رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

عقيلة راتب .. أول “سندريلا” قبل ليلى مراد وسعاد حسني

في مرحلة التألق فنيا

بقلم : سامي فريد

كانت الطفلة (كاملة) سليلة الأسرة الدبلوماسية الأرستقراطية التي عشقت الفن ورفضه أبوها الدبلوماسي محمد كامل بك رئيس قلم الترجمة بوزارة الخارجية الذي يجيد 7 لغات.

بسببها وكان عمرها 6 سنوات فقط اندلعت أول مظاهرة ضد الإنجليز في شارع الخليج بورسعيد حاليا حيث كانت تقيم أسرتها عندما اندفع الجنود الإنجليز لمهاجة منزل الأسرة بحثا عن منشورات للحركة الوطنية ضد الإنجليز كان والدها يقوم بترجمتها وطبعها. وخطف أحد جنود الإنجليز صندوق ألعاب الطفلة فتعلقت به ولم تتركه حتى ضربها الجندي الإنجليزي بشدة فوق رأسها لتسقط مغشيا عليها، فيشتبك كل الجيران الذين شاهدوا الواقعة مع الجنود الإنجليز ويسقط الشهداء والجرحى وتندلع المظاهرات في كل مصر فتفرج السلطة الإنجليزية عن والدها.

في إحدى رحلات مدرسة التوفيق القبطية غنت الطفلة كاملة واشترك معها ركاب القطار وسمعها أحد الصحفيين في الرحلة فكتب عن وصتها وبدأ اهتمام الوسط الفني بالطفلة التي كانت نجمة في مسرحه.. ويتبناها علي الكسار بعد ذلك لتصبح نجمة مسرح علي الكسار لتلتقى بكروان عصره معبود النساء المطرب حامد مرسي، والذي يحذرها الكسار منه بسبب تعدد مغامرات وزيجاته لكن الحب ينشأ بينهما فتوافق على الزواج منه رغم أنه سبق له الزواج قبلها من 9 زوجات، وكانت هي الزوجة العاشرة وترفض بسبب حبها له أحد كبار رجال السراي الملكة والذي خطبها ورفضته رغم أنه كان يغربها بأن صاحب الجلالة الملك والملكة سيحضران زفافهما فتصر على الرفض لتتزوج حامد مرسي وعمرها 16 سنة، وكانت تقيم في ذلك الوقت في بيت عمتها بعد غضب والدها عليها.

تؤدي دور بدوية

وللفنانة عقيلة راتب التي اختارات اسمها الفني الجديد حتى ترضي والدها الذي أصابه الشلل فسميت عقيلة باسم أهم صديقة لها وراتب وهو اسم شقيقها الذي مات طفلا فأصبحت عقيلة راتب، الفنانة صاحبة الأدوار التي لا تنسى في السينما والمسرح والتليفزيون فمن يكن أن ينسى دورها في فيلم عائلة زيزي، أو طلاق سعاد هانم أو السوق السوادء، أول أفلام عماد حمدي الموظف باستوديو مصر، وكان عماد هو اكتشاف عقيلة راتب التي أصبحت صاحبة الكلمة في عالم الفن وطوق النجاة لكل الفرق المتعثرة، ومنها فرقة علي الكسار نفسه الذي انتعشت فرقته بعد انضمام عقيلة راتب بها.

ولها حكاية مع النجمة ببا عزالدين، عندما قبلت العمل في فرقتها الاستعراضية بشرط عدم تقديم الخمور في المسرح فوافقت ببا على الفور وكان عميد المسرح العربي أيضا يحسب حسابها ويسأل عنها إن كانت موجودة في أي مناسبة قبل أن يلقى نكتة تكون خارجة فإن قال الحاضرون أنها موجودة تراجع ليلقيها بعد أن تنصرف أو في أي مناسبة أخرى.

هكذا كانت تفرض احترامها على الجميع وتحافظ على اسمها واسم أسرتها مما أعادها إلى حضن أبيها الذي رضي عن ابنته قبل وفاته.

كانت صديقة حميمة لكوكب الشرق أم كلثوم، واشتهرت النجمة عقيلة راتب محليا وعالميا عندما اشتركت مع إحدى الفرق الاستعراضية المجرية في أحد عروضهم المسرحية، فطلبوا منها أن تنضم إليهم لتسافر معهم فرفضت الخروج من بلدها لتوقع عقدا مع ستوديو مصر عقب وفاة المطربة اسمهان لمدة 5 سنوات.

عقيلة في شبابها

وكانت النجمة عقيلة راتب، هى سبب انطلاق عماد حمدي في السينما عندما اشركته في فيلمها الثاني “دياما فيقلبي” فنجح نجاحاً كبيرا بعد فشل فيلم السوق السوداء. كان كانت السبب في شهرة واكتشاف محمد فوزي عندما رشحه لها المؤلف مصطفي السيد، والذي كان يكتب لها كلمات بعض أغانيها قائلا محمد الحو، صوت جديد سعجبها فسمته وطلبت منه تغيير اسمه فغيره إلى محمد فوزي لترشحه بعد ذلك ليشترك في فيلم يوسف وهبي سيف الجلاد، ويبدأ طريقه مع الشهرة بعد أن رشحته عقيلة راتب ليلعب أمامها دور البطولة في فيلم عروس البحر ويلحن أيضا كل أغاني الفيلم

وهي أيضا أول من شجعت عادل إمام عندما اشترك معها في مسرحية البيجاما الحمرا، وقالت له إنه سيكون واحدا من أهم الممثلين في مصر، وكانت سعادة عادل أمام كبيرة بهذا التشجيع الذي حقق رؤية عقيلة راتب التي شاركت أيضا في إنتاج 3 أفلام مع المخرج عبدالفتاح حسن، وكانت أول بطولة لمحمود المليجي في سينما أمامها في فيلم الغيرة الذي احترق مع باقي أفلامها في حريق ستوديو مصر المشهور لولا أن جاءتها بعض صور من هذه الأفلام من عدد من المعجبين بها من لندن.

وعقيلة راتب لمن لا يعرف هي التي اختارت أنور وجدي لبطولة فيلم “قضية اليوم” رغم اعتراض المخرج كمال سليم، حيث لم يكن أنور وجدي يؤدي سوي أدوار الشر فكان الفيلم بداية جديدة له.

339 حلقة من عادات وتقاليد على شاشات التليفزيون!

لا ينشى جمهور عقيلة راتب دورها لـ “حظيفة هانم” الذي اشتهرت به في مسلسل عادات وتقاليد وكانت تصعد على السقالات في بداية إنشاء مبنى التليفزيون لتصل إلى الاستوديو لتواصل عملها في المسلسل الذي بلغ عدد حلقاته 338 حلقة وكانت الشوارع تبدو خالية عند عرض حلقات المسلسل.

والفنانة عقيلة راتب كرمتها 4 حكومات منها حكومة إسماعيل صدقي الذي ذهب بكامل وزارته لمشاهدة أحدى نجاحاتها على المسرح في فرقة عكاشة، وتكريم الملك فاروق الذي حضر أوبريت “بيوت الناس” في الأوبرا الملكية من بطولتها ليقدم لها نيشانا دليلا على اعجابه بأدائها، كما كرمها الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس السادات والرئيس حسنى مبارك بعد 10 سنوات من دخولها منطقة الظلام.

لكنها لم تغضب ولا غضبت لابتعاد الوسط الفني عنها منذ فقدها للبصر مع آخر فيلم قدمته وكانت قد قدمت فيه 4 مشاهد فقط عندما توقفت وقالت “أنا مش شايفة” وكان اسم الفيلم للمصادفة الغريبة هو “المنحوس”، وتوقف العمل في الفيلم لنقل الفنانة إلى المستشفى وتأجيل تصوير الفيلم لكنها تصر على استكمال التصوير حتى لا تتسبب في أي خسارة للمننتج.، وبالفعل أتمت تصوير المشاهد الأربعة المتبقية وبعدها ذهبت لأكثر من طبيب عيون لكن الجميع أكدوا لها استحالة عودة البصر إليها فاستسلمت لمصيرها وعاشت ما تبقى من عمرها حتى وفاتها في فبراير سنة 1999.

ولكن كل ما كان يؤلمها هو تجاهل الجميع لها ولتاريخها حتى في مهرجانات السينما أو المسرح دون كلمة عنها أن عن تاريخها الكبير، فمن يستطيع أن ينسى لها دورها في مسرحية الزوجة آخر من يعلم أو في مسرحية “حلمك يا شيخ غلام” أو في السينما مع شادية في فيلم زقاق المدق.

وكان زواجها يرحمها الله أغرب زواج وهي بنت 16 عاما من الرجل الذي تزوج قبلها 9 زوجات وكان يلقب باسم دونجوان مصر.. وكان طلاقها منه أغرب طلاق عندما قالت له وهي يتناولان العشاء إنها تريد أن تعيش وحيدة ففهم المطلوب على الفور وسألها إن كانت تريد الطلاق فهزت رأسها وتم الطلاق بين الزوجين الحبيبين ليصبح طلاق الصديقين، لدرجة أنها كانت تسأل عنه ويسألها عنه وهى التي طلبت منه أن يتزوج بعد أن تقدم سنة مراعاة زوجة في شيخوخته..

فمتى نذكرها وتحيي ذكراها وتقدم لها التقدير اللازم، تلك الفنانة التي فرضت احترامها على الوسط الفني وعلى الحكومة وعلى الجمهور؟!!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.