رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مي عمر .. الاجتهاد سر تألقها الفني

كتبت : سدرة محمد

يرى (ستانسلافسكي) أن الخيال يخلق الأشياء التي يمكن أن توجد أو يمكن أن تحدث ، بينما يخلق التخيل الأشياء التي لا وجود لها والتي لم يسبق لها أن وجدت، والتي لن توجد أبدا، ومع ذلك كيف للإنسان أن يعلم ؟ ربما أتيح لها أن توجد، إن التخيل عندما خلق البساط الطائر لم يكن في الدنيا من يدور بخلده أنه سيأتي اليوم يستطيع فيه الإنسان أن يطير محلقا في الفضاء، إن كلا من الخيال والقدرة على التخيل أمران لازمان ولا غنى للفنان عنهما، وخاصة الممثل.

وعلى الممثل دائما أن يحاول فهم كل النماذج الحياتية في الشخصيات ومميزاتها والتي لا يمتلكها هو نفسه، ويجب أن يستحوذ عليها ويتصرف كما لو كان هو الشخصية نفسها، وأثناء خلق الشخصية، يجب على الممثل أن ينسى كل الأدوار التي سبق ومثلها ويجب أن يبني في كل مرة شخصية جديدة كالتي رسمها المؤلف، وبالرغم من أن الشخصية رسمها المؤلف نفسه، ولكن يجب أن تصور من قبل الممثل وفقا لأفكاره الخاصة وإدراكه الخاص وعواطفه الخاصة بحيث تتلاءم مع الشخصية التي يمثلها بالطبع ، تماما كما تفعل ضيفتنا هذا الأسبوع في باب “نجوم على الطريق”.

تحاول في كل مرة أن تثقل موهبتها

إنها الممثلة المصرية الشابة “مي عمر” التي حققت ​شهرة واسعة، ومن عمل لآخر، وتحاول في كل مرة أن تثقل موهبتها والتأكيد على أنها تستحق البطولة، وليس كما يقال لكونها زوجة المخرج المصري ​محمد سامي​ ولكن لموهبتها وجديتها في التعامل مع مختلف الشخصيات معتمدة على الخيال والتخيل طبقا لمفهوم “ستانسلافسكي”، علما بأن قدرات أي شخص على إجادة فن التمثيل يأتي بالاجتهاد والتدريب والمثابرة، وهذا هو ما يخلق الموهبة ويثقلها ويجعلها أكثر نضارة من أشخاص آخرين لديهم موهبة فطرية في إجادة فن التشخيص ولكنهم لا يصقلونها بالتعلم والتدريب، وربما “مي” هنا تستند لمفهوم آخر عند “ستيلا أدلر” التي تعد واحدة من أهم مؤسسي علم التمثيل المنهجي، يقول إن الأساس هو الفهم النفسي لطبيعة الشخصية ودوافعها وهذا ما يمكّن الممثل من فهم شخصيته التي يجسدها، وهو ما ينعكس على وعيه وإدراكه بها، إذن فالتمثيل طبقا للمدرسة المنهجية يحتاج إلى وعي وتدريب أكثر من الموهبة.

ولدت “مي عمر” بالقاهرة، والتحقت بكلية الإعلام، قسم الصحافة بالجامعة الأمريكية، وقامت بعمل دراسات في المسرح، وكانت قد أحبت التمثيل منذ أيام المدرسة، إلا أن أهلها رفضوا ذلك خوفا عليها، ولكنها بدأت التمثيل من خلال أدوار بمسرح الجامعة الأمريكية، وقررت إخفاء فكرة حبها للتمثيل عن عائلتها خوفا من أن يشعروا بصدمة،  ورغم أنها تجمعها علاقة وطيدة بوالدها بحكم أن لديه ثلاثة من البنات، حرص أن يكن قويات، مستقلات، وعلى أن يتمتعن بحس المسؤولية.

ورثت اهتمامها بالجانب الفني من والدها

لم يكن والدها يقدم لها المساعدة دوما عندما كانت صغيرة، لأنّه لم يكن يريد أن تفسد على جناح الدلال، بل كان يريدها أن تعتمد على نفسها، وأن يتأكّد من أنها قادرة على مواجهة هذا العالم، ورغم أنه كان والدا متحررا جدا، فقد كان يحترم النساء بشدة، ولم يشعر بناته يوما أنهن يفتقدن لولد ابن، وبالرغم من أنه رجل أعمال، إلا أنه يهوى الفن والشعر، حتى أنّه يكتب الكثير من القصائد في صغره وشبابه، وقد اكتشفت “مي” ذلك عندما انخرطت في مجال الفن، حيث أنه كان يخرج المسرحيات عندما كان لا يزال في الثانوية، لذا فإنها على الأرجح قد ورثت اهتمامها بالجانب الفني منه.

اتجهت “مي عمر” في بادئ الأمر لمجال الإنتاج، إلا أنها لم تشعر بالراحة فيه، فاتجهت بعد ذلك نحو الإخراج، حيث قامت بإخراج فيديو كليب للفنانة رولا سعد، ولكنها قالت إنها لم تشعر بالارتياح أيضًا، وقد شعرت أن حبها للوقوف أمام الكاميرا يزداد يوما بعد يوم، فقررت وقتها أن تناقش مع زوجها رغبتها في خوض مجال التمثيل، وهو بدوره طلب منها أن تمثل أمامه أولا حتى يتأكد من امتلاكها الموهبة، وبالفعلقامت باستعدادات كثيرة للوقوف أمام الكاميرا، فبدأت أولا بدراسة التمثيل مع مروة جبريل، وذلك بصحبة زوجها الذي ساعدها كثيرا، ثم خضعت لعدة اختبارات اجتازتها بنجاح.

كان التمثيل عشق “مي عمر” منذ الصغر، لكنها كانت شخصية خجولة جدا، فقد كان والديها يشتكيان دوما من عدم رغبتها في الذهاب واللعب، لأنها كانت تفضل الجلوس بهدوء ومشاهدة الأفلام، ومع بلوغها الـ15 من العمر بدأ شغفها بالتمثيل يتزايد، وقد شعرت عندها أن هذا هو المجال الذي ينبغي أن تنتمي إليه، لكنها لم تكن تعرف السبيل لتحقيق ذلك، بل كانات ترى التمثيل أمنية صعبة المنال، ولم تتوقع أن يكون لديها الجرأة الكافية للوقوف أما الكاميرا وسط البلاتوه وفريق العمل الضخم والتمثيل، ولكن مع التجربة الفعلية وجدت أن الموضوع سهل جدا حتي أنها لم تعد تشعر بأي إحراج علي الإطلاق عندما وقفت أمام الكامير، بل تفاعلت سريعاً مع العمل وتقمصت الأدوار وشعرت بجرأة، واختلف الأمر تماما عند الوقوف أمام الكاميرا، لأنها تكون شخصاً آخر وتؤدي دور شخصية لا تمثلها.

زوجها المخرج “محمد سامي” أتاح لها الفرصة للظهور الأول

ومما لاشك فيه أن زوجها المخرج محمد سامي أتاح لها الفرصة للظهور الأول، وذلك من خلال تقديم دور “ولاء” في مسلسل “حكاية حياة” مع غادة عبد الرازق، بحكم أنه كان مخرج المسلسل، ثم رشحها مرة أخرى للعمل في مسلسل “كلام على ورق” مع هيفاء وهبي، وهو من إخراجه أيضا، وقدمت أول أدوارها في الدراما بعيدا عن زوجها من خلال مسلسل “حالة عشق” مع المخرج إبراهيم فخر، الذي رشحها للدور، وخاضت أول تجربة لها في المسرح من خلال مسرحية “بابا جاب موز”، من إخراج أشرف زكي الذي رشحها للدور ودعمها كثيرًا في تلك التجربة، ففي البداية شعرت بالقلق، ولكنها أقدمت على الخطوة من خلال الاستعداد الجيد لها.

وفي عام 2016 قدمت مسلسل “الطبال” أمام ​أمير كرارة​، والعمل كان من إخراج أحمد خالد أمين، وعادت مجددا لتتعاون مع زوجها محمد سامي، في مسلسل “الأسطورة​”، والذي أدت فيه دور “شهد” زوجة ناصر الدسوقي، البريئة النقية، وكانت سعيدة بهذا الدور الذي فتح لها أبواب الشهرة والسعادة على الرغم من كمية الانتقادات التي تلقتها من بعض زميلاتها بالمسلسل، وتأكيدهما أن زوجها المخرج محمد سامي جاملها، وأضاف لها مشاهد وحذف منهن مشاهد حتى تبرز ويلمع نجمها، وفي عام 2017 جاءتها الفرصة لتشارك بالتمثيل أمام الزعيم ​عادل إمام​، من خلال مسلسل “عفاريت عدلي علام”، وحصلت على البطولة في مسلسل “ريح المدام” في عام 2017، وفي العام نفسه شاركت مع الفنان المصري ​تامر حسني​ بطولة فيلم “تصبح على خير”، ومع محمد رمضان في فيلم “آخر ديك في مصر”.

ابتعدت “مي عمر” عامين، ثم عادت في عام 2019 من خلال مسلسل “ولد الغلابة”، الذي قامت ببطولته أمام النجم ​أحمد السقا​، لكنها تخلت هذا العام عن البطولة من أجل مسلسل “الفتوة” في رمضان عام 2020، حيث قدمت شخصية “ليل”، التي أحبها بطل العمل حسن الجبالي، وذلك على الرغم من أنها قد اتفقت على عمل كوميدي من بطولتها المطلقة، لكنها فضلت أن تشارك ياسر جلال في “الفتوة”، قائلة: إن شخصية “ليل” تشبهها، ربما لأنها جميلة وبريئة، ولكنها في نفس الوقت عنيدة وقوية ليست ضعيفة على الإطلاق، لذا توحدت مع الدور، وخاصة أن تطلعلت لتقديم عمل درامى في زمن قديم ومختلف عن الزمن الحالى، فقد كان حلما بالنسبة لها، ومن أجل ذلك  ذاكرت الفترة التاريخية التي يتناولها العمل لتتمكن من تقديم شخصيتها، واعتبرت “مى” أن الديكور كان أهم بطل في المسلسل، والذى ساعد على خروجه بهذا الشكل وتفاعل الجمهور معه.

تعتمد على الخيال والتخيل مع مختلف الشخصيات

لم يحدث على الاطلاق أن فنانة بدأت حياتها الفنية بعمل ناجح واستمرت فيه، فالفنانة عادة ما يرتبط نجاحها دائما بما قدمت من رصيد من الأعمال الجيدة، وليس بعمل أو اثنين فقط، لكن لأن “مي عمر” ممثلة من طراز خاص جدا، بدأت نجاحها مباشرة مع الأعمال الرمضانية عام 2016 عندما أدت دور “شهد” زوجة ناصر الدسوقي (محمد رمضان) في مسلسل “الأسطورة”، وواصلت نجاحها في مسلسلات “الطبال، ريح المدام، عفاريت عدلي علام”، وفي رمضان الماضي 2019 ، قدمت أبرز أدوارها على الإطلاق من خلال مسلسل “ولد الغلابة” أمام أحمد السقا، حيث جسدت فيه شخصية “فرح”، ونالت ردود فعل ايجابية عن دورها في المسلسل الذي حقق نسبة مشاهدة عالية، خاصة أنها تأقلمت وعاشت مع الشخصية ودخلت فيها بشكل كامل.

دور “شهد” زوجة ناصر الدسوقي، البريئة النقية، فتح لها أبواب الشهرة والسعادة

جدير بالذكر أن ترشيحات “مي” لأعمال جديدة بعد نجاح أول تجاربها الحقيقية في “الأسطورة” قادت خطواتها الفنية من نقطة الى أخرى بنجاح مستمر، ولو لم يكن لديها رصيد سابق من الاجتهاد والتدريب المستمر لما كنت قد وصلت الى المشاركة في معظم الاعمال الناجحة خلال السنتين الآخريتين، وهنا نطرح سؤالا مهما تعليقا على ذلك: أيهما أهم أن يكون الفنان دارسا أم موهوبا؟، والإجابة: أن الموهبة ضرورة في أي عمل فني، والدراسة تصقل الموهبة، تماما كما لو كانت لديك قطعة ثمينة من الماس، هذه القطعة تحتاج الى صانع ماهر دارس لكي يحولها الى خاتم جميل، تصبح بعده قطعة فنية نادرة، وهكذا أصبحت مي عمر عبر 12 عملا دراميا قطعة فنية نادرة وقادمة على طريق النجومية، ويبقى سر نجاحها الاجتهاد، ثم الاجتهاد، ثم الاجتهاد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.