رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

زمن الكبار فناً.. وسلوكاً 

بقلم: محمود حسونة

في الماضي غير البعيد، كان أكثر ما يزعج الفنانين ونجوم المجتمع هي الصحافة الصفراء، التي كانت تتلصص على حياتهم الخاصة بحثًا عن فضيحة أو معلومة خاصة جداً، سواء كانت مهمة أو غير مهمة، لأنها تكن سوى صحافة تقتات على الفضائح والخصوصيات.

“حياتي الخاصة خط أحمر”، جملة موحدة كان يرددها الجميع، في الأمس القريب، عندما يحاول صحفي خلال محاورته أي منهم النبش في حياته الخاصة، بل وكان البعض منهم يرفض أي حديث عن أولاده، وأذكر في أواسط التسعينات عرضت على الفنان الكبير صلاح السعدني، أمد الله في عمره، أن أجري معه لقاءً حول أبنائه وأنشره مصحوباً بصور له معهم، ورد رافضاً العرض، وممنطقاً رفضه بأن الشهرة المبكرة للأولاد تصيبهم بحالة من الخلل النفسي، وأنه لن يقبل أن يكون سببًا في إحداث أي حالة من اللاتوازن في حياة أولاده، وأنهم بعد الكبر سيكونون وحدهم أصحاب الحق في اختيار طريقهم، وتحديد موقفهم من الشهرة وعالمها وعواقبها. 

كلام فنان مثقف واع، يدرك عواقب الزج بأولاده، في عالم يبهر ويزعج ويخلخل الثوابت في ذات الوقت، وما قاله لي صلاح السعدني سمعت ما يشبهه من غيره في زمن الكبار، الذين يحسبون لكل كلمة حسابها ويدركون أن كلمات وأفعال الانسان إما أن تكون له أو عليه، وأن الحياة الخاصة خط أحمر، فعلاً لا قولاً. 

اليوم اختلف الأمر واختلت المعايير، ولم يعد بعض الفنانين ينتظرون إعلامياً متطفلاً يدق باب خصوصياتهم، وفي زمن السوشيال ميديا أصبحوا هم من ينشرون خصوصياتهم مصورة على إنستغرام ويخوضون معاركهم التي لا تخلو أحياناً من مهاترات على تويتر، ويتزوجون ويتطلقون عبره وعبر شقيقه فيسبوك. 

خلال الأيام الماضية، تابع الرأي العام وعبر مواقع التواصل خلافات نجمة، لها شنة ورنة في عالم التمثيل ومحبوبة جماهيرياً لخفة دمها، مع شقيقها لرفضه قصة حب تعيشها مع فنان أصغر منها عمرًا؛ وأصبحت هى وشقيقها وحبيبها حديث العالم الافتراضي، وبدلاً من سعي أي طرف منهم لإخماد النار المشتعلة نجد أنها كلما خفت جذوتها ألقى أحدهم عليها البنزين لتزداد اشتعالًا، أو على الأقل تظل مشتعلة، وكأن الأطراف الثلاثة اختلفوا حول القيم واتفقوا على استمرار اشتعال نار الحب والنميمة والكلام الافتراضي.

نجمة أخرى إنما في الغناء، تعيش حياة صاخبة منذ سنوات، كل فترة تطل على الناس معلنة عن زواج يثير جدلاً، ولا يستمر طويلاً حتى يحدث الطلاق؛ ومن جدل إلى جدل تمضي حياتها ملقية بظلالها على ابنيها اللذين يعيشان المعاناة، ورغم ذلك يحترمان أنها الأم، آخر حكاياتها زواج من موسيقي متزوج وله ولدين، ولأنه زواج أدرك الجميع عند وقوعه أنه غير متكافئ بما في ذلك ابنها، كان لا بد أن ينتهي سريعاً.. البداية نميمة والنهاية حياة صفراء وأخبار وصور وغضب على مواقع التواصل الاجتماعي. 

رحم الله زمن الكبار فناً وإبداعاً وسلوكًا، رحم الله أياماً كانت حياة النجم الخاصة خطًا أحمر فعلًا لا قولاً، ومهما صرخنا وقلنا “ليت الزمان يعود يوما” فإن عجلة الحياة لن تسمح لا بعودة الزمن ولا بعودة القيم التي تندثر على صفحات التواصل الاجتماعي ولا يستطيع أحد أن يلملمها.

[email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.