رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

ظواهر سلبية في قلب أفلام 2020 !

كتبت : كرز محمد

صحيح أن النصب والاحتيال وخيانة الأمانة كانت ومازالت من الأمور الشائعة في كافة المجتمعات، وكذلك في كافة الأزمنة، فكانت تحدث بشكل مستمر مع اختلاف طرقها من مجتمع إلى مجتمع ومن زمن إلى زمن، ولكن لوحظ في الفترة الأخيرة أنها أصبحت ظاهرة سلبية متفشية في أفلام “نص السنة” لهذا العام، وكأن صناع السينما يرسخون لتلك الأساليب في الاحتيال والنصب كي ترسخ في عقول شباب هذا الجيل الذي تستهدفه بالطبع تلك النوعية من الأفلام.

الفلوس

أول تلك الأفلام “الفلوس” قصة وبطولة تامر حسني، وسيناريو محمد عبد المعطي والإخراج لسعيد المارق، ويبدو أن “تامر” حاول الخروج من فخ التكرار بالبحث عن فكرة مختلفة في فيلمه الجديد، على غرار أفكار تجاربه السابقة مثل فيلم “تصبح على خير” الذي كان رومانسيا لكنه اعتمد في الأساس على فكرة طريفة، ثم فيلم “البدلة”، والذي كانت جرعة الكوميديا فيه تعلو على الرومانسية، لكنه في هذه المرة لجأ إلى فكرة “سيف” الذي يعمل نصابا، وتستعين به حلا “زينة” للنصب على شريكها سليم “خالد الصاوي” الذي هو أيضا شريك “سيف” في عمليات النصب لتتقاطع المصالح بين جميع الشخصيات، والنتيجة النهائية أن رسالة الفيلم سلبية بامتياز، حين اعتمد الفيلم على تيمة النصب كأساس بنيت عليه الأحداث.

لص بغداد

وعلى عكس تامر حسني لجأ محمد إمام، إلى تكرار التيمة التي نجح من خلالها في فيلمي “جحيم في الهند” و”ليلة هنا وسرور” من خلال جرعة كوميديا في صورة “أكشن”، وذلك على اعتبار أنه نجح بهذه النوعية في تقديم نفسه كنجم تحقق أفلامه الملايين، لكنه في فيلم “لص بغداد”، من تأليف تامر إبراهيم، وإخراج أحمد خالد موسى يعود لتكرار نفس نوعية الأكشن مع الكوميديا، فقد اعتمد السيناريو على تقديم شخصية النصاب بحيل ليست مبهرة ولكنها ليست جديدة، بقدر ما تميل إلى السطحية والسهولة.

وتدور أحداث الفيلم عن مجموعة من لصوص الآثار المحترفين الذين يحاولون الوصول إلى مجموعة من المفاتيح المخبأة في قطع أثرية منتشرة حول العالم، والتي تشكل معا مفتاحا إلى مقبرة الإسكندر الأكبر، وللوهلة الأولى تبدو فكرة الفيلم جيدة وتسمح بصناعة فيلم مغامرات مسل بالفعل، بل ويمكن التأسيس لشخصية يمكن أن تقوم عليها سلسلة أفلام متتالية، لكن سرعان ما نكتشف الكثير من الفجوات في حبكة الفيلم والتي تجعل الفكرة الواعدة تتراجع، وكأن “محمد” إمام تخصص في إفساد أفكار تصلح للبناء عليها في أعمال أكثر احترافة، لكن يحيد كل مرة عن المسار منخرطا في نوعية من السذاجة التي يتصور انها تفجر الضحك عند الجمهور، لكنها تصيبه في الواقع بحالة من الغثيان.

بنات ثانوي

أما فيلم “بنات ثانوى” بطولة “جميلة عوض ومحمد الشرنبوي، وهنادى مهنى، مى الغيطى، هدى المفتى، مايان السيد، ومحمد مهران، وعدد من  النجوم الشباب”، قصة وسيناريو وحوار أيمن سلامة، وإخراج محمود كامل، فيبدو تجربة مميزة على مستوى قصته التي تتناول قضية مهمة، هى فترة المراهقة لدى الفتيات، والمشكلات التى تواجه أغلبهن فى هذه الفترة المهمة، وبرع السيناريو في تجسيد حال مرور البنات البنات الخمسة بالعديد من المشكلات شأنهم شأن فتيات وشباب هذا الجيل وفى هذه المرحلة العمرية الحرجة، خاصة حالة الهوس التي تتولد لديهم جراء تفاعلهم مع مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن النقطة السلبية الوحيدة التي قللت من أهمية الفيلم، هو لجوء إحدى الفتيات إلى أسلوب النصب والاحتيال بطريقة ربما تبدو في الظاهر ساذجة، لكنها في الباطن تعكس أثار وخيمة، حيث يمكن للفتيات في الواقع أن يلجأن لنفس الأساليب طالما وجدوها ممثلة أمامهم على الشاشة بطريقة محببة تنم عن نوع من الذكاء المرضي الذي انتهجته تلك الفتاة، ما يعكس خلل ثقافيا وتربوبيا رافقته ظروف اقتصادية واجتماعية مشوشة وغير سليمة كان نتاجها ظهور موجة من النصب المتطور كما تم تجسيده على الشاشة، وفي النهاية أصبح النصب والاحتيال ظاهرة تجتاح أفلام “نص السنة”.

ومن هنا ندق ناقوس الخطر، ونطالب بالبعد عن تلك الظواهر السلبية التي تسيىء للفن من ناحية وللمجتمع من ناحية أخرى، ومن ثم نهمس في أذن القائمين على صناعة الأفلام السينمائية في مصر على ضرورة توخي الحذر والدقة في اختيار موضوعات ذات قيمة وهدف، وتحمل رسائل إنسانية يمكن أن نبثها في نفوس الشباب، بدلا من الغوص في وحل الجريمة والإسفاف الذي لا يجدى سوى بث روح الهزيمة في نفوسنا، في ظل مواجهة الدول والحكومات لتلك التحديات الكبيرة من إرهاب ومؤامرات تنال منا ونحن في غيبة من وعينا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.