة المسلسل، إذ أننا مازلنا متأثرين بالميثيولوجيا اليونانية والملاحم العربية بضرورة أن يكون هناك سوبر هيرو واحد هو محور الأحداث وباقي أبطال العمل مجرد أدوات للتمهيد له، ذلك لأن العمل أساسا لم يتم تأليفه إلا من أجل تلميع شخصية واحدة في المسلسل ومن ثم في الحياة الفنية أيضا.

لكن هذا الأسلوب أصبح ممجوجا ومملا ولا أظن أنه سوف يستمر كثيرا خاصة أنها موضة وبطلت أو قاربت على الإبطال، فمهمة السادة مؤلفى المسلسلات لابد أن تتحرر من سيطرة البطل الواحد وتقديمه في صورة البطل السوبر الذي يضرب مية وألف وينتصر في النهاية على  الشرير في صورة تافهة ساذجة للشر، أو عن البطلة خارقة الجاذبية التى يتقاتل عليها ذكور النحل ولا يزالون يتساقطون طوال الحلقات تحت قدميها من أجل الفوز بست الحسن والجمال.

يا جماعة حرام عليكم خلاص الشاطر حسن مات بالكورونا وست الحسن ما زالت حبيسة العزل منذ رمضان الماضي، أرجوكم انفضوا الكسل عن قرائحكم، فالورق الأبيض يتسع لأفكار فوق الحصر والواقع والأحداث الجارية والتاريخ كل ذلك يتحفنا كل يوم بالمزيد ليستثيركم لتخرجوا منه ما يخلد أعمالكم ويجعلها قابلة للمشاهدة على مدار العام بنفس الشغف الأول وربما على مدار العمر، كما نرى في درر الدراما التى شاهدناها في عهد قريب وارتبطت برمضانات العمر وتكرارها يشهد بأنها مازالت قادرة حتى اليوم على إبهارنا على الرغم من أننا نحفظها صم لأننا شاهدناها ومازلنا نصر على مشاهدتها عشرات المرات بدون ملل ولا كلل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.