رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

سميرة عبد العزيز.. أم العظماء صاحبة الصوت الرخيم

صوتها هو سلاحها القوي بجانب ثقافتها

بقلم : محمد حبوشة

يتحتم على الممثل بمفهوم (ستانسلافسكي) أن يكون مقنعا مقبولا متلائما مع نفسه ودوره شكلا ومضمونا و بمنطق لا يقبل الشك، كما ينبغي عليه أن يعيش الواقع على المسرح لا أن يمثله، وهذه الحتمية تلزمه أن يكون حيا، حيويا ، يتنفس الحياة بصدق ويضفي على الخشبة حضورا حيا، ذو نظام يستند إلى القوانين الطبيعية في الحياة ، شرط امتلاكه التلقائية المطلوبة على المسرح التي تجعل من الصعوبة عادة، وعادة سهلة تمتزج مع شروط التمثيل في (المزاج ، الضبط ، العدالة ، الابتعاد عن الميكانيكية)، وهنا يكمن الإبداع في (أن تكون طبيعيا) ذا موهبة للوصول إلى شخصية الممثل الناجح الذي يمتلك الشروط التي حددها (ستانسلافسكي) والتي يعتبرها مهمة جدا في فن التمثيل.

ومن تلك النوعية من الممثلين الذين يطبقون حتمية (ستانسلافسكي) تأتي ضيفتنا في (بروفايل) هذا الأسبوع في باب بروفايل، النجمة الكبير (سميرة عبد العزيز) على رأس قائمة عتاة التمثيل القائم على التجسيد الحقيقي بكل جوراحها، على جناح صوت عذب وموحي يحمل في طياته كثيرا من مواطن الشجن والإحساس والتعبير بصدق، والصوت العذب الجميل نعمة من الله تعالى، يمن بها على من يشاء من عباده، ومن هنا اختصها المولى عز وجل برقة الصوت مثل الطيور التي تصدح، وتشنف الآذان بجمال شدوها، فضلا عن امتلاكها فن الإلقاء في التمثيل الفعال من خلال ثلاثة عناصر رئيسية تتقنها (عبد العزيز) جيد (الصوت، الجسد واللغة)، ويتضمن الإلقاء الصوتي عندها أقصى معدلات السرعة والتوقفات، فضلا عن حجم الصوت وطبقة الصوت وتغيراتها، ونوعية الصوت، وأيضا النطق واللفظ، بينما تتضمن عناصر الإلقاء الجسدي لديها (المظهر، الوقوف، تعابير الوجه، الاتصال البصري، الحركة، الإيماءات)، وكلها عناصر مهمة لإجادة الأداء.

الإتقان هو ما منحها مهارات لغوية تساهم إلى حد كبير في تقوية الثقة بالنفس

ظل صوت (سميرة عبد العزيز) هو سلاحها القوي بجانب ثقافتها ليجذب اهتمام الجمهور، وذلك بفضل ما توفر لها من قدرة كبيرة على التلوين الصوتي، وربما كان  الإتقان هو ما منحها مهارات لغوية تساهم إلى حد كبير في تقوية الثقة بالنفس، الأمر الذي جعلها تتمتع بحضور متميز على جناح قدرات خاصة لها علاقة بفن الإلقاء، كالفصاحة، والبلاغة، والجناس، والطباق، والاستعارة، والكناية، والتشبيه، وهو ما ساعدها  في سلامة النطق، وحرارة العاطفة، والصدق، فضلا عن جهارة الصوت وموسيقاه، وروعة المنظر، والسّمعة، والإلمام بنفسية السّامعين وظروفهم، وسرعة البديهة التي جعلت منها ممثلة قوية تملك القدرة على هز خشبات المسرح، وعبر أثير الإذاعة من خلال أعمال درامية جعلتها واحدة من أساطين هذا الفن.

وعلى صغر حجمها فقد كانت (سميرة عبد العزيز) محبوبة وحنونة وصديقة لمعظم اصدقائها الفنانين، وقد يعود ذلك إلى نشأتها الأولى حيث ولدت بالأسكندرية وسط أجواء عائلية دافئة، وكان عندها كثير من الجيران الأجانب، ومن ثم فقد اكتسبت هى وعائلتها منهم الكثير من الصفات منها احترام الآخرين والانضباط والصدق، وعلى الرغم من أن والدها رفض أن احترافها للفن، وقال لها في وقت مبكر من حياتها: (التمثيل هواية فقط ممكن تمثلى فى المدرسة والجامعة لكن مش احتراف)، ورفض أن تلتحق بمعهد الفنون المسرحية، لكنها من أيام طفولتها الأولى، عندما كانت تذاكر دروسها فى البلكونة المطلة على البحر، وكانت تشعر براحة كبيرة، وعلماء النفس يقولون أن الذي يجلس أمام مساحة لا نهائية يكتسب ثقة في النفس وعمق في التفكير، وهو ما أكد في ثقتها في موهبتها الفنية.

جسدت دور أم لعظمان كثر مثل عبد الوهاب وأم كلثوم والإمام الشافي وأبو حنيفة

وتحكى الفنانة الكبيرة والقديرة (سميرة عبدالعزيز) عن بداياتها الأولى فى محافظة الإسكندرية قائلة: شاهد الإذاعى حافظ عبدالوهاب المسرحية التى قدمناها على مسرح جامعة الإسكندرية، وكان وقتها يؤسس إذاعة الإسكندرية عام 1958، وعرض على أن أمثل فى الإذاعة وعلمنى دروسا أفادتنى طوال حياتى، وفى السنة الثالثة بكلية التجارة وخلال أسبوع شباب الجامعات مثلت دور أم فى مسرحية (المفتش العام) وحصلت على المركز الأول، فأخبرنى العميد أننى سأتسلم الكأس بصفتى بطلة المسرحية من الرئيس جمال عبدالناصر.

وتضيف في هذا الصدد: (مانمتش 3 أيام بعدما أخبرنى العميد أنى سأقابل الرئيس، وماما سمحت لى لأول مرة أذهب للكوافير، وبابا أخذنى أشترى تايير جديد، وقال لى اسأليهم ممكن آجى معاكى، وتسترجع الفنانة القديرة تلك اللحظة الفاصلة في حياتها والتى وقفت فيها لاستلام الكأس من عبدالناصر: (وقفت أمامه ومسكت إيده بإيديا الاتنين وماكنتش عاوزه أسيبها، وكانت هذه الصورة من أهم الصور فى حياتى ووالدى وضع الصورة فى جيبه وكل ما يقعد مع حد يقوله بنتى سلمت على جمال عبدالناصر)، وبعدها غير فكرته عن التمثيل وقال لى عاوزة تشتغلى ممثلة معنديش مانع طالما الفن مقدر من الرئيس عبدالناصر.

محبوبة وحنونة وصديقة لمعظم أصدقائها الفنانين

بعدها أسسوا فرقة وسموها (فرقة الإسكندرية المسرحية)، وكانت تابعة لهيئة المسرح، حيث شاركت الفنانة (سميرة عبد العزيز) فى مسرحية (سيرة الفتى حمدان) مع حسن عبدالسلام، وقامت فيها بدور غازية وغنت ورقصت، وبالمصادفة حضر العرض كرم مطاوع ووزيرالثقافة عبدالحميد يونس وكان كفيفا، وبعد العرض قال لها: (انتى ممثلة مبدعة)، وسألها كرم مطاوع: (إيه اللى مقعدك تعالى مصر أنا عندى مسرحية بالمسرح القومى والبطلة شبهك).

 بدأت أبواب الحياة تتفح أكثر أمام سميرة الممثلة الناشئة بعدما وافق والدها على سفرها للقاهرة عام 1970، وأقامت مع أختها التي كانت تعمل أستاذة بكلية التربية الموسيقية ولها بيت فى القاهرة، ونفذ كرم مطاوع وعده واختارها لبطولة مسرحية (وطنى عكا) لعبدالرحمن الشرقاوى لتقوم بدور فتاة فلسطينية، وأعطاها النص وقال لها: (بكرة هاسمع منك، ياتقولى كويس وتعملى دور البطولة أو هرجعك تانى)، وفي اليوم التالي كان موجود بالمصادفة كلا من (عبدالرحمن الشرقاوى وسميحة أيوب)، وقرأت النص، فقال الشرقاوى: (هتعمل الدور).

تشير الفنانة (سميرة عبد العزيز) إلى دور سيدة المسرح العربى سميحة أيوب فى مساعدتها خلال هذه المرحلة قائلة: (كانت سميحة أيوب أكبر ممثلة فى المسرح القومى وبطلة الفرقة، ووافقت أن تقوم بالدور الثانى، بعدما أعجبت بأدائى، وكانت درع الحماية لى فى مواجهة بنات الفرقة، حيث حاربونى واعترضن أن تكون البطلة من خارج الفرقة، فتصدت لهن سميحة أيوب، وقالت: (أى واحدة هتتعرض لها أنا اللى هاتصدى لها)، وحقق العرض نجاحا كبيرا وبعد أسبوعين كتب صالح جودت مقالًا فى مجلة الكواكب بعنوان (فاطمة رشدى الجديدة اسمها سميرة عبدالعزيز)، مشيدا بأدائها، واستمرعرض المسرحية 6 شهور.

ربطتني علاقة صداقة وثيقة بسيدة الشاشة فاتن حمامة

ولأن الإذاعة لها دور كبير في حياتها الفنية، فقالت عن تألقها فى البرامج الإذاعية: عندما قررت السفر للقاهرة طلبت من حافظ عبدالوهاب وكان رئيس إذاعة الإسكندرية أن يعطينى خطابا لأعمل فى الإذاعة بالقاهرة، فأعطانى خطابا لبابا شارو كتب فيه: (أهديك صوتا جميلا ومثقفا)، فضحك بابا شارو وأرسلنى إلى مدير البرامج الثقافية، وقال له: (خد حافظ عبدالوهاب بيقولك صوت جميل ومثقف)، وأعجب مدير البرامج الثقافية بأدائى وقال لى (انتى معايا فى برنامج أماكن لها تاريخ)، وكان برنامج أسبوعى مدته ربع ساعة.

لكن برنامجها الشهير (قال الفيلسوف) كانت له قصة أخرى تحكيها (سميرة عبد العزيز) قائلة: بعد فترة أخبرنى مدير البرامج بأننى سأترك برنامج أماكن لها تاريخ وأعطانى ورقتين وقال لى (هتعملى البرنامج ده)، فحزنت وقلت له: ليه ياأستاذ تاخد منى برنامج ربع ساعة وتدينى برنامج 5 دقايق؟، لأن نقص المدة  الزمنية للبرنامج كان يعنى نقصًا فى الراتب الذى تتقاضاه وتعتمد عليه فى إقامتها بالقاهرة، إضافة إلى راتبها من المسرح وكان 15 جنيهًا، فرد عليها قائلا: (ده برنامج يومى وهيتقال فيه اسمك كل يوم)، وبعدها عرفها على المؤلف محمود شعبان الكاتب بجريدة الجمهورية ومؤلف حلقات (قال الفيلسوف) الذى اختارها لتقوم بدور الفتاة تلميذة الفيلسوف، وبدأت هذا البرنامج  من سنة 74 واستمر حتى الآن لأكثر من 46 عاما، وكان فاتحة خير، وكان دائما يفوز بجائزة أحسن برنامج في الاستفتاءات التي تقيمها الإذاعة والصحف. 

حافظ عبدالوهاب المسرحية قدمني على مسرح جامعة الإسكندرية

بعد أن توقف (قال الفيلسوف) لفترة في الإذاعة كان لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب دور فى إعادة البرنامج  حيث كان معجبا به، وعندما توقف سأل عن السبب، وغضب عندما عرف أنه يذاع من أبوظبى، وانفعل أثناء انعقاد لجنة اختيار البرامج بالإذاعة المصرية، وشدد على ضرورة عودته كبرنامج متميز وأن يتم منح المؤلف والممثلين مبالغ مثل التى يتقاضونها من إذاعة أبوظبى، وفي هذا الصدد تشير (عبد العزيز) إلى أول مكالمة بينها وبين موسيقار الأجيال قائلة: (طلب تليفونى من أمين بسيونى واتصل بى ولم أصدق وسألته محمد عبالوهاب مين، فقال أنا اللى رجعتلكم البرنامج، أنا مابنمش إلا لما أسمعه)، وعرض عليها عبدالوهاب قائلا: (صوتك حلو أوى مش بتفكرى تغنى، فقلت له درست مسرح وتمثيل ولم أدرس الغناء، فقال لى فكرى).

وعلى ذكر الغناء فقد قامت (سميرة عبد العزيز) بغناء تتر مسلسل، ولكنها لم تفكر فى الاستمرار بالغناء، وتحكى عن بدايتها فى التليفزيون قائلة: (بعد سنوات من عملى بالإذاعة والمسرح وبالصدفة جاء أحد زملائنا وكان يعمل مخرجا بالتليفزيون، وقال لى(انقذينى، عندى سهرة والممثلة اللى رشحتها لدور الأم اعتذرت علشان الممثل اللى هيعمل دور الابن كبير فى السن) فوافقت، وقمت بدور الأم، ونجاحى فى هذا الدور فتح باب أدوار الأم، وعلى الرغم من أن عمري آنذاك لم يتجاوز الثلاثين إلا أن كل مخرج كان عنده دور يقول هاتوا سميرة عبدالعزيز، وقمت بأدوار الأم  لعظماء مصر أمثال (عبدالوهاب وأم الإمام أبو حنيفة، والشافعي، وفي مسلسل أم كلثوم، ولذلك أطلقوا على لقب أم العظماء، وكنت وقتها أما حقيقية، حيث تزوجت وأنا فى الجامعة وأنجبت ابنتى ولم يكن زوجى يشجع عملى بالتمثيل وتم الطلاق بيننا وبقيت ابنتى معى.

معروف أن (سميرة) تزوجت من الكاتب محفوظ عبدالرحمن، وهنا تحكى عن بداية عن قصة حبها له قائلة: كنت عضوة بالمكتب الفنى فى المسرح القومى، وجاءت فرقة من الكويت تريد أن تعرض على المسرح القومى، وذهبت لمشاهدة العرض، وكانت المسرحية بعنوان (حفلة على خازوق)، وانبهرت بها، وسألت عن المؤلف وعرفت أنه مصرى واسمه محفوظ عبدالرحمن، وحزنت لأنه أعطاها للكويت ولم يعطها للمسرح القومى، وكان مسافرا ولم أقابله، وبعدها تلقيت عرضا من إحدى شركات الإنتاج للمشاركة فى مسلسل (عنترة)، وعرفت أن المؤلف هو نفسه محفوظ عبدالرحمن وأعجبنى احترامه وتقديره للمرأة فى كتاباته، ولكنى أيضًا لم أره.

عبدالناصر سلمني كأس التفوق كأفضل ممثلة على مستوى محافظة الأسكندرية

وتواصل حديثها عن بداية تعارفها على الراحل العظيم محفوظ عبد الرحمن قائلة: بعد سنة جاء نفس المخرج الأردنى (عباس أرنأوط)، وكان يخرج معظم أعمال محفوظ، وعرض على دور فى مسلسل (محمد الفاتح)، ولكنه كان دورا صغيرا، فقررت أن أعتذر، فقال المخرج المؤلف موجود ممكن تكلميه يكبر الدور، ففرحت عندما عرفت أنه محفوظ عبدالرحمن، وذهبت وقلت له: حضرتك اللى كتبت (حفلة على خازوق)، دى مسرحية رائعة إزاى تعطيها للكويت ولا تعطيها للمسرح القومى انتوا بتجروا ورا الفلوس؟!، فرد محفوظ بهدوء وقال: الرقابة رفضتها أرميها، فشعرت بالخجل واعتذرت له، ثم قلت دورى فى المسلسل صغير، ممكن تكبر لى الدور، فرد قائلا: أسف مابكبرش الدور لحد، عاجبك اشتغلى، مش عاجبك اعتذرى ففكرت، وقلت له: هاعمل الدور بس العمل الجاى ممكن يكون دورى أكبر، فقال أوعدك.

وتتابع عبد العزيز: اشتغلت مسلسل (محمد الفاتح)، وبعدها سافرنا عجمان لتصوير مسلسل (ليلة سقوط غرناطة) وبالفعل كان دورى فيه أكبر، وخلال السفر نشأت بيننا صداقة، وفى نهاية تصوير المسلسل قال لى: (باقولك ايه ما تتجوزينى) فارتبكت، وقلت له أحب الفن ومش عاوزة ارتبط بشخص يمنعنى لأن زوجى الأول كان لا يحب عملى، فقال لى صوابعك مش زى بعضها، وأنا زيك عندى تجربة وعندى ولد وبنت وبحب الفن، وطلبت مهلة للتفكير، وبمجرد أن بدأت بروفات المسلسل الجديد فى مصر وكانت تصطحب معها ابنتها منار وأحضر محفوظ ابنته مها نشأت بينهما صداقة، وبعدها سافرا سويا لتصوير المسلسل الجديد فى تونس، وهناك سألنها : (مش فكرتى خلاص)، فأبلغته بموافقتها، وبحث محفوظ عن مأذون لإتمام الزواج فى تونس، ولكنه عرف أن عقود الزواج هناك مدنية فاقترح المخرج أن يستعينوا بشيخ كان معهم وهو أستاذ شريعة، فقال: (نعقد لكم عقد إسلامى وكل الفرقة شهود ونعمل فرح وتقولى زوجتك نفسى، وبعد العودة لمصر توثقوا العقد)، وبالفعل تزوجا (سميرة ومحفوظ) دون مأذون والفرقة قامت بعمل فرح كبير وبنتاهما حضروا وكانوا مبسوطين.

مع زوجها الراحل العظيم محفوظ عبد الرحمن

وفي مشوارها الحافل بالشخصيات والصداقات والأعمال الفنية هناك مساحة خاصة تحب (سميرة عبد العزيز) أن تحكي عنها وهى علاقة الصداقة التى جمعتها بسيدة الشاشة العربية (فاتن حمامة)، والتى تعاونت معها فى مسلسل (ضمير أبلة حكمت) قائلة: (كنت مرعوبة خصوصا أن أغلب مشاهدى معها، وعلاقتنا بدأت من أول يوم تصوير، كانت بتقرأ خطبة للطالبات وأخطأت فى نطق كلمة جدد، وقلت للمخرجة إنعام محمد على، فقالت قوليلها انتى، لأن الكل كان يهابها، فقلت لها ممكن أقول لحضرتك حاجة، فردت: بلاش حضرتك إحنا زملا، فصححت لها الكلمة، وفرحت وقبلتنى وقالت لى: (ميرسى ياسميرة)، وبعد انتهاء المشهد قالت هاتى حاجتك وخليكى معايا علشان نقر مع بعض.. قاصدة نقرأ معا).

وتحكى سميرة عبدالعزيز عن دقة فاتن حمامة فى العمل قائلة: (كان فى مشهد بنشرب قهوة، فقدموا لنا فنجانين بهما بيبسى، فرفضت تصوير المشهد وقالت ابعتوا السواق بتاعى يجيب بن وتعملوا قهوة، وقالت لى: شفطة القهوة مش زى شفطة البيبسى وشعورك وإيدك ماسكة فنجان القهوة هتختلف لو كان فيه البيبسى، ومن يومها أدركت كيف كانت هذه السيدة عظيمة في حرصها على إتقان كافة تفاصيل العمل الفني الذي كانت تحبه وتعشقه كفن له هدف ورسالة، ومن ثم  ينبغي أن تكون الدقة والاحترافية وراء كل مشهد حتى ولو كان صغيرا.

يحمل رصيد الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز في التمثيل أكثر من 200 عملا في الدراما التلفزيونية والسينما، ومن أفلامها نذكر (إعدام قاضي، أولاد ضرغام، القتل اللذيذ، امرأة تحت المراقبة، حليم، ميكانو، بنتين من مصر، هو فيه كده، ساحر النساء)، ومن مسلسلاتها الكثيرة نذكر أيضا: (البركان الهادئ، الضوء الأسود، سندس وأخواتها، سيداتي آنساتي، ليلة سقوط غرناطة، أفواه وأرانب، عنترة، حتى لا يختنق الحب، ملحمة الحب والرحيل، حادي بادي، الامتحان، ضمير أبلة حكمت، الخطر، البريمو، بوابة الحلواني، الوعد الحق، فرط الرمان، الإمام أبو حنيفة النعمان، وادي فيران، الإمام الترمذي، الإمام ابن حزم، حلم العمر كله، نسر الشرق، اعترافات مصدر مسؤول، أم كلثوم، الليث بن سعد، العشق الإلهي، الحنين إلى الماضي، قصص الأنبياء، الفرار من الحب، ملكة من الجنوب، أميرة في عابدين، خان القناديل، إمام الدعاة، ملك روحي، مسألة مبدأ، أهل الرحمة، بنت من شبرا، أحلام في البوابة، أحلام عادية، الإمام المراغي، أحلام لا تنام، قلب امرأة، حنان وحنين، الإمام الشافعي، نفق الشيطان، أولاد الليل، نسيم الروح، قلب ميت، قصة الأمس، العنكبوت، زهرة برية، الزحايا حجر القلوب، سامحني يا زمن، برة الدنيا، تلك الليلة، وادي الملوك، مع سبق الإصرار، اغتيال شمس، فيرتيجو، الخفافيش، ابن موت، خلف الله، أهل الهوى، القاصرات، الوسواس، أستاذ ورئيس قسم، ليالي الحلمية 6، جراب حواء، الحساب يجمع، الخانكة، أبو البنات، بركة، خط ساخن، بت القبايل، القمر آخر الدنيا).

سرعة البديهة جعلت منها ممثلة قوية تملك القدرة على هز خشبات المسرح

وفي الإذاعة لابد نذكر لها مسلسلات: (نص دستة عيال، قلب امرأة، هجرة النور، غريب الحي، عبث الأقدار، زيارة بلا موعد، زائر نص الليل، دقات القلب الجريح، حب في دوامة، تفيدة والصياد، الدب ليه ألف رجل، الفارس الأسود، المسيرة الطاهرة، الرسول الأعظم، البيت الحرام، الإمام أبو حامد الغزالي، حب لا يموت”، كما لاينسى لها أبدا برنامجها اليومي (قال الفيلسوف) الذي  يذاع منذ عام 1974، وحتى اليوم، ليكون بذلك أقدم برنامج مستمر يذاع بالإذاعات العربية.

ومؤخرا قدمت القديرة (سميرة عبد العزيز) على خشبة المسرح القومي العريق، مسرحية (الوصية) التي تحكي حكاية الشهيد البطل (محمد المعتز رشاد)، أحد مقاتلي القوات المسلحة البواسل الذي نال شرف الشهادة أثناء مداهمته أحد الأوكار الإرهابية في رفح قبل أعوام، والمسرحية ضمن مبادرة (إعرف جيشك) التى يتبناها البيت الفنى للمسرح ووزارة الثقافة من أجل تعريف المواطن المصري بشذرات من بطولات القوات المسلحة المصرية، ورفع الوعى العام بمخاطر الإرهاب الأسود، وهى من تأليف (أيمن سلامة)، وإخراج (خالد جلال) وبطولة النجوم العظام: (أحمد فؤاد سليم، سميرة عبد العزيز) بالإضافة إلى كل من (ميدو عادل، محمود حافظ، محمد دسوقى، والاستعراضات من تصميم د.مجدي صابر، أما الغناء فكان بحنجرة (مي فاروق) على كلمات (محمد بهجت) وموسيقى (أحمد كيكار).

بقي أن نقول في النهاية ونحن نقدم تحية تقدير واحترام للفنانة القديرة (سميرة عبد العزيز)، إنه تم اختيارها عضوا بمجلس الشورى تقديرا لفنها الرفيع واحتراما لمسيرة فنية امتدت  لأكثر من 50 عاما حلقت فيها كطائر مبدع بين خشبات المسرح والسينما والتليفزيون والإذاعة، ويحس لها أنها كانت خلالها تلك الرحلة القرية مثالا للالتزام والحرفية والحنو على زملائها وزوجها الراحل العظيم محفوظ عبد الرحمن .. فتحية احترام وتقدير لها مع أجمل الأمنيات بالتوفيق في مهامها الجديدة تحت قبة البرلمان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.