رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

“شنبو في المصيدة” .. فيلم أنسى المصريين مرارة الهزيمة!

فؤاد المهندس وزكريا موافي

* البعض ردد أن الرئيس “جمال عبدالناصر” هو الذي أمر بخروج هذا العمل للنور حتى ينسى الناس هزيمة يونيو!

* نجاح المسلسل الإذاعي الضخم كان وراء تحويله إلى فيلم سينمائي

* احتل المركز الأول في الإيرادات وتفوق على “شيئ من الخوف، المتمردون، عفريت مراتي، الرجل الذي فقد ظله”

* سامي السلاموني : طبيعي أن “شنبو” ينجح! فكل الأفلام التى تقدم عالما مناقضا للواقع المصري، يشتد الإقبال عليها

* الفيلم كان أول ظهور لكاتبنا الصحفي الكبير “محمد سلماوي” فى السينما

* إفيهاته مصدر جذب لرواد مواقع التواصل الإجتماعي

فؤاد المهندس وتوفيق الدقن وزكريا موافي

كتب : أحمد السماحي

رحلت عن حياتنا الفنية منذ أيام قليلة سيدة البهجة في المسرح والسينما الفنانة الكبيرة “شويكار”، التى أمتعتنا فى كل المجالات الفنية بجمالها وموهبتها وخفة ظلها وحضورها القوى المحبب، وبهذه المناسبة نستعرض هذا الأسبوع فيلمها الكوميدي الجميل “شنبو في المصيدة” الذى تم تقديمه أولا كمسلسل إذاعي عام 1967 واستطاع أن ينسي الناس مرارة هزيمة يونيو 1967، حتى أن البعض ردد أن الزعيم “جمال عبدالناصر” كان هو سبب خروج هذا العمل للنور!!، وبعد النجاح الكبير الذي حققه، تم تحويله إلى فيلم سينمائي حقق أيضا نجاحا جماهيرا كبيرا واحتل المركز الأول فى إيرادات السينما المصرية، وقت عرضه، حتى أن نقاد مصر يومها أطلقوا عليه الفيلم “الظاهرة”، أو “ظاهرة شنبو”.

شويكار .. كانت تتمتع بخفة ظل كبيرة

إفيهاته على مواقع التواصل

في الوقت الذي تعرض هذا الفيلم لهجوم لاذع من نقاد السينما وقتها، واستياء كثير من المثقفين، حيث تفوق على أفلام مثل “شئ من الخوف، والرجل الذى فقد ظله، والقضية 68، وثلاثة نساء”، وحتى أفلام الكوميديا مثل “كرامة زوجتي الزواج على الطريقة الحديثة” وغيرها.

يعتبره كثير من الجيل الحالي وشباب هذه الأيام فيلم كوميدي ظريف ومسلي، حتى أن كثير من شباب مواقع التواصل الإجتماعي  يستخدمون “إفيهاته” حاليا مثل “كل عام وأنتم بخير” الذي جاء على لسان “زكريا موافي” ويرمز لنهاية أمر ما، وإفيه “سد السنجة” الذي جاء على لسان “محمد صبيح” أو “جناب الكومندا المهم”، ومصطلح “الإنسان الأنوي” الذي يرمز للمخلوق الغريب الذي يدرس تفاصيله العالم درويش أو”يوسف وهبي”،”أنا لا ساحب الفِلة ولا كاسر القُلة! هيا كلمة واحدة، الإكس ف التاكس”، و”المورتة ف قعر الحلة”! إلى آخر تلك الإفيهات العديدة.

أفيش الفيلم

السلاموني الجمهور السبب!

نشر الناقد الراحل “سامي السلاموني” دراسة فى جريدة المساء في 13 يوليو عام 1969 عن رؤيته لسر نجاح “شنبو في المصيدة” فقال: إن “شنبو” يقوم على النجاح الجماهيري  لمسلسلة إذاعية سيطرت على أسماع وأذهان بيوتنا جميعا منذ فترة بحيث لم يكن هناك ما تلتف حوله الجماهير كل ليلة بعد الإفطار سوى مغامرات “فؤاد المهندس” المدهشة مع “موسوليني” و”البروفيسير دارويش”، وتأوهات شويكار المثيرة، ثم مجموعة الاصطلاحات البالغة الهبوط والسوقية والتى اكتسحت ألسنة الناس حينذاك، وأصبحت لغة تخاطب يومية مثل “العملية في النملية” و”العبارة فى الدوبارة”، و”الأكس فى التاكس” وغيرها من العبارات المقززة التى ملأت فراغا رهيبا في رؤوسنا.

ولأن السينما المصرية لم تجد بعد أدبها الخاص، فإنها تعيش على فتات نجاح وسائل التعبير الأخرى، وطبقا لمنطقها التجاري فقد كان لابد أن تستغل نجاح “شنبو” المذهل فى الإذاعة لكي تنقله إلى السينما لتحقق به نجاحا مذهلا آخر، ورغم الهجوم العنيف الذي لاقاه الفيلم على ألسنة النقاد وحتى القطاعات الواعية من الجمهور، فقد استطاع أن يحقق اكتساحا مثيرا فاق كل ما كان متوقعا لنجاح عمل هزيل كهذا، وتزاحمت الجماهير على الفيلم تزاحما لم يفقه بعد ذلك إلا  فيلم “أبي فوق الشجرة”.

وتقود الدراسة السريعة لهذه الظاهرة إلى عدة حقائق تصل فى مدلولها النهائي إلى نقاط كثيرة من جوهر أزمة السينما كلها، فالجمهور الذي أقبل على “شنبو” جمهور مصري صميم، يضم في غالبه قطاعات شعبية أصيلة وينتمي اقتصاديا إلى مستويين أساسيين: قطاعات كادحة أو محدودة الدخل وتعتبر السينما متنفسا وحيدا لها ومصدرا أساسيا للثقافة والإستمتاع الفني إلى جانب الراديو والتليفزيون، وبالنسبة للقطاعات القادرة قليلا اقتصاديا، ويعتبر هذا هو جمهور السينما المصرية عموما وجمهور هذا النوع من الأفلام بالتحديد، وهو الكثرة الغالبة فى معظم المناطق التى تصل إليها السينما المصرية من خلال شبكة دور العرض المحدودة.

المسلسل الإذاعي
يوسف وهبي

ويغلب هذا الطابع الاقتصادي والذهني على جمهور الأقاليم عموما حيث تقدم العروض الثانية، بينما يتمتع جمهور القاهرة بمستوى اقتصادي أكثر قدرة بالنسبة لدور العرض الأول، وأكثر ميلا للمستوى الإقتصادي الأول بالنسبة لدور العرض الأول والعروض التالية من حيث المستوى الإقتصادي وحده، فالارتفاع الكبير فى أسعار التذكرة بالنسبة لمتوسط الدخول يفرض تلقائيا أن ينحصر  جمهور العرض الأول البورجوازية الصغيرة والمتوسطة، ولكن الغريب أن هذا الفارق الاقتصادي لا يعكس أي فارق ذهني بين جمهور العرض الأول وجمهور العرض الثاني.

ثانيا جمهور السينما المصرية يرفض تماما أي محاولة لتقديم سينما صعبة سواء كانت جيدة التنفيذ مثل “الرجل الذي فقد ظله” و”شيئ من الخوف” أو رديئة التنفيذ وجافة بالفعل مثل أفلام “توفيق صالح”، والمقصود بالسينما الصعبة هنا ليس استخدام تكنيك معقد كأفلام الموجة الجديدة مثلا وإنما مجرد أن الفيلم كان جادا أو يناقش قضية ما حتى لو كانت من واقع حياتنا نفسها، فلعل جمهورنا هو الوحيد الذي يرفض أن يرى نفسه على الشاشة، وهو لا يريد أن يدخل السينما آخر النهار ليرى نفسه ومشاكله مرة أخرى وجمهور السينما المصرية هو جمهور فرجة أساسا بمعنى أنه يذهب إلى السينما كوسيلة رخيصة للاستمتاع ورؤية حكايات مسلية، وتدخل فى هذا الإطار عوامل اقتصادية ونفسية وجنسية عديدة لا مجال لتفصيلها هنا.

فؤاد المهندس

ومن هنا يصبح معقولا تماما أن ينجح “شنبو” نجاحا باهرا، حيث تنجح كل الأفلام التى تقدم عالما مناقضا للواقع المصري، وكلما كان هذا العالم حافلا بوسائل الهروب من رقص وغناء وكوميديا ومطاردات مثيرة وألوان، كلما اشتد الإقبال عليه، ومن هنا كان اكتساح موجة الأفلام الهندية التى بدأت بـ (سانجام) ولم ينته بعد، وكان اكتساح “أبي فوق الشجرة” الذي يقدم كل مواصفات الفيلم الهندي مضافا إليها “عبدالحليم حافظ”.

قصة “شنبو في المصيدة”

تدور أحداث الفيلم حول “شنبو” موظف الحسابات البسيط، الذي يعمل في مخبز وعاشق كتابة القصص، يعرض على الصحافية الشابة “درية سالم” إنتاجه القصصي لنشره بالمجلة التي تعمل بها، وعندما ترفض بدعوى أنه غير مشهور يخبرها إنه ينوي الانتحار، وتجدها فرصة لتشتهر وتحقق سبقا صحافيا، فتذهب خلفه لتغطية الحدث والحصول على السبق الصحفي، لكنه يغير رأيه!

ومن خلال علاقة العمل بين “شنبو” والفتاة، تحدث قصة حب بينهما تتداخل مع أحداث مؤامرة اغتيال العمة الثرية البخيلة فهيمة “اللئيمة” والتي يدبرها إبن أخيها “مِمّس” للإيقاع بـ”شنبو” وليحصل على الثروة وحب الصحافية، بمعاونة عمه العالم “درويش” الذي يريد ان يستكمل دراساته التي بدأها على “الإنسان الأنوي” والذي يرى في “شنبو” نموذج ممتاز للدراسة، ويحاول “شنبو” أن يثبت براءته من التهمة، فيقع في حبائل عصابة “جناب الكومندا المهم” والتي تضعه في مرتبة الزعامة وتتلقى منه اوامرها.

حسام الدين مصطفى

……………………………………………………………………………………………………………………..

كواليس الفيلم

روي الفنان “سمير صبري” الذي جسد دور “ممس” فى الفيلم في حوار تليفزيوني له أن الفنان “فؤاد المهندس” أُعجب جدا بإضافة “سمير” للغة الإنجليزية في الحوار، واقترح “فؤاد”  على “سمير” أن يستخدم جملة “how? how? how ” كلازمة أو أفيه له في الفيلم، وأكد أن الفيلم يعتبر من سلسلة الأفلام الكوميدية التي أبدع فيها عميد المسرح “يوسف وهبي” وأيضا من تجارب المخرج “حسام الدين مصطفى” القليلة في أفلام الكوميديا، والتي خرج بها عن إطار أفلام الأكشن التي تميز بها بين مخرجي جيله.

……………………………………………………………………………………………………………………..

أفلام عام 1968

عرض عام 1968 وهو العام الذي عرض فيه فيلمنا هذا الأسبوع 39 فيلما سينمائيا هى (أرض النفاق، شيئ من الخوف، البوسطجي، المتمردون، الرجل الذي فقد ظله، قنديل أم هاشم، القضية 68، السيرك، مطاردة غرامية، روعة الحب، عفريت مراتي، تفوس حائرة، الست الناظرة، عدوية، المساجين الثلاثة، اشجع رجل في العالم، حلوة وشقية، شهر عسل بدون إزعاج، حواء والقرد، 6 بنات وعريس، الست الناظرة، الزواج على الطريقة الحديثة، بنت من البنات، مجرم تحت الإختبار، أفراح، 3 قصص، حواء على الطريق، مراتي مجنونة مجنونة، جزيرة العشاق، حب وخيانة، بابا عايز كده، أنا الدكتور، كيف تسرق مليونير؟، عالم مضحك جدا، إبن الحتة).

……………………………………………………………………………………………………………………..

أحداث عام 1968 السينمائية

* قدم القطاع العام مجموعة من الأفلام المتميزة لكبار الأدباء هى “البوسطجي”  و”قنديل أم هاشم” قصتي يحيي حقي، إخراج “حسين كمال” و”كمال عطية” “المتمردون” قصة “صلاح حافظ”، إخراج “توفيق صالح”، “القضية 68 ” قصة لطفي الخولي، إخراج “صلاح أبوسيف”، “أرض النفاق” قصة “يوسف السباعي” إخراج فطين عبدالوهاب، “الرجل الذي فقد ظله” قصة “فتحي غانم” إخراج “كمال الشيخ”.

* تعرض “صلاح أبوسيف” لهجوم عنيف، من رجال الاتحاد الاشتراكي، بسبب انتقاداته للنظام السياسي الذي أدى إلى الهزيمة فى “القضية 68″، بل وكاد أن يضرب أثناء العرض الأول للفيلم.

* تعرض فيلم “المتمردون” لتعنت الرقابة، وأجبر مخرجه “توفيق صالح” على حذف بعض المشاهد وتعديل واختصار مشاهد أخرى، بل وإضافة نهاية جديدة حتى يمكن عرض الفيلم الذي بدأ تصويره في يونيو 1966 وكان جاهزا للعرض فى بداية 1967 ولم يعرض إلا فى يونيو 1968، الفيلم كان يتناول قضية التمرد والثورة، ورأي به البعض تحريضا علي الثورة وتعريضا بالقيادة السياسية فى مصر في تلك الفترة.

* ظهرت كلا من الفنانة “نجلاء فتحي” فى فيلم “أفراح” إخراج “أحمد بدرخان”، وظهرت الفنانة “ميرفت أمين” لأول مرة في فيلم “نفوس حائرة” إخراج أحمد مظهر.

* حصل “صلاح أبوسيف” على الجائزة الأولى فى الإخراج عن “الزوجة الثانية” مناصفة مع “حسين كمال” عن فيلم “البوسطجي”، وحصل “فطين عبدالوهاب” على الجائزة الثانية عن فيلم “كرامة زوجتي”، وحصل “أحمد ضياء الدين” على الجائزة الثالثة عن فيلم “بيت الطالبات” مشاركة مع “حسام الدين مصطفى” عن فيلم “جريمة في الحي الهادئ”.

* شاركت مصر في مهرجان قرطاج السينمائي وطشقند بالاتحاد السوفيتي بفيلم “البوسطجي”.

* قدم عدد من المخرجين مجموعة من الأفلام فقدم عبدالمنعم شكري فيلم ” “، وإبراهيم الصحن ” “، ومحمد نبيه ” “، وكمال صلاح الدين ” “، وصلاح كريم ” “،  أحمد مظهر “نفوس حائرة”.

……………………………………………………………………………………………………………………..

بطاقة الفيلم

قصة وحوار : أحمد رجب

سيناريو : صبري عزت

مساعد المخرج : أحمد السبعاوي

اكسسوار : نهاد بهجت

اسكريبت : نجيب اسكندر

فوتوغرافيا : محمد بكر

مهندس الصوت : اندريا زنديلس

أخذت المناظر: باستديو ناصبيان

الطبع والتحميض : استديو مصر

ديكور : عبدالمنعم شكري

مدير الإنتاج : سامي شلبي

مونتاج : فكري رستم

إنتاج وتوزيع : هيمن فيلم

مدير التصوير : كليليو

إخراج : حسام الدين مصطفى

بطولة : فؤاد المهندس، شويكار، يوسف وهبي، توفيق الدقن، زوزو شكيب، سمير صبري، زكريا موافي، محمد صبيح، حسين إسماعيل، حماده سلماوي، فايق بهجت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.