رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

لم تصدق أنه سي “عبده الحامولي”!

بقلم : سامي فريد

كان أغرب وأعجب يوم في حياة الست “أم محروس”، فالليلة هي ليلة فرح ابنها محروس. خرجت المرأة لترش بعض الماء على أرضيه الحارة ليهبط التراب استعدادا للصيوان الذي سيقام للفرح في المساء!

رشت المرأة الماء فأصاب بعض رشاشة جارتها المقيمة أمامها وكانت قد خرجت لشراء بعض الخضار من البائع على الباب. صرخت المرأة في وجه أم محروس تلومها وتؤنبها. قالت: على إيه ده كله يعني؟

وردت أم محروس: الليلة عقبال أولادك فرح محروس..

قالت المرأة: يعني اسم الله حتجيبى له سي عبده الحامولي يغني له في الفرح.. ماتتلمي يا ولية وتعيشي على قدك..

وردت أم محروس: يا ستى احنا ناس غلابة على قدنا.. ما  تأخذينيش أنا غلطانة يا حبيبتي.. متأسفة خالص.. حقك عليَّا!

دخلت المرأة ورزعت خلفها الباب مندهشة من هذا الصنف من البشر الذي يتجاوز حدوده..

سمع راكب الفيتون بجوز الخيل والذي كان يمر في هذه اللحظة بالمنطقة في طريقه إلى البحر للفسحة كل ما دار بين المرأتين فأمر السائق بالتوقف والنزول لينادي السيدة صاحبة الليلة لتأتي وتكلمه..

وجاءت السيدة ودهشتها تسبقها فماذا يريد منها الباشا راكب الفيتون..

ونزل سي عبده من العربة ليسألها عما حدث فحكت له كل شيء بالحرف..

قال سي عبده وهو يضع يده في جيبه ليخرج منه عشرة جنيهات ذهبية أعطاها للمرأة. جهزى نفسك بهذا المبلغ واحضري الطباخين واعزمي كل من تريدين أما أنا فسأكلم لك سي عبده إن كان يستطيع أن يأتي إلى الفرح أو يرسل حتى فرقته فأنا أعرف بعض أفراد الفرقة..

ولم تصدق المرأة نفسها.. ولا صدقت حرفا مما سمعته.. وقالت لنفسها أن الله هو القادر على كل شيء.. لكن أن يحضر سي عبده لإحياء ليلة محروس فمازال أمراً لا تستطيع ان تستوعبه..

قرب الساعة الثامنة عاد الفيتون ومعه أكثر من عربة حنطور تحمل التخت الخاص بسيدي عبده.. ولم يصدق مخلوق ما يحدث أمامه حتى ظهر سي عبده بنفسه ورأته الست أم محروس ليبارك لها الفرح ويسألها أين سيجلس التخت وأين سيجلس هو؟!..

في تلك الليلة غني سي عبده كما لم يغني في حياته. وسمعه كل حي سيدي جابر الشيخ والمحطة وزنانيري وكليوباترا ومصطفي باشا وكان الزحام شديدا..

وظل محروس حتى أنجب ابنه “عبده” يسأل أمه وهو لا يصدق ما حدث كيف عرفت سي عبده؟ وكيف دعته للفرح؟ وكيف جاء؟..

وترد المرأة ودموعها في عينيها أنها للآن لا تعرف.. فهو الذي جاء وهو الذي دفع مصاريف الصيوان والطباخين والليلة كلها وهو الذي غني لمحروس إله يصون دولة حسنك وكادني الهوي ومتع حياتك بالأحباب..

وكانت ليلة استمرت حتى الساعات الأولى من الصباح!!

……………………………………………………………………………………………………………………..

موقف آخر لعبده الحامولي

رفع سي عبده.. أذان العشاء.. فسمعته القاهرة كلها!

على مقهي الفيشاوي في الحسين جلس سي عبده الحامولي ومعه لفيف من أصدقائه يشربون الشاي بالنعناع حتى أخرج واحد من الجالسين ساعته ثم يقول: أذان العشا اتأخر قوي..

وسأل عبده الحامولي جرسون القهوة أن يستفسر من مسجد الحسن لماذا تأخر المؤذن ثم عاد ليقول إن الرجل للآن لم يحضر فقام سي عبده مستأذنا ليذهب إلى المسجد ثم يصعد المئذنة الذي سمعته القاهرة في تلك الليلة من سيدي جلال في باب الشعرية إلى الدراسة وبدايات حي القلعة!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.